القرارات الاقتصادية رفعت تكلفة مشروعات الإسكان ما بين 25 % إلى 40 % الخبراء: ننتظر انعقاد البرلمان لإقرار العقد المتوازن
تتبنى الحكومة المصرية منذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى رئاسة الجمهورية عدة مشروعات قومية، لعل أهمها مشروع العاصمة الإدارية الجديدة ومشروعات الإسكان الاجتماعى والمتوسط ومشروعات الطرق والكباري، وذلك تحت رعاية وإشراف كل من وزارة الإسكان والهيئة الهندسية للقوات المسلحة، والتى بدورها قامت بإسناد هذه المشروعات لقائمة طويلة من شركات المقاولات الكبرى والمتوسطة والصغيرة، مما أسهم فى انتعاش قطاع المقاولات بصورة غير مسبوقة وبالفعل قامت بتحقيق نتائج مبهرة.
أعلنت وزارة الإسكان أخيراً عن طرح الإعلان التاسع لمشروع الإسكان الاجتماعى من 15 إلى 20 ألف وحدة سكنية بمساحات 90 مترا كاملة التشطيب فى عدد من المدن الجديدة فى 22 محافظة ومدينة جديدة، لكن هذه المرة ازدادت مخاوف من احتمالية عدم استكمال تلك المشروعات بسبب الأزمة التى يتعرض لها قطاع المقاولات فى أعقاب قرارات الإصلاح الاقتصادى التى اتخذتها الحكومة.
وواجهت قطاع المقاولات منذ نوفمبر 2016 عدة أزمات أدت إلى حدوث تعثر جزئى فى تسليم الوحدات السكنية فى مواعيدها المحددة، مما يعرض المشروعات المستقبلية لاحتمالية التأجيل.
لكن سرعان ما تم إنقاذ تلك الأزمة من خلال موافقة مجلس الوزراء قبل أسبوعين على اعتماد المقترحات الخاصة بتحديد أسس وضوابط نسب التعويضات المتعلقة بعقود المقاولات والتوريدات والخدمات العامة السارية خلال الفترة من 1/3/2016 حتى 31/12/2016، التى تكون الدولة أو أى من الشركات المملوكة لها أو أى من الأشخاص الاعتبارية العامة طرفًا فيها، وذلك عن الأعمال المنفذة بداية من 1/3/2016، وحتى نهاية تنفيذ العقد، وذلك ما لم يكن هناك تأخير فى التنفيذ لسبب يرجع إلى المتعاقد.
وتمثلت العراقيل التى واجهت شركات المقاولات، فى قيام الحكومة باتخاذ عدد من القرارات الاقتصادية التى أسهمت فى تغيير تكلفة المشروعات القائمة بنهاية ديسمبر 2016 بنسب تتراوح بين 25و 40 % حسب طبيعة كل مشروع.
جاء أبرز تلك المتغيرات قرار خفض الجنيه بنسبة 14.5 % الصادر فى 14 مارس 2016، ثم تطبيق قانون ضريبة القيمة المضافة فى 7 سبتمبر من نفس العام، الأمر الذى أثر على أسعار جميع السلع مثل حديد التسليح كانت ضريبة المبيعات عليه 8 % وعلى الإسمنت بنحو 5 % وباقى مدخلات المشروعات كانت 10 % أصبحت جميعاً 13 % قيمة مضافة، فضلاً عن ضريبة المبيعات على خدمة المقاولات كانت 2.9 % أصبحت 5 % وفقاً للقيمة المضافة.
وكذلك لا يمكن إغفال العامل الرئيسى وهو قرار تعويم الجنيه فى 3 نوفمبر الماضى مما أثر بزيادات مبالغ فيها على جميع المواد الداخلة فى عقود المقاولات بأعباء تتراوح بين 15-25 % حسب طبيعة كل عقد.
