مطالب بإلغائها تحت شعار: «العدالة حق لكل امرأة» هل تقبل النساء بالهموم بعد زيادة الرسوم؟!    وزارة العمل: 5242 فرصة عمل جديدة فى 50 شركة خاصة ب8 محافظات    خطوة مهمة على طريق تجديد الخطاب الدينى قانون الفتوى الشرعية ينهى فوضى التضليل والتشدد    رئيس جامعة القاهرة: الجامعات الأهلية قادرة على تقديم برامج تعليمية حديثة.. ويجب استمرار دعمها    انخفاض أسعار 6 عملات عربية مقابل الجنيه اليوم الأحد 18-5-2025    أسعار الخضراوات والفاكهة اليوم الأحد 18 مايو 2025    "التمور العربية على خريطة الاقتصاد العالمي".. مصر تتصدر الإنتاج وسوق عالمي ب18.7 مليار دولار بحلول 2030    «الرى» تطلق مناورات مائية على مدار الساعة لتأمين احتياجات الزراعة والشرب    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الأحد    الحوثيون يعلنون استهداف مطار بن جوريون في إسرائيل بصاروخين    أطباء تحت القصف بين المشاعر والمخاطر المنحة و المحنة "3"    روبيو ونتنياهو يبحثان هاتفيا الوضع بغزة وجهود تأمين إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين    استشهاد 3 صحفيين في غارات الاحتلال على قطاع غزة    بدء التصويت فى الانتخابات الرئاسية ببولندا    رسميا.. تنصيب بابا الفاتيكان ليو الرابع عشر اليوم    القنوات الناقلة لمباراة منتخب مصر ضد نيجيريا للشباب في بطولة أمم أفريقيا    حالة الطقس اليوم في السعودية.. توقعات رياح مثيرة للغبار والأتربة يصاحبها أمطار    عواصف ترابية وارتفاع شديد في درجات الحرارة بالوادي الجديد    رابط التقديم الإكتروني ل"رياض الأطفال" و"الأول الابتدائي"| التعليم تعلن    فتاة وراء الجريمة.. أمن بني سويف يكشف غموض واقعة قتل وتقييد رجل داخل سيارته    «أمن قنا» يواصل جهوده لكشف ملابسات واقعة سرقة مصوغات ذهبية ب20 مليون جنيه    تأمينات مشددة لنقل صناديق أسئلة امتحانات الدبلومات الفنية من المطبعة السرية    السكة الحديد تعلن بدء حجز تذاكر القطارات لعيد الأضحى المبارك    متحف شرم الشيخ يستقبل رواده بالمجان احتفالًا باليوم العالمي للمتاحف -صور    «لما تخلص قولي عشان أمشي».. مصطفى الفقي يهاجم مذيع العربية ويتهمه بعدم المهنية    القاهرة الإخبارية: أكثر من 100 شهيد جراء غارات الاحتلال على غزة منذ فجر اليوم    النسوية الإسلامية (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ): أم جميل.. زوجة أبو لهب! "126"    الخشت يشارك في مؤتمر المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية بالكويت .. اعرف التفاصيل    تشكيل ريال مدريد المتوقع أمام إشبيلية في الدوري الإسباني    معتصم سالم: بيراميدز لم نتلقي أي رد من رابطة الأندية بخصوص طلب تأجيل مباراة سيراميكا    انتهاء محاكمة راندا البحيري بتهمة سب وقذف طليقها بالتصالح    أخر موعد للتظلمات.. عدم انطباق الشروط على 142 ألف متقدم لسكن لكل المصريين 5    لدينا 27 ألف مزرعة.. وزير الزراعة ينفي نفوق ثلث الثروة الداجنة    قداس مشترك للكنائس الأرثوذكسية الشرقية الثلاث.. بث مباشر    الرابطة تجتمع مع رؤساء الأندية اليوم لمناقشة مقترحات الموسم الجديد    نور الشربيني تتوج ببطولة العالم للإسكواش للمرة الثامنة في تاريخها    7 أعراض لارتفاع ضغط الدم تظهر في الجسم    إصابة بحارة إثر اصطدام سفينة مكسيكية بجسر بروكلين في نيويورك    أسعار الأسماك اليوم الأحد 18 مايو في سوق العبور للجملة    أهداف السبت.. رباعية البايرن وثلاثية باريس سان جيرمان وانتصار الأهلى وبيراميدز في الدوري المصري    مهرجان المسرح العالمى فى دورته ال40: يرد الجميل ل « الأساتذة »    يمتلكون قدرة سحرية على إدراك الأمور.. 