ألقى عالم الدين الليبي د.على الصلابي محاضرة بعنوان "العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية" وذلك ضمن أنشطة الجناح الليبي ضيف شرف معرض القاهرة الدولي للكتاب، وكان عدد الحضور كبيرًا امتلأت بهم القاعة والممرات المجاورة واستمرت النقاشات بعد المحاضرة وتفاعل الحضور بشكل غير مسبوق. تحدث د.الصلابي عن موضوع المحاضرة حيث وصفه بأنه حيوي يتعلق بأمن واستقرار ونهضة وعلم ومعرفة وبناء دولة وارتقاء شعب، وقال إن جميع الليبيين يتفقون على مرورهم بظروف عصيبة وصعبة في العقود الماضية بيد أن الله كرم الأمة بالثورات العربية التي هي مرحلة حضارية جديدة لشعوب عانت الويلات من الأنظمة الاستبدادية الديكتاتورية فالظلم ومحاولة تجهيل الشعوب من أسوأ ما يمكن مواجهته على الإطلاق. وأضاف: إن من المفارقات أن تكون تونس هي أول بلد تقوم بها ثورة وهي التي كان يضرب بها المثل في تجفيف المنابع فأراد الله أن يبين للشعوب أنه موجود ينصر المستضعفين على الظالمين. وأشار الصلابى إلى إن بداية الملحمة في تونس ومصر غلب عليها الجانب السلمي ولكن في ليبيا كان الشهداء والجرحى وكانت الآثار النفسية والاقتصادية التي نعرفها جميعا . وطالب الصلابي الساسة بأن يقوموا بتفعيل مؤسسة القضاء وأن يطهر القضاء إن كان فيه فساد كما نسمع وإن كانت الملفات التي تركها النظام السابق كثيرة جدًا فعليهم ان يستفيدوا من الخبرات من مصر وتونس ممن لهم خبرة قضائية. ثم أوضح قائلا: إن حديثنا عن العدالة والمصالحة الوطنية يعني أن يحاكم كل من أجرم في حق الوطن وأبنائه بلا انتقام خارج المؤسسة القضائية والقانون فتجاوز القانون خيانة لدم الشهداء، فالاغتيالات التي تحدث وتصفية الخصوم أمر لا يقوله الإسلام أو الإيمان والمباديء الإسلامية الرفيعة فحقوق الناس لا يملكها إلا أصحابها ولا يمكن أن يبطلها أحد بعفو عام. ثم انتقل الصلابى بعد ذلك إلى الحديث عن العدالة والمصالحة ورفع الظلم عن الأطفال المشردين في المنافي والسجون وتساءل قائلا: ماالفرق إذن بين النظامين إن كانت السجون مازالت تنتهك فيها حقوق الإنسان وتهدر كرامته وإذا كان أولادنا وأطفالنا المظلومين لا يستطيعون الرجوع إلى أهلهم وهم بمئات الألوف في البلاد. وأضاف إننا يجب أن نقتدي بالسنة في تعامل الرسول مع خصومه فالأمم تبنى وترتقي بالعدل والعفو والأخوة والتعاون على البر والتقوى لكن الانتقام والحقد لا يولدون إلا الحقد. وأشار إلى أن قراءة التاريخ الإنساني والإسلامي تخرج بهذا القانون الذي ينص على أن السنة الكونية تتجلى في أن الثورات تحقق أهدافها من العدالة والحرية والسلمية ورفع الظلم وإقامةالعدل، وفي حال لم يمارس العدل تختزل الثورات في أشخاص يمارسون الظلم باسمها. وختم د.علي محاضرته بقوله إننا في زمن جديد خال من قاموس ألفاظ النظام السابق الذي انتهى وبدأ من بعده عصر الرقي بالألفاظ والأقوال . ووجه رسالة أخيرة إلى الذين يتهمونه ومن معه برغبتهم في استصدار عفو عام عن القتلة والمفسدين والمغتصبين يكذب فيها ما يقولون وينفيه بشدة ويوضح أن كل ما يريده هو أن تأخذ العدالة مجراها وأضاف قائلا: نحن ندعو إلى العدالة والصفح والعفو. يذكر أن علي محمد محمد الصلابي هو عالم دين ليبي، ينتمي إلي التيار الإسلامي وغير منضم إلى أي حزب إسلامي، وقد أسهم في إجراء حوار بين الجماعة والدولة الليبية انتهى بالإفراج عن أعضاء الجماعة المقاتلة من السجون الليبية، وفي وقت لاحق من المواجهات العسكرية بين ثوار 17 فبراير وقوات القذافي استأنف اتصالاته مع نظام القذافي من خلاله لقاءاته مع رئيس مخابرات ليبيا في نظام القذافي أبو زيد دوردة، وبرّر الصلابي اتصالاته التي لاقت انتقادات كثيرة من الليبين بأنها كانت بدافع حقن الدماء.