الوزير خالد فوزى نجح باقتدار فى تقريب وجهات النظر بين حماس وفتح الفصائل الفلسطينية تثمن جهود الرئيس السيسى فى رأب الصدع
صفقة القرن تبدأ بخطوة، والحل المستعصى منذ 70 عاماً بات على مرمى حجر، اللاعب الرئيسى الذى كان دوماً فاعلاً فى الملف الفلسطينى، أصبح جاهزاً لتحقيق الإنجاز التاريخى، المارد المصرى ينطلق من جديد من خلال عمل ماراثونى، ورؤية بانورامية لحل القضية الفلسطينة التى فشلت الحروب والمفاوضات والمحاور والتنظيمات المحلية والإقليمية والدولية فى حلها، الانطلاقة المصرية لحل القضية الفلسطينية، بدأت من رؤية تقوم على أن القضية الفلسطينية هى قضية العرب الأولى والمركزية، وأنه حان الوقت لتوحيد الصف الفلسطينى ونزع ورقة الانقسام من يد إسرائيل، ووضع المجتمع الدولى أمام مسئولياته بعد أكثر من 25 عاماً على اتفاق أوسلو، وأكثر من 60 فيتو أمريكياً، وخارطة طريق وضعها الرباعى الدولى، وحل قائم على دولتين إحداهما للفلسطينيين، وأخرى للإسرائيليين منذ مؤتمر أنابوليس للسلام.
الجغرافيا السياسية والأمن القومى عاملان بارزان فى التحرك المصرى، الذى أشادت به جميع الفصائل الفلسطينية، فلا توجد دولة بالنسبة للقضية الفلسطينية فى الوقت الحاضر والماضى والمستقبل أهم من مصر لتكون صاحبة رأي، وصاحبة موقف، وصاحبة مصلحة فى حل هذه القضية.
الحل المطروح اليوم يقوم على قيام دولة فلسطينية على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدسالشرقية، وإعادة كل الأراضى العربية المحتلة، مقابل أن يكون هناك تطبيع بين العرب وإسرائيل على غرار "النموذج المصرى" فى السلام مع إسرائيل، سلام الشجاعان، والسلام من المنصة العالية دون تفريط فى الثوابت، ودون ارتهان لأطراف كانت دوماً جزءا من المشكلة وليست جزءا من النجاح البداية جاءت من القاهرة الذى استضافت لقاءات لقيادات من فتح وحماس، وبهدوء شديد نجحت الدولة المصرية فى تقديم " رزمة سياسية " بمواصفات سحرية تستجيب لمطالب اللحظة الفلسطينية بعد أن جربت حماس العمل بعيدا عن فتح، وجربت فتح العمل دون حماس، وأقنعت القاهرة قيادات حماس الجديدة الواعية بأن مصلحة الجميع فى عمل فلسطينى موحد، وقبلت حماس إنهاء عمل اللجنة الإدارية فى قطاع غزة، ووصلت حكومة الوفاق الوطنى لتبدأ عملها فى غزة، مع وعد من الرئيس عباس بالتراجع عن الإجراءات الخاصة بالمرتبات ودفع نفقات الطاقة فى غزة فى أقرب وقت لتبدأ فصول المصالحة الفلسطينية الحقيقية من القاهرة كما كانت جولتها الأولى بالقاهرة عام 2007 .
السيسى فى قلوب الغزاوية
وكان لافتاً للنظر انتشار صور الرئيس عبد الفتاح السيسى فى كل الفاعليات التى نظمتها غزة سواء قبل أم بعد وصول رئيس الوزراء الفلسطينى رامى الحمد الله لقطاع غزة، ورفع أبناء القطاع صور الرئيس السيسى وأشادوا بالدور المصرى فى تحقيق المصالحة الفلسطينية.
ووجه الرئيس السيسى كلمة للشعب الفلسطينى خلال اجتماع الحكومة الفلسطينية، أكد فيها ثوابت السياسية الخارجية المصرية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية . وأكد الرئيس عبد الفتاح السيسى، أن مصر كانت دوما الداعم الرئيسى لتحقيق المطالب المشروعة للشعب الفلسطينى، برغم التحديات الجسيمة، التى تواجهها وكانت القضية الفلسطينية فى مقدمة أولويات مصر.
