انطلقت فى سلطنة عُمان فعاليات ندوة تطور العلوم الفقهية "فقه رؤية العالم والعيش فيه، المذاهب الفقهية والتجارب المعاصرة"، وقد أكد فضيلة الشيخ شوفي علام مفتي مصر في كلمته بالندوة أن الموضوع الذي طرحته هذا العام من الموضوعات التي تعالج قضايا الساعة وهو طرح قبل ذلك وسيطرح فهو موضوع قديم جديد يتجدد بتطور البشر وتطور علائقهم وتعقد مشاكلهم فهو موضوع يطرح بين (الأنا والآخر) فعلى الرغم أن بعض أساتذة الفلسفة في الوقت المعاصر ينكر هذه التسمية (الأنا والآخر) إلا أن القرآن الكريم اعترف بها على مستويات عديدة في آياته الكريمة ويمكن ان نتصور هذه العلاقة في ثلاث صور الصورة الأولى تتمثل في علاقة المسلم بالمسلم والثانية في علاقة المسلم بغير المسلم في داخل الدولة المسلمة والثالثة في علاقة المسلم بغير المسلم في خارج الدولة المسلمة. فالصورة الأولى تحكمها الأخوة في الدين حتى أن المسلم في داخل المجتمع لو حاد عن التعاليم فإن واجب المسلم الآخر أن يعينه بالتوجيهات والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لكن إذا كان ثمة خلاف يحتمله النص القرآني أو السنة المشرفة فإننا في هذه الحالة لا بد أن نحتكم الى مبدأ عظيم قرره العلماء وهو (لا إنكار في المسائل المختلف فيها) بهذا نتصور بأن يكون العيش بين المسلم وأخيه المسلم في هذا الإطار عيشا آمنا مطمئنا ودعم العلاقة بين المسلم وغير المسلم في داخل الدولة المسلمة بمبدأ العقد الاجتماعي أو ما يطلق عليه حديثا مبدأ المواطنة وهو مبدأ يضمن كافة الحقوق لغير المسلمين في داخل الدولة المسلمة نظريا وتطبيقيا نظريا في تلك الأفهام المتعددة المختلفة الراسخة الثابتة لفقهاء المسلمين على مر عصورهم الى وقتنا المعاصر من إن غير المسلم له كافة الحقوق وعليه الواجب التي على المسلمين. والذي يهم في النهاية وهي الصورة الثالثة والتي تعنى بها هذه الندوة المباركة وهو علاقة المسلم وبغير المسلم في خارج الدولة الاسلامية وهي علاقة يكتنفها الكثير من التعقيدات ذلك أن العلاقات الدولية الآن أصبحت علاقات تكاد ان تكون تنزع الى الهيمنة في هذا العصر الذي تسود فيه العولمة ومع هذا فإن فكرنا نحن -المسلمين- هو فكر مستقر على أننا نتعايش بالعدل والمساواة ونعامل الآخر على أنه يعيش معنا في هذه الأرض ونشترك جميعا في إعمارها وأن لكل منا له فكره الخاص . مؤكدا أن فكرة الإقصاء ليست مطروحة في فكر المسلمين وإن كانت وهذا ربما سيعالج من خلال هذه الندوة وإن كان الإقصاء لنا نحن -المسلمين- يكاد ان يكون هو المهيمن في الوقت المعاصر وأبرز ما يمكن أن يقال في ذلك ما كتبه الباحثون المعاصرون وعلى رأسهم صاحب كتاب نهاية التاريخ ثم من بعده صاحب كتاب صدام الحضارات وهذان وغيرهما يلتقيان في فكرة إقصاء الفكر الاسلامي بل انه في نظرهما يمثل خطرا على الحكم الديمقراطي الليبرالي ومن ثم فان المتصور ان تكون نهاية التاريخ هو الحكم الليبرالي الحكم الديمقراطي ثم بعد ذلك يجب الدفاع طويلا ضد هذا الفكر الآخر. ومشيرا إلى أننا لا نريد أن نقصي غيرنا وإنما نريد الخير للجميع نحن لا نريد أن نقف موقف المدافع عن فكرنا وإنما نريد أن نقف موقف الموضح والمعمق والمجذر لهذا الفكر.