محمود عبد الغفار - تسلمت مصر مبلغ 500 مليون دولار من قطر دفعة أولى من الوديعة القطرية المقدرة بمليارى دولار، وهو ما تماهت معه البورصة التى انتعشت فى ظل وصول الوديعة والمفاوضات مع صندوق النقد الدولى، فيما تزداد التوقعات بانعكاس ذلك إيجابا على الاقتصاد المصرى بإعطاء الثقة به وبتعزيز قوة الجنيه وثبات التصنيف الائتمانى وتمويل العجز بالموازنة. وأكد خبراء مصرفيون فى قطر ل «الأهرام العربى» أن قرار إرسال قطر للوديعة يأتى أولا فى إطار العلاقات الأخوية بين الأشقاء والحرص على تعافى مصر من كبوتها الاقتصادية الطارئة ويعيد للاقتصاد المصرى الذى يمتلك أسسا قوية للنهوض مجددا فى أقرب وقت ممكن، وهو ما سينعكس إيجابا على توفير فرص كبيرة للاستثمارات القطرية والخليجية والعربية والعالمية بما يؤدى إلى انتعاش الاقتصاد المصرى وارتفاع نسبة النمو وتوفير فرص عمل حقيقية . وقد أسهمت الوديعة القطرية وموافقة صندوق النقد على إقراض مصر فى فتح شهية المستثمرين لدخول السوق المصرية الواعدة خلال العهد الجديد لأول رئيس مدنى منتخب من قبل الشعب، وتبدى ذلك فى سعى الحكومة المصرية لإزالة العقبات أمام الاستثمار الخارجى بشكل عام خصوصا العربى وهو ما ظهر فى إعلان وزارة المالية بدراسة العوائق التى كانت تعترض المستثمرين القطريين . الخبير المالى الدكتور بشير الكحلوت قال: إن أى متابع للاقتصاد المصرى يعلم أهمية الوديعة القطرية لدعم احتياطيات البنك المركزى المصرى التى تراجعت لمستويات متدنية نسبيا، مما يؤثر على سعر الصرف وعلى وضع التصنيف الائتمانى وبالتالى يقلل من إمكانية الحصول على قروض . واعتبر أن هذه الوديعة بمثابة قرار أخوى بين الأشقاء، ويعبر عن تفهم قطر لدور مصر الشقيقة الكبرى وضرورة أن تعود لما كانت عليه من الريادة وهو الدور المهم والمطلوب لمصر ولأشقائها العرب . وأوضح الكحلوت أن الوديعة ليست قرضا وإنما دعم لتسيير الأمور فى ظل ظروف الثورة وتداعياتها وما صاحبها من اضطرابات وتظاهرات فئوية وتوقف للعمل وتراجع للإنتاج والسياحة بما يعنى تراجع مصادر للدخل، مشيرا إلى أن هذه ظروف استثنائية ستتغير بعد استقرار هذه الأوضاع وظهور أعمال الحكومة الحالية ودوران عجلة الإنتاج وزيادة الاحتياطات مجددا . ورأى أنه لا توجد مدة محددة لمثل هذه الوديعة لأن الأمر بين أشقاء أولا ومرتبط بتحقيق أوضاع اقتصادية بعينها، مؤكدا أن تحقيق الاستقرار لمصر سيعود بالفائدة على البلدين لانه سيفتح أبواب الاستثمار أمام قطر التى تسعى لاستثمار عوائدها وتبحث عن فرص فى عدد من المشروعات وهو ما سينعكس إيجابا على الاقتصاد المصرى من تعزيز للإنتاج وإيجاد فرص عمل للمصريين. بدوره أكد خبير مصرفى ل «الأهرام العربى» أن الوديعة القطرية تدعم الاحتياطى النقدى لمصر بما يسهم فى قوة الجنيه وثباته ويعطى الثقة فى الاقتصاد المصرى ويؤدى لثبات التصنيف الائتمانى الدولى أو تحسينه ويساعد على توفير الموارد المالية اللازمة لتقليل العجز بالموازنة . وقال الخبير -فضل عدم ذكر اسمه- إن الوديعة تسهم أيضاً فى تحقيق الاستقرار المجتمعى والسياسى عبر كبح