أ ف ب الحرب التي باتت مكشوفة بين رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان وجمعية الداعية الاسلامي فتح الله غولن تدخل في صلب الفضيحة السياسية المالية التي تهدد حكومة انقرة الاسلامية المحافظة. ما هي جمعية غولن ؟ نشأت هذه الحركة التي سميت بحركة "حزمت" اي "خدمة"، في سبعينات القرن الماضي حول الامام التركي فتح الله غولن البالغ اليوم 73 عاما. يعيش هذا الداعية في ولاية بنسلفانيا بالولايات المتحدة منذ رحيله من تركيا في العام 1999 هربا من ملاحقات القضاء التركي بسبب "انشطة مناهضة للعلمانية". وهو معروف بتحفظه الشديد ولا يتحدث الى وسائل الاعلام سوى عبر بعض الناطقين المفوضين باسمه. ومنظمته تمتلك شبكة من المدارس موجودة في اكثر من مئة بلد لنشر الثقافة التركية في العالم. كما تملك شبكات تلفزة وصحيفة زمان الاكثر مبيعا في تركيا. وتضم الجمعية كما تؤكد ملايين عدة من الانصار ولها شبكة نافذة في اوساط الاعمال حيث انشأت منظمتها الخاصة بها لارباب العمل، وفي الشرطة والقضاء. ويعتبر العديد من المسؤولين والشخصيات القريبة من الحكم مقربين من فتح الله غولن، بدءا برئيس الدولة الحالي عبدالله غول او نائب رئيس الوزراء بولنت ارينتش. لماذا دخلت في صراع مع الحكومة ؟ منذ فوز حزب العدالة والتنمية بزعامة اردوغان في الانتخابات التشريعية في العام 2002 شكلت حركة حزمت التي تتقاسم نفس القاعدة المحافظة والدينية، حليفا بارزا للحكومة التركية. واسهمت بشكل خاص في ارساء سلطتها على مؤسسات كانت قريبة حتى ذلك الحين من "النظام السابق" المؤيد لنهج كمال اتاتورك مثل الشرطة والقضاء. لكن منذ بضع سنوات بدأت خلافات تظهر وتتنامى اكثر فاكثر. فاثناء الحراك الاحتجاجي المناهض للحكومة الذي هز تركيا في حزيران/يونيو 2013 دعا غول وارينتش وكذلك صحيفة زمان الى المهادنة في مواجهة المتظاهرين، قبل الانضمام الى استراتيجية الحزم التي يعتمدها اردوغان. الا ان القطيعة برزت الى العلن بشكل صريح الشهر الماضي عندما اعلنت الحكومة نيتها في الغاء شبكة المدارس "درشان" الخاصة لدعم التعليم التي يقصدها عدد كبير من الطلبة في تركيا. وتدير الجمعية مئات منها في تركيا وتساهم الى حد كبير في قوتها المالية. ومنذ ذلك الحين تندد الاصوات المخولة التحدث باسم شبكة غولن الضخمة صراحة بقرار الحكومة ووعدت ببذل كل ما بوسعها لمنعه من بلوغ مآربه. الى اين يمكن لصراع الاخوة هذا ان يصل ؟ اردوغان مقتنع بان الجمعية هي التي تقف وراء عملية مكافحة الفساد التي ادت الى اتهام عشرات المقربين من الحكم. وان لم يذكر مطلقا خصمه بالاسم فان رئيس الوزراء يكرر بنفسه ان هذا التحقيق يشكل رد "اتباع غولن" الذين يوصفون بانهم "دولة داخل الدولة"، على مشروعه لالغاء "درشان". وهكذا امرت حكومته بعملية تطهير غير مسبوقة في القيادة العليا للشرطة المتهمة بعدم اخطاره بالعملية الجارية، وعين مدعين عامين جددا في اسطنبول في مسعى للاحاطة بالمكلفين بالملف. ورغم ان الجمعية لم تبد مطلقا اي طموح انتخابي فان كافة المحللين في البلاد يعتبرون ان حربها الاخوية مع الحكومة ستترجم في صناديق الاقتراع بدءا من الانتخابات البلدية المرتقبة في اذار/مارس 2014. وتوقع كاتب الافتتاحية في صحيفة حرييت دايلي نيوز جيهان جيليك السبت "انها نهاية اسطورة حزب العدالة والتنمية غير القابل للغرق". ومنذ عشرة ايام اعلن خمسة نواب انسحابهم من الحزب الحاكم ما يدل على عمق الخلافات التي باتت تمزق الغالبية. تبقى معرفة ما اذا كان ذلك سيؤثر سلبا على الفوز المتوقع لحزب العدالة والتنمية في الانتخابات البلدية، ويسيء الى مستقبل رجب طيب اردوغان الذي يسود بلا منازع على الحياة السياسية التركية منذ احدى عشرة سنة.