نحارب بتكتيك عسكرى ولدينا إحداثيات لكل منزل في درنة قتلنا المئات من العناصر الإرهابية بينهم عشرات القيادات
درنة المدينة الليبية المختطفة من قبل تنظيمات إرهابية من سنوات والتى تشكل تمركزاً لتنظيمات تابعة للقاعدة ومأوى لمئات من قادة الإرهاب الأجانب ومركز تدريب المجندين الجدد لصفوف الإرهاب، وأخر مدينة يسيطر عليها الإرهابيون بالشرق الليبى، بدأ الجيش الليبى معركة تحريرها ومواجهة هذه العناصر الإرهابية. ذهبت «الأهرام العربى» إلى هناك لتكون أول مطبوعة صحفية في العالم تنقل حقيقة ما يحدث، ومن داخل غرفة العمليات العسكرية "غرفة عمر المختار" حيث حاورنا اللواء سالم الرفادى آمر العمليات بالجيش الليبى لنقف على تفاصيل معركة التحرير.
هل توجد فى درنة تنظيمات وميليشيات مختلفة؟
هناك مثل يقول (البحر مليئ بالأسماك) تختلف الأسماء ولكنها تظل جميعها أسماكاً، كذلك الحال فى درنة هناك مسميات مختلفة لعدد من الميليشيات الإرهابية لكنها تظل جميعها متطرفة.
هل تم استهداف أعداد كبيرة من العناصر الإرهابية؟
نحن نحصد المئات منهم وقتلنا عددا كبيرا من قياداتهم منهم عطية بلقيوه، وهو أحد أهم قادة ميليشيا "بوسليم" وأخوه عدنان بلقيوه بمحور "الظهر الأحمر"، كما تمت تصفية سالم الحصادى، والشوبكى هؤلاء ليبيون بجانب بعض قادة الإرهاب الأجانب، فعمر رفاعى سرور تم استهدافه وإصابته بإصابات بالغة يمكن أن يكون مات ، فبعد إصابته تم نقله إلى مستشفى تابع للقاعدة بداخل الأحياء السكنية.
كل الأسماء التى ذكرتها هى أسماء قادة العناصر الإرهابية، فقد كان هجومنا غير متوقع لهم، فنحن نعمل بشكل فنى عسكرى بإحداثيات ومعلومات استخباراتية مسبقة، وتم استهداف تمركزاتهم بالمدفعية والطيران بدقة متناهية، حيث عملنا خلال العامين الماضيين على تحديد كل الأهداف.
وبدأ اللواء سالم الرفادى يشرح على خريطة كبيرة معلقة على الحائط، أن جميع الأهداف تم ترقيمها وتحديد إحداثياتها بدقة، بحيث يكون إصدار الأمر للمدفعية بالرقم وليس باسم المكان أو بالإحداثيات حتى إذا كان العدو، وهنا يقصد أن العناصر الإرهابية تمتلك أجهزة رصد للموجات اللاسلكية أو تعاونها مخابرات دولية بالمعلومات لا تستطيع تحديد أى هدف سيتم استهدافه، لذلك استطعنا فى أقل من أسبوع من بدء العمليات تحرير والسيطرة على مساحة 420 كيلو متراً مربعاً داخل الجبل المحيط بالمناطق السكنية، والتى كان مقاتلو الإرهاب يتخذون منها تمركزات ودشماً وتحصينات وتم قتل المئات منهم وهروب باقى الأعداد لأسفل الجبل للأحياء السكنية بالمدينة، وهو جزء مساحته الجغرافية صغيرة جدا مقارنة بالحدود الجغرافية لكامل الحدود الإدارية التى كانت التنظيمات تسيطر عليها.
هل ترى أن الأحياء السكنية ستحرر بشكل سريع وخاطف مثل تحرير المناطق الجبلية؟
بدأنا باقتحام سريع خاطف من الخلف أو من الجبل فى جميع المحاور، أما الأحياء السكنية فسوف تتوقف على عاملين، الأول هو الحاضنة الشعبية فواقعيا ميليشيا "أبو سليم" هم من أبناء درنة وأهلهم من قبائل المدينة. وبالتأكيد لا يوجد أهل يريدون أن يتم قتل أحد أبنائهم حتى لو كان رافضا لفكره المتطرف، العامل الثانى وهو الحفاظ على حياة المدنيين من أهالى المدينة. لهذه الأسباب يمكن أن يتأخر تحرير المناطق السكنية فى وقت قصير، ولكنها ستتحرر فى النهاية.
هل تم التفاوض مع شيوخ وأعيان درنة قبل بدء الاقتحام العسكرى؟
عشرات المرات ومئات الشخصيات والحكماء على مدار عامين وأكثر، ونحن نحاول حقن الدماء وتسليم العناصر المتطرفة لتقدم للمحاكمة، وكل الإرهابيين وكل الميليشيات التى تحمل سلاحا دون شرعية.
