تنبذ المجتمعات العربية التحرش بكل أشكاله الجسدية واللفظية، لكنها مع هذا لم تترجم ذلك إلى قوانين حقيقية تعاقب المتحرش على أرض الواقع... حتى إن هناك بعض الدول التى تخلو قوانينها من مجرد التعريف بمصطلح التحرش الجنسى . وتعتبر العراق من أوائل الدول العربية التى وضعت قانونا يجرم التحرش بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو غرامة مالية فى حين تعد جزر القمر أكثر دولة عربية تتمتع فيها المرأة بقدر لا بأس به من الحرية الاجتماعية ويعاقب القانون على الانتهاكات الجنسية، حيث إن نصف نزلاء سجن مورونى بجزر القمر محبوسون لإدانتهم بالاعتداء الجنسى حسب تقارير البنك الدولى وبرنامج الأممالمتحدة الإنمائى والخارجية الأمريكية، وحسب تقرير لرويترز فإنها أفضل دولة عربية يمكن أن يعيش بها النساء. أما سائر الدول العربية فقد تراوحت فيها شدة العقوبات الخاصة بالتحرش الجنسى، ففى سوريا يعاقب من تحرش لفظيا بالإناث، بعد التقدّم بشكوى بالحبس من يوم إلى أسبوع، أو بغرامة مالية من 100 إلى 300 ليرة سورية. بينما تصل العقوبة فى السودان إلى 6 أشهر .
وتصل العقوبة إلى السجن 5 سنوات كما والمملكة العربية السعودية وغرامة قدرها 500 ألف ريال، أو بإحدى العقوبتين. أما فى الإمارات فالتحرش اللفظى يعاقب عليه بالسجن لسنة واحدة بالإضافة إلى غرامة مالية تصل قيمتها إلى 10 آلاف درهم.. وفى حال ملامسة المرأة أو محاولة الاعتداء الجسدى بالإكراه تعتبر هذه الجناية بمثابة محاولة اغتصاب عقوبتها السجن مدى الحياة أو 25 عاماً. وفى حال تم ارتكاب فعل الاغتصاب تصل العقوبة فى بعض الحالات إلى الإعدام.
وبالنسبة لملاحقة النساء سراً أو اختلاس النظر من خلال ثقب الباب أو الكاميرا ، فتعتبر هذه الجناية انتهاكاً لحياة المرأة الخاصة، ويعاقب المتهم بالسجن لمدة تصل إلى 15 عاما.
دول بلا قانون للتحرش أما فى عمان فلا توجد مادة صريحة لعقوبات التحرش ولكن يعاقب مرتكبى جرائم التحرش ضمن جرائم إهانة الكرامة التى تصل عقوبتها إلى السجن من عشرة أيام إلى ستة أشهر أو بغرامة لا تتجاوز عشرة ريالات. لكن المشرع العمانى لم يذكر لفظ التحرش الجنسى أو ما يماثله فى القانون، كذلك الحال فى البحرين، حيث لا يوجد تعريف قانونى لمصطلح التحرش الجنسى. برغم أن قانون العقوبات اللبنانى لا يحوى تعريفاً للعنف الجنسي، لكنه يتضمن مجموعة أحكام ينطبق عليها توصيف العنف الجنسي. ضمن سبعة أنواع، منها «الاغتصاب»، «فض البكارة»، و«تسهيل وممارسة الدعارة». أما التحرّش، فلا ذكر له فى قانون العقوبات، «لكن قوى الأمن الداخلى كانت أكثر وعياً فى معالجة شكاوى التحرّش من القوانين نفسها. واهتم القانون الفلسطينى بالأطفال فقط حيث إن المادة (405) من قانون العقوبات تنص على أن يعاقب المتحرش بالطفل أو الطفلة بالحبس مده 6 أشهر، وبغرامة قدرها 300 دينار، ويُضاعف العقاب إذا ارتكب الجانى الفعل بشخص من ذوى القصور الذهنى أو البدنى الذى يعوق تصديهم للجاني، ولا تقل العقوبة عن الحبس لمدة سنتين إذا كان الفاعل أحد الأصول أو الفروع أو من المتولين بالتربية أو الملاحظة أو ممن لهم سلطة وظيفية أو فعلية على الضحية.
صعوبة الإثبات على الجانب الآخر هناك دول عربية وضعت تشريعات لعقاب المتحرش، لكنها فى الوقت ذاته شروط معقدة لإثبات واقعة التحرش بما يؤدى فى نهاية المطاف إلى إفلات الجانى من العقوبة. ففى موريتانيا، لا يعاقب القانون مرتكبى جرائم الاعتداء على الأنثى وحتى فى جرائم الاغتصاب، كما أنه يهدر حق الضحايا بسبب نواقصه، وأبرزها: صعوبة إثبات ارتكاب الجريمة أمام القضاء، إذ لا بد من إقرار الشخص نفسه بأنه هو الفاعل، أو شهادة أربعة رجال تتحد رؤيتهم لارتكاب الفعل، وهو أمر مستحيل. بينما اشترط المشرِّع الليبى لتكامل جريمة الفعل الفاضح والتحرش بأنثى، ارتكاب السلوك المُجرَّم فى محل عام أو مفتوح أو معروض للجمهور، بما يفيد بأن التحرش الجنسى الذى يقع داخل الأماكن المغلقة فى صورة فعل فاضح لا يسأل عنه مرتكبه، وفق أحكام المادتين 420 و421 من قانون العقوبات الليبي، لأن ركن علانية الجريمة غير متوفر.