تفاصيل جولة وزيرالتعليم بمدارس البدرشين والصف بالجيزة اليوم    هيئة الرقابة المالية تُصدر «دليل خدمات متكامل» للقطاع المالي غير المصرفي    وزير الدفاع : الاستعداد الدائم لمواجهة المخاطر والتهديدات واجب لا يحتمل التهاون    الكرملين: الرئيس الروسي يلتقي المبعوث الأمريكي «ستيف ويتكوف» غدا    طلائع الجيش يستقبل السكة الحديد في مواجهة قوية بدور ال32 لكأس مصر    موقف الثنائي «الشناوي» من التواجد مع منتخب مصر    ضبط المتهمين بسرقة «كولدير» ببني سويف    طلاب ابتدائية القاهرة يؤدون امتحاني التربية الدينية والرياضيات.. وطلاب الإعدادية يبدؤون امتحانات الدراسات الاجتماعية والتربية الفنية    «السلم والتعبان 2» يكتسح.. و«ولنا في الخيال حب» يلاحقه بقوة في سباق الإيرادات    إعادة التدوير وتسويق المنتجات في ملتقى فتيات أهل مصربشرم الشيخ    وزير الأوقاف: الفائزون بمسابقة القرآن يكرمهم الرئيس السيسى في ليلة القدر    مشروع الجينوم: التخطيط لتحليل 25 ألف عينة بحلول 2027    قسم أمراض الذكورة بقصر العيني يحصد الاعتماد الأوروبي مجددا كمركز تدريبي خارج أوروبا    "معلومات الوزراء": 2 مليار دولار قيمة سوق الذكاء الاصطناعي في أفريقيا خلال عام 2025    موعد مباراة السعودية وعُمان في كأس العرب 2025.. والقنوات الناقلة    متحدث «الوزراء»: الإقبال السياحي على المتحف الكبير فرض ضرورة توفير خدمات جديدة    محامي رمضان صبحي يكشف 3 سيناريوهات أمام المحكمة ويحسم حقيقة دعم الأهلي القانوني    متى يبدأ رمضان 2026 وعيد الفطر؟ توقعات فلكية لموسم العبادة    تشيلسي ضد أرسنال.. تعرف على مدة غياب كايسيدو بعد طرده فى الديربى    محافظ أسوان يوجه بالاستعداد المبكر لموسم الأمطار والسيول    تطعيم 509 آلاف طفل ضد الحصبة بنسبة 90% في أسوان    فاكسيرا: لا يوجد فيروس خطير يهدد حياة الطلاب والترويج لذلك خطأ.. إنفوجراف    «جبران»: منظومة رقمية متكاملة لتطوير الخدمات بالوزارة    بدء تصويت المصريين بالكويت في الدوائر الملغاة بالمرحلة الأولى لانتخابات النواب    «الأرصاد» تكشف تفاصيل آخر تحديث لخرائط الطقس    محافظة الجيزة : المركبة كيوت أرخص من التوكتوك وترخص كسيارة أجرة    الداخلية تضبط مروج صواعق كهربائية وعصي صدمات عبر مواقع التواصل    بالفيديو.. أستاذ قانون: 70% من دوائر المرحلة الأولى ستعاد فيها انتخابات مجلس النواب    رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر يهنئ المجمع العام لكنائس النعمة بانتخاب اللجنة التنفيذية الجديدة    ترامب يتعهد «النظر‌‌» في ضربة للجيش الأمريكي أجهزت على ناجين من قارب مستهدف بالكاريبي    مصر تعلن تصنيع أجزاء من الطائرة رافال محليا في ايديكس 2025    "يوم العلاج بالنباتات والروائح" فعالية بصيدلة حلوان    "التمثيل التجاري" يبحث مع المستشار التجاري الأمريكي تعميق الشراكة الاقتصادية    وزير الصحة يترأس اجتماع اللجنة الاستشارية العليا للتنمية البشرية    هيئة الاستثمار تستعد لإطلاق منصة تراخيص وموافقات إلكترونية موحدة    عاجل- قطر تفتتح مشوار كأس العرب 2025 بمواجهة فلسطين على ملعب "البيت"    «طلع لفظ مينفعش يتقال».. محمد رمضان يكشف كواليس ترحيل "كهربا" من الإمارات    طاهر محمد طاهر يكشف كواليس مشاجرة تريزيجيه أمام الجيش الملكي وأسباب تألقه في عدة مراكز بالأهلي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأثنين 1-12-2025 في