التموين: مواقع استلام القمح تفتح أبوابها أمام المزارعين خلال إجازة شم النسيم    محافظ المنيا يتابع استعدادات بدء التصالح في مخالفات البناء    محافظ المنيا يوجه بتنظيم حملات لتطهير الترع والمجاري المائية    هروب من موت إلى موت.. فلسطينيون يتحدثون عن ساعات الرعب وسط أهوال مرتقبة في رفح    بوريل: أوامر الإخلاء الإسرائيلية للمدنيين في رفح تنذر بالأسوأ ومزيد من الحرب والمجاعة    جدول ترتيب الدوري الإنجليزي 2023-2024 قبل مباراة مانشستر يونايتد وكريستال بالاس    محافظ مطروح يشهد فعاليات النسخة الأخيرة لبرنامج شباب المحافظات الحدودية    بالصور - تتويج زياد السيسي بالذهبية التاريخية في بطولة الجائزة الكبرى للسلاح    بالصور.. تهشم سيارة مطرب المهرجانات عصام صاصا في حادث اصطدام شاب ووفاته أعلى دائري المنيب    تعرف على إيرادات فيلم شقو    بعد إصابته بالسرطان.. نانسي عجرم توجه رسالة ل محمد عبده    المستشار حامد شعبان سليم يكتب :الرسالة رقم [16]بنى 000 إن كنت تريدها فاطلبها 00!    الري تفتح الحدائق والمزارات أمام المواطنين في احتفالات شم النسيم    فان دايك يكشف موقفه من الرحيل عن ليفربول نهاية الموسم    نزوح أكثر من ألف أسرة بسبب الفيضانات في أفغانستان    التعليم تعلن تعليمات عقد الامتحانات الإلكترونية للصفين الأول والثاني الثانوي    مصرع شخصين وإصابة 3 آخرين في حادث بالوادي الجديد    باحث فلسطيني: صواريخ حماس على كرم أبو سالم عجّلت بعملية رفح الفلسطينية    أحمد إمام يفوز بعضوية مجلس إدارة الاتحاد المصري لتمويل المشاريع المتوسطة والصغيرة    وزير الأوقاف يجتمع بمديري المديريات ويوجه بمتابعة جميع الأنشطة الدعوية والقرآنية    6 مشروبات مهمة يجب تناولها عقب وجبة الرنجة والفسيخ في شم النسيم    ختام فعاليات المؤتمر الرابع لجراحة العظام بطب قنا    معهد أمراض العيون: استقبال 31 ألف مريض وإجراء 7955 عملية خلال العام الماضي    مصر تحقق الميدالية الذهبية فى بطولة الجائزة الكبرى للسيف بكوريا    حبس المتهمة بقتل زوجها بسبب إقامة والده معها في الإسكندرية    «الصحة»: إجراء 4095 عملية رمد متنوعة ضمن مبادرة إنهاء قوائم الانتظار    متى يُغلق باب تلقي طلبات التصالح في مخالفات البناء؟ القانون يجيب    متروكة ومتهالكة في الشوارع.. رفع 37 سيارة ودراجة نارية بالقاهرة والجيزة    أسهلها الدفع أونلاين.. تعرف على طرق حجز تذاكر القطارات لكافة المحافظات (تفاصيل)    على مائدة إفطار.. البابا تواضروس يلتقي أحبار الكنيسة في دير السريان (صور)    5 ملفات تصدرت زيارة وفد العاملين بالنيابات والمحاكم إلى أنقرة    إيرادات علي ربيع تتراجع في دور العرض.. تعرف على إيرادات فيلم ع الماشي    "كبير عائلة ياسين مع السلامة".. رانيا محمود ياسين تنعى شقيق والدها    في ذكرى ميلادها.. محطات فنية بحياة ماجدة الصباحي (فيديو)    لماذا يتناول المصريون السمك المملح والبصل في شم النسيم؟.. أسباب أحدها عقائدي    مفاجأة.. فيلم نادر للفنان عمر الشريف في مهرجان الغردقة لسينما الشباب    وسيم السيسي: قصة انشقاق البحر الأحمر المنسوبة لسيدنا موسى غير صحيحة    زيادة قوائم المُحكمين.. تحديث النظام الإلكتروني لترقية أعضاء هيئة التدريس    طارق العشرى يُخطط لمفاجأة الأهلي في مواجهة الثلاثاء    جامعة أسيوط تنظيم أول مسابقة للتحكيم الصوري باللغة الإنجليزية على مستوى جامعات الصعيد (AUMT) 2024    الرئيس الصيني: نعتبر أوروبا شريكًا وتمثل أولوية في سياستنا الخارجية    "دور المرأة في بناء الوعي".. موعد ومحاور المؤتمر الدول الأول للواعظات    هل أنت مدمن سكريات؟