عندما تتحول المآسي أو التراجيديا القاتمة إلى عمل يغلب عليه الكوميديا والغناء والاستعراض ، نصبح هنا أمام مغامرة إن لم تكن محسوبة ، أصابت صناعها في مقتل ، ونالت من رؤيتهم الفنية ، وربما أقرب مثل لذلك الحادثة الشهيرة التي كانت بطلتيها " ريا وسكينة " وارتبطت لدي الناس بالقتل والخطف والدموع ، إذ بها تتحول إلى مسرحية في بداية الثمانينات تعد من أفضل ما قدم على المسرح " ضحك وغناء واستعراضات " ، بفضل صناعها بداية من منجها سمير خفاجي وفرقة المتحدين ومؤلفها بهجب قمر ومخرجها حسين كمال بجانب بليغ حمدي كملحن وعبد الوهاب محمد كشاعر ومحمود رضا كمصمم للاستعراضات علاوة على فريق الممثلين عبد المنعم مدبولي وسهير البابلي وأحمد بدير وبالطبع الفنانة شادية التي يحسب لها قبول هذه المغامرة باعتبارها أول تجربة لها على المسرح التي لو فشلت لنالت من تاريخها الطويل في الغناء والتمثيل . ربما أقرب إلى هذه التجربة، العرض المسرحي الذي تقدمه حاليا فرقة المسرح الكوميدي بقيادة مديرها أحمد السيد ، على مسرح ميامي بعنوان " كوميديا البؤساء " ، المأخؤذ عن رواية " البؤساء " للكاتب الفرنسي فيكتور هوجو ، وإن كانت مؤلفة ومخرجة العمل مروة رضوان التقطت خيطا واحدا من الرواية الشهيرة المتمثل في شخصية جان فالجان ونسجت منه عالما أخر من خيالها لتقدم تجربة مختلفة ظهر جليا فيها أنها بذلت مجهودا كبيرا لكي يخرج هذا العمل المغامرة في أفضل صورة . تدور أحداث العمل في شارع البؤساء حيث شخصيات مختلفة يجمع بينها عالم البؤس والشقاء ويحوي هذا الشارع كبارية وكافيه ومكتبه وصيدلية ومحلات ، وبينما هم في عالمهم البائس بما يحويه من مشاكل يعاني منها مجتمعنا الحالي ، يأتيهم جان فالجان ، البطل الرئيسي في رواية " البؤساء " ليعيش بينهم حيث حيث يقع في حب مطربة شارع البؤساء ويعيش معها قصة رومانسية حالمة ، لكن غريمه يبعده عن محبوبته بحيلة ماكرة ، تجعلها تنتقم من حبيبها بالزواج من غريمه ، لكنها تعود إليه في النهاية بعدما يكتشفان أنهما تعرضا للخداع . تسعى المؤلفة والمخرجة مروة رضوان من خلال عملها إلى كشف الجوانب المضيئة في حياته بطل عرضها المسرحي ، بعيدا عن البؤس الذي عاشه في الرواية القديمة ، وكأنها تغوص في عوالم النفس البشرية، لتؤكد للجميع أنه لا توجد حياة كلها بائسة، بل إذا سبحنا في عالمها سنجد نقاطا وجوانب مضيئة، ليخرج المشاهد في النهاية محملا بطاقة إيجابية . تألقت رنا سماحة في هذا العرض كممثلة، رغم أن هذا العمل يعد أول تجربة احترافية لها على خشبة المسرح ، بجانب ما أضافته كمطربة بصوتها الجميل في الأغنيات التي قدمتها منفردة وخدمت النص بشكل كبير ، كما تألق وبصورة لافتة الفنان محمود عزت ورامي الطمباوي ، فقد كانا يتجولان ويصولان على المسرح بسهولة المتمكن من أدواته علاوة على ما يملكان من حس كوميدي ، بجانب باقي الممثلين كما لعبت الأغاني التي كتبها أحمد حسن راؤول ولحنها محمد الصاوي واستعراضات رشا مجدي وديكور عمرو الأشرف وأزياء نعيمة العجمي ، علاوة على المواد الفيلمية ، والفلاش باك ، دورا كبيرا في نجاح هذا العرض لأنها جاءت موظفة بما خدم النص المكتوب . يذكر أن العمل من إنتاج البيت الفني، بقيادة الفنان إسماعيل مختار ، وشارك في بطولته ،محمد عبده، عمرو كمال بدير، إيهاب الزناتى، محمود خالد، مريم البحراوى، رانيا النجار، محمد حسن رمضان، مايا ماهر ، زينا زين، أكرم عمران، يوسف ذكرى، مونتاج ومادة فيلمية محمد حجازى تصوير فوتوغرافيا مارتن آدم .