محافظة الأقصر    الرئيس الإندونيسي يحث حكومته على التأهب لتغير المناخ في ظل أزمة الفيضانات    القاهرة تحتضن فعاليات الاجتماع الرابع والعشرين للأطراف المتعاقدة في اتفاقية برشلونة    بمناسبة الأسبوع العالمي لمقاومة البكتيريا... الثقافة الصحية بمديرية الشئون الصحية بالأقصر تكثف الجهود التوعوية    أوسينات للمزادات: بيع لوحة المسيح على الصليب مقابل 2.94 مليون يورو    "علوم رياضة" قناة السويس تعزز الوعي الصحي في المدارس بمبادرة "صحتنا حياتنا"    بدءا من اليوم.. الحجز الكترونيا فقط لزيارة المتحف المصرى الكبير    ارتفاع أسعار النفط بفعل خطة أوبك+ للإنتاج    «التضامن» تقر تعديل قيد جمعيتين في الجيزة والقليوبية    انتخابات هندوراس.. بدء فرز الأصوات وسط دعم ترامب لعصفورة    دراما بوكس| هنا الزاهد تغيب عن رمضان 2026.. واستئناف تصوير «الكينج» بعد الحريق    موعد غُرة شهر رجب فلكيا لعام 1447 هجريا.. كم مدة رؤية الهلال في مصر؟    مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي يختتم دورته العاشرة ويعلن جوائز مسابقاته    إخلاء سبيل المعلمة المتهمة في واقعة تلميذ لغات الألومنيوم بكفالة مالية بقنا    مصرع سيدة إثر اصطدام سيارة بها بالطريق الدائري في القليوبية    الداخلية تضبط سايسًا بدون ترخيص بعد مشاجرة ومنع مرور السيارات بالجيزة    كوكا: هذا موقفي من الانضمام ل الزمالك.. وشخص ما لا يريدني في المنتخب    القاهرة تستعد لافتتاحية كبرى بمدينة الفنون والثقافة بعرض "تأثير بيغماليون"    عواصف ثلجية تقطع الكهرباء في ويسكونسن وتلغي مئات الرحلات الجوية في شيكاغو    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 30نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا.... اعرف مواعيد صلاتك بدقه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحب يتحدى الأديان والمذاهب والطائفية في لبنان
نشر في الأهرام العربي يوم 18 - 02 - 2013

الزواج المدني يعني أن يتزوج الشخص - رجلا أو امرأة - بمن يريد دون النظر إلي الدين أو الطائفة أو المذهب حتي في الدين الواحد، وفي لبنان لا يوجد حتى اليوم قانون موحّد للأحوال الشخصية. فلكل طائفة قوانينها الخاصة ومحاكمها الروحية والشرعية والمذهبية، وفي لبنان أيضا 18طائفة موزعة ما بين المسلمين والمسيحيين والدروز والأرمن، وحتي الغجر، ومنذ شهر تقريبا دعا الرئيس اللبناني العماد ميشال سليمان، اللبنانيين لإبداء رأيهم في الزواج المدني، وذلك بعد الإعلان عن أول زواج مدني يتم داخل لبنان بين الشابين تزوج نضال درويش، وخلود سكرية، أول ثنائي يتزوجان مدنيا على أرض لبنان، حيث إن القانون اللبناني،يجيز عقد زواج مدني في لبنان، إلا أنه يعترف بالزواج المدني المعقود خارج الأراضي اللبنانية سنداً للمادة 25 من القرار رقم 60 ل.ر. وعليه، فإن الزواج المدني لا يعتبر مخالفاً للنظام العام، وكان اللبنانيون يلجأون إلى دول كقبرص لعقد الزواج المدني هناك، والذي كانت الدولة اللبنانية لا تجيزه من قبل.
بارك رئيس الجمهورية اللبناني هذا الحدث، داعيا الشعب اللبناني إلي إبداء رأيه في الزواج المدني، حيث سارعت بعض الفنانات لإبداء رأيهن، فقالت الفنانة إليسا عبر حسابها على تويتر: “الزواج المدني لا يحفظ حقوق المرأة وحسب، بل يظهر الصورة الحقيقية للشعب اللبناني، ويشجّع سياسيينا على عدم الاختباء وراء أصابعهم، لأنه يغني التنوّع في بلدنا الذي نحبّ".