5 أبراج تجيد اتخاذ القرارات    انطلاق عرض مسلسل حرب الجبالي اليوم    «إعلام المنوفية» تحصد جائزتين بالمراكز الأولى في مشروعات التخرج    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم.. في أول ظهور له.. حسام البدري يكشف تفاصيل عودته من ليبيا بعد احتجازه بسبب الاشتباكات.. عمرو أديب يعلق على فوز الأهلي القاتل أمام البنك    السفارة الأمريكية في ليبيا تنفي وجود خطط لنقل سكان غزة إلى ليبيا    موعد مباراة الأهلي وباتشوكا الودية قبل كأس العالم للأندية 2025    ما بين الحلويات.. و«الثقة العمومية»!    استمرار قوافل «عمار الخير» بشربين للكشف المجاني على المواطنين بالدقهلية    هزيمة 67 وعمرو موسى    حكم صيام الأيام الثمانية الأولى من ذي الحجة.. دار الإفتاء توضح    الأزهر: الإحسان للحيوانات والطيور وتوفير مكان ظليل في الحر له أجر وثواب    للحفاظ عليها من التلف.. 5 خطوات لتنظيف غسالة الأطباق    حدث بالفن| نجوم الفن يحتفلون بعيد ميلاد الزعيم وحقيقة خلاف تامر مرسي وتركي آل الشيخ    خبير لإكسترا نيوز: إسرائيل لن تسمح بحل الدولتين لتعارضه مع حلمها الإمبراطوري    تعاون بين «التأمين الشامل» و«غرفة مقدمي الرعاية الصحية»    أمين الفتوى يوضح أهمية قراءة سورة البقرة    رئيس جامعة الأزهر يكشف الحكمة من تغير أطوار القمر كما ورد في القرآن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فجوة سحيقة بين الطلاب والحركة الأدبية العربية
نشر في الأهرام العربي يوم 30 - 10 - 2012

يبدو أن هناك قوالب ثابتة فى النظام البيروقراطى التعليمى وبين الأدب فى مصر والوطن العربى، بحيث لم يعد هذا النظام يرى سوى معايير وأطر حبسته فى صندوق صغير، صنع فجوة سحيقة بين الطلاب والحركة الأدبية.
وحين تطالع عينة من الأجزاء والنصوص الأدبية المقررة على طلاب المدارس تجد اختفاء متعمدا لرموز الحركة الأدبية المصرية، ولذلك نشأ جيل لا يعرف الفرق بين الأدب والتربية أو بين أشكال الشعر المختلفة.
د. محسن خضر أستاذ ورئيس قسم أصول التربية بجامعة عين شمس يرى أن الذين يختارون النماذج الأدبية فى المقررات التعليمية بعيدون عن الواقع الأدبى وتوقفت معرفتهم فى أغلب الأحيان عند جيل أحمد عبد المعطى حجازى وصلاح عبد الصبور وفاروق شوشة ومحمد إبراهيم أبو سنة، ليس هذا فى مصر فحسب، وإنما فى خريطة الإبداع العربى، وتكاد تكون قصيدة التفعيلة وإسهامات الأدب العربى خارج مصر غير موجودة فى المقررات الدراسية.
ويقترح د. خضر أن يقوم الأدباء والنقاد بترشيح النماذج الأدبية ولا يقتصر الأمر على التربوبيين، بل يجب أن تقترح الرموز الأدبية المهمة بعض الأسماء، أضف إلى ذلك نقطة مهمة خاصة بمسألة النفور من الشعر العربى وكيفية تقديمه فى المرحلة الثانوية «يجب أن نبدأ بالشعر الحديث بنماذج من بدر شاكر السياب والبياتى وأمل دنقل، فغياب المنطق فى تدريس الشعر العربى ينم عن قصور فى فهم طبيعة ونفسية الطالب فى هذه المرحلة».