وأضاف الرئيس السيسى "إن القضية الفلسطينية فى مقدمة أولوياتى سواء فى لقاءاتى مع زعماء العالم أم من خلال مشاركة مصر فى جميع المحافل الدولية"، ووجه السيسى كلمته لحكومة الوفاق الفلسطينية قائلا: "إن العالم بأثره يترقب جهودكم لتحقيق الوفاق بين أطياف الشعب الفلسطينى ويثمن اصراركم على تخطى كل العقبات التى أدت إلى التنافر والانقسام.. ولدى إيمان كامل بأن الاختلافات بين مكونات المجتمع الفلسطينى يجب أن يتم حلها داخل البيت الفلسطينى بدعم ومساندات الأشقاء العرب وعدم قبول تدخل أى قوى خارجية فى هذا الشأن".
وتابع: "لعل تجربة السنوات الماضية أثبتت أن الجميع خاسر من الانقسام، ولا مستفيد إلا القوى التى استغلت الموقف لتحقيق أهدافها باستغلال التطرف بين بعض الفصائل الفلسطينية. وأضاف الرئيس السيسى "أعلنت مرارا وتكرارا، أن هناك فرصة سانحة لتحقيق السلام فى المنطقة، شريطة تضافر جهود كل الأطراف وأؤكد: "أننا يجب أن نتعاون جميعا لتأكيد صدق توجهات الشعب الفلسطينى نحو تحقيق السلام العادل والشامل فى المنطقة واستعادة حقوقه المشروعة".
ومضى الرئيس السيسى قائلا: "إن تهيئة المناخ أمام توفير حياة كريمة وآمنة لجميع شعوب المنطقة، يجب أن تكون فى مقدمة أهدافنا وأننى على ثقة أن القوى الكبرى فى العالم، عندما ترى الأطراف الفلسطينية على وعى كامل لطبيعة المرحلة وأهمية الحوار لتحقيق هدف السلام ستساعد على تحقيق هذا السلام الشامل فى المنطقة، بما يلبى تطلعات شعوبنا إلى الاستقرار والازدهار والتنمية، وأؤكد للجميع أننا لا نملك وقتا لنضيعه وأن التاريخ سيحاسب من يتسبب فى إضاعة الفرصة الحالية لتحقيق السلام.
بدوره أعرب الرئيس الفلسطينى محمود عباس، أثناء استقباله لمبعوث الرئيس عبد الفتاح السيسي، الوزير خالد فوزي، والوفد المرافق له عن شكره وتقديره والشعب الفلسطينى للجهود المصرية الرامية إلى طى صفحة الانقسام فى الساحة الفلسطينية، وتعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية، ليتمكن الشعب الفلسطينى من مواجهة التحديات وتذليل العقبات أمام عملية السلام التى تمكن شعبنا، من إنهاء الاحتلال، وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية بإقامة الدولة الفلسطينية.
وأكد أبو مازن أنه أصدر تعليماته الواضحة لحكومة الوفاق الوطني، وكل الهيئات، والمؤسسات، بضرورة التعاون إلى أقصى الحدود، وتذليل أية عقبات أمام إنجاز ما تم الاتفاق عليه فى القاهرة، بعد إعلان حل اللجنة الإدارية، والسير قدما خطوة خطوة لتنفيذ كل بنود اتفاق المصالحة، الذى وقع فى القاهرة، برعاية مصر الشقيقة بتاريخ 4/5/2011. وأضاف رئيس دولة فلسطين محمود عباس، أن لدينا رغبة شديدة فى إتمام المصالحة وبعد 11 عاما، يجب أن تعود اللحمة إلى الشعب الفلسطينى وإلى الأرض الفلسطينية، ونحن نقول: "بدون الوحدة لا توجد دولة فلسطينية".