أما الفنانة والمذيعة رزان المغربي فقالت ردا على رئيس الجمهورية: “أرجوك عزيزي الرئيس، الحب يجب أن ينتصر، دعوا الحب يقودنا ويرينا الطريق".
فيما عبّرت الفنانة سيرين عبد النور، عن رأيها بالزواج المدني موجهة كلامها إلى رئيس الجمهورية قائلة: “زواج مدني بلبنان مش غلط إذا كان حلا لمحاربة الطائفية، ونصير كلنا منتمين للوطن، بس ما يصير موضة وننسى مباركة ربنا".
وبمجرد ظهور الزواج المدني بلبنان إلي العلن بعد مباركة رئيس الجمهورية له، انقسم اللبنانيون إلي فريقين متضادين، أحدهما مع الزواج المدني، والآخر ضده خصوصاً من رجال الدين.
الحريري يؤيد
رئيس وزراء لبنان السابق وزعيم الطائفة السنية في لبنان سعد الحريري أيد الزواج المدني قائلا: أنا أصلي وأصوم وأزكي وأقوم بالأركان الخمسة، فلا يأت أحد ويقول لي كسعد الحريري إنني أشرع شيئا، نحن إذا أردنا الذهاب إلى دولة مدنية يجب أن يكون لدينا موقف جريء لكي نأخذ هذا البلد فعليا إلى دولة مدنية.
من يفعله مرتد
ودينيا ومن الطائفة السنية كان لمفتي الجمهورية اللبنانية السني محمد رشيد قباني، رأي معارض تماما بل ويذهب إلي نزع صفة المسلم عمن يوافق علي الزواج المدني ويصنفه مرتدا، حيث أصدر قباني فتوى فحواها «أن كل من يوافق من المسئولين المسلمين في السلطة التشريعية والتنفيذية على تشريع وتقنين الزواج المدني ولو اختياريا هو مرتد وخارج عن دين الإسلام، ولا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين".
وأكد المفتي أن “المسلمين لطالما كانوا روادا للحضارة من خلال تطبيق شريعة الله، وأن التصدي للمشاريع التي تحاول استهداف مؤسساتنا الدينية في دار الفتوى من خلال مشروع التعديلات الذي يعمل لطرحه في المجلس الشرعي ونقف له بالمرصاد، مشيرا إلى أنه “ومن خلال استهداف أحوالنا الشخصية مجددا بمحاولة تقنين الزواج المدني، كل ذلك ليس خيارا علينا إسقاطه فقط، بل فرض عين على كل مسلم ومسلمة وواجب على جميع العلماء المسلمين في لبنان من كل الطوائف الإسلامية".
وأكد قباني أن “ العلماء هم قادة الأمة وهم ورثة الأنبياء وهم حملة أمانة الإسلام من بعدهم، ووجوب قيام العلماء بهذا الواجب والتحذير من قيامهم به". وقال: “ليكن جميع المتربصين بشرعنا في أحوالنا الشخصية اليوم بمحاولة زرع جرثومة الزواج المدني والمتربصين بمؤسساتنا الدينية بالتعديلات التي يراد طرحها بالمجلس الشرعي، ليكونوا على يقين بأن العلماء لن يتوانوا أبدا عن القيام بواجبهم وسيهزموا كل محاولة من ذلك".
ومن جانبه اعتبر الشيخ عمر بكري فستق، أحد أكثر مشايخ السلفية الجهادية تشددا في لبنان أن «الزواج المدني هو علاقة غير شرعية،كما أن الأولاد الذين ينجبون نتيجة الزواج المدني يعتبرون غير شرعيين من منظور الإسلام"، وأكد بكري أن “الشاب الذي يتزوج مدنيا هو آثم وعاص وأولاده غير شرعيين".
بيروت مع المفتي
أما الجمعيات والهيئات البيروتية الإسلامية السنية، فأعلنت تأييدها المطلق لفتوى مفتي الجمهورية في موضوع الزواج المدني ورفضها القاطع لأي بحث قي هذا الموضوع، لأنه يخالف الدستور ويضرب العقيدة الإسلامية في صميمها، وهو أمر مرفوض من عموم المسلمين ولا يحق لأي نائب أو وزير مسلم أن يتصرف في شأنه، لأنه ليس مفوضا بذلك من عامة الناس، فالنيابة هي شأن تشريعي بالأمور السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولكنها ليست وكالة بالأمور التي تخص صلب العقيدة والدين، لأن النائب هو رجل سياسي وليس بالضرورة أن يكون عالما بالدين وأصوله وأحكامه".
