مبدئيا أنا لا أمتلك كشكا لحل المشاكل.. ولا أتناول الحياة إلا كتركيبة متكاملة مبنية على أسلوب، وأتفاعل من الكيانات والأرواح من حولى بشفافية، لذلك كان على أن أنصت إلى صوتها المبحوح وهى تتمنى الموت ما عنديش أى رغبة فى الاستمرار ولا طاقة لأى حاجة إلا الموت .» فأجبتها بأننى لا أتنصل، فكل منا يمر فى أوقات بتفكير كهذا.. نحن نقول هذا من ضعفنا وهواننا على الناس .. لكن « لاء » فرغم رغم الرغم سنخرج من نظرتنا الضيقة وننظر للحياة كمنحة .. من الممكن أن تكون صعبة المراس ومتعبة فى الإرضاء أو استيفاء شروط متابعتها وثقيلة فى متطلباتها .. لكن بها ما يستحق .. الحياة تستحق .. هذا الإحساس لا يمكن إنكاره .. لكن دعينا نقول افتح لنا الأبواب يا مفتح الأبواب .. والموت يا صديقتى «جاى جاى» .. لماذا نتعجله؟! .. هل لنضيق الخناق على أنفسنا!؟ «هو برضه كده كده مش هيجى إلا فى أوانه » .. حتى لو أوانه بعد خمس دقائق سنكون فيها نفعل أشياء حلوة للحياة .. «اخزى الشيطان وورينى ضحكتك الجميلة». إنها تلك الرائحة دوما التى نتعرف بها على ذواتنا وتتيح لأرواحنا أن تتآلف. أبلغ من العمر الخامسة والأربعين. جميلة وجذابة للغاية بناء على كلام من حولى.. كان عمرى 12 عاما حينما قررت أننى سأكون امرأته .. صبية فى الصف الثانى الإعدادى أحببت الشاب الرياضى مفتول العضلات .. كان وسيما ويحبنى ونحلم معا بمستقبلنا .. عرفت أمى بأمرنا.. كانت تصرخ وتولول بأن ابنتها «المفعوصة» تفعل مثل أبطال السينما والروايات .. كانت تشكو للأهل والجيران .. كانت أمى تخفى التليفون فى الدولاب وتغلق عليه بالمفتاح.. كنت أذهب إلى النادى بمعاناة.. عشت التجربة مع أمى وكأننا عدوتان لدودتان للأسف . كان يشكل رسوبه وتأخره الدراسى مقابل تفوقى عثرة فى وجه ارتباطنا . لن أسهب فى الحكى عن الماضى برغم أنه يشكل كثيرا مما أعيشه الآن كأمور مترتبة عليه.. لكننى سأحدثكم عما لقيته من الرجل الذى أحببته وضحيت لأجله براحتى، وأنا أظن أننا وجهان لعملة واحدة بحب وعشق وغرام وحتى محاولات انتحار . ومررت بمأزق إقناع أمى التى ربتنى وحيدة كامرأة مطلقة لا يشغلها فى الحياة سواى ولا تنتبه لشىء سوى راحتى.. وبعد أن وافقت أمى بأساليب ملتوية وتحريضات من حبيبى استطعنا أن نقنعها وبناء على ظروفه المادية السيئة .. أقنعناها بالإقامة معها بمنزلها مانحين لها الآمال الجميلة بحياة مريحة .. نعم تزوجنا ولم نكن قد تخرجنا وبالتأكيد فهمت ما قصدته بالأساليب الملتوية .. حيث بكيت لها ليلة كاملة لم تعرف سببها ثم صارحتها فى الصباح الباكر أننى أخاف من أن أكون حاملا من حبيبى .. بهتت أمى وباتت مذهولة ولم تنطق بحرف غير أنها طلبت منى اليوم التالى أن يحضر وأسرته لطلب يدى وأنها ستوافق، وأخبرتنى أنها مستعدة لتقبل كل ظروفه والتغاضى عن المهر مقابل شبكة محترمة تسكت بها الألسنة وادعاء رقم عظيم لمهر لن يدفعه!! المهم.. حدث ما رتبناه ربما بشكل أكثر جودة مما تخيلناه ولشهر واحد ظننت أننى أصبت الاختيار وكذلك أمى .. حتى ظهر الوجه الآخر لحبيبى كزوج شرس .. فى ثورات غضبه لا يرى ولا يقدر أحدا.. فأذاقنى أنا وأمى الويلات وهى صاغرة بعد أن بشرتها بحملى بعد شهرين من زواجنا .. عشت معه على سطح صفيح ساخن أعانى ويلات الشك والحقد والأمراض النفسية الناجمة عن عدم ثقته بنفسه التى صب جامها على جسدى الذى تورم، وعينى التى كدت أفقدها فى إحدى ليالى جموحه.. عشت أعانى الشيزوفرينيا القاتلة بسبب الضرب المبرح