وقال الرئيس، إن السلطة الوطنية الفلسطينية ستقف على المعابر، ونحن بصدد رؤية التجاوب على الأرض، والمعابر، والأمن، والوزارات. بدوره أكد المبعوث المصرى الوزير خالد فوزى للرئيس عباس، أن مصر ماضية فى رعايتها، لجهود إنهاء الانقسام، ومتابعة خطواتها كاملة، حتى يتم إنهاء كل مظاهر الانقسام، وآثاره. وأضاف، أن مصر ستدعو حركتى فتح وحماس قريبا إلى القاهرة، وفقا لما تم الاتفاق عليه فى القاهرة أخيرا، لتقييم ما تم بشأن تمكين حكومة الوفاق الوطنى من ممارسة مهامها، تمهيدا لعقد اجتماع موسع فى القاهرة لكل الفصائل الفلسطينية الموقعة على اتفاق المصالحة فى 4/5/2011، وذلك للانطلاق نحو تنفيذ كل بنوده وطى صفحة الانقسام.
وخلال كلمته التى وجهها الوزير خالد فوزى لحكومة الوفاق الفلسطينى فى غزة شدد على مجموعة من المواقف، منها أن قضية فلسطين من دعائم الأمن القومى المصرى، ويجب أن نستفيد من الرئيس عبد الفتاح السيسى وقيمه ومبادئه التى أساسها السلام، وأن هناك أطرافا تحاول عرقلة الاتفاق الفلسطينى، وهناك قوى استغلت الموقف فى فلسطين لتحقيق مطامع شخصية، وأن شعب فلسطين عانى كثيرا خلال الفترة الماضية، وأن مصر على استعداد لبذل كل الجهد لتحقيق الوفاق، ولا بد من وجود مؤسسات قوية بفلسطين لتحقيق الأهداف المنشودة، وأن مصر ماضية فى جهودها لإنهاء مظاهر الانقسام، وأن مصر مصممة على طى صفحة الانقسام من خلال تمكين حكومة الوفاق الوطنى.
فى ذات السياق قدم رامى الحمد الله، رئيس حكومة الوفاق الفلسطينى، الشكر للقيادة السياسية المصرية والرئيس السيسى، لسعيهما فى إنهاء الانقسام الفلسطينى، متابعا: "أمن مصر هو أمن فلسطين، والأمن القومى المصرى هو أمن قومى فلسطينى"، مؤكدًا أن الشعب الفلسطينى لن ينسى مواقف الشعب والقيادة والجيش المصرى، الذى ضحى بالآلاف من أجل فلسطين ونحن مدينون للشعب والجيش والقيادة المصرية.
على الجانب الآخر قال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسى لحركة حماس: إن الحركة ستتعاون إلى أبعد مدى من أجل أن تتمكن الحكومة الفلسطينية من أداء مهامها فى قطاع غزة، مضيفًا: "الانقسام الفلسطينى أصبح خلف ظهورنا، وقررنا تقديم أى ثمن من أجل أن تنجح المصالحة الفلسطينية". وأوضح هنية، أن سلاح المقاومة سيبقى موجودًا ما دام الاحتلال الإسرائيلى قائمًا فى فلسطين، مؤكدًا أن هناك سلاحين أحدهما للشرطة وآخر للمقاومة باق طالما الاحتلال الإسرائيلى موجود. وأشار رئيس المكتب السياسى لحركة حماس، إلى أن حماس فى أفضل حالاتها من الناحية العسكرية والسياسية والأمنية، مؤكدًا ذهاب حركته للمصالحة وهى قوية وستصل لأبعد نقطة حتى تحقيقها.
أولى الثمار التى يمكن أن يجنيها الشعب الفلسطينى من المصالحة هى عودة الحياة لمعابر قطاع غزة الستة والتى تشكل المتنفس والمخرج لسكانه، وعدد هذه المعابر ستة.