كما أسهم قرار رفع الدعم الجزئى على المواد البترولية فى اليوم التالى للتعويم فى زيادة أسعار المواد التى تستخدم هذه المواد فى تصنيعها مثل الحديد والإسمنت والطوب والسيراميك وخلافه، علاوة على الزيادة فى أسعار النقل والانتقالات. هذا إلى جانب قرار رفع سعر الفائدة على الإقراض الذى تبع قرار التعويم بمقدار 3 % دفعة واحدة، ما أثر بدوره على فائدة الإقراض على تمويل البنوك لعقود المشروعات الجارية. قال المهندس سهل الدمراوي، عضو اتحاد مقاولى التشييد والبناء، وعضو شعبة الاستثمار العقارى باتحاد الغرف التجارية: إن الهيئة الهندسية للقوات المسلحة وهيئة المجتمعات العمرانية مسئولتان عن إتمام هذه المشروعات فى الوقت المحدد والمتفق عليه مسبقاً وفقاً لتواريخ تسليم الوحدات السكنية فى المحافظات المختلفة. وتابع، أنه فور اعتماد ضوابط الصرف من جانب رئاسة مجلس الوزراء، فإن أكثر من نصف الشركات التى توقفت عن العمل خلال الفترة الماضية ستعود للسوق من جديد بعد أن خرجت منه على إثر الخسائر التى حققتها منذ نوفمبر الماضى وأسفرت عن تأخرها فى مواعيد تسليم المشروعات المسندة إليها. ولفت “الدمراوي” إلى أن هيئة المجتمعات لا تمتلك شركات تعمل تحت يدها ولكنها تملك الإدارة المتحكمة فى أغلب الشركات من خلال اتحاد مقاولى التشييد والبناء الضامنة لتنفيذ المشروعات فى الأوقات المحددة مسبقاً فهى المسئولة عن توفير التمويلات للشركات واستلام المشروعات وفق المواصفات المطلوبة، ولا توجد شركة تستطيع البناء قانوناً إلا إذا كانت خاضعة لاتحاد التشييد والبناء وتنقسم هذه الشركات إلى شركات قطاع عام أو قطاع خاص. من جانبه كشف المهندس شمس الدين يوسف، رئيس شركة الشمس للمقاولات، وعضو مجلس إدارة اتحاد مقاولى التشييد والبناء إن جداول وأسس صرف تعويضات المقاولين اعتمدت من جانب اللجنة التنفيذية المذكورة فى القانون وأرسلت لمجلس الوزراء الذى وافق عليها، الأمر الذى يعنى أن الشركات سوف تصرف مستحقاتها خلال الأيام القليلة المقبلة. وأشار إلى أنه فور تسلم التعويضات، فإن الشركات سوف تنطلق لاستكمال المشروعات التى بحوزتها، بالرغم من أن تلك التعويضات لن تعوضها بالكامل عن خسائرها المحققة فى أعقاب التعويم، إلا أن قطاع المقاولات معتاد على مثل هذا النوع من الأزمات الذى يستطيع من خلاله استكمال مشروعاته بأقل قدر من التمويل. وتابع “يوسف” أنه من الصعب التعرض مرة أخرى للأزمة التى تسبب فيها تعويم الجنيه وما نتج عنه من فروق أسعار مستلزمات البناء، لافتاً إلى أن القانون الحالى تفادى تكرارها مستقبلاً، فالمشروعات الجديدة المسندة منذ بداية العام الحالى لديها معاملات تغير لمعظم بنود المشروع من مواد بناء أساسية كحديد وإسمنت إلى مستلزمات الكهرباء والسباكة وغيرها من أعمال التشطيبات. وأضاف أن المقاول سيقابل فقط أزمة سيولة فى البداية ولكنه سيصرفه لاحقاً بعد قرابة ال 5 أشهر بعد صدور بيانات الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء وطبقا للقانون تعدل بنود العقد كل 3 شهور تعاقدية لمراعاة فروق الأسعار. وزارة الإسكان حددت جداول استرشادية عندما تطرح المشروعات تضع المعاملات القابلة للتغير حتى أصبحت تغطى كافة البنود فى العملية، مشيراً إلى أن هناك تحرك فعلى نحو إقرار قانون العقد المتوازن فى دورة انعقاد البرلمان القادمة بالإضافة إلى مناقشة تعديلات القانون 89 بما يتواكب مع العقد المتوازن، وهو يسمى “عقد الفيدك المصري” الذى يقوم على إعادة صياغة بنوده لجنة متخصصة برئاسة رئيس الوزراء وتضم وزراء الإسكان والمالية والتخطيط والاستثمار إلى جانب مناقشة التعديلات المستهدفة للقطاع بقانون العمل الجديد الذى أعدته وزارة القوى العاملة إلى جانب التشريعات التى تخدم تنفيذ المشروعات القومية. وأضاف أنه وفقاً لعقد الإذعان الحالى فالمقاول يقوم باحتساب المخاطر بنسبة أكبر من المفترض احتسابها ما يعنى تكلفة أكبر بالتبعية، ولكنها سيتم تلافيها من خلال العقد المتوازن عندما يتم إقراره، والذى يعطى حقوقاً وواجبات متساوية بين طرفى العقد. قال محمد إسماعيل، عضو لجنة الإسكان بمجلس النواب إن هناك ضوابط لصرف تعويضات المقاولين حيث لا يتم صرف المقابل الزيادة لأى عقود مبرمة، بل ستكون للمجموعة المتضررة فقط، مشيراً إلى أنه من المفترض إصدار قانون العقد المتوازن خلال الفترة المقبلة الذى يرتبط بسعر المكونات والأيدى العاملة مع تحديد هامش ربح محدد حتى يكون مصاحب لتعويض المقاولين. وشدد على أنه لابد من تعديل قانون المناقصات والمزايدات أيضاً حيث يضم 7 مواد، قدمه اتحاد التشييد والبناء الذى إذا ما تم إقراره لن تكون هناك حاجة إلى قانون تعويضات المقاولين مرة أخرى.