معاشرة محرمة
واعتبر علماء الدين السنة في عكار حيث معقل الأصولية السنية في طرابلس والشمال أن “الزواج المدني هو تسمية للشيء بغير اسمه، إذ هو في غالب صوره يكون من المعاشرة المحرمة"، موضحين أن “هذه المعاشرة المحرمة التي يحاول البعض تمريرها تحت مسمى الزواج اللاديني هي مخالفة صريحة للقانون اللبناني الذي توافق عليه اللبنانيون ويكفل للطوائف حق الخصوصية في الأحوال الشخصية".
وأشاد العلماء “بمواقف مفتي الجمهورية محمد رشيد قباني، التي أعلنها رفضا للزواج المدني"، داعين الجميع إلى السير وراء أهل العلم في الأحكام.
وحذر علماء عكار «المسلمين عامة وخصوصاً الشباب والفتيات من التساهل بأحكام الدين»، مؤكدين أن «من يستحل هذا الزواج فقد خرج من دين الله فلا يغسل ولا يكفن ولا يدفن في مقابر المسلمين».
ورأوا أن الزواج المدني هو زواج لا ديني ولا توجد في لبنان طائفة بلا دين، فإلى من ينتمي هؤلاء المتزاوجون إلا إلى طائفة لا دينية ولا يوجد لها مكان في لبنان، فلبنان بلد متعدد الطوائف وليس بلدا لا دينيا، والطائفة السنية حريصة على التمسك بالدين والأخلاق، وتستنكر قيام بعض السياسيين من أبناء الطائفة بتبني مثل هذا القانون وغيره الذي يعتبر من صميم ديننا وأخلاقنا، ونحذر الجميع من التمادي في الاعتداء على حرمات الدين والعلماء والطائفة»، وندعو المسئولين في لبنان رئيسا وحكومة وبرلمانا إلى رفض هذا الزواج من أصله وعدم الاستجابة لبعض الضغوط الإعلامية وبعض الهيئات المشبوهة.
انقلاب علي الدستور والمواطنة
ومن الطائفة الشيعية أعربت هيئة التبليغ الديني في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى عن أسفها لإثارة موضوع الزواج المدني في هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها البلاد، والتي تستدعي التشبث بكل أسباب الوئام والوفاق، والابتعاد عن كل أسباب الخلاف والتنافر، دعماً للجهود الجليلة التي يبذلها المخلصون من القادة الدينيين والزعماء السياسيين لتثبيت الاستقرار وترسيخ الوحدة الوطنية.
ورأت الهيئة ضرورة مواجهة طرح الزواج المدني بالمعالجات الموضوعية التي تساعد على بلورة الموقف الشرعي والوطني، وتوليد القناعات المشتركة، من خلال إطلاق حوار هادف يتشكل بين المرجعيات الدينية والوطنية والنخب الفكرية والثقافية، وعدم استغلال هذا الطرح في المزايدات السياسية الآنية أو الاكتفاء بردود الفعل الحادة، لما في ذلك من خطر التشتيت في الآراء، والابتعاد عن الموقف الجامع.
وأكدت الهيئة الشيعية أن الزواج المدني مرفوض في نظر المؤسسة الدينية الشيعية بخلفيتها الشرعية والوطنية لاعتبارات أخلاقية وفقهية وحقوقية ووطنية، منها أن عقد الزواج الشرعي يخضع لشروط صحة تتعلق بصيغة العقد وبالمتعاقدين، وأي إخلال بهذه الشروط لجهة الصيغة أو المتعاقدين يجعل العقد باطلا من الوجهة الشرعية.
وطالبت هيئة التبليغ الديني الشيعية «المرجعيات الدينية والسياسية أن تتحصن بمزيد من الحكمة في طرح مواقفها المؤيدة والرافضة لهذا الموضوع الخطير.
استطلاع يؤيد الزواج المدني
وفي أول استطلاع للرأي أجرته “الشركة الدولية للمعلومات بعد رأي رئيس الجمهورية حول «الزواج المدني» كانت نتيجته أن “51 % من الذين شملهم الاستطلاع مع الزواج المدني الاختياري، و46 % مع الزواج الديني". كما أظهر الاستطلاع أن “31 % من السنة مع الزواج الاختياري و66 % مع الديني، وأن 42 % يعارضون فتوى المفتي و26 % يؤيدونها و22 % غير معنيين، وأن 53 % من السنة مع فتوى المفتي و27 % ضدها".