جماح التضخم وتشجيع دول أخرى لوضع ودائع مماثلة وتشجيع الدول والأفراد على الاستثمار داخل مصر وتقليل الحاجة للاقتراض بفائدة كبيرة بما ينعكس سلبا على تحقيق الانتعاش الاقتصادى. واعتبر الخبير المصرفى أن الوديعة القطرية ستؤثر إيجابا على تعزيز وزيادة الاستثمارات القطرية خصوصا والعربية والعالمية عموما، مشيرا إلى أن عددا من الشركات والمؤسسات الكبرى فى قطر تستعد بالفعل إلى دخول السوق المصرى . ومن المقرر أن تتسلم مصر باقى الوديعة خلال شهر سبتمبر حسبما قال وزير المالية المصرى ممتاز السعيد عقب تسلم الدفعة الأولى والتى أشاد خلالها بحرص الحكومة القطرية على سرعة تحويل باقى الوديعة، مشيرا إلى أن هذه ليست المساعدة الأولى التى تقدمها قطر لمصر، حيث سبق أن قدمت منحة بقية 500 مليون دولار فى أكتوبر الماضى. وسعيا لتذليل العقبات أمام المستثمرين القطريين طلب السعيد مراجعة جميع استثمارات الجانب القطرى فى مصر وتذليل ما يعترضها من عوائق وهو ما يشى ببداية مرحلة جديدة من تيسير الإجراءات التى كان تحول دون زيادة الاستثمارات واستمرارها ونجاحها. وعلمت الأهرام العربى أن المناخ السياسى الجديد فى مصر إضافة إلى ما عكسته الوديعة القطرية من دعم لأواصر الأخوة بين البلدين قد يحفز الجانب القطرى لفتح بنك مشترك مع الجانب المصرى برأس مال كبير لتعزيز الاستثمارات . وقد اهتمت الصحف القطرية بالتحدث عن هذا المناخ الجديد وأن رجال الأعمال القطريين يتطلعون لضخ استثماراتهم فى مصر, منوهة بأن مجلس الأعمال المشترك بين البلدين سيعقد قبل نهاية العام الجارى ليؤسس لبداية انطلاقة للمستثمرين لدخول السوق المصرية الواعدة وأكبر البلدان العربية من حيث تعداد السكان. وذكرت صحيفة العرب القطرية فى عدد الاثنين 27 أغسطس أن رجال الأعمال القطريين يتوقون لضخ الاستثمارات فى السوق المصرية التى بدأت تلوح فيها أفق التخلص من الانكماش الذى لحق بها بعد ثورة يناير والتى أفضت بجمود الاستثمارات الأجنبية . وأضافت الصحيفة أن رجال الأعمال القطريين وخبراء مصريين أفادوا بأن الوديعة القطرية تنم عن الرغبة الحقيقية فى توفير دعامة من شأنها تمكين الاقتصاد المصرى من النهوض من كبوته، ليعود قادرا على خلق المزيد من فرص العمل التى تعود بالنفع على المواطن أولا والمستثمر ثانيا . ونقلت صحيفة الشرق القطرية فى نفس اليوم عن محرم هلال رئيس المجلس المصرى فى مجلس الأعمال القطرى المصرى أن حجم الاستثمارات القطرية المتوقعة تصل إلى عشرة مليارات دولار (60 مليار جنيه مصري) مشيرا إلى هناك مشروعات استثمارية مطروحة من الحكومة المصرية أمام المستثمرين القطريين منها مشروع شرق التفريعة ببور سعيد ومشروعات الكهرباء وغيرها، بالإضافة للمشروعات على المستوى الفردى. يشار إلى أن قطر تحقق فوائض كبيرة منذ سنوات وتبحث دائماً عن فرص للاستثمارات الآمنة فى الخارج وقد توقعت مجموعة بنك قطر الوطنى فى شهر أغسطس أن تحقق الموازنة العامة للسنة الحالية فى قطر فائضا قيمته 58 مليار ريال (نحو 96 مليار جنيه مصرى) وقالت إن الزيادة مرتبطة بارتفاع أسعار النفط العالمية .