العرب ذهبوا بالدراجات البخارية والهوائية.. والأوروبيون بالجرارات الزراعية لا يهم كيف يصلون إلى روسيا، ولا كم سيكلفهم الأمر من وقت ومال، المهم أن يصلوا موسكو فى الموعد المحدد لمباريات منتخباتهم المفضلة فى المونديال، ويستمتعون بالحدث الاستثنائى الذى تنتظره جماهير الكرة الأرضية كل أربع سنوات، قد يكون أمراً عادياً فى زمننا هذا أن نرى العديد من المشجعين المتحمسين وهم يتبعون منتخباتهم أينما حلّو وارتحلوا، خصوصاً مع تطوّر وسائل النقل، ولكن من غير المعتاد أن نرى مشجعاً متحمساً يقوم بالترحال بين العديد من الدول على دراجته الهوائية أو جراره الزراعى أو مركب شراعى من أجل الحصول على فرصة لمشاهدة منتخب بلاده يشارك فى أكبر حدث كروى، غير أن هذه الظاهرة انتشرت قبل انطلاق مونديال روسيا، وكان أصحابها أبطال قصة سوف يعيشونها وسيرونها لأبنائهم وأحفادهم «الأهرام العربي» ترصد أبرز المواقف الجنونية للمشجعين.
تعتبر رحلة العجوز الألمانى «هوبرت ويرث» هى الأكثر تشويقا، حيث استمرت لأكثر من ثلاثين يوميًا متتالية، قطع خلالها 2400 كيلومتر « بجراره الزراعى « المزين بالأعلام الألمانية والروسية، وبعبارة «مرحباً موسكو»، والذى يرجع عمره من عام 1936 وسرعته لم تتجاوز 20 كيلومتراً فى الساعة، بدأها من مسقط رأسه فى مدينة «نويهاوزن» فى جنوبألمانيا، وصولاً إلى العاصمة الروسية، لم يتعب خلالها أو يعتريه الملل، حيث ظل لأكثر من شهر تدفعه حماسته للقيام بهذه الرحلة الطويلة والفريدة من نوعها، وهو ما ساعده للوصول إلى ملعب «لوجنيكي» فى العاصمة الروسية موسكو، قبل بساعتين فقط من بدء مباراة المنتخب الألمانى مع المنتخب المكسيكي، ليشاهد ويشجع فريق بلاده.
وفى تصريح للمشجع العجوز «هوبرت فيرت» لوسائل إعلام عالمية، عقب وصوله ونزوله عن جراره الزراعى فى موقف السيارات «بالآستا» فى عاصمة مونديال كأس العالم 2018، عبر أنه يشعر بسعادة كبيرة وغامرة لوصوله موسكو قبل بدء المباراة بين منتخب بلاده الألمانى وبين منتخب المكسيك، وأضاف بأن رحلته كانت رائعة، وأنه كان قد التقى وقابل أناسا من كل مكان كانوا طيبين وكريمين معه، وهذا كان أفضل شيء فى الرحلة.
وتابع «فيرت» أيضاً بعد سؤاله عن سبب قيامه باختيار «الجرار الزراعي» للذهاب بهذه الرحلة الطويلة إلى روسيا، قال: «ببساطة إنها هوايتى»، وقد استعرض العجوز الألمانى فور وصوله منزله الصغير الذى قام بجره بالجرار عبارة عن برفان محمل بسرير وتلفزيون وبعض الأدوات البسيطة التى يستخدمها.
وبأسلوب مشابه قطع 3 مشجعين سويسريين مسافة 1240 ميلا من سويسرا إلى روسيا مستقلين جرارا زراعيا، فى رحلة استغرقت 12 يوما من سويسرا وصولا إلى مدينة كالينينجراد فى روسيا، لحضور مباراة منتخب بلادهم الجمعة الماضية أمام صربيا بالجولة الثانية، وقرر ستودر الذى يملك متحفا للجرارات القديمة فى مدينة لوكران السويسرية، وصديقاه فيرنر زيمرمان وجوزيف واير القيام بمغامرة فى قطع سكة سفر طويلة مستقلين جرارا قديم الصنع عام 1964 من أجل مؤازرة منتخب بلادهم خلال مشاركته فى مونديال روسيا، حتى وصل الجرار إلى أحد مواقف السيارات الخاصة أمام ملعب كالينينجراد.
وعلق زيمرمان أن الأفكار المجنونة لا تأتى إلا عندما تكون مسكورا قليلا، وعبر الثلاثى السويسرى عن رضائهم على الرحلة الطويلة التى قطعوها لمدة 12 يوما لحضور مباريات فريقهم بكأس العالم، قائلين، انطلقنا من لوكران ومررنا بألمانيا ومن ثم بولندا قبل الوصول إلى الأراضى الروسية، فنحن راضون ببساطة للاستمتاع بالرحلة، ولقد رأينا العديد من المناظر الطبيعية المختلفة، ونوعا مختلفا من الناس.