الزواج المدني في لبنان
وقد أقرّت معظم الدول الأجنبية وبعض الدول الإسلامية الزواج المدني، إما بشكل إلزامي وإما بشكل اختياري، وهو يعتبر إلزامياً في كل من فرنسا وألمانيا وسويسرا وبلجيكا والسويد وإيطاليا ورومانيا والنرويج وموناكو ولوكسمبورغ والبرازيل وأمريكا اللاتينية وروسيا. لكنه يعتبر اختيارياً في إنجلترا والولايات المتحدة الأمريكية واليونان وإسبانيا.
وفي لبنان فإن مشروع الزواج المدني في لبنان ليس حديثاً حيث يعود إلى عام 1951، حين نوقش في البرلمان ثم رُفض، وعام 1960، بدأت جمعيات علمانية تطالب به من جديد عبر التظاهر، وعاد ليطرح في البرلمان من جديد العام 1975، وأثار جدلاً كبيراَ عندما طرحه رئيس الجمهورية الأسبق الراحل إلياس الهراوي عام 1988.
ونوقش مشروع قانون الزواج المدني في مجلس الوزراء عام 1999، حيث تمت الموافقة عليه بالأغلبية (21 صوتاً)، إلا أن رئيس الوزراء رفيق الحريري، لم يوقّع على المشروع ولم يقدمه للبرلمان للتصديق عليه، واعتذر قائلاً: «إن ظروف لبنان لا تسمح الآن بذلك»، حتي عاد إلي الظهور مرة جديدة مع دعوة رئيس الجمهورية للبنانيين ليبدوا رأيهم بالزواج المدني منذ شهر تقريبا.
أمام المحاكم
وقضائيا: نصت المادة 79 من قانون أصول المحاكمات المدنية اللبنانية على أنه: تختص المحاكم اللبنانية المدنية بالنظر في المنازعات الناشئة عن عقد الزواج الذي تم في بلد أجنبي بين لبنانيين أو بين لبناني وأجنبي بالشكل المدني المقرر في قانون ذلك البلد، وتراعى أحكام القوانين المتعلقة باختصاص المحاكم الشرعية والدرزية إذا كان كلا الزوجين من الطوائف المحمدية – السنية والشيعية - وأحدهما على الأقل لبنانياً.
وبناءً على ذلك، فإن المحاكم المدنية اللبنانية تكون مختصة للنظر بالنزاعات الناشئة عن الزواج المدني المعقود في الخارج بين مسيحيين، أو بين زوجين مختلفين دينياً (مسلم ومسيحية أو مسيحي ومسلمة)، أو بين مسلمين من مذاهب مختلفة.
أما إذا كان الزواج المدني معقوداً في الخارج بين مسلمين، لبنانيين، أو لبناني وأجنبي، من المذهب الديني نفسه (سني أو شيعي)، فتكون المحاكم الشرعية، السنية أو الجعفرية، التي ينتمي إليها الزوجان، مختصة للنظر بتلك النزاعات سنداً للمادة 18 من قانون القضاء الشرعي السني والجعفري (الصادر بتاريخ 16/7/1962). أما إذا كان أحد الزوجين سنياً والآخر شيعياً، فيكون الاختصاص للمحكمة الشرعية التابع لها مذهب الزوج سنداً للمادة 61 من قانون القضاء الشرعى المذكور.
أمام كل هذه الصعوبات التي تعترض الزواج المدني المعقود خارج لبنان، لا بد من إيجاد حلول قانونية وعملية للمشاكل المرتبطة بالعلاقات الزوجية من أجل تحقيق الاستقرار والسلام العائلي الذي يشكّل أساس الاستقرار والسلام في المجتمع، وذلك إما بوضع قانون خاص بالزواج المدني، وإما بتوحيد الحلول القضائية؛ إذا لا يجوز أن تصدر عدة أحكام قضائية مختلفة كلياً في وضع حلول متناقضة للمشاكل ذاتها المتعلقة بالعلاقات الزوجية الناجمة عن النزاعات المرتبطة بعقد الزواج المدني. كما لا يجوز أن يتم الاعتراف بالزواج المدني المعقود خارج لبنان ويتم تسجيله في قيود النفوس وسجلات الأحوال الشخصية اللبنانية، ويُحظّر عقد هذا الزواج على الأراضي اللبنانية، فالحل هو إما بمنع هذا النوع من الزواج، وإما بوضع قانون خاص ينظّم شروطه ومفاعيله القانونية كافة، للحد من الاحتيال على القانون.
