سيد عبد المجيد - فى أول رد فعل على تصريحات بشار الأسد فى حواره مع الأهرام العربى التى تناول فيها الحكومة التركية بالنقد، رفض رئيس وزراء تركيا أردوغان كل اتهامات الرئيس السورى، مجدداً مقولته الشهيرة التى أطلقها منذ نحو سنة وهى «بشار الأسد صديق الأمس مات سياسياً».. من جديد أظهر أحدث استطلاعات للرأى العام فى تركيا رفض غالبية الأتراك أى تدخل عسكرى فى سوريا، يأتى هذا عكس ما سبق وأكده رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان بأن 58 % من أبناء شعبه يؤيدونه كحل للأزمة فى هذا البلد. وقبل أيام وتحديدا الاثنين الماضى نشرت صحيفة «خبر تورك» نتائج استطلاع أعده مركز كونسنسوس للبحوث السياسية والاجتماعية، وشمل مدنا مختلفة، وفيه تبين أن 79.9 % يرفضون التدخل العسكرى لكن الأكثر إثارة هو أن نحو 61.5 % يرون سياسة حكومة العدالة والتنمية حيال الشأن السورى خاطئة، وهذا هو بيت القصيد بيد أنه يعيد مجددا السؤال هل هناك من ورط تركيا فى المستنقع السورى ؟ هنا ترى قطاعات ليست منغمسة فى السياسة، بل هى بعيدة كل البعد عنها، أن بلادهم كان عليها التأنى وعدم الانجراف لرغبات الآخرين وفى مقدمتهم الولاياتالمتحدةالأمريكية. والأخيرة لا أحد من المراقبين يملك أن يقول إنها ذات سمعة حسنة لدى شرائح عريضة من أبناء الأناضول ، فالريبة إن لم يكن العداء تجاهها تتنامى بل وتتعاظم . فقبل أسابيع قليلة تجمهر شباب من الشعب الجمهورى العلمانى المعارض فى تقسيم بقلب اسطنبول وقد ندد بالإمبريالية الأمريكية، وها هم يعودون منذ أيام ليؤكدوا أن حكومتهم الرشيدة سمحت بإيواء مسلحين أصوليين من ليبيا والشيشان فى مخيم أبادان بمدينة هتاى الحدودية، وزادوا فى القول إن عملاء للمخابرات الأمريكية، يشرفون على تدريبهم للقيام بأعمال داخل العمق السورى ولم يكن غريبا أن يتظاهر ألف مواطن ضد السلوك الأمريكى رافعين صورا لبشار الأسد! وإمعانا فى أن سياسة «صفر مشاكل» التى ينتهجها العدالة والتنمية، جلبت البلاء للبلاد، ها هى حكومة العدالة والتنمية تفشل فيما كانت تريده، ألا وهو إقامة مناطق عازلة داخل الأراضى السورية والدليل على ذلك هو أن صوت صاحب ومروج لصفر مشاكل أحمد داود أوغلو وزير الخارجية بح من فرط من دعا إليه بإقامة هذه المناطق، بل إنه سعى إلى شحذ همم المجتمعين فى الاجتماع الثانى للجنة حقوق الإنسان التابعة لمنظمة التعاون الإسلامى والذى استضافته العاصمة أنقرة فى الخامس والعشرين من أغسطس المنصرم والتى افتتحها مع الأمين العام للمنظمة أكمل الدين إحسان أوغلو للغرض نفسه وبالفعل تم تبنى قرارات عززت الرؤية التركية، غير أن أحدا من الفاعلين على الساحة الدولية لم يستجب، وكان رهانها الأخير على اجتماع مجلس الأمن أوائل الشهر الحالى غير أن الأخير عقد وانفض دون أن تظفر أنقرة بشىء ذات قيمة . يأتى هذا تزامنا مع اتساع الأعمال الإرهابية والتى تلازمت بدورها مع تفاقم الأوضاع فى الشام الذى صار شماله نقاط انطلاق لحرب عصابات يقودها انفصاليون على الأراضى التركية ، وبرغم اتخاذ السلطات الأمنية التدابير الأمنية المشددة بعدد من مدن جنوب ، وجنوب شرق البلاد، لدرء أى هجمات، فإن الأمر لم يمنع من سقوط أكثر من 30 عسكريا منذ الثالث من سبتمبر وحتى الآن، إضافة إلى قطع الطرق واختطاف مسئولين وفى طليعتهم نائب عن حزب العدالة والتنمية الحاكم. ولزيادة الضغوط الاقتصادية وفى إطار التردى الذى تشهده العلاقات بين البلدين وعلى خلفية الدعم التركى للجيش السورى الحر وضعت العراق العراقيل أمام الشركات التركية ومنعتهم من دخول المناقصات التجارية والنفطية، وذلك على خلفية العلاقات المتردية بين رئيسى حكومتى البلدين وقال جمال أكجان، رئيس إحدى تلك الشركات إن الأوضاع المالية لمجمل شركاتهم وصلت إلى نقطة الصفر، وأضاف أن زيارة الوزير أوغلو لمدينة كركوك فى الشمال العراقى فى نهاية يوليو الفائت ، كانت السبب الرئيسى وراء هذا الموقف المتعنت لحكومة نورى المالكى. وبرغم تلك الإخفاقات فإن العدالة والتنمية الحاكم ، لم يعد يكترث بها معتبرا أنها مؤامرات يحكيها بعض الجوار الذين لا يريدون الاستقرار لورثة العثمانيين العظام ولا يزال أردوغان يردد مقولته الشهيرة التى أطقها قبل سنة، وهى أن «بشار صديق الأمس القريب مات سياسيا» وسقوط نظامه قاب قوسين، وللإنصاف فالرجل حتى ولو أراد التراجع ، فلن يكون بإمكانه تحقيق ذلك، ومن ثم فهو مستمر حتى النهاية فى الطريق الذى سلكه منذ بداية الأزمة.