إذا أردنا أن نتوغل فى دبلوماسية ما وراء الكواليس فى كتاب لعبة الأمم ل “مايلز كوبلاند”، فمن غير المعقول ألا نذكر قواعد تلك اللعبة كما جاءت على لسان مؤلفها ولاعبها ! “ إن من أول أهداف أية أمة أن تبقى فى اللعبة ولا تخرج منها “. غالباً ما تتصرف الأمة بصورة لا تهدف معها إلى إحراز أى نجاح من داخل اللعبة، بقدر ما تهدف إلى استمرار التأييد الجماهيرى لزعيمها. المناورة شرط أساسى لأى زعيم فى اللعبة، فهو لا يظهر ما يبطن ويقول شيئاً ويعنى به شيئاً آخر! ولنتوقف قليلاً أمام شرح وسرد وتخصيص هذا الضابط المخابراتى لصفحات عديدة من كتابه، وتحدثه عن الثورة وإجراءاتها وكيفية التحضير لها ودعمها، والنصائح التى يوجهها بكل جدية وعمق سياسى وسيكولوجى وقانونى أيضاً للثوار.. ويدعوهم إلى الأخذ بزمام المبادرة لإنشاء قاعدة حكم لدعم سلطتهم واللجوء لأساليب القمع فى مراحل الثورات الأولى، ويعتبر التأييد الشعبى الذى لا ينكر دوره وأهميته فى بداية أى ثورة أمرا مؤقتا وزائلا ويوضح دور التنظيمات الشعبية غير التابعة مباشرة لنظام الحكم، وأهميتها فى إنشاء وتكوين “قاعدة للحكم” وحتى لا تقع فى فخ الحكم الديكتاتورى حين تنجح تلك الثورات المدعومة بكل رعايتهم، فلا بد أن تتبع القاعدة التى حددها بهدفين، الأول أن تقدم حلولا لمعضلات سياسية واجتماعية انتشرت وتفشت فى المجتمع، وكانت من أبرز أسباب التحام الجماهير للثورة. وأن تضع دستوراً جديداً يحافظ على مكتسباتها ويخلدها ويمنحها الحصانة الشعبية. وتقوم بإلغاء بعض أو كل المؤسسات السياسية المنتشرة، بدعوى أن الحاجة ملحة لإحداث تغييرات جوهرية، وحتى تفقد بعض الفئات والطبقات السياسية قوتها بالطبع، ليتبقى فى النهاية التكتل الجماهيرى الغوغائى، كما أشار له للدعم والتعزيز الثوري. والسيطرة على بعض السياسيين الذين يخالفون مبدأ الثورة وأهدافها وإخماد أى نشاط حزبى حتى لا يساوى فى القوة السياسية أو الشعبية مستوى القادة الجدد. لذا فيتوجب على من يقود تلك الثورات الاحتكار الكلى للنشاط السياسى عن طريق حزب نموذجى يتألف من منظمة شعبية بنظام ودقة بالغة. وإذا ما تساءلنا ما عناصر المنظمة الشعبية تلك ؟ يجيب علينا مايلز محدداً أنها منظمة يقوم زعماء الثورات بالتعاون مع موظفيهم بإنشائها من الجماهير العريضة من الشعب، ومن مختلف الطبقات والمهن، وتتبنى أفكاراً وأهدافاً وشعارات تقدم فيها نفسها للجماهير بشكل ملائكى يحمل لهم الفضيلة وشعارات الإصلاح والرخاء! وهكذا فى أقرب فرصة للانتخابات يتم الزج بعناصرها لملء كل فراغ داخل الدولة تم بالفعل تفريغه سابقاً. وبالطبع لا يمكن الإفصاح عن النيات الحقيقية لإنشائها، وتظل رحى الاستقطاب لباقى الشعب تدور والتدريب للتهيئة لمهام الحكم أو المؤسسات فى المستقبل لهؤلاء... ومن أهم مهامها هو عدم السماح بحدوث ثورة أخرى أو ظهور منافس على الساحة السياسية ! ومن هنا يستطيع الغرب السيطرة على ثوراتهم داخل البلدان الأخرى بحالة المد الضخم للمنتسبين لهذه الثورات والسلطات الممنوحة لهم والتيسير والتمويل والتسخير لخدمة أهدافهم. ألتقط لكم خيطاً آخر من ذلك الكتاب الذى أشعر وأنا أقرأه للمرة الثانية، أننى أمام طقوس الاعتراف لأحد التائبين والذبيحة كانت متوفرة للأسف فنحن العرب كنا ذبيحتهم !! استخدم “ونستون تشرشل” عبارة “الستار الحديدي” ما الستار الحديدي؟! هو موافقة الحكومة البريطانية على كل أفعال الحكومة الأمريكية “سراً”، وتظاهرها علناً بالرفض لتلك السياسات، خصوصا فى لعبتهم مع السوڤيت بعد ما انسحبت بريطانيا من تركيا واليونان. ومن هنا بدأت لعبة الحرب الباردة ما بين السوڤيت وحلفاء الدم بريطانيا وأمريكا وبدأت الدوائر المختصة بشئون السوڤيت فى الدولتين تطلق عبارة الستار الحديدى للإخفاء والتمويه على كل ما يخص تلك العمليات من أوراق وتحالفات وتحركات لفرض الهيمنة والسيطرة على الأرض. ويدهشنا بواقع أن أكثر ما كان يؤرقهم هو النقص الواضح فى عدد المؤهلين لخوض تلك الحرب الباردة. التى أطلق عليها “الأدميرال ساورز” مدير المخابرات البريطانية اسم “الحرب التى ليست كالحروب” وكيف أنهم يملكون بالفعل عناصر عديدة بشكل قد لا يصدقه القارئ منتشرين فى أوروبا ولكن مشكلتهم الحقيقية هى الشرق الأدنى وإفريقيا! إذن هذه هى الحقائق الواضحة منهم يجندون أتباعا وجواسيس لهم فى كل دولة بأعداد ضخمة، ويدربونهم على أعلى المستويات والتقنيات ولننظر مدخلهم فى تلك اللعبة داخل الدول. من أتباعهم؟ وإلى حقائق قادمة ...