وأنا بين البينين، لا أعتبر نفسى كافرة عندما أختلف مع النظام وهذا النظام بالتحديد، ولا أعتبر نفسى طبعا خائنة لو اتفقت أو اقتنعت أو تحمست لأحد من رجاله أو لفكرة من أفكاره، مثل مشروع النهضة التى صدقتها وبنيت قصورا من رمال على أساسها، وإذا بها كما قال الشاطر فى أحد لقاءاته إنها فكرة؟ مجرد فكرة!! والله الله يا بدوى جاد اليسرى!!! الله الله! أغضبت مجتمعى المدنى ونوادى الليونز والروتارى والفرافير عندما فوجئوا بى أنحاز للحرية والعدالة متهمة صديقاتى وأهلى وعشيرتى بخراب البيت وكب الزيت على مدار سنوات طفولتنا فى فى الستينيات ومراهقتنا فى انتفاضة السبعينيات التى أخذها الغراب وطار، وقال عنها دى انتفاضة حرامية، ومن بعدها جاء النضال الحنجورى فى الثمانينيات الذى أصبح أولد فاشون وناس على رأى الشاعر أحمد فؤاد نجم يعيش مثقف محفلط مظفلط بكام كلمة فارغة وكام اصطلاح، لذلك ابتعدت عنهم وكونت فلسفة خلطبيطة صهرت بداخلها معتقدات الاشتراكية الإسلامية، والاشتراكيون أنت إمامهم يا رسول الله وارتديت الحجاب عن اقتناع بوضوح الآية، وسرت ضد التيار المدنى الخالع، وضد أصحابى وأهلى وعشيرتى، لكن اللى فى القلب فى القلب، ظل التمرد والرفض وعدم السمع والطاعة للحاكم والرئيس والقائد والزعيم كامنا فى قلبى يعنى تقدروا تقولوا كده «من بره الله ينور ومن جوه يعلم الله». ظل الرفض كائنا كامنا طوال سنوات شبابى وكهولتى وطوال فترة رئاسة محمد حسنى مبارك. تحديت كثيرا ووقفت ضد التيار الصحفى القومى الفاسد كثيرا، حتى قامت الثورة وظلت الحال على ما هى عليها وأنا مع الإسلام السياسى على أمل النهضة والرفعة والتقدم والتحرر من نجاسة الصهيونية الأمريكية ورعاياها من الكبير والصغير أناسا ودولا وحكومات عربية قبل غربية. ويا فرحة ما تمت أخذتها الذقون وطارت وظل السؤال نعمل الدستور أولا ولا الاستقرار؟ ووضعنا الجيش حامى الحمى بمجلسه العسكرى فى كورنر الضحك على ذقن الشعب، وبما أننا شعب طيب أوى، صدقنا فكرة الأمن والاستقرار واخترناك يا استقرار والجيش والشعب إيد واحدة، وكأننا اخترعنا الذرة، أو كأننا نطمئن أنفسنا! ما علينا، والباقى يعرفه الجميع حتى بدأت جدران المعبد الصحفى تهتز وقرارات ومجازر لتطبيع وتنقيح الصحافة، ووقفت وسطها مثل الخازوق أصرخ وأقول يا جماعة الخير أنا معاكو ومعايا ناس كتير مثلى، أنا يا جماعة عيب ما يصحش كده، ده إحنا برضه عيش وملح وياما اتهرسنا مع بعضنا بعضا تحت أقدام الفساد فى العصر الماضى، ومن قبل مبارك، واتسوينا بالأرض لا فارق بين رجال ونساء، ولا فارق بين إيديولوجى يسارى أحمر زغلولى، ولا ناصرى غاوى نضال، ولا حتى ساداتى محبا لانبطاح التطبيع وصداقة العدو، ويسمى نفسه ليبراليا متحرراً متحركا لولبيا ولا إسلاميا متأسلما وبزبيبة وذقن وأحيانا من غير، لكن إسلامه سياسة واقتصاد وفكر وحياة، ولا أنكر أننى كنت أميل كثيرا للأخير حتى جاءت الطامة الكبرى وبدأنا فى حالة الفرز، إنت إسلامى جهادى؟ وأنت إسلامى تكفيرى؟ وإنت جماعاتى؟ وإنت إخوانى؟ وإنت إسلامى وبس؟ وإنت إسلامى بذقن؟ وإنت إسلامى بدون زبيبة؟ إنت بزبيبة؟ لأه ده فيه واحد يفخر أنه بثلاث زبيبات!! وهكذا تم اختزال التيارات والشرائع الإسلامية فى الذقن واللباس الشرعى والحجاب والنقاب والزواج وتطبيق الحد على الزانية قبل الزانى، وعلى تعدد الزوجات والختان، واختزال الشريعة فى فصل واحد فقط، ودى نكبة الإسلاميين الذين شئت أم أبيت اتحسبت منهم حتى أمام أهلى وعشيرتى، فكرت كثيرا فى تلك الأيام فى النقاب حتى أدارى خيبتى الأوية وخجلى من نفسى أمام هؤلاء وأولئك، وحبة فوق مع النضال الثورى، وحبة فوق أيضا مع النضال الإسلامى حتى جاءنى زميل وصديق عزيز سألنى: إنت مع مين بالضبط؟ واحترت فى الرد على استحياء، قلت أنا مع المصرى الأصيل الذى يؤمن بالحرية و النضال و الكفاح والعبادات والعدالة ويراعى جاره ويحقق الشرف ولا يدعيه، ولا يتوارى خلف الجلباب ولا قمصان النضال، ولا يسترزق من وراء هذا وذاك، مع المواطن الذى يحب وطنه ودينه ويكره عدوه ويعد له العدة، وأخذت أقول وأسرد فى قولى هذا حتى سمعت السيد ناجح إبراهيم، أحد مؤسسى الجماعة الإسلامية على إحدى القنوات الفضائية يقول: الشريعة موجودة قبل كل دساتير العالم وقبل أن يوضع الدستور، ولم ولن تحافظ عليها مادة قانونية فى الدستور وإقحام الشريعة فى الخلاف السياسى هو أمر لا يقبله الإسلام ولا الشريعة، لأن من يوجد الآن فى ميدان التحرير ليسوا كفارا وليسوا ضد الشريعة، وعلى المساجد الابتعاد عن المناقشات السياسية وإقحام نفسها فى النفاق لصالح النظام، لأن هذا ليس دورها، إن تنظيم مليونية السبت تحت مسمى الحفاظ على الشريعة هو إقحام واضح للدين من أجل مكاسب سياسية أخرى وتضليل لبعض فئات الشعب لأن من يختلف مع النظام ليس بكافر. انتهى.. ولم أملك بعد نهاية كلمات السيد ناجح إبراهيم إلا أن أطلق صوتى وهو ليس عورة وأنشد وأقول: الناجح يرفع إيده ويغنى فى عيدنا وعيده كلنا ناجحين دايما دايما على طول دايما.. دايما.. دايما دايما هييييه. وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وأن عيسى نبى وموسى نبى وكل من له نبى يصلى عليه.