تحولت الاحتجاجات التي اندلعت شرارتها في ميدان تقسيم وسط مدينة اسطنبول وامتدت فيما بعد الى العاصمة أنقرة ومدن تركية اخرى من احتجاجات على اقتلاع اشجار الى محاولات لاقتلاع رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان نفسه من السلطة في ظل مشاركة منظمات مدنية الى جانب بعض القوى السياسية من مختلف الاطياف. كانت البداية عندما نظم متظاهرون محتجون على مشروع حكومة العدالة والتنمية بهدم الحديقة العامة جيزيه بارك في ميدان تقسيم تظاهرة سلمية اعتبرتها العديد من الاطراف بمثابة انفجار اجتماعي فيما وصف البعض الاخر احتجاجات ميدان تقسيم بميدان التحرير. واذا نحينا التطورات الجارية جانبا فمن الممكن القول ان الحكومة التركية حققت نجاحا في المجال الاقتصادي والسياسي مقابل زيادة في درجة الاستقطاب الى حد كبير وهو ما ترسب داخل المواطن التركي وبالتالي ظهرت مثل هذه المشاهد في انحاء المدن التركية. ودفعت العديد من القضايا المواطنين لاتخاذ موقف معاد للحكومة منها خارجيا الازمة السورية وداخليا قوانين الاجهاض، وحظر المشروبات الكحولية، وعقد مفاوضات مع منظمة حزب العمال الكردستاني، وقضايا اخرى تتعلق بالتقاليد الوطنية. وبرزت العديد من العناوين بوسائل الاعلام الاجنبية حول التظاهرات المناهضة لحكومة العدالة والتنمية منها "تمرد الشعب ضد الحكم الاستبدادي"، و "الربيع التركي" وذكرت وسائل الاعلام الاجنبية انه من الضروري على حكومة اردوغان ان تصغي للمتظاهرين وان تتوصل لحل الموضوع بالطرق السلمية بدلا من استخدام عبارات تصعد من الموقف على عكس الاسلوب المرن المتبع من قبل رئيس الجمهورية. ولا يمكن القول بأن ما تشهده الساحة التركية يشبه تطورات الربيع العربي او حتى يمكن تشبيه تركيا بمصر قبل ميدان التحرير او تشبيه اردوغان بمبارك في مصر او بن علي في تونس او الاسد في سوريا ولكن الذي يمكن قوله ان ما تشهده تركيا الان هو حركة لتحسين نوعية الديمقراطية التركية ومن الممكن تحويل هذه الفرصة الى صورة ايجابية.