جلسات عدة تابعتها لمجلس الشعب الجديد عبر الشاشة الفضية، كنت فى البداية متحمسا جدا أنتظر موعدها وأتابعها باهتمام وانتباه شديدين، كل ما يدور من حوارات، وأشفقت على الدكتور سعد الكتاتنى وأنا أراه يقود سفينة فى بحر متلاطم الأمواج، سياسيا وفكريا وإعلاميا، لكننى توقفت بعد عدة جلسات بعدما فترت حماستى للمتابعة، جراء ما استوقفنى فى أداء بعض النواب ومعظمهم من حديثى العهد بالعمل العام، وبعضهم ما كان يتخيل يوما أن يكون تحت القبة، فإذا به داخلها وكاميرات التليفزيون تنقل له كل شاردة وواردة، وأهل بيته ودائرته يهتفون كلما ظهر ويصفقون كلما تكلم، حتى غلب الشو الإعلامى على الأداء الرسمى، ونجح نواب الشو وهم معروفون للعامة الآن، فى صرف نظر الكثيرين عن متابعة الجلسات، لأنهم تسببوا فى وضع العديد من علامات الاستفهام حول المنتظر والمرجو من المجلس الموقر. لذا فإننى أطالب الدكتور سعد الكتاتنى بالتوقف عن بث جلسات المجلس على الهواء مع تسجيلها وبث مضمونها وقراراتها، بدلا من ترك الحبل على الغارب أمام هواة الشهرة، ممن لايقيمون وزنا للمضمون ولا يشغلهم غير الظهور الإعلامى، الذى لا يكتفون به عبر الجلسات، وإنما يمتد الأمر ليلا فى الفضائيات وكأنهم يقومون بدورين، نواب فى الصباح ومحللين فى المساء، وما بين الأمرين تضيع حقوق المواطنين وهيبة مجلس الشعب. ولن أتوقف أمام أبرز ما استفزنى واستفز المواطنين، فالكل يعرف ما دار من أمور لا تحظى باهتمام الناس، وتدخلنا نفق الخلاف والشقاق الذى يبعدنا عن جادة الصواب التى نحن فى أمس الحاجة إليها فى كل أمور حياتنا الآن، التى إن حرص نوابنا على السير فى اتجاهها سنهتف من أعماقنا ونقول إن الزمان جاد علينا برجال ينبهون الناس ويرفعون الالتباس، يفكرون بحزم ويعملون بعزم، ولا ينفكون حتى ينالوا ما يقصدون، فنحن الآن فى أمس الحاجة إلى هذه النوعية من الرجال الذين يتمتعون بالحكمة والقدرة على التفسير والتحليل ووضع الإستراتيجيات للنهوض بالوطن، رجال يعرفون قيمة الاختلاف، ويؤمنون بحكمة الإمام الشافعى رضى الله عنه التى تقول: (رأيى صواب يحتمل الخطأ ورأى غيرى خطأ يحتمل الصواب) ويضعونها نصب أعينهم لتقرب المسافات بين الفرقاء، وتجعل راية الوطن فوق الجميع قولا وفعلا، وليتحد الجميع فى مواجهة كل الخارجين عن الأعراف والقوانين والأصول، الذين ابتلى بهم الوطن، فى الفترة الأخيرة مستغلين غياب الأمن وارتعاش الأيدى. إن الوضع المصرى فى كل جوانبه لايرضى أحدا ممن يحبون هذا الوطن أو يتمنون ازدهاره واستقراره، وعلينا أن نعى أن التاريخ لن يرحمنا جميعا لأننا تهاونا فى نصرته، وتقاعسنا عن القيام بالدور المطلوب من أجل رفعته، ليبقى حيث أراد الله له أن يكون رائدا وقائدا لمحيطه وأمته وقارته، فهل نفيق ونحقق للمفكر العربى عبدالرحمن الكواكبى رحمه الله أمنيته التى تمناها على الزمان فى القرن الماضى ونقول له نم يامفكرنا قرير العين، فقد وجدنا الرجال الذين كنت تبحث عنهم وهاهم يقومون بدورهم ويشمرون عن سواعدهم ليرفعوا عنا الالتباس ويعملون لمصلحة وطنهم بعزم وأنهم لن يتركوا الأمور يختلط حابلها بنابلها حتى يتحقق لمصرنا المراد من الرفعة والازدهار والسؤدد، فهل يفعل رجال مجلس الشعب!