دأبت بعض الدول الغربية الكبرى والمؤسسات الدولية التى تحكم العالم، مثل الأممالمتحدة، على التعامل بسلبية مع الخطر الذى تشكله جماعة الحوثيين الانقلابية على حركة التجارة العالمية، والتهديدات التى ظلت تطلقها بين فينة وأخرى، باستهداف حركة التجارة فى مضيق باب المندب الإستراتيجى، والاعتداء على السفن التجارية وناقلات النفط التى تعبره، ولم تستجب تلك الدول والمنظمات لمناشدة التحالف العربى لاستعادة الشرعية فى اليمن، الذى طالب بأخذ تلك التهديدات على محمل الجد، وردع الجماعة الإرهابية. حتى بعد أن نفذ الإرهابيون تهديداتهم، واعتدوا على الفرقاطة السعودية فى العشرين من يناير الماضى، وأتبعوا ذلك بمهاجمة سفينة إماراتية، فإن العالم غضّ بصره – للأسف الشديد - عن تلك التجاوزات، مراعاة لاعتبارات سياسية، وحسابات خاصة، دون إدراك بأن هذه التصرفات الخرقاء تشكِّل خطرا بالغا على حركة التجارة العالمية، وتهدد بتوقف صادرات النفط التى تصدرها دول الخليج العربى إلى أوروبا وأمريكا عبر الممر المائى الإستراتيجى. الآن عاد المتمردون لارتكاب ذات الفعل، واعتدوا على ناقلة النفط السعودية “الدمام”، مما دعا المملكة لاتخاذ قرار بالغ الأهمية، بتعليق مرور سفنها عبر باب المندب، حتى يصبح آمنا، ضمانا لسلامة أطقمها البحرية، ودرءا لكارثة بحرية يمكن أن تحدث – لا سمح الله – بتسرب الملايين من آبار النفط فى مياه الخليج. وأكد الحادث حجم الدور الكبير الذى يقوم به التحالف العربي، بإصراره على استئصال هذه الجماعة المتمردة التى يمكن أن تتسبب فى حدوث حالة من عدم الاستقرار الاقتصادى تتأثر بها جميع دول العالم، إذا لم يتم التعامل معها – من الجميع – بما تستحقه من حسم وصرامة. الموقف السعودى القوى يمثل رسالة واضحة للمجتمع الدولي، بحتمية قيامه بواجباته فى ضمان سلامة خطوط التجارة العالمية، ومنع أى تهديد يطالها، وأكدت المملكة بذلك الموقف صواب الرؤية الدولية المنادية بتشديد الضغوط على النظام الإيرانى المارق، حيث يعلم الجميع أن الحوثيين ليسوا سوى أداة تستخدمها طهران لتحقيق أجندتها السياسية، وتحقيق مآربها الإرهابية، ولذلك تمدهم بالأسلحة والصواريخ وجميع المساعدات الفنية واللوجستية، لتنفيذ مخططاتها. لذلك فإن بعض الدول الأوروبية ترتكب خطأ كبيرا بمعارضة الخطوات الأمريكية الرامية لإرغام طهران على تغيير توجهها ووقف سياساتها العدوانية تجاه دول المنطقة والعالم أجمع، فالمكاسب الاقتصادية المؤقتة لا ينبغى أن تقدم على أولوية حفظ السلم وضمان الاستقرار.
القرار السعودى بتعليق مرور ناقلات النفط عبر مضيق باب المندب، حتما سيكون له آثار اقتصادية كبيرة على جميع الدول، لاسيما أن دولا خليجية أخرى تفكر فى اتخاذ ذات الخطوة، وسيؤدى ذلك إلى ارتفاع الأسعار العالمية، بما قد يحدث حالة من الاضطراب فى العالم برمته، وهذا ما تريده طهران، خصوصا إذا أخذنا فى الحسبان تهديداتها بإغلاق مضيق هرمز فى وجه ناقلات النفط، إذا تم منعها من تصدير نفطها، عملا بالعقوبات الاقتصادية الأمريكية التى بدأت أوائل أغسطس الجاري، وهو ما ردت عليه واشنطن بصرامة، مؤكدة أن الرد على مثل هذا التصرف سيكون دوليا وقاسيا. ربما أراد نظام الملالى إطلاق بالون اختبار بهذه الخطوة، لذلك ينبغى على العالم أن يكون رده بنفس الصرامة، فأمن المعابر المائية وضمان سلامة وصول النفط إلى الأسواق العالمية لا يحتملان أى تسويف أو تساهل.