لذلك جميع المحاولات باءت بالفشل، فعقيدة هؤلاء الخوارج لا تؤمن من الأساس بالدولة ومؤسساتها، وبعد صدور الأوامر من القيادة العامة للجيش الليبى ببدء العملية العسكرية لتحرير مدينة درنة، بدأنا على الفور وخلال أربعة أيام كانت قوات الجيش الليبى قد استطاعت السيطرة على 420 كيلو مترا من المناطق الجبلية والآن قوات الجيش تتمركز على حدود المناطق السكنية ونعمل عسكريا على عدد من المحاور شرقا وجنوبا وغربا بجانب الطريق الساحلى.
ألا توجد محاولات للاتفاق على عمل ممر أمن لخروج العناصر الإرهابية المسلحة من المدينة على غرار ما حدث فى سوريا؟
الآن الحل الوحيد لدى هؤلاء هو تسليم أنفسهم بلا أى شروط، لن نوافق على خروج هؤلاء الإرهابيين من درنة ليتمركزوا بمناطق أخرى فى ليبيا، نحن فى القوات المسلحة الليبية عازمون على تحرير بلادنا ودحر هؤلاء الخوارج فى كامل التراب الليبى، فلن نعطى لهم فرصة أخرى ليتجمعوا ونحاربهم فى بقعة أخرى من الوطن.
فهل يريد المجتمع الدولى أن نعطى لهؤلاء الإرهابيين ممرا آمنا للخروج إلى سيوة المصرية لقتل أشقائنا المصريين أم يذهبون لمدينة مصراتة ويتم دعمهم مرة أخرى بالسلاح والعتاد لقتل جنودنا وشعبنا، هذا أمر مرفوض نهائيا.
بالطبع لدى الجيش الليبى معلومات كاملة عن أعداد الإرهابيين بالمدينة، كم يقدر عددهم وتسليحهم؟
يوجد بالمدينة ثلاثة أنواع من الميليشيات، تنظيمات بقيادة مقاتلين أجانب وعدد هؤلاء القادة نحو 60 شخصا وكل واحد يرأس مجموعة مقاتلين تتكون فى حدود 100 عنصر، وهؤلاء يعتبرون الأشد خطورة ولن يستسلموا إلا بقتلهم.
النوع الثانى وهو تنظيمات إرهابية تابعة لتنظيم القاعدة بقيادة عناصر ليبية من داخل درنة وأشهرها ميليشيا "أبو سليم" وتقدر قواتهم بنحو ألف مقاتل، أما النوع الثالث وهم بعض شباب المدينة المغرر بهم، ويشاركون فى هذه المعركة بعضهم بإقناعه أنه يدافع عن مدينته والغالبية يلتحق بهؤلاء بسبب الأموال والرواتب الشهرية، وهؤلاء لا خوف منهم نهائيا فمع بدء المعركة وضرب النيران يتركون سلاحهم ويفرون، وللأسف هؤلاء هم من يدفع بهم فى الصفوف الأولى ويتم قتلهم، وهنا أدعو جميع أهلنا بمدينة درنة أن يمنعوا أبناءهم من الالتحاق بميليشيات الإرهاب لأن حياتهم ثمن هذا الالتحاق.
سيادة اللواء سالم الرفادى تحدثت عن الأحياء السكنية ومحاولة الجيش تجنب حدوث خسائر كبيرة فى المبانى والمدنيين، كيف يتم ذلك؟
هنا قام اللواء سالم الرفادى ليشرح على خريطة كبيرة مثبتة على حائط غرفة مكتبة بمقر قيادة عمليات عمر المختار توضح كل حى بمدينة درنة، وبدأ يشرح لنا أماكن تمركز الجماعات الإرهابية مرقمة بأرقام وبجانبها إحداثيات عسكرية دقيقة وقال إن الجيش الليبى اكتسب خبرة من معركة تحرير بنغازى التى فقدنا فيها آلافا من الجنود ونحاول الآن أن نتعلم من أخطائنا فحددنا خرائط دقيقة لكل حى وكل شارع ورقمنا كل منزل برقم وبإحداثيات، وهو عمل عسكرى كبير جدا تم على مدار سنوات، بحيث عندما يتم إطلاق أى طلقة من أى منزل نستطيع أن نستهدفه فوراً.
والآن ونحن هنا داخل غرفة العمليات تقوم قواتنا البرية بالتقدم فى جميع المحاور وتكبد الإرهاب خسائر فادحة فى الأرواح والمعدات. وقريبا جدا تستطيع أن تزورنا ونتجول معا داخل مدينة درنة.