أقيمت دورة تدريبية حول الترجمة الأدبية بالتعاون مع جمعية المترجمين الكويتية ضمن فعاليات الأنشطة المرافقة لمعرض الكويت الدولي للكتاب ال 43، بمشاركة رئيسها الدكتور طارق عبدالله فخر الدين واختصاصي اللغويات الدكتور يحيي علي احمد ورئيس نادي القصة العربية والمترجم والكاتب بدر ناصر العتيبي، الذين تكلموا عن الترجمة الأدبية في مجال النثر الثقافي مثل القصة القصيرة والرواية، وقدموا أمثلة تطبيقية لنماذج من الأدب العالمي والكويتي المترجم وتحليلها وربطها بالدلالات الثقافية، مع توضيح كيفية تجنب الوقوع في مستنقع الحساسيات الثقافية والاجتماعية المتعارضة، كما أعطوا نبذة عن تجاربهم الخاصة وخبراتهم الشخصية التي اكتسبوها من خلال عملهم في هذا المجال وتشاطروها مع الحضور المكون من مترجمين ودارسين، خصوصا انها فرصة للهواة للتعرف بشكل سريع على اهم اشكاليات الترجمة الأدبية ودور المترجم في هذه العملية وكيفية التغلب على صعوباتها. أوضح رئيس جمعية المترجمين الكويتية الدكتور طارق فخر الدين ان هذه الدورة هي الاولى من نوعها في الكويت، ولكنها مهمة جدا لأنها أدرجت ضمن فعاليات معرض الكويت الدولي الكتاب وبالتعاون مع الوطني للثقافة والفنون والآداب، والذي يعتبر مهرجان ثقافي بكل ما للكلمة من معنى، ويقول "نواجه الكثير من المشاكل في الترجمة، لذلك نحتاج الى أنشطة ودورات خاصة بالترجمة، من أجل تطويرها وإنجاحها في الكويت، خصوصا ان إشكالياتها وعوائقها ما تزال كبيرة وواضحة، وتطال جوانب عدة كالاختلافات الثقافية والاجتماعية والمصطلحات والصياغات، الا ان المشكلة الأكبر تكمن في عدم التقاء المترجمين مع بعضهم البعض وتبادل الخبرات والمعلومات والتجارب"، لذلك بعد تأسيس جمعية المترجمين الكويتية بداية لحلها والطريق المثالي من اجل تطويرها ووضعها على السكة الصحيحة، ويشدد على ان الترجمة امست مهمة جدا في هدا العصر، كونها مفتاح الانفتاح على الثقافات الاخرى في الحياة اليومية والمهنية على حد سواء، ويضيف الى ان الترجمة الالية المتوفرة على الانترنت قد تكون صحيحة بنسبة عالية وتصل الى 80 في المئة الا ان المترجم هو الشخص الاختصاصي للقيام بهذه المهمة، تحديدا عندما يتعلق الامر بترجمة النصوص الأدبية والثقافية.
وفي هذا السياق، يشير الدكتور فخر الدين إلى أن الترجمة هي نقل للمعلومات، غير أن أسلوبها وطريقتها تختلف بين نص وآخر، ويوضح "يجب أن تكون حرفية في النصوص العلمية والطبية والقانونية، حريا على الدقة والشفافية وعدم ترك أي ثغرة أو فجوة قد تغير المعنى أو تحرفه، وبالتالي لا يحق للمترجم أن يتدخل ويغير في صياغة المعلومات"، في حين أن الأمر مختلف عند ترجمة النصوص الأدبية كالرواية والقصة، "في ظل ازدهار الترجمة الآلية، يسيطر المترجم البشري على ترجمة الاعمال والنصوص الثقافية والأدبية، لاأه الشخص المناسب لهذه المهمات"، لان المترجم الآلي يفشل بها، على عكسه، خصوصا عندما يكون متمكنا ويمتلك قدرات ادبية معينة ويجمع على سبيل المثال بين الترجمة وموهبة الكتابة، ويقول "ستظل ترجمة النصوص الأدبية حكرا على الانسان، والثقافة تنقذنا من استبداد الآلة، كما انه وسيط ناجح يمد جسور التواصل بين الحضارات والثقافات".
وعن الفروقات بين النصوص الأصلية والمترجمة، أكد رئيس جمعية المترجمين الكويتية ان "نسبة الفاقد" موجودة بينهما، الا ان الامر يعتمد على المترجم ومهارته وقدرته على إعطاء العمل حقه، كما يتوجب عليه ان متمكنا ومتأنية في الوقت عينه، حرصا منه على نقل المعلومة وإيصالها بالطريقة المناسبة، لان "المترجم هو ابن عم الكاتب".
ومن ناحيته، تحدث رئيس نادي القصة العربية والمترجم والكاتب بدر ناصر العتيبي عن تجربته في مجال الترجمة وكيفية انخراطه في هذا العالم الواسع، والذي تطلب منه سنوات طويلة من العمل والبحث والتطوير الذاتي ليتمكن من ابتكار قاموسه الخاص والشخصي، ويقول أن النقطة الاساسية للنجاح والابداع في أي عمل ينطلق من فعل "الحب"، ويشرح ان القصص التي يكتبها الأجانب عن الكويت محببة الى قلبه، وبالتالي يستمتع بترجمتها واكتشافها بدافع وطني وشخصي في الوقت عينه، كما كشف انه احتاج لسنوات طويلة كي يضع قاموسه الخاص، ويقول "بدأت بداية بالكتابة باللغة الانكليزية ثم الترجمة في وقت لاحق، في حين ان حبي للهند وحضارتها دفعتني لقراءة كل ما هو مرتبط بها عبر السنوات، وبما أنها كانت مستعمرة بريطانية فإن مراجعها كانت باللغة الانكليزية ما زاد من معرفتي وخبرتي بها، رغم ان بعض مصطلحاتها خاصة"، اي أنه غاص في اللغة وتعلمها من اجل الهند وأصبح يمتلك مخزونا لغويا كبيرا
وأضاف: "أي انسان هو مشروع مترجم بالفطرة، وقد يتحول باختصاصي عندما يعمل على تطوير امكانياته وقدراته، كما أن الترجمة مصدر غنى الاختصاصي والأديب والشخص العادي، لأنهم يستفيدون من الترجمة، فالقراءة والثقافة تزيد من مقدار الوعي والمعرفة والانفتاح والاطلاع على المعلومات، بغض النظر عن القيمة اللغوية"،
وقال: "أحيانا لا يجب ان تكون ترجمة النص مثالية، الا أن نقل المعلومة والحصول عليها هي الغاية الاساسية، ولذلك، احرص على شراء الكتب والنصوص المترجمة كي اقرأ وأزيد من معلوماتي، لكن من المهم أن تكون لغة المترجم الاساسية هي الاقوى كي ينجح".
أما بالنسبة إلى الفروقات الثقافية بين الشعوب، أوضح العتيبي أن هناك بعض المحاذير الاجتماعية والثقافية التي لا تناسب المجتمعات العربية، قائلا: "أواجه صعوبة احيانا في ترجمة بعض النصوص غير المناسبة، وعلى سبيل المثال، لا تجذبني بعضها واضعها جانبا لفترة من الوقت قبل ان أعيد ترجمتها، لانها تحمل في معانيها بعض الاحراج، وبالتالي احاول ترجمتها بما بتناسب مع معاييرنا الاجتماعية".