ثم البكاء وتقبيل يدى وقدمى ندما.. لأتلقى بعد يومين نصيبى وابلا من الركلات واللكمات .. عشت أنا وأمى وتحملنا لدرجة أنها كانت خوفا على من ويلات الطلاق التى مرت بها وعانت جراء تصميمها على ترك أبى .. أخذت تدعمنى بطريقتها وتحثنى على الصبر إيمانا منها أن «ضل راجل ولا ضل حيطة» .. وعشت يا سيدتى سنوات وأنجبت ولدا وبنتا رغم ما كانا يرونه من سوء معاملة أبيهما لى فإنهما كانا يفضلانه ويخشيان «زعله» ويحبانه بشكل مفرط فقد سقاهما عدم المبالاة بى والسخرية منى وكأننى لست أمهما . عشت أكثر من 23 عاما أتحمل الإهانات وأزدرد الشتائم وانزويت لدرجة ظننت أن مشاعرى نبعها قد جف.. عشت وتحملت حتى وفاة أمى .. وبعد 4 أشهر وكأننى بركان فاضت حممه.. انتفضت ككائن أسطورى .. طلبت الطلاق وبعد صراع وصراخ وافق .. كنت أصرخ فيه عند المأذون «دمرت حياتى ومستقبلى وجعلتنى حطاماً» .. استغرقنى الأمر شهورا لأمر بمحنة طلاقى وتجاوز خسائرها المادية والمعنوية .. لن أخفى عنك سرا بأننى لا أشعر بسعادة كبيرة بعيدا عنه وعن ابنى .. لكن ربما أشعر كما لو كنت قد تحررت من العبودية .. وهذا يلخص لك يا سيدتى الثقل الذى تخلصت منه .. ما أحكيه لك لا يحتاج حلا .. لكننى أعيش الآن حائرة كمن ولدت من جديد وعمرى ليس إلا 20 عاما!! .. السن التى تزوجت فيها .. آمال عريضة تداهمنى وأنا أقترب من الخمسين .. فربما أستطيع أن أعوض ما خسرته فى حرب استغرقت 25 عاما من صدمات نتجت عن الضرب والعدوانية وشح المشاعر .. الحق أقول لك .. أفكر فى حياتى وفى جاذبيتى وملاحتى التى كدت أفقدهما .. أفكر فى العواطف التى جدبت وأجدنى عطشانة لوجود رجل حقيقى فى حياتى .. لكن للأسف أقول لنفسى إننى فعليا لم أعرف سواه طوال عمرى منذ أن كنت طفلة .. أتظنين أننى يمكن أن أبدأ حياة لها معنى كامرأة مرة أخرى؟!!! س.س. ر الزمالك
سيدتى الجميلة .. بعض النساء يعتبرن الطلاق نهاية لحياتهن .. لكن لحسن الحظ أنك فاجأتينى بعد المأساة أو الملهاة التى مررتى بها أنك مشرقة ومقبلة على الحياة التى تأملين بأن تكون ذات معنى .. وإن كنت - كما تدعين - فى حيرة من أمرك .. فاحمدى ربك أنك لم تدخلى فى حالة اكتئاب وعزلة .. ولم تعتقدى أن الحل هو عدم تكرار التجربة الفاشلة .. وربما ما لفت نظرى أنك أيضا تجاوزت فكرة العنف الزوجى والضرب، ولقد أثار ذلك إعجابى الشديد بأنك اقتنعت أن الأمر لا يمكن الاستمرار فيه لآخر العمر .. ربما تأخرت بعض الشىء نتيجة سلبية والدتك فى التعامل مع مشكلاتك باعتبار أنك لو طلقت ستكررين مأساتها، وذلك التفكير مرعب حين يسيطر على الأمهات ويدمرن به حياة بناتهن .. لكن يا صديقتى ربما أشم تلك الرائحة المفعمة بالإيجابية من رسالة أخرى تصلح لدفعك لإتمام ما تنتوينه.. «حياتى لم تتوقف بعد الطلاق وسأستمر فى تحقيق ما أصبو إليه .. فقد تزوجت وعمرى 31 عاما، أى كنت عانسا ثم مطلقة بعد عام ونصف عام زواجاً.. لقد تعجلت الزواج منه لأننى اعتبرت أن التأخير بلا معنى، ففارق العمر المثالى 6 عوام، وهو عريس جاهز ومنصبه مهم وصفاته التى لاحظتها لا شائبة فيها .. لكن كالعادة فى قصص الزواج والطلاق وجدت شخصاً مختلفاً بعد أسبوعين .. عصبياً وبذىء اللسان ويعاملنى كجارية بالضرب .. ثم كان طلاقا سهلا .. فهروبا أعفيته فيه وأبرأته من جميع حقوقى .. حياتى لم تنته بعد الطلاق بالعكس .. وحصلت على الماجستير .. وقابلت صديقا قديما عرض على الزواج ونعد منزل الزوجية الآن». أتمنى لك حياة حلوة مع شريك يقدرك.