الاقتصاد ليس علما جديدا، ولا الإبداع أيضا، لكن الجديد هو كيفية العلاقة بينهما، والأهم كيف يؤدى اجتماعهما إلى ثروة استثنائية، وهو الأمر الذى جعل مفكرا اقتصاديا كبيرا مثل جون هوكنز يقول: لقد أصبح ذوو الأفكار، أى أولئك الذين يملكونها، أكثر نفوذا ممن يشغلون الآلات. وفى تحليله يعرف هوكنز الإبداع: بأنه القدرة على توليد شيء جديد، فهو يعنى إنتاج الأفكار، أو الاختراعات ذات الأهمية والفائدة، وليس الإبداع بالضرورة فاعلية اقتصادية، لكنه يصبح كذلك عندما يؤدى إلى فكرة ذات مردود اقتصادى،أوإلى منتج يمكن الاتجار به، أى التحول من المجرد إلى العملى، ومن الفكرة إلى المنتج، وهذا ببساطة هو الجوهر الحقيقى لمفهوم اقتصاد المعرفة، ففى حين كانت الأرض، والعمالة، ورأس المال هى العوامل الثلاثة الأساسية للإنتاج فى الاقتصاد القديم، أصبحت الأصول المهمة فى هذا الاقتصاد الجديد هى المعرفة، والإبداع، والذكاء، والمعلومات, فمثلا صار للذكاء المتجسد فى برامج الكمبيوتر والتكنولوجيا عبر نطاق واسع من المنتجات أهمية تفوق أهمية رأس المال، أو المواد، أو العمالة. ومن ثم، فإن اقتصاد المعرفة فى الأساس يقصد به أن تكون المعرفة هى المحرك الرئيسى للنموالاقتصادى، وعلى العكس من الاقتصاد المبنى على الإنتاج، حيث تلعب المعرفة دورا أقل، وحيث يكون النمو مدفوعا بعوامل الإنتاج التقليدية، فإن الموارد البشرية المؤهلة وذات المهارات العالية والمبدعة، أو رأس المال البشرى، هى أكثر الأصول قيمة فى اقتصاد الابداع، المبنى على المعرفة. لقد جاء القرن الحادى والعشرون حاملا علامات جديدة للنظام الدولى، منها التغيير الجذرى فى مكونات ومفهوم قوة الدولة، وتصاعد دور القوة الناعمة ،ليكون لها الأسبقية على القوة المادية بما فيها القوة العسكرية، وأن عصر المعلومات بكل مكوناته ووسائله، وفى مقدمتها الصورة، ووسائل الاتصال، والثقافة والفنون بمختلف فروعها، سوف يحكمه مبدأ المنافسة فى مجالات الاقتصاد، والأبحاث والكشوف العلمية، وكذلك فى الفنون باعتبارها ستكون قوة اطلاق الهوية والكرامة الوطنية وعنوان الانتماء للوطن. [email protected]