الرحلة الأطول فى تاريخ المشجعين تعد أطول رحلة لمشجع عبر التاريخ هى التى خاضها المشجع الأرجنتينى سان خوان والتى استغرقت 5 أعوام كاملة للوصول لروسيا، حيث بدأت رحلته من بيونس إيرس على دراجة هوائية، تزود باللوازم الضرورية كالماء وشيء من الطعام، وانطلق يسابق الريح فى عام 2013 نحو باراجواى ثم بوليفيا ليصل إلى البرازيل البلد الشاسع عام 2014، حيث تابع مباريات منتخب التانجو، وحضر المباراة النهائية أمام ألمانيا عندما خسر رفاق ميسى اللقب بهدف دون مقابل. وذكر المشجع الأرجنتينى أنه عاش مخاوف كبيرة فى بداية الرحلة عند مروره بالغابات الكبرى شمال البرازيل خصوصاً ليلاً، حيث ظل لأشهر يعيش فى مناطق خالية من السكان وتثير الرعب. وأضاف: هاجسى الأول كان دائما الماء، لقد حرصت على التزود فى كل محطة آهلة بالسكان بأكبر كمية من المياه.
يخت شارلين ومن أبرز القرارات التى اتخذها المشجعون للوصول لروسيا، هو قرار المشجع الإنجليزى جراهام كنتسلى الذى قرر السفر الى روسيا عبر يخته الخاص، ليحتاج إلى ما يقرب من 40 يومًا الى الوصول الى جنوبروسيا وتحديدًا فى منطقة فولجوجراد، لمؤازرة المنتخب الإنجليزى ضد تونس والذى انتهت بفوز فريقه بنتيجة 2/1.
وقد أبحر جراهام من تحت جسر جديد يربط روسيا بالقرم قبل أن يعبر بحر أزوف ويتجه عبر قناة فولجا - دون إلى فولجوجراد الواقعة على بعد 900 كيلومتر جنوبىموسكو على متن اليخت الخاص به "شارلين" الذى يصل طوله إلى نحو عشرة أمتار وبصحبة طاقم من ثلاثة أفراد أبحر كنتسلى من نهر الدانوب واجتاز البحر الأسود وتوقف فى شبه جزيرة القرم التى ضمتها روسيا من أوكرانيا فى عام 2014.
وقال كنتسلى فى حانة قرب منطقة المتفرجين فى فولجوجراد "راودتنى الفكرة لعدة سنوات"، وتابع كان دوما فى ذهنى أن نصل إلى هناك قبل المباراة مباشرة.
دراجات العرب وفى مغامرة جديدة من مغامراته، نجح الدراج المصرى محمد نوفل للوصول إلى روسيا، من أجل مساندة المنتخب المصرى الأول لكرة القدم، مستعينا بدراجته، وقد انطلق من ميدان التحرير بوسط القاهرة، بدأ الرحلة لمسافة 5 آلاف كيلو متر لتستمر نحو 65 يوما، ومر خلال هذه الفترة الزمنية وتلك المسافة الطويلة عبر الأردنوروسيا ورومانيا ومولدوفا وأوكرانيا حتى وصل إلى روسيا. واعتمد نوفل خلال رحلته على المبيت فى فنادق البلدان التى توقف فيها، وتحدث الدراج المصرى فى تصريحات تليفزيونية، عن الرحلة الشاقة، مؤكدا أن الأمر لا يتعلق فقط، بتشجيع مصر فى المونديال، لكنه يسعى للتعرف على بلدان جديدة، واكتساب خبرات ربما لا تتاح له عبر رحلة جوية.
كما استغرق المشجع السعودى فهدى اليحيى طريقه إلى روسيا 75 يوما على دراجة هوائية من أجل أن يكون مع المشجعين السعوديين، بعدما قطع أكثر من 5145 كيلومتراً من أجل الوصول إلى موسكو، لتشجيع المنتخب السعودى فى مباراته التاريخية التى لعبت أمام أصحاب الأرض فى افتتاح كأس العالم روسيا 2018، وانهزم فيها المنتخب السعودى الشقيق بنتيجة 5/0، ولكن يحيى سيعود إلى بلاده عبر الطائرة وهو ما صرح به فور وصوله لروسيا قائلًا "الرحلة عبر الدراجة الهوائية تستغرق وقتاً طويلاً وبالتالى سأعود إلى الرياض باستخدام الطائرة".
ومن رحلة أقل راحة من مغامرة نوفل وفهدى اليحيي، سافر ستة مشجعين مغاربة من مدينة مكناسا نحو روسيا لمتابعة مباريات المنتخب المغربى فى كأس العالم 2018، بواسطة دراجات نارية ، وكانت الانطلاقة من أمام المعلمة التاريخية باب منصور لعلج بمكناس، فى مبادرة شهدت اهتماما إعلاميا وجماهيريا كبيرين فى المغرب.