ويرى أن نظام التأليف هو سبب ما يحدث لأن كثيرا من واضعى مناهج اللغة العربية توقفت معرفتهم بالأدب العربى عند ما درسوه فى دار العلوم أو كليات الآداب والتربية من نماذج تعود إلى المرحلة الكلاسيكية ولم تتطور معرفتهم بالحركة الإبداعية طيلة ال 40 عاما الماضية.
ويذكر د.خضر أنه أثناء انتفاضة الأقصى فى الثمانينيات تقدمت مجموعة من الطلاب إلى عميد تربية عين شمس فى ذلك الوقت لتنظيم أمسية شعرية للشاعرين محمود درويش وسميح القاسم وكانا فى القاهرة وقتها, فأجابهم العميد بأنه لا يعرفهما وطلب منهما الاسم الثلاثى لكل شاعر ربما لأن الجهات الأمنية وقتها كانت تريد ذلك.
نقطة أخرى وهى أن الإسراف فى دراسة المحسنات فى النص الأدبى قد يصرف النظر فى أحيان كثيرة عن أهمية وقيمة هذا النص، فما الذى يمنع أن نقدم نصا أدبيا لجبران أو الشابى وقصيدة للشنفرى أو تأبط شرا أن تقوم الوسائل التعليمية بعرض صورة لهذا الشاعر أو ذلك المبدع أو نماذج لوسائل جاذبة يمكن أن تضفى التشويق على الدرس الأدبى، هذا ولا ننسى دور المكتبات المدرسية التى غالبا ما تميل إلى الذوق المحافظ، فيجب أن يكون القائم على هذه المكتبات متمتعا بسمة ثقافية ونقدية عالية، بحيث يمكنه التعرف على الخريطة الإبداعية وسد النقص واقتناء الكتب الأدبية التى لا تسمح بها هذه المقررات.
الدكتور حسن شحاتة أستاذ المناهج بتربية عين شمس يشارك فى وضع المناهج والأجزاء الأدبية فى المرحلة الابتدائية وهو يؤكد ضرورة وجود معايير قومية فى إعداد النظم والمناهج وتدريب المعلمين ووضع التقنيات الحديثة فى مناهج التعليم.
ويرى الدكتور حسن شحاتة أن المناهج القديمة كانت تكرس ثقافة الحقد وتهمل ثقافة التفكير والإبداع، أما الآن فطبيعة العصر تفرض وجود مناهج معدة إليكترونيا وأصبحت دور النشر العالمية والعربية هى المسئولة عن إعداد الكتب وتأليفها، وأصبح الكثير من الدول العربية يبحث عن دور النشر التى لها مكانة وقدرة على تقديم كتاب جديد بفكر جديد.
ويؤكد الدكتور سعيد خليل وكيل كلية التربية للدراسات العليا على وجوب ضم الطلبة كتمثيل لدور المتلقى فى هذه اللجان لأن الطلبة تغير عصرهم إلى عصر علمى تكنولوجى، وبالتالى يجب إعداد هذه المناهج وفق التطور التكنولوجى.
الأدباء لهم رأى آخر فكثيرا ما صرخوا ضد هذه النظم البيروقراطية لكن دون فائدة وانتهى صراخهم إلى صمت طويل، فما فائدة هذه المعايير والأطر البيروقراطية؟ ما معنى وجود شرط غريب وهو أن القصة الأدبية يجب أن يكون عدد صفحاتها مائة صفحة على الأقل هذا شرط غير مفهوم وقيد حديدى غير موجود فى أى مكان فى العالم.
هكذا يتحدث أديب الأطفال يعقوب الشارونى موضحا: فى فرنسا وأمريكا يتحدثون عن بناء الشخصية والعقدة ودور الحوار بجانب السرد، هكذا يكون التركيز على تنمية تذوق الطالب للعمل الأدبى، أما هنا (فقلبوها) إلى أسئلة متعلقة بالتاريخ وحفظ النص والمقارنة بين الشخصيات التاريخية.