شروط عقد الزواج المدني
وعلى الرغم من أن قانون الزواج المدني يتخذ الصفة الإلزامية في أغلب البلدان التي تعتمده، فإن مشروع هذا القانون عدِّل في لبنان وجُعِل إختيارياً، وذلك لأسباب عدة، أهمها إرضاء رجال الدين وقادة الطوائف، وقد اشترط مشروع قانون الزواج المدني اللبناني ليكون الزواج المدني صحيحا: عدم إقتران أحد الطرفين بزواج سابق ويجب الإبلاغ عن الرغبة في الزواج قبل 15 يوماً من إبرام العقد على الأقل، ويجب على الأزواج الانتظار ثلاث سنين قبل أن يقدموا طلباً للطلاق، ويقبل الطلاق في حال الخيانة ويُلغى في حال الخطأ والغش والإكراه.
تجدر الإشارة إلى أن هذا مشروع لا يهدف إلى إلغاء الزواج الديني وإنما لحل مشكلة العديد من الأسر اللبنانية التي لم يتلاءم الزواج المذهبي مع ظروفها فاضطرت للسفر من أجل إتمام عقد الزواج المدني، لا سيما أن هذا الخيار لا يخلو من التعقيدات القانونية، فالقانون اللبناني خطى خطوة نحو السماح بهذا الزواج من غير تأمين الحماية الكافية لمن يختاره.
ويتبين من مضمون هذا المشروع، أن شروط الطلاق أو إلغاء الزواج المدني قاسية، فالزواج المدني هو عقد غير قصير المدة وليس بالإمكان حلّه بسهولة.
إيجابيات يراها المؤيدون
ومن أبرز إيجابيات الزواج ومساواته المرأة بالرجل في حق طلب الطلاق وإقراره لمبدأ التبني «الباب الثاني، الفصل السادس، المادة 73» وتحويل النظر في قضايا الإرث والوصية وتحرير التركات للمحاكم المدنية «المادة 110».فهذا القانون «أي الزواج المدني» هو الأقرب للشرعة الدولية لحقوق الإنسان واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ويعتبر تطبيقه خطوة مهمة جداً لتحقيق المساواة بين الجنسين ومناهضة الطائفية والتمايز بين المواطنين على أساس المعتقد.
كما يساعد الزواج المدني على تحقيق الانصهار الوطني والتفاعل بين مختلف شرائح المجتمع، فهو لا يهدف فقط إلى إباحة زواج المختلفين دينياً بل يخضع لأحكامه من يشاء، حتى إذا كانوا من الطائفة نفسها، وهذا إجراء يمكن أن يلجأ إليه الكثيرون كونه يحقق المساواة في الحقوق والواجبات، بالإضافة إلي أن الزواج المدني يؤسس لدولة مدنية متكاملة تقوم على المواطنية الصحيحة والتي هي أساس تطور المجتمعات كما نشاهد ويثبت التاريخ.
كما يسهم الزواج المدني - حسب مؤيديه- في الحد من الطبقية حيث يسمح للفقراء بإجراء زواجهم في بلدهم دون أن يقتصر ذلك على الأغنياء القادرين على إجراء عقود زواجهم المدني في الخارج والمقبولة قانونياً في لبنان.
كما يكفل الزواج المدني ضمان حرية المعتقد والممارسة التي كرسها الدستور اللبناني والتزام لبنان المواثيق والمعاهدات الدولية التي أبرمها والتي تفرض إقرار نظام للزواج المدني كميثاق هيئة الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، حيث كرس الدستور اللبناني في مواده حرية المعتقد والرأي والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون تمايز أوتفضيل.
وبين الرفض الديني الإسلامي - سني وشيعي - للزواج المدني، وتأييد رئيس الجمهورية - مسيحي ماروني - وسعد الحريري رئيس وزراء لبنان السني السابق، والفنانات إليسا ورزان مغربي وسيرين عبد النور بعدما فعلها الشابان نضال درويش وخلود سكرية، كأول ثنائي يتزوجان مدنيا على أرض لبنان، وبعد تأييد 51 % من عينة الاستطلاع اللبناني حول الزواج المدني، يظل لبنان علي فوهة بركان من التناقضات والانقسام والطائفية والمذهبية حتي في الزواج وفي أدق علاقات البشر وهي الزواج.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.