أجرى الحوار أحمد إسماعيل أكد الدكتور وحيد عبد المجيد - القيادي بجبهة الإنقاذ - أن الدستور الجديد يمثل نقلة قوية للأمام، وأنه في مجمله أفضل من الدساتير السابقة، وأن دستور 2012، أفضل فى الفصل بين السلطات خصوصاً فى موقع رئيس الجمهورية، وأن أي محاولة للإخوان لتعطيل الاستفتاء علي الدستور ستأتي بنتائج عكسية لأن الشعب المصري كشف كذبهم وفقد الثقة فيهم. وأوضح في حواره مع "الأهرام العربي" أن قانون التظاهر هو القانون الخطأ في الوقت الخطأ، قائلا: لقد تقدمنا بمبادرة جديدة لنزع فتيل الأزمة وتعديل القانون لتحقيق التوازن المطلوب بين ضرورات الأمن وضمانات الحقوق والحريات. وشدد علي أن ما يثار حول التدخل الأمريكي في مصر مجرد خيال لدي البعض، وحيلة قديمة عفا عليها الزمن. ما رأيك في الدستور الجديد؟ المعيار الأساسي في تقييم أي دستور هو هل يمثل نقلة إلي الأمام أم ردة إلي الوراء، بمعني هل هذا الدستور أكثر تقدما من الدساتير السابقة، أم أن هناك دساتير سابقة أفضل منه، والحقيقة في رأي أن هذا الدستور أفضل في مجمله من الدساتير السابقة ويمثل نقلة قوية للأمام، برغم أنه لا يخلو من بعض العيوب، بعضها يعد عيوباً جسيمة، لكن في المحصلة النهائية وفي الاتجاه العام يعد خطوة مهمة متقدمة للأمام. وما أهم هذه العيوب؟ أهم هذه العيوب أنه لم يدخل تصحيحا كافيا علي طبيعة نظام الحكم الذي كان معمولا به منذ دستور 1956، وحتي دستور 1971، وربما هذا الجانب هو الوحيد الذي يعتبر دستور 2012، أفضل منه في هذه النقطة، لأن دستور 2012، كان به توازن أفضل في توزيع الصلاحيات داخل السلطة التنفيذية بين رئيس الجمهورية والحكومة، في حين أن الدستور الجديد أعاد للرئيس الصلاحيات الواسعة التي ظل يتمتع بها منذ دستور 56 وحتي دستور 1971، ومن جمال عبد الناصر وحتي حسني مبارك. يتردد أن الإخوان يسعون لتعطيل الاستفتاء علي الدستور.. فما رأيك؟ التعطيل له طريقتان، الأولي طريقة مشروعة وهي دعوة الناس لحجب التصويت علي الدستور الجديد وإقناعهم بذلك، لكن في رأيي هم غير قادرين علي هذا، لأنهم فقدوا أي قدر من الثقة فيهم، وبالتالي فإن لجوءهم لهذه الطريقة سيؤدي إلي نتيجة عكسية، لأن الناس جربوا الإخوان علي مدي عام كامل، واكتشفوا أنهم لم يتحدثوا إلا كذبا، وبالتالي فهذه الدعوي ستؤدي إلي مزيد من الإقبال علي المشاركة. والطريقة الثانية وهي طريقة غير مشروعة عن طريق تعطيل عملية الاستفتاء نفسها إما من خلال تحركات في الشارع خلال يومي الاستفتاء لتعطيل المرور والمواصلات، أو من خلال وضع عناصره في طوابير لجان الاستفتاء لتعطيل حركة الطوابير لكي تنخفض نسبة من يستطيعون الإدلاء بأصواتهم وهذه حيلة معروفة وستكون مكشوفة، وأعتقد أن وعي الناس أنفسهم سيكون كفيلا بإحباط هذه المحاولة حتي بدون تدخل الأمن. هل تتوقع إقبالا كبيرا علي الاستفتاء؟ بالتأكيد، وبإذن الله سيقبل الشعب المصري علي الإستفتاء بنعم للدستور الجديد وبشكل كبير. رأيك في قانون التظاهر؟ صراحة أنا أسميه القانون الخطأ في الوقت الخطأ، فهو نصوصه ليست هي التي كنا نتوقعها وليست هي التي تحقق التنظيم المطلوب للتظاهر، لأنها تؤدي إلي التقييد أكثر من التنظيم، وهو صدر في الوقت الخطأ لأن هذا أسوأ وقت يمكن أن يصدر قانون تظاهر ويطبق فيه لعدة أسباب، أولا لأنه صدر بدون منظومة تشريعية متكاملة تضمن الحقوق والحريات حتي لا يجور هذا القانون علي حقوق الناس وحريتهم، ثانيا لأنه صدر في وقت فيه اضطرابات في الشارع لا علاقة لها بالتظاهر، فتحركات الإخوان في الشارع لا تندرج تحت بند التظاهر، إنما تندرج تحت بند التجمهر غير السلمي وهذا التجمهر يعاقب عليه قانون العقوبات، ويعاقب عليه بعقوبات أعلي مما تضمنه قانون التظاهر، وبالتالي أصبح هذا القانون مجاملة للإخوان من العقوبات التي يستحقونها بموجب قانون العقوبات وهو القانون الطبيعي فيما يتعلق بالتحركات التي يقومون بها والتي لا علاقة لها بالتظاهر، وبالتالي لا تخضع لهذا القانون، فكأنه أصدر هذا القانون لكي يقيد القوي الديمقراطية المدنية والتي أوصلت هذه الحكومة للسلطة بدورها القوي في ثورة 30 يونيو، وكأن السلطة الآن تنقلب علي هذه القوي الديمقراطية وتنقلب علي الأسلوب الذي لولاه لما وصلوا إلي السلطة، وربما لولاه لكنا جميعا الآن في سجون الإخوان، وبالتالي أنا أعتبر أن صدور هذا القانون بهذا الشكل يرقي إلي مرتبة الجريمة. إذن أنت مع الوقفات الاحتجاجية علي هذا القانون؟ طبعا وبكل تأكيد. وما الحل من وجهة نظرك؟ نحن لا نريد أن نصعد الأمور ونريد تسهيل حل المشكلة، ولهذا بدأنا التواصل مع الحكومة ومع الدكتور حازم الببلاوي، بدأنا في إجراء حوار مع القوي الشبابية التي ترفض هذا القانون ومع المنظمات الحقوقية ومع المجلس القومي لحقوق الإنسان الذي أعد مقترحات لتعديل هذا القانون، وأصبحت هذه الأطراف ومعهما جبهة الإنقاذ تشكل الآن إيثار لحوار مجتمعي يهدف إلي التوصل إلي صيغة معقولة لتعديل هذا القانون تحقق التوازن المطلوب بين ضرورات الأمن وضمانات الحقوق والحريات. كيف تري صورة الوضع في مصر الآن؟ الوضع الآن مرتبك نتج عن تغيير أحدثه تكتل واسع هو تكتل 30 يونيو، وهذا التكتل يضم قوي مختلفة بينها خلافات كثيرة، لكن جمعها الإلتقاء علي هدف إنقاذ مصر من الكارثة التي وقعت فيها من قوي كانت تريد الهيمنة علي الدولة والمجتمع، ونجحت في تحقيق هدفها، لكن بدأت الخلافات والتناقضات بينها في الظهور في الأسابيع الأخيرة وهذا ينتج وضعاً تتجلي فيه تناقضات ثانوية، لكن يزداد ظهورها مع تناقض رهيب مازال قائماً مع الإخوان مما يخلق وضعاً فيه سيولة، فأصبح الوضع مفتوحاً علي احتمالات كثيرة ومختلفة يصعب توقع ما يمكن أن يؤدي إليه ما يحدث الآن. وما الحل من وجهة نظرك؟ أن يتعقل من فقدوا العقل في الأسابيع الأخيرة، بعض أتباع نظام مبارك الذين يظنون أن الوضع الآن قد أصبح مهيأ لهم للعودة، أيضا الطريقة التي تتصرف بها وزارة الداخلية فهي طريقة قديمة وعفا عليها الزمن وثبت فشلها فشلا ذريعا، وتسبب لها في أزمة كبيرة هي نفسها والبلد كله، هذه الأخطاء الفادحة لابد أن تستدرك، أيضا السياسات الحمقاء والتي كان من أهمها إصدار قانون التظاهر، والذي لابد من مراجعته وتعديله وإلا ستخلط الأوراق، وسيصبح المشهد مفتوحا علي احتمالات أكثرها للأسف احتمالات سلبية. ما رأيك فيما يثار حاليا عن التدخل الأمريكي في مصر؟ هذا ليس واقعا وإنما خيالات لدي البعض، وحيلة قديمة عفي عليها الزمن، وأصبحت مكشوفة جدا، والتلويح بأن هناك تدخلا خارجيا في محاولة لتحقيق أهداف داخلية أن تتهم بعض الأطراف بأنهم مرتبطون بقوي خارجية، وهي طريقة قديمة تنطوي علي حيلة مكشوفة واستخدمت كثيرا من عقود طويلة، وثبت أنها لن تؤدي إلا إلي تسميم الأجواء وأنها لم تحقق لمن يلجأ إليها أي نتيجة من النتائج التي يسعي إلي تحقيقها. كيف تري نظام الانتخابات؟ نحن نحتاج إلي قانون يقوم علي دمج نظام الفردي ونظام القوائم دمجا خلاقا، وليس أخذ قطعة من هذا النظام وقطعة من ذاك النظام، ووضعهما بجوار بعض بطريقة القص واللزق التي استخدمت من قبل، فهي طريقة فقيرة جدا، تعكس استسهال وعدم قدرة علي إنتاج نظام ينسجم مع الظروف المصريةا ويساعد علي إجراء انتخابات تعبر عن الإرادة الشعبية، لذلك فنحن كنا قد اقترحنا نظاماً يقوم علي دمج نظامي القائمة والفردي دمجا خلاقا وهو نظام أساسه أن يكون الترشيح في قوائم علي أن تكون غير مشروطة سواء علي من يتقدم بها أو عدد المرشحين عليها، بمعني أن يستطيع أي شخصين أن يكونا قائمة سواء أحزاباً أم أشخاصاً، وتقدم الدوائر بحيث يكون الانتخاب وفقا لهذه القوائم، لكن أيضا تتاح فرصة لانتخاب أشخاص بعينهم داخل كل قائمة، بمعني أنني كناخب عندما أذهب للانتخاب فإنني انتخب قائمة معينة من ضمن عشر قوائم مثلا، وفي نفس الوقت انتخب أحد أفراد القائمة بحيث إنه من الممكن أن من انتخبته إذا حصل علي أعلي الأصوات فيكون هو الفائز وليس المرشح الموجود في أول القائمة، لأنه عيب نظام القائمة التقليدي أنه يفرض علي الناخب تشكيلاً معيناً، فمثلا القائمة بها 6 مرشحين ينجح الأول والثاني لأن القائمة تفوز بمقعدين، لذا فنحن في حاجة لهذا النوع من النظم المركبة والتي بها دمج خلاق وليس قصاً ولزقاً بين الفردي والقوائم. هل تنوي الترشح في الانتخابات البرلمانية المقبلة؟ هذا يتوقف علي نظام الانتخاب. في المرة السابقة نجحت علي قوائم الإخوان؟ فعلا، لكنها كانت قوائم التحالف الديمقراطي لعدة أحزاب منها الوفد والكرامة والناصري وأغلبهم الآن في جبهة الإنقاذ. في رأيك الانتخابات البرلمانية أولا أم الرئاسية أولا؟ المفروض أن يبقي الوضع كما هو عليه، طبقا لخارطة المستقبل، لأن الوقت أصبح متأخراً جدا لإحداث أي تغيير، فإذا كنا نريد تغييرا كان المفروض أن يكون قبل ذلك، حتي يكون الناس مهيئين لهذا التغيير، أما الآن فصعب جدا قبل الانتخابات بشهرين، لأننا سنكون كمن يعبث بالوضع السياسي والانتخابي، وبالتالي لن نجري انتخابات رئاسية مضبوطة ولا برلمانية مضبوطة.