- بيت حانون (إيريز) ويقع هذا المعبر شمال قطاع غزة، ويعدّ بوابة للعمال، فعبره ينتقل العمال من القطاع إلى الضفة الغربية وإسرائيل، كما كان مخصصاً لمرور التجار والشخصيات المهمة. أغلقت إسرائيل المعبر بشكل كامل بعد أحداث غزة فى حزيران 2007، ولم تسمح إلا بمرور موظفى المؤسسات الأجنبية، وبعض الحالات الصحية الحرجة.
- معبر ناحل عوز الذى يقع شرق مدينة غزة، وهو عبارة عن موقع عسكرى خصصته إسرائيل كمحطة لضخ الوقود والغاز إلى قطاع غزة، وتشتمل نقطة العبور على خزانات للوقود والغاز متصلة بشكل مباشر بأنابيب ترتبط بإسرائيل
- معبر المنطار ويقع شرق مدينة غزة ويعدّ المعبر التجارى الأساسى للقطاع، حيث يربطه بالضفة الغربية وإسرائيل والعالم الخارجي، ويمثل المعبر شريان الحياة للمواطنين الفلسطينيين، وهو يستوعب 400 شاحنة يومياً، إلا أنه شهد بعد أحداث غزة إغلاقاً كاملاً بوجه عمليات التصدير. أما فيما يتعلق بعمليات الاستيراد، فقد شهد عمليات تشغيل محدودة، سمح خلالها بإدخال الدقيق وأعلاف للحيوانات.
- معبر صوفا الذى يقع جنوب قطاع غزة، وهو مخصص أصلاً لاستيراد مواد البناء، إلا أن إسرائيل جعلته بديلاً ثانوياً عن معبر المنطار، لاستيراد الاحتياجات الإنسانية.
- معبر كرم أبو سالم (كيرم شالوم) ويقع جنوب قطاع غزة، وهو مخصص لاستيراد البضائع من مصر واعتمده الاحتلال لاستيراد محدود للبضائع ذات الطابع الإنساني.
- معبر رفح الذى يقع جنوب قطاع غزة ويرتبط بمصر وهو معبر لحركة الأفراد إلى خارج القطاع.
شكوك إسرائيلية
قال رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نيتانياهو فى اجتماع مع أعضاء بالكنيست عن حزبه الليكود إن الفلسطينيين منخرطون فى "مصالحة وهمية، وأشار إلى الدعم المالى الخارجى لحركة حماس التى خاضت ثلاث حروب مع إسرائيل منذ 2008.
وقال فى تصريحات بثها راديو الجيش الإسرائيلى «رؤيتنا لهذا الأمر فى غاية البساطة: الاعتراف بدولة إسرائيل، حل الجناح العسكرى لحماس وقطع العلاقات مع إيران التى تدعو لتدميرنا. وتوقفت المحادثات الإسرائيلية الفلسطينية منذ عام 2014، بسبب مشكلات منها المصالحة بين فتح وحماس والبناء فى المستوطنات الإسرائيلية على الأراضى المحتلة. وقال وزير المخابرات الإسرائيلى إسرائيل كاتس: إن حكومة الوفاق الوطنى الفلسطينية التى وصفها بأنها «حكومة إرهاب» لا يمكن أن تكون شريكا فى السلام. ونقل راديو الجيش الإسرائيلى عن كاتس اتهامه لعباس بتشكيل "حكومة تابعة" وترك إسرائيل "تواجه حماس المسلحة بكل ذخيرتها وصواريخها وأنفاقها دعما أمريكيا. تسعى الولاياتالمتحدة لإنعاش محادثات إقامة دولة فلسطينية. وقال جيسون جرينبلات مبعوث الرئيس الأمريكى دونالد ترامب للشرق الأوسط إن الولاياتالمتحدة تراقب التطورات عن كثب بهدف تحسين الظروف الإنسانية فى غزة، لكنه شدد على ضرورة نبذ الحكومة الجديدة للعنف. وقال جرينبلات " تؤكد الولاياتالمتحدة أنه ينبغى لأى حكومة فلسطينية الالتزام بوضوح ودون لبس بنبذ العنف والاعتراف بدولة إسرائيل وقبول الاتفاقات السابقة بين الأطراف (المعنية) والمفاوضات السلمية".