مع ارتفاع أصوات الكثير من زملاء المهنة بأن مسودة الدستور فيها انتهاك كبير لحرية الرأى والتعبير وحرية الإعلام وحرية الصحافة، ونحن بطبيعة الحال لا ننكر على أى زميل أن يطلب الفردوس الأعلى, ونحن معه فى ذلك أننا نسعى لأفضل وضع لنا نحن الإعلاميين، وكذلك لسائر الشعب المصرى ولكن نتوقف أمام المواد الخاصة بالإعلام وأولها إنشاء المجلس الوطنى للإعلام الذى يتولى شئون البث المسموع والمرئى وتنظيم الصحافة المطبوعة والرقمية ويكون المجلس مسئولا عن ضمان حرية الإعلام بمختلف صوره وأشكاله والمحافظة على تعدديته وعدم تركزه أو احتكاره ( المادة 215 ). بالتأكيد هذا مطلب الصحفيين والإعلاميين على مدار العقود الماضية ولكن ربما يؤخذ على المادة عدم مراعاة الفروق بين وسائل الإعلام المختلفة، ولكننا جميعا كنا نطالب بإلغاء وزارة الإعلام التى لا توجد إلا فى الدول المستبدة والدول القمعية, وها هى المادة برغم ما عليها من تحفظ تحقق مطالبنا نحن الإعلاميين . أما المادة 45 فتقول إن حرية الرأى والفكر مكفولة ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل النشر والتعبير، وهذه المادة كما هو واضح تكفل حرية الرأى والتعبير بكل أشكاله وبكل وسائله، وهذا أيضا كان مطلبا لكل الإعلاميين والصحفيين والقوى الوطنية والأحزاب السياسية بل أيضا مطلب رجل الشارع وقد انعكس هذا بالفعل فى هذه المادة بمسودة الدستور . وهناك المادة (47) التى تؤكد حق الحصول على المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق والإفصاح عنها وتداولها حق تكفله الدولة لكل مواطن بما لا يمس حرية الحياة الشخصية ..ثم كانت المادة (48) أكثر وضوحا وهى حرية الصحافة والطباعة والنشر وسائر وسائل الإعلام مكفولة وتؤدى رسالتها بحرية واستقلال لخدمة المجتمع والتعبير عن اتجاهات الرأى والإسهام فى تكوينه وتوجيهه فى إطار المقومات الأساسية للدولة والمجتمع والحفاظ على الحقوق والحريات والواجبات العامة واحترام حرمة الحياة الخاصة للمواطن ومقتضيات الأمن القومى، ويحظر وقفها أو غلقها أو مصادرتها إلا بحكم قضائى والرقابة على ما تنشره وسائل الإعلام محظورة ويجوز استثناء أن تفرض عليها رقابة محددة فى زمن الحرب أو التعبئة العامة, والمادة كما هو واضح تحذر مصادرة الصحف أو إغلاقها أو وقفها أو الرقابة عليها إلا استثناء زمن الحرب، وهذا مطلب الأمة كلها على مدار الستين عاما الماضية . ثم تأتى المادة (49) التى تعطى حرية إصدار الصحف وتملكها بجميع أنواعها بمجرد الإخطار لكل شخص مصرى طبيعى أو اعتبارى وهذا مطلب جماهيرى وإعلامى وشعبى وسياسى، بما يعنى أن مسودة الدستور عبرت بصدق عن مطالب الإعلاميين والشعب فيما يتعلق بالإعلام. ويبقى أن هناك بعض الوجاهة لانتقاد المسودة لخلوها من التأكيد على إلغاء العقوبة السالبة للحرية فى قضايا النشر والرد على ذلك، هو أن الدستور كفل حرية التعبير فلا يستطيع أحد أن يسجن صاحب رأى، لا المناخ ولا الواقع ولا معطيات الثورة تمنح أى حاكم أو أى سلطة سجن صاحب رأى، ولهذا يكون هذا الدستور هو أفضل دستور بالمقارنة بكل الدساتير التى عرفتها مصر, والله أعلم.