كلنا نتذكر أن مشروع تقرير رواية على كل سنة دراسية أو قصة قد اقترحه د. طه حسين فى الماضى وعندما اختاروا لطه حسين نفسه اختاروا «الشيخان» وهى ليست بقصة أو رواية، وإنما هى دراسة أدبية تختلف مثلا عن قصة «الأيام» التى تحكى سيرة حياته فالاتجاه التعليمى فى اختيار المناهج طغى على الاتجاه الأدبى.
البيروقراطية المصرية أقوى من أى ديكتاتورية فى العالم ولا يمكن اختراقها، خصوصا المسيطرة على التعليم، هكذا يصفها بضحك وسخرية الروائى بهاء طاهر مؤكدا أنه حضر فى السنوات الأخيرة مؤتمرات وندوات عن التعليم والإبداع ولا فائدة.
يقول إنه تفحص المناهج الدراسية لدى أحفاده فى مراحل التعليم المختلفة وقارن بين منهجهم ومنهجه فماذا وجد؟
كانت المناهج فى الماضى تضعها لجنة من كبار المثقفين المصريين أمثال أحمد أمين وطه حسين وحشد من عمالقة الأدب المصرى فى المدرسة الثانوية كانت توزع علينا أعمال أدبية مجانية ليست مقررة علينا وكانت لمجرد الاطلاع، حتى تتكون لدينا ذائقة أدبية وكانت أعمال مثل (يوميات نائب فى الأرياف) لتوفيق الحكيم و(الأيام) لطه حسين و(المهلهل سيد ربيعة) لمحمد فريد أبو حديد وكتاب (أبو الهول يطير) لمحمود تيمور.
يقول بهاء طاهر: مناهج أحفادى الآن شىء محزن، مشيرا إلى حادث شخصى تعرض له، فالبعض اقترح أن تدرس روايته (خالتى صفية والدير) على أساس أنها تدعو إلى الوحدة الوطنية والتسامح، فرفضت الوزارة رفضا باتا وطلبوا تعديلات لحذف أشياء من الرواية، وقد قام طاهر بذلك، وتم رفض الرواية، فالمقرر الأدبى يضعه مفتشون من وزارة التربية والتعليم الكلام لبهاء طاهر والوضع محزن جدا لأنك تربى جيلا على الجهل بثقافة بلده، والجهل بمبدعيه والمهم هو تحقيق مكاسب إدارية ومالية لمفتشى التربية والتعليم وواضعى تلك المناهج، فلابد أن تشرف على هذه العملية لجنة من كبار الأدباء كما كانت الحال فيما مضى، لكن أن تترك المسألة لموظفين يحققون مكاسب من النماذج التى يختارونها فهذا لن يؤدى إلى نهضة ثقافية أو تربوية فى التعليم المصرى.
ويوضح القاص والروائى أحمد الشيخ أن العلاقة بين الطلاب والأدب من خلال نماذج المقررات الأدبية تكاد تكون منعدمة والمسألة بسيطة جدا وهى من يكتب هذا المنهج لابد أن يكون على دراية وفهم كبيرين بالحركة الأدبية، فالحركة الأدبية غير موجودة فى المقررات والأجيال الجديدة لا تعرف عنها شيئا والفرق بين السينما والتليفزيون والأدب عند الطلاب غير موجود وهناك خلط كثير عندهم بين كل هذه المفردات الإبداعية.
ونختتم برؤية الدكتور حامد عمار شيخ التربويين العرب الذى يشير إلى ما يطلق عليه «سبوبة التعليم» حيث يلجأ إليها كل وزير ليثبت ما يقوم به من جهد إصلاحى وأغلب ما يتم من هذا الإصلاح إضافة أو حذف أو تفصيل هنا وهناك من خرائط وصور أو إعادة تقييم وتعديل فى الموضوعات المقررة مما يتطلبه تزييف الواقع وتحسين صورته.
وإذا أردنا أن نقارن بين المناهج الأدبية القديمة والحديثة الكلام للدكتور عمار فإن المناهج القديمة كانت تتميز بما كان يسود عملية التعليم فى سياقها الواقعى فى صالح القديم نظرا لأوضاع المدارس التى تميزت بقلة عدد طلابها وبمعلميها والمكانة الاجتماعية وبما يتاح فى البيئة المدرسية من قاعات وتجهيزات، هذا فضلا عن استقرار المناهج وعدم التغيير فيها دون مبرر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.