تحقيق محمد عبد الحميد ثلاثة استحقاقات انتخابية تنتظرها مصر خلال الفترة المقبلة، تبدأ بالاستفتاء على التعديلات الدستورية، وتنتهي بالانتخابات الرئاسية، مرورا بالانتخابات البرلمانية، كل منها يمثل علامة فارقة في مسيرة مصر نحو الديمقراطية التي ينشدها الجميع في مرحلة ما بعد ثورة 30 يونيو، فما الضمانات التي تكفل خروج تلك الانتخابات نزيهة وحرة، لاسيما وأن جماعة الإخوان المحظورة وبقية المتربصين بمصر لن يترددوا ولو للحظة في التشكيك في نزاهة الانتخابات إذا ما شابتها شائبة، وجاءت نتائجها مغايرة لتطلعاتهم؟ الإجابة عن هذا التساؤل بدأت مبكرا من قبل الفريق أول عبد الفتاح السيسى وزير الدفاع عندما قال في كلمة سابقة أثناء حفل تخرج دفعة جديدة من الكلية الحربية في 24 يوليو الماضي «نحن مستعدون لإجراء انتخابات تحت إشراف دولي من الأممالمتحدة أو الاتحاد الأوروبي أو الفرانكفونية وسيشهد لها العالم أجمع وستكون انتخابات نزيهة وحاسمة». مقوله السيسى دفعت كثيرين للتفاؤل بأن مصر تسير حقا نحو الديمقراطية وفقا لخارطة المستقبل التي أقرتها القوى الوطنية عقب عزل محمد مرسى يوم 3 يوليو الماضي وما تبعها من تشكيل لجنة الخمسين لتعديل دستور 2012 المعطل وتشكيل لجنة عليا للانتخابات، برئاسة المستشار نبيل صليب رئيس محكمة استئناف القاهرة، والتي دعت بدورها قبل أيام المنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني المحلية الراغبة في مراقبة الانتخابات المقبلة التقدم بطلبات لممارسة نشاطاتها، وجاء في قرار للجنة نشر في الجريدة الرسمية «يتم فتح باب التقدم للمنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني المحلية التي لم تتقدم من قبل أو التي تقرر عدم قبولها بسبب تقدمها بطلبها بعد الميعاد المقرر في التاسع من نوفمبر الجاري، وأعلنت اللجنة، إنها ستصدر بيانا بالمنظمات المقبولة في موعد أقصاه 17 نوفمبر». تحسين الصورة يرى نجاد البرعى المحامى الحقوقي وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان أن على الحكومة المصرية ألا تخشى شيئا من دعوتها للمنظمات الدولية كي تراقب الاستفتاء وما يتبعه من استحقاقات انتخابية، طالما أنها تلتزم الشفافية وتعمل على أن تتم جميع إجراءات الانتخابات في جو نزية وشفاف. وأضاف وجود المنظمات الحقوقية المحلية والدولية وقت الانتخابات يعطي صك النزاهة الانتخابية للدولة التي تجري فيها الانتخابات ويرفع ثقة الناخب ويقلل مخاوفه بشأن وجود تزوير أو عدم احترام لصوته الذي أدلى به، كما أن هذا الأمر من شأنه تحسين صورة مصر كثيرا أمام بقية دول العالم، والتأكيد على أنها تخطو خطوات جادة نحو ترسيخ قيم الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، لاسيما إذا ما كانت الجهات الدولية مراكز لها ثقلها الدولي مثل الاتحاد الأوروبي ومركز كارتر والاتحاد الإفريقي وغيرها، ولفتت إلى أن المراقبين لا يتدخلون في سير العملية الانتخابية فعملهم يقتصر على متابعة الأنشطة الخاصة بإدارة الانتخابات والحملات الانتخابية والتصويت وعمليات العد والفرز ولقاء مسئولي الانتخابات وممثلي الأحزاب السياسية والمجتمع المدني. بينما يرى أبو العز الحريري القيادي بحزب التحالف الشعبي والمرشح السابق في الانتخابات الرئاسية المصرية الأخيرة أن وجود مراقبة دولية على أى انتخابات في مصر هي بداية تحقيق مكاسب موجتي الثورة في 25 يناير و30 يونيو، لافتا النظر إلى أن جميع القوى السياسية في مصر تثق في نزاهة رجال القضاء المشرفين على الانتخابات وأن هذا لا يمنع أو يتعارض أبدا مع وجود جهات رقابية دولية تتمتع بسمعة جيدة، مما سيكون له بالغ الأثر في تحسن صورة مصر دوليا وتفويت الفرصة على جماعة الإخوان التي تخطط من الآن لإفساد الاستفتاء وأى انتخابات تجرى، والادعاء بتزويرها ضمن مخطط تشويه كل إيجابية تحدث على أرض الواقع في مرحلة ما بعد ثورة 30 يونيو المجيدة، مطالبا بضرورة تشديد تأمين صناديق الاقتراع بشكل قوى من قبل قوات الأمن، لتجنب حدوث أي محاولات لإفشالها من قبل جماعة الإخوان فالعالم كله يتابع كل ما يحدث ومن المهم ألا نعطى أعداء مصر فرصة للتشكيك في مسارها الديمقراطي أو أنها عاجزة عن فرض الأمن. ويوضح الدكتور صفوت العالم أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة أن غالبية دول العالم المتحضر تقبل بالرقابة الدولية في الانتخابات التي تقوم بإجرائها، خصوصا إذا ما كانت الأجواء السياسية ملتهبة كالتي تشهدها مصر في مرحلة ما بعد 30 يونيو مؤكدا أن وجود مراقبين دوليين في أى انتخابات مصرية مقبلة لا يعنى التدخل في الشئون الداخلية أو انتهاك لسيادة مصر على أراضيها، وإنما هو إجراء احترازي لضمان تحقيق الديمقراطية، لافتا النظر إلى أن وجود المنظمات الحقوقية الدولية وقت الانتخابات من شأنه تحسين صورة مصر في الخارج، لاسيما إذا ما جرت الانتخابات في أجواء نزيهة وفقا للمعاير الديمقراطية فهذا من شأنه دحض الافتراءات والأكاذيب التي روجت لها جماعة الإخوان وحلفاؤها منذ الإطاحة بمحمد مرسى. المسار الديمقراطي من جهته يطالب حافظ أبو سعدة الناشط الحقوقي وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، بضرورة التزام الشفافية في الإجراء التي تسبق عملية الاستفتاء ونتائجه وكذلك في الانتخابات البرلمانية والرئاسية والإعلان تفصيلا عن نتائجها والمعوقات أو السلبيات التي شابتها كي لا يزايد أحد علينا مع منح الحرية لمنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية في المراقبة وفق منطلق أن الانتخابات تجرى بشفافية، وليس هناك ما تخشى مصر من الكشف عنه فمن مصلحة المسار الديمقراطي أن تجرى الانتخابات بنزاهة مطلقة، لافتا النظر إلى أن جميع منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني تنادي دوما بالمراقبة الدولية علي الانتخابات المصرية، مؤكدة أن الفترة الحالية هي الأنسب لاستقبال مراقبين دوليين علي الاستفتاء حتي لا يتم التشكيك في نتائجه. ومن ناحيته يؤكد د. شوقي السيد أستاذ القانون بجامعه القاهرة، أنه لا يوجد نص دستوري أو قانوني يلزم الحكومة المصرية بأن يكون أى اقتراع رسمي يتم تحت إشراف منظمات وهيئات دولية، وإنما هذا الأمر يتم بتوافق القوى السياسية كوسيلة لتأكيد الشفافية وأن العملية الانتخابية تتم بنزاهة وشفافية، وأضاف: الخطوة التي قامت بها اللجنة العليا للانتخابات بدعوتها لمنظمات حقوقية محلية ودولية للرقابة على الاستفتاء على التعديلات الدستورية لهى خطوة إيجابية تثبت للعالم أن مصر لا تسير نحو الديمقراطية، ولا توجد أدنى نية لديه لتزوير الانتخابات، وأكد أن دعوة المنظمات الدولية للرقابة على الانتخابات سيقطع الطريق أمام المتربصين بمصر ومن يريدون تشويه صورتها وإظهارها بأنها دولة قمعية لا تحترم إرادة الناخبين، وطالب د. شوقي السيد، اللجنة العليا للانتخابات بالشفافية في كل خطواتها سواء المتعلقة بالاستفتاء أم بما بعده من انتخابات برلمانية ورئاسية كي يطمئن الجميع إلى نزاهتها، كما عليها أن تأخذ بملاحظات المنظمات الحقوقية التي تراقب الانتخابات وتعمل على تصحيح المسار أولا بأول. ومن جانبه يطالب اللواء فؤاد علام وكيل جهاز أمن الدولة السابق اللجنة العليا لانتخابات والأجهزة الأمنية بضرورة إعداد تقارير أمنية على أعلى مستوى عن المنظمات الحقوقية والجمعيات الأهلية، المحلية والدولية التي ستطالب بالمشاركة في المراقبة على التصويت على استفتاء الدستور لضمان نزاهتها أن مراقبتها للانتخابات لا تحمل أى أهداف مسبقة لتشويه ما يجرى على أرض مصر من بناء لدولة ديمقراطية قائلا: «هناك منظمات يتم تمويلها من قوى معادية لثورة 30 يونيو وتعمل على النيل من سمعه مصر دوليا وليس من المعقول إعطاؤها الفرصة بصفة مراقب كي تخرج علينا بأكاذيب وأوهام، ولذا يجب التدقيق في نزاهة من ندعوه لمراقبة الانتخابات.