- 7 مشروبات تساعدك على التعافي    ضبط 156 كيلو لحوم وأسماك غير صالحة للاستهلاك الآدمي بالمنيا    التعليم تختتم بطولة الجمهورية للمدارس للألعاب الجماعية    موعد عيد الأضحى لعام 2024: تحديدات الفلك والأهمية الدينية    مفاجأة عاجلة.. الأهلي يتفق مع النجم التونسي على الرحيل بنهاية الموسم الجاري    إزالة 9 حالات تعد على الأراضي الزراعية بمركز سمسطا في بني سويف    مقتل 6 أشخاص في هجوم بطائرة مسيرة أوكرانية على منطقة بيلجورود الروسية    فشل في حمايتنا.. متظاهر يطالب باستقالة نتنياهو خلال مراسم إكليل المحرقة| فيديو    ولو بكلمة أو نظرة.. الإفتاء: السخرية من الغير والإيذاء محرّم شرعًا    أول تعليق من الأزهر على تشكيل مؤسسة تكوين الفكر العربي    بالصور.. الأمطار تتساقط على كفر الشيخ في ليلة شم النسيم    "احنا مش بتوع كونفدرالية".. ميدو يفتح النار على جوميز ويطالبه بارتداء قناع السويسري    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 6-5-2024    قصر في الجنة لمن واظب على النوافل.. اعرف شروط الحصول على هذا الجزاء العظيم    البحوث الفلكية تكشف موعد غرة شهر ذي القعدة    قادة الدول الإسلامية يدعون العالم لوقف الإبادة ضد الفلسطينيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشروع واشنطن بدأ بالعراق ويستفيد من "الثورات"..الشرق الأوسط على حافة الهاوية الأمريكية

لا يبدو أن الولايات المتحدة قد تخلت عن مشروع الشرق الأوسط الكبير ومبدأ الفوضى الخلاقة الذى أبتدعته إدارة الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش، وثمة من يرى أن ما تعرضت له المنطقة العربية من ثورات وصفت بثورات الربيع العربى هى نتيجة سواء بشكل مباشر أو غير مباشر لهذا المشروع، وذلك المبدأ وإن كانت هذه الرؤية لا تنسجم مع حقائق الأمور التى ترتكز على أن شعوب المنطقة فاض بها الكيل من استمرار النظم المستبدة فثارت مندفعة مطالبة بحقوقها فى الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية وبالتأكيد فإن الغرب - وتحديدا واشنطن - سارعت إلى محاولة احتواء هذه الثورات من منطلق المحافظة على مصالحها فى المنطقة، وهو أمر لا يؤثر سلبا على مسار هذه الثورات والتى ترى أنه من مصلحتها ألا تعادى طرفا خارجيا ألا من يحاول انتهاك حقوق شعوبها وهو ما يلمسه المرء فى أغلب ثورات الربيع العربى، فهى لم تعلن معاداتها للغرب والقوى الكبرى، ولكنها تؤكد على استقلالية قرارها الوطنى وحماية أمنها القومى!! فى محاولة للقراءة المتعمقة فى مشروع الشرق الأوسط الكبير ومبدأ الفوضى الخلاقة التى حفرته كوندليزا رايس، وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة التى كانت عنوانا لمرحلة وضعت نصب عينيها المنطقة العربية لتضعها ضمن سياقات الإستراتيجية الغربية وبما يصب فى النهاية فى مصلحة إسرائيل الحليف الإستراتيجى الأول فى المنطقة استطلعت "الأهرام العربى" رؤية الدكتور عزمى خليفة الأكاديمى والدبلوماسى السابق بوزارة الخارجية، إلى جانب فريق من الباحثين المتميزين بمركز الخليج للدراسات الإستراتيجية الذين أبدوا حماسا قويا للتفاعل مع التساؤلات التى طرحناها وكانت تتركز فيما يلى: كيف تقرأ تداعيات مشروع الشرق الأوسط الجديد والفوضى الخلاقة التي طرحتها الإدارة الأمريكية قبل سنوات عربيا بشكل عام وخليجيا بشكل خاص؟ وهل حقق أيا من أهدافه حتى الآن وما التحديات التي تواجهه في المنطقة العربية؟ إلى أي مدى يمكنأن تشكل ثورات الربيع العربيجزء من هذا المشروع أم أنها تشكل تحديا له؟ هل هناك إمكانية لتطبيق هذا المشروع مجددا في المنطقة العربية؟ وجاءتالاجابات متنوعة ثرية على النحو التالى: بدايةيتساءل الدكتور عزمى خليفة، بعد مرور عام ونصف العام على انطلاق ثورات الربيع العربي في تونس ومصر واليمن وليبيا وسوريا، فلماذا فشل المحللون السياسيون في التنبؤ بهذه التغييرات قبل حدوثها؟ وكيف يمكن توصيف ما حدث؟ هل هو ثورات بوسعها أن تغير المنطقة على غرار ما حدث بعد ثورة الضباط الأحرار فى مصر فى يوليو 1952؟ أم أنه مجرد تغيير سياسي لم تتحدد بعد مختلف أبعاده؟ ومن ثم يفتح الباب امام تحولات مختلفة فى كل بلد على حدة؟! وليس هناك اتفاق على إجابة واحدة عن هذين السؤالين - كما يقول – لكنها متعددة, فهناك من يؤكد أن هذه الثورات نتيجة انفتاح العالم بفعل العولمة, وبالتالى فهذه الثورات تمثل تطلعات مشروعة لشعوب المنطقة. إلا أن الحالة البحرينية دحضت هذا التفسير، لأن من ثار فيها إحدى طوائف الشعب وليس الشعب بمختلف طوائفه على عكس جميع حالات الربيع العربى، ففى مصر كان المسلم إلى جوار المسيحى، وفتحت الكنائس القريبة من ميدان التحرير بالقاهرة أبوابها للمسلمين للوضوء بها استعدادا للصلاة وكان المسيحى يحرس المسلمين خلال الصلاة والعكس صحيح. وهناك كم يري بأن ما حدث كان ضرورة بعد أن ساءت الأمور فى بلاد الربيع العربى إلى أسوأ درجاتها، إلا أن الواقع يناقض ذلك أيضا فثمة دول ساءت الأوضاع فيها على نحو يفوق دول الربيع العربى ولم يصلها الربيع العربى، كما أن التغيير لم يقتصر على الدول العربية، فثورة الخيام فى إسرائيل هى الترجمة العبرية للربيع العربى، وإيران تشهد حركة احتجاجية تنذر بالتغيير. وهناك تفسير ثالث لما جرى يتمثل فى أن العالم سبق وشهد ثلاثة أنماط من قبل لسلاسل الثورات فى العالم، الأولى فى ثلاثينيات القرن التاسع عشر، والثانية كانت عام 1848، فى أوروبا، والثالثة فى وسط أوروبا عام 1989، وأن جميع هذه الثورات فشلت، إلا أن التاريخ يؤكد أن ثورة 1848، كانت أقوى سلسلة ثورات فى التاريخ، لأنها بالرغم من فشلها على مستوى المؤسسات، أى أنها لم تنجح فى تغيير نظم الحكم، إلا أنها نجحت فكريا لأنها طرحت كل الأفكار التى حكمت أوروبا والعالم طوال القرن العشرين مثل الديمقراطية، والعدالة، والمساواة، والاشتراكية، والأحزاب السياسية والحرية، وأن ما حدث فى ثورات 1989، والربيع العربى نفس الشىء، بمعنى أن سلسلة ثورات وسط أوروبا عام 1989، كانت ضد الهيمنة السوفيتية, وأن ثورات الربيع العربى كانت من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية. ويرى الدكتور خليفة أن هذا التفسير هو الأقرب لما حدث فى الشرق الأوسط، مشيرا فى هذا السياق إلى ما ذكره عالم المستقبليات "إلفين توفلر" فى كتابه تحول السلطة الصادر عام 1990، أن مكونات القوة قد تغيرت، فبعد إن كانت تستند إلى الترهيب والترغيب، أي سيف المعز وذهبه، أي العنف والثروة، أضحت المعرفة مكونا من ضمن هذه المكونات بل إنها فاقت في أهميتها المكونين الآخرين، نظرا لعدم نضوبها ولمرونتها الفائقة ولتوافرها للجميع ورخص أسعارها. ولذا حدث تفكك في جميع هياكل السلطة في مختلف أنحاء العالم مع منتصف الثمانينيات من القرن العشرين، ففقدت الأسرة مثلا دورها المحوري في المجتمع، وكذلك فقدت دولا قدرتها على السيطرة على مواطنيها، وكانت أحداث ميدان السلام في بكين وهدم حائط برلين عام 1989، تعبيرا عن هذا التغيير فى الشرق وفى الغرب، بقدر ما كان نزول الجماهير إلى الميادين في 82 مدينة على مستوى العالم في وقت واحد عام 2011، للمطالبة باتباع سياسات اقتصادية أكثر إنسانية تعبيرا عن نفس الظاهرة. ويخلص الدكتور خليفة إلى أن ما يحدث فى الشرق الأوسط جزء من ثورة عالمية فى القيم، وهو ما يفسر انتشار الربيع العربى فى دولا غير عربية مثل تركيا وإسرائيل وإيران أيضا، كما يفسر عدم حصانة أى دولة بالمنطقة ضده, فقد شمل دول جمهورية مثل مصر وتونس وليبيا واليمن، كما امتد إلى دول ملكية – وإن كان بدرجة أقل - مثل الأردن والمغرب، كما امتد إلى دول الخليج العربى مثل الكويت وسلطنة عمان التى لم تعد الوطن الهادئ أو الناعس كما تعود المحللون السياسيون وصفها، وبالتالى فالربيع العربى يتجه نحو إعادة تشكيل الشرق الأوسط بصورة أعمق من التغييرات التى ترتبت على الغزو الأمريكى للعراق، ونقطة البدء لمعرفة شكل المنطقة خلال العشرين عاما المقبلة على الأقل أن نبدأ بأنفسنا, بالتعرف على ما نؤمن به من قيم، ولله الأمر من قبل ومن بعد. وحسبما يقول سمير فاروق حافظ الباحث المتخصص في شؤون الخليج بالمركز فإنه كان لما يسمى بمشروع الشرق الأوسط الجديد والفوضى الخلاقة بالغ الأثر بالسلب على المنطقة العربية ومنها الخليجية بالتأكيد، فباسم هذا المشروع تم تدمير العراق وتفتيته إلى طوائف متصارعة تهدد بتفتيته إلى دويلات، كما تأثر لبنان به خصوصاً بعد اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، وتم تقسيم السودان إلى شمال وجنوب، وما زال يواجه خطر التقسيم إلى دويلات أخرى. ولعل تأثر دول الخليج بهذا المشروع - كما يضيف - بدا في أوضح صوره في إثارة الطائفية في الخليج، وهناك اتهامات للولايات المتحدة بإثارة النزعات الطائفية في البحرين وشرق السعودية والكويت، بينما تمت إثارة القبلية في عمان، ومحاولة تفتيت اليمن. لكن سمير لا يعتقد أن ثورات "الربيع العربي" تشكل جزءا من هذا المشروع، فالثورات العربية أولاً عمل شعبي تحرري ضد نظم مستبدة ومستمرة منذ عقود دون تنمية حقيقية لمجتمعاتها، ثورات ضد ضياع الحقوق والظلم وتفشي الفساد.كما أنها ثانيًا قد تأتي بأنظمة حكم جديدة تضر بمصالح الولايات المتحدة وحليفتها الرئيسية إسرائيل، وهي التي اعتمدت ولعقود ماضية على نظم موالية لها في تثبيت نفوذها في المنطقة وتثبيت دعائم الدولة الإسرائيلية. بيد أن ذلك لا يعني وفق منظوره انتفاء العلاقة بين ثورات "الربيع العربي" ومشروع الشرق الأوسط الجديد، فقد يتقاطعا معًا وقد تشكل "الثورات العربية" تحديًا للمشروع، وكل ذلك يعتمد على قدرة دول "الربيع العربي" على حماية مستقبلها، وإعلاء المصلحة الوطنية على ما عداها من مصالح فئوية وقبلية. والتأسيس لديمقراطية الشراكة السياسية والمواطنة والتداول السلمي للسلطة. ويرى سمير أن تطبيق مشروع الشرق الأوسط الجديد لا يزال ممكنًا، وخصوصاً في "بلدان الربيع العربي"، فالولايات المتحدة تحاول الاستفادة من التطورات الدراماتيكية في هذه الدول لتنفيذ مشروعها، معتمدة في ذلك على ضعف البنية المؤسساتية والخلافات والصراعات الفئوية والطائفية والعرقية، لا بل إنها قد تستخدم الدين في ذلك، ببث الرعب لدى أصحاب الديانات الأخرى من صعود التيارات الإسلامية مما يساعد في تفتيت هذه الدول وخلق تناحر وصراع بين مكونات شعوبها لافتا النظر إلى أن أكثر ما يعيب ثورات "الربيع العربي" أنها ثورات ليس لها نظرية تقودها أو هدف سياسي واضح مما يجعلها مهددة بعد نجاحها في تحقيق هدفها الوحيد الذي اجتمعت حوله وهو إسقاط النظام، في أن تستقطب من قبل القوى الخارجية، ولعل الأمل الوحيد في أن يكون ما جرى ربيعًا هو السعي إلى بناء الديمقراطية والدولة المدنية وإلا فإن مخاطر تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الكبير تبدو أوضح مما كانت. ويستبعد الباحث السياسى بالمركز عادل على أحمد أن يكون مشروع الشرق الأوسط الكبير وجد صدى كبيرًا لدى الشعوب العربية عمومًا، والشعوب الخليجية خصوصًّا، لأن هذه الشعوب على درجة كبيرة من الوعي السياسي الذي يمكنها من قراءة المغزى الحقيقي من وراء هذا المشروع، الذي يهدف إلى تفتيت دول المنطقة وتحويلها إلى دويلات وكانتونات صغيرة، حتى تسهل السيطرة عليها من قبل الولايات المتحدة، التي تسعى بالدرجة الأولى إلى تحقيق أهدافها الإستراتيجية بالمنطقة، وعلى رأسها السيطرة على إمدادات النفط العربي. أما على المستوى الرسمي، فقد كان المشروع - حسب وجهة نظره - عاملاً رئيسيًّا في دفع بعض النظم العربية والخليجية لإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية لتجنب حدوث أية انعكاسات سلبية لما ينطوي عليه المشروع من أهداف معلنة لنشر الديمقراطية وحقوق الإنسان وتمكين المرأة. ومن هنا - كما يشير - فقد كانت شعوب هذه الدول، ولاسيما الخليجية، هي الكاسب الأكبر من تلك الأطروحات التي تضمنها المشروع، وإن كان هذا لا ينفي بالطبع أن بعضًا من هذه الإصلاحات السياسية والاقتصادية التي شهدتها هذه الدول كان نابعًا من وجود رغبة داخلية في تحقيق الإصلاح، سواء من جانب قادتها أو شعوبها. وينبه الباحث عادل إلى أن مشروع الشرق الكبير حقق نجاحا جزئيا فيما يتعلق بهدف تفتيت الدول العربية، الهدف جزئيًّا، سواء في العراق الذي مازال يعاني من تداعيات الاحتلال الأمريكي له منذ عام 2003، أو في السودان، بانفصال جنوبه في السابع من يوليو 2011، ناهيك عن احتمالات انفصال إقليم دارفور. أما التحدي الرئيسي الذي يواجه هذا المشروع - وفق رؤيته- فهو التنامي المتصاعد في دور الشعوب العربية وتأثيرها على صانع القرار السياسي فيما يتصل بتحديد خياراته الرئيسية في التعامل مع قضايا السياسة الخارجية بالمنطقة، وهو التحدي الذي أعتقد أنه سيحدُّ كثيرًا من تداعيات وتأثيرات مشروع الشرق الأوسط الجديد، لارتباطه بعامل رئيسي أرى أن واشنطن لم تكن تضعه في الحسبان لدى تدشينها هذا المشروع، وهو العامل المرتبط بدور الشعوب العربية في تحديد مصيرها وخياراتها الإستراتيجية. أما فيما يخص ثورات الربيع العربي ومدى كونها تشكل جزءًا من هذا المشروع أم أنها تشكل تحديًّا له فيوضح عادل أن ثورات الربيع العربي تشكل تحديًّا لمشروع الشرق الأوسط الجديد، فرغم ما ذهب إليه البعض من أنصار نظرية المؤامرة من وجود دور للولايات المتحدة في حدوث وإشعال هذه الثورات، فإن حقائق الأمور تشير ليس فحسب إلى أن واشنطن نفسها فوجئت باندلاع ثورات الربيع العