عبد اللطيف نصار - القاهرة - معتز أحمد - لماذا قتلوا وسام الحسن بعد زيارة لأسرته بباريس، وخلال عودته من مطار بيروت الدولى إلى مقر عمله كرئيس لفرع المعلومات «المخابرات» بقوى الأمن الداخلى اللبنانية، ومن كان يعرف مكانه وتحركاته؟ فعلى طريقة اغتيال رفيق الحريرى فىبيروت عام 2005، اغتيل رجل الأمن الأول فى لبنان بتفجير سيارة مفخخة ب70كيلو جراما من من مادة دى إن تى شديدة الانفجار لتتناثر أشلاؤه فوق أسطح العمارات والشارع ولم يستدل عليه إلا بعد العثور على جزء من مسدسه وحذائه الرياضى وساعة يده، ليفقد حياته التى لم يفقدها فى حادثة اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريرى فى 2005، حيث إنه لم يكن فى صحبته وهو مدير البروتوكول فى حكومة رفيق الحريرى، ليتولى بعدها فرع المعلومات ويثبت جدارة فائقة فى كشف 6 شبكات تجسس داخل لبنان تعمل لصالح إسرائيل، وكشف قتلة رفيق الحريرى الذين يرفض حزب الله تسليمهم للمحكمة الدولية المختصة بمحاكمة قتلة الحريرى. قبل اغتياله بشهرين، أوقف الحسن الوزير اللبنانى السابق النائب ميشال سماحة، وهو عائد من سوريا بعد زيارة الأسد، وكان بصحبته24 عبوة متفجرة لاستخدامها فى عمليات اغتيال شخصيات سياسية فى لبنان وإحداث تفجيرات فى المناطق السنية المكتظة بالسكان والمناطق التجارية، حسب ما جاء فى التحقيقات مع سماحة بعد توقيفه، كما أنه الذراع الأمنية القوية لتيار المستقبل السني، وكان مناهضا لبشار الأسد والنظام السورى ومؤيدا للثورة السورية، ومكروها من حزب الله وفريق 8 آذار المتحالف مع حزب الله فى تشكيل الحكومة الحالية بلبنان. وقبل الحادث بأيام تلقى بعض نواب فريق 14آذار تهديدات بالقتل عبر رسائل نصية من أرقام تليفونات محمولة من سوريا، جاء فى بعضها على تليفون الوزير السابق والنائب الحالى عن تيار المستقبل(14آذار) أحمد فتفت ونواب آخرين فى تيار المستقبل: وحياة وردة سوف نصطادكم عاهرة عاهرة يا أنجاس، فأبلغوا وسام الحسن بمضمون الرسائل واتفق معهم على اللقاء فى الثالثة، وعند عودته من المطار إلى اللقاء المحدد سلفا وقع الانفجار وهو فى الطريق، وعقب الإعلان عن مصرع وسام الحسن جاءته رسالة أخرى تقول: مبروك، بدأ العد العكسى، واحد من عشرة، بما يعنى أن المقصود بالقتل عشرة أشخاص أولهم وسام الحسن من الفريق المناهض لبشار الأسد وحزب الله وإيران، وحتى كتابة هذه السطور لم تتوصل أجهزة الأمن اللبنانية إلى هوية أصحاب الأرقام الهاتفية التى تم إرسال هذه الرسائل النصية منها، ونظرا لعدم التعاون بين سوريا ولبنان فى هذا المجال حاليا فمن الصعب التوصل لأصحاب هذه الأرقام . وسام الحسن، حافظ على أمن الشارع اللبنانى، ولكنه هذه المرة لم يأخذ حيطته ممن يريدون تصفيته بعد تلقيه العديد من التهديدات بالقتل، لدرجة أنه كان يخفى مقر سكنه عن الجميع، وكان ينتقل من مسكن إلى آخر لزيادة الحيطة، وهذه المرة وقع الصياد فى الشرك ففقد حياته . وكان الشارع اللبنانى قد انتفض عقب سماعه نبأ اغتيال الحسن، خاصة فى المناطق السنية ببيروتوطرابلس وصيدا، حيث قطع المتظاهرون الطرقات بالإطارات المشتعلة وأغلقوا المحال التجارية، وحملوا السلاح جهارا خاصة فى طرابلس أكبر مدن الشمال اللبنانى، ذات الأغلبية السنية والتيارات السلفية المتشددة، كما أدان رؤساء الأحزاب والقوى والتيارات والطوائف اللبنانية حادث الاغتيال داعين الحكومة إلى تحمل مسئوليتها تجاه الحادث . ويطالب المتظاهرون باستقالة الحكومة والقبض على الجناة وتقديم قادة حزب الله الأربعة المتهمين بقتل رفيق الحريري، والذين يخفيهم حزب الله ويرفض تسليمهم للمحكمة الدولية التى أقيمت أصلا لمحاكمة قتلة الحريرى، كما يطالب المتظاهرون، كما قامت المعارضة “فريق14 آذار" بنزع سلاح حزب الله ليكون بإمرة الدولة وليس بإمرة الحزب الذى بدأيهدد به الداخل اللبنانى خاصة فى 7مايو 2008 ، عندما احتل بيروت وفرض سطوته، كما يطالبون بطرد السفير السورى فى لبنان وقطع كل العلاقات مع سوريا، وتفعيل القرار1701 الخاص بنشر القوات الدولية على الحدود بين سوريا ولبنان . وعلى الرغم من توزيع الاتهامات على أكثر من جهة داخلية وخارجية بضلوعها فى تنفيذ عملية الاغتيال التى أودت بحياة وسام الحسن ومرافقه وستة آخرين، وأكثرمن مائة وعشرين جريحا، فإن أصابع الاتهام تركز على الدور السورى ومعاونيه فى الداخل اللبنانى، لما له من مصلحة فى إزاحة الحسن بالتصفية الجسدية، بعد القبض على ميشال سماحة ومتفجراته التى جاء بها من سوريا، وكذلك الرسائل النصية التى أرسلت لنواب فى تيار المستقبل مهددة بالقتل قبل الحادث، ومهنئة بوقوع الجريمة بكلمة مبروك بدأ العد العكسى واحد من عشرة . واليوم أصبح لبنان على فوهة بركان قابل للانفجار بين عشية وضحاها، فى ظل التوتر والحشد الشعبى الواسع تجاه حادثة اغتيال الحسن السنى المحسوب على تيار المستقبل، ومن المعروف أن المستقبل وفريق 14آذار خارج الحكومة الآن، وفى صفوف المعارضة بعدما أسقط وزراء حزب الله حكومة سعد الحريري، لتصبح الحكومة بيد حزب الله وفريق 8 آذار بعد انضمام نواب الزعيم الدرزى وليد جنبلاط إليهم، على الرغم من أن رئيس الحكومة من السنة. فهل تؤدى حادثة اغتيال الحسن، لقلب الطاولة على حزب الله وأنصاره، لتعود السلطة لفريق 14 آذار بقيادة تيار المستقبل، أم أن لبنان مكتوب عليه أن يعيش عدم الاستقرار ليستمر فى الحياة؟ إذا كان لبنان وكل دوامة جديدة من العنف، فإن إسرائيل أحد اللاعبين فى الساحة اللبنانية، أطلقت العنان لوسائل إعلامها وراحت تتساءل من قتل وسام الحسن؟ صحيفة معاريف تشير إلى أن عملية قتل الحسن تمت بأسلوب «نوعى» و«استخباراتى» متميز، مستبعدة أن تكون جماعة أو حزب هو من قام بالعملية، مؤكدة أن ما يجرى فى سوريا يؤثر فى لبنان وحسب معاريف هذا ما لوح به عدد من القوى السياسية السورية أثناء الحرب المشتعلة هناك، حيث زعمت أن المنطقة كلها ستدفع ثمن القتال الدائر، وسيكون لبنان هو أول دولة تدفع ثمن الحرب. التليفزيون الإسرائيلى أشار إلى أن هناك عملاء مقربين من الحسن “باعوه" للجهات التى قامت باغتياله، مستدلا على هذا بأنه كان عائدا للتو من زيارة إلى ألمانيا وباريس، وهى الزيارة التى لم يعلم أحد بأسبابها أو حتى بموعد عودته منها، وبالتالى فإن هناك جهات وثيقة الصلة ب"الحسن"باعته ووشت به، الأمر الذى دفع بعدد من المقربين به إلى المطالبه بالتحقيق مع حراسه الشخصيين، خاصة أنهم كانوا الجهة الوحيدة التى كانت تعرف بتحركاته سواء خارج أو داخل لبنان. وتزعم أحرونوت بأن الشواهد الأسياسية المرتبطة بالحادث تشير إلى تورط دمشق به، فالرئيس السورى أراد من وراء اغتيال الحسن إيصال رسالة إلى اللبنانيين وهى أنه مازال قادرا على الوصول إلى أى مسئول لديهم مهما كان حجمه، وأنه مازال هو القائد الأقوى والأهم بالمنطقة الذى يستطيع أن يؤثر عليهم، رغم الثورة المندلعة فى بلاده بالاضافة إلى الثأر القديم - والحديث ما زال للصحيفة - والمتمثل فى دور الحسن فى القبض على الوزير السابق ميشيل سماحة، والمتهم بمحاولة قتل عدد من رجال الدين المسيحى اللبنانيين ممن انتقدوا فى خطاباتهم الدينية وتوجهاتهم السياسية الرئيس السورى وحكومة دمشق. الأمر الذى دفع بالكثير من اللبنانيين إلى توجيه أصابع الاتهام ضد النظام السورى والرئيس بشار الأسد بصورة خاصة. وتتفق صحيفة يديعوت أحرونوت مع ما ذهبت إليه مختلف وسائل الإعلام الإسرائيلية من تورط الأسد فى هذه الجريمة، خاصة أن الحسن كان بمثابة صائد عملاء سوريا فى لبنان، فضلا عن كشفه للعديد من قضايا التجسس الإسرائيلى فى بيروت الأمر الذى دفع بالصحيفة إلى الزعم بأن وجوده فى السلطة أكسبه شعبية كبيرة، وهى الشعبية التى باتت تؤثر وبصورة سلبية على سوريا التى توجست من صعود نجم الحسن ليكون مؤثرا فى"لبنان" فى المستقبل، الأمر الذى دفع بسوريا أو الميليشيات التابعة لها فى لبنان إلى اتخاذ قرار بتصفيته والقضاء عليه. لكن الحقيقة الواضحة الآن وبقوة هى أن لبنان وبهذا الاغتيال، الذى سبق موسم العيد وتوافد العشرات من السائحين على بيروت، سيخسر كثيرا جدا، وهى الخسائر التى ستتواصل على ما يبدو فى ظل عدم وجود نهاية للعنف الدموى الذى تعيشه بلاد الأرز.