ثلاثة مشاهد تخطى عمرها الثلاثين عاما، أقنعت الفنانة الكبيرة شادية بالوقوف على خشبة المسرح للمرة الأولى، بعد مشوار فنى طويل، وقفت أمام عمالقة المسرح لأداء دورها فى رواية «ريا وسكينة»، وتألقت «الدلوعة» فى الأداء المسرحى، وزاد تألقها، براعتها فى أداء أغانى المسرحية، «شبكنا الحكومة - حبك جننا يا اسمك إيه - شيخ محضر»، وهى الأغنيات التى حفظها الجمهور عن ظهر قلب، وكان يرددها يوميا أثناء العرض، والطريف أنه عندما تم تسجيل تلك الأغنيات للتليفزيون، ظهر صوت الجمهور أعلى من صوت شادية. فى عام 1982، بينما كانت الفنانة شادية فى أوج تألقها الفنى سواء فى السينما أو الغناء، قابلت فى إحدى المناسبات المنتج سمير خفاجى الذى بادرها بالقول: «لماذا لم تقفى على المسرح طوال عمرك الفنى؟» فكان ردها أن المسرح بعيد تماماً عنها ويحتاج إلى تركيز، خصوصا أن رد فعل الجمهور يكون مباشرا. استمرت المناقشة بينهما طويلاً، لكن خفاجى أقنعها بأنه سيحول رواية «ريا وسكينة» إلى عمل مسرحى كوميدي، وبالفعل حتى تطمئن «الدلوعة»، أسند خفاجى كتابة الرواية للعملاق بهجت قمر، وبعد عام عندما انتهى النص، فضل خفاجى أن يكون حسين كمال هو المخرج، لما له من خبرة سينمائية مع شادية حتى يطمئن قلبها ولا تشعر بفارق بين السينما والمسرح. اختار «كمال» الفنانة سهير البابلى والنجم الكبير عبد المنعم مدبولى، وأسند دور «عبد العال» إلى الفنان حمدى أحمد، ومع بداية العرض كان الجمهور يذهب مبكرا لمشاهدة النجمة الكبيرة أثناء دخولها المسرح، وخلال الأيام الأولى للعرض المسرحى، لاحظت سهير البابلى أن شادية تخجل من إلقاء النكات بالطريقة المسرحية، لأنها اعتادت على العمل السينمائى، وهنا قامت سهير البابلى بالحديث مع شادية، وقالت لها: «إن المسرح يحب الحديث بالصوت العالى» ووصفته ب «الردح». بعد النجاح الكبير الذى حققته مسرحية «ريا وسكينة» فى القاهرة، طلب المنتجون الكويتيون أن تعرض الرواية فى الكويت، وبالفعل سافرت فرقة الفنانين المتحدين بقيادة شادية وسهير البابلى وعبد المنعم مدبولى وحمدى أحمد إلى هناك، وفى أول ليلة عرض فتح الستار، وما إن دخلت شادية على المسرح حتى وقف جميع من فى الصالة تحية واحتراما للنجمة الكبيرة، واستمر التصفيق لمدة لا تقل عن عشر دقائق متواصلة، وهو ما أغضب حمدى أحمد الواقف فى الكواليس، فقال: «كفى تصفيق نريد أن نبدأ العمل»، فردت عليه البابلى بأن الجمهور يحب شادية وهى نجمة كبيرة، فقال وأنا أيضا نجم وعضو مجلس الشعب، وسمعته «شادية» التى غضبت من أسلوب حديثه وقالت إنها سوف تتوقف عن التمثيل فى المسرحية، وهنا أقنعها المنتج سمير خفاجى بأن الجمهور الكويتى له حق علينا، ونحن جئنا نسعده، وأنت رأيت كيف يحبك، ووعدها بأنه عند العودة لمصر لا مكان لحمدى أحمد فى المسرحية، وهو ما حدث بالفعل وتم تغييره بالفنان حسين الشربينى، الذى لم يستمر إلى أن وصل الدور إلى أحمد بدير، وكان يعتبر دور العمر بالنسبة له. هل يستطيع فنان مهما كان قدره أن يفرض على الجمهور أن يحبه؟ هذا أشبه بالمستحيل لأن الجمهور يرتبط عاطفياً بنجمه الذى يلامس وتراً بداخل قلوب جماهيره، هذا ما حدث مع النجمة الجميلة شادية التى أحبها الجمهور فى السينما والغناء على حد سواء، وعندما وقفت على خشبة المسرح جرى خلفها، بل إنه فى فصل الصيف، وأثناء عرض المسرحية فى الإسكندرية، وقف الجمهور أمام المسرح، وما إن رأى سيارة تقترب من باب المسرح وبداخلها النجمة شادية والفنانة سهير البابلى، حتى قام بحمل سيارتها.