حملة شرسة وغير أخلاقية تلك التى يتعرض لها الآن عالم من علماء مصر الأجلاء هو الدكتور محمد غنيم، تدفعنى تلك الحملة المجنونة الشعواء للكتابة عن هذا المصرى العظيم الذى وجد نفسه بعد الثورة التى ساهم مع عديد من المثقفين العضويين فى إطلاق شرارتها الأولى وجد نفسه يرفض أن يكون فى موقف الدفاع عن دينه وعن وطنيته، تسببت تلك الحماقة التى ارتكبها بعض المتنطعين من مدعى التدين فى إثارة مشاعر الكثيرين من محبى الدكتور غنيم فاتصل بى عدد من الأصدقاء العاملين فى المحطات الفضائية يعرضون استضافتة الدكتور غنيم ليرد على تلك المهاترات التى تترك مناقشة البرامج والأفكار السياسية لتطعن فى الدين والوطنية بلا مبرر سوى هذا السعار الانتخابى الذى جعل مطلقى تلك الحملة أنفسهم يتناسون دماء الشهداء ويتعاونون مع بقايا النظام لكى ينقذوا ثرواتهم وشركاتهم ولكى يحظوا برضى شيوخ النفط المرتعدين خوفا من انتصار الثورة المصرية. من المؤكد أن الدكتور غنيم محق تماما فى رفضه للدفاع عن نفسه فأى مسلم وأى مسيحى يتمنى أن يكون فى عون الناس كما كان ولا يزال الدكتور غنيم فى عون مرضاه وأى وطنى يتمنى أن يقدم لوطنه ما قدمه هو، فهو مؤسس أكبر مراكز للكلى والمسالك فى الشرق الأوسط وهو نموذج للطبيب المنتمى لأرضه وشعبه من أبناء الفقراء قدم لأجيال من الأطباء الشبان المثل والقدوة فى الإخلاص والتفانى لمهنة الطب، فلم ينشغل بتجارة الأراضى والعقارات كما فعل غيره من مستثمرى جراح وآلام الفقراء ولم يهتم حتى بفتح عيادة أو مستشفى خاص كما هى الحال بالنسبة لكل من هم فى شهرته وآثر أن يمنح كل وقته وجهده لمركز الكلى والمسالك الذى كان ولا يزال قطعة محررة فى محيط الظلم والعنت والتمييز والقذارة والإهمال الذى تشعر به ما إن تخرج للعالم خارج المركز الذى أطلق عليه البسطاء والفقراء" مستشفى غنيم" رغم أنه أحد المراكز الطبية لجامعة المنصورة وكأنهم يعوضون الدكتور غنيم عما فقده من عرض الدنيا ليمنحوه خلودا فى ضمائرهم وقلوبهم ويمنحوه الدعوات التى هو جدير به، ولأن الدكتور غنيم هو يسارى بمعنى الانتماء لجموع الشعب من الفقراء وليس بالمعنى الأيديولوجى للكلمة فقد وقف مؤيدا لمجموعة من شباب ثورة الخامس والعشرين من يناير فى الانتخابات التى تجرى رغم كامل علمهم وعلمنا وعلمه هو شخصيا أنها انتخابات تجرى فى ظروف استثنائية تجعلها أقرب لأن تكون بوابة لإعادة إنتاج القهر والتسلط، ولكن نزولا على رغبة الأغلبية التى تم تغييبها من قبل القوى المدعومة من دول الخليج بالملايين التى تستخدم فى الدعاية و تعبئة الكراتين للفقراء مقابل الحصول على أصواتهم لصالح مستغليهم من أنصار الاقتصاد الريعى المسمى زورا وبهتانا بالاقتصاد الإسلامى، قرر الرجل أن يمنح وقته وصحته وحتى ماله لهؤلاء الشباب الثائر ليس طمعا فى أغلبية قد تم حسمها لصالح التيارات الإسلاماوية التى يؤيدها المجلس العسكرى ولكن من أجل المشاركة فى وضع دستور متوازن يعبر عن كل خصائص هذا الشعب العريق وكل مكوناته الفريدة التى حافظت على تفرده وتميزه على مر التاريخ ودعما من جانبه للثائرين الذين لا يقبلون أن تذهب دماء شهدائنا هباء دون أن تتحقق أهداف الثورة التى عبر عنها شعار " عيش... حرية ... عدالة اجتماعية ". كيف إذن قبل هؤلاء على أنفسهم وضمائرهم أن يشوهوا صورة الرجل العظيم بالحديث عن حزمه فى الإدارة " وعدم تسامحه فى حقوق المرضى قبل خروجه للمعاش " على أنه عنف وديكتاتورية مع المرؤوسين وبالحديث عن انتمائه للفقراء على أنه شيوعية وعلمانية؟، كيف جرؤ هؤلاء على اختلاق الأكاذيب عن رجل صنعه الله من الصدق؟، إن الشعب المصرى العظيم لن يقبل أبدا أن يشوه هؤلاء الطغاة الجدد رموزه الوطنية ولن يقبل أن تلغى مجموعة من المتاجرين بالدين كل تاريخ كفاحه من أجل إنجاز ثورته الوطنية الديمقراطية، إن هؤلاء الذين يحاولون طمس معالم حضارة مصر هم أنفسهم الذين يتطاولون على الدكتور محمد غنيم كما تطاولوا من قبل على الشيخ على عبدا لرازق وطه حسين ونجيب محفوظ وهل محمد غنيم ابن مصر البار بفقرائها سوى أحد هؤلاء العظماء؟