عادل أبوطالب جاءت القمة الثلاثية المفاجئة التى عقدت فى الرياض أخيرا بين العاهل السعودى الملك عبد الله بن عبد العزيز وأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وأمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، جاءت لتضيف إلى عدة لقاءات قمم خليجية محدودة شهدتها الساحه الخليجية خلال الايام القليلة الماضية، ولتؤشر إلى أن هناك مساعى جارية على عدة أصعدة ربما تتجاوز أهدافها ونطاقها حدود العلاقات الخليجية إلى العلاقات العربية بشكل عام . المبادرة الخليجية ربما يستشف منها أن الأمر لا يقتصر على الدائرة الخليجية وإنما يمتد إلى مختلف أرجاء المنطقة العربية على خلفية الترابط الوثيق حاليا بين مختلف التطورات الحالية إقليميا ودوليا بشكل العلاقات على مستوى الخليج من ناحية وعلى المستوى العربى من ناحية أخرى بالنظر إلى اختلاف السياسات التى تمارسها بعض الدول الخليجية، وعلى رأسها قطر تجاه مساندة التيارات الإسلامية فى دول الربيع العربى وهو ما لا يتفق مع سياسات باقى دول الخليج . ولا شك أن دبلوماسية القمة الخليجية قد شهدت وتيرة متسارعة خلال الفترة القليله الماضية، وهو أمر ربما يمكن تفسيره بعدة عوامل أساسية على رأسها الاتفاق الإيرانى الأخير بين أوروبا وإيران بشأن برنامجها النووى، وهو تطور تدرك من ورائه دول الخليج أنه على الرغم من حالة الاستغراب فى دوائر شرق أوسطية من الاهتمام الأمريكى الكبير بالتوصل إلى الاتفاق - حتى ولو كان لا يلبى المتطلبات الأمنية بالمنطقة- فإن الواقع كان يشير إلى أن هذا الاتفاق سيحين وقته طال أم قصر لأسباب عدة، أهمها تراجع الاهتمام الأمريكى بالشرق الأوسط والتحول للتركيز على منطقة شرق آسيا، وبالتالى بدأت واشنطن فى التحول تدريجيا عن المنطقة. وربما كان ظهور الوقود الحفرى فى الولاياتالمتحدة وتوقع أن تكون واشنطن أكبر مصدر للنفط فى العالم خلال سنوات عاملا رئيسيا فى تراجع الاهتمام الأمريكى بالشرق الأوسط المصدر الأكبر للنفط فى العالم فى مقابل رغبة أمريكية فى احتواء الصعود الصينى من خلال تكثيف التواجد فى شرق آسيا. كما وجه السفير السعودى فى لندن الأمير محمد بن نواف بن عبد العزيز عبر مقابلة مع صحيفة التايمز البريطانية تحذيريا إلى الغرب من أن بلاده لن تقف مكتوفة الأيدى، إذا فشلت الولاياتالمتحدة وبريطانيا وبقية الدول الكبرى فى كبح برنامج إيران النووى الطموح. وقال «إن كل الخيارات متاحة» فى إشارة إلى أن دول الخليج الغاضبة والقلقة بشأن طموحات إيران النووية، قد تنجر إلى سباق تسلح نووى وهو ما يعكس مدى الإحباط الذى تشعر به المملكة العربية السعودية من تعامل الغرب مع القيادة الإيرانية الجديدة. وأشار إلى أن «الاندفاع» الأمريكى لضم طهران ضمن إعادة تقييم واسعة للسياسة الخارجية الأمريكية فى المنطقة، كان أمرا غامضا قائلا: إن سياسة التهدئة لم تنجح فى الماضى ولا أظن أنها ستنجح فى القرن الحادى والعشرين. أما العامل الثانى الذى دفع إلى هذه التحركات الخليجية فهو يتصل بتطورات الشأن السورى المتسارعة التى باتت تتجه إلى الحل السياسى الذى يتيح للأسد الاستمرار فى السلطة والتى كان آخرها تشكيل لواء «الجبهة الإسلامية» أخيرا فى سوريا الذى أحدث تطورا مهما فى مجريات الأحداث من الجهتين العسكرية والسياسية، وألقى بظلاله على مستقبل الجيش السورى الحر الذى يتفق مع لواء الجبهة فى هدف الإطاحة بنظام بشار الأسد، لكنه يختلف فى شكل إدارة الدولة عقب ذلك. اللواء الجديد تشكل من كل من حركة أحرار الشام الإسلامية وجيش الإسلام المؤلف من حوالى 60 فصيلاً عسكريا ولواء التوحيد وألوية صقور الشام ولواء الحق وأنصار الشام .وفتح الباب أمام انضمام فصائل أخرى مسلحة تتفق مع الهدف من إنشاء اللواء وهو "إسقاط النظام الأسدى فى سوريا إسقاطا كاملا وبناء دولة إسلامية".وكان لافتا النظر أن توقيت إعلان الجبهة الإسلامية تزامن مع تقدم حققته القوات النظامية فى سوريا من جهة ومع الاستعدادات الجارية لعقد مؤتمر جنيف 2 من جهة أخرى. ويقول القائمون على الجبهة إن اتحاد الفصائل الستة يستهدف إلى تنسيق العمليات لمنع تقدم القوات النظامية والسعى لحسم المعركة العسكرية بينما تثار مخاوف لدى البعض من أن يؤثر ذلك على العمل الميدانى للجيش الحر، لاسيما أن هذه الحركات تسيطر على مناطق إستراتيجية وتتحفظ على الفصائل العلمانية المنضوية داخل الجيش الحر. وفيما يستعد الائتلاف السورى المعارض للمشاركة فى جنيف 2 يبدو أن قرار تشكيل الجبهة الإسلامية الأخير سيؤثر على فرص هذه المشاركة، لاسيما فى رفض الفصائل الإسلامية للحلول السياسية مع النظام السورى متمسكة بإسقاطه عسكريا، باعتبار أن ذلك هو السبيل الوحيد لتحرير سوريا من قبضة النظام وحلفائه. وثمة من يرى أن صعود الفصائل الإسلامية المسلحة فى سوريا قد يستدعى تراجعا أمريكيا فى دعم المعارضة عسكريا أو الإسراع فى جهودها لتدريب الوحدات المسلحة التابعة للائتلاف الوطنى وتمويلها وإمدادها بالسلاح، باعتبار أن ذلك قد يساعد فى احتواء النمو المتزايد للقوات المقاتلة التى تعارض القيم الأمريكية ومصالحها فى المنطقة. هذه التطورت لا يمكن فصلها بأى حال من الأحوال عن مجرى الدبلوماسية الخليجية المتسارعه حاليا واللقاءات الخليجية المكثفة التى باتت قطر عنصرا مشتركا فيها. وكان أمير قطر التقى فى مسقط الشهر الماضى السلطان قابوس بن سعيد سطان عمان فى إطار جولة خليجية شملت أيضا الكويت والإمارات.كما جاءت القمة العربية الإفريقية فى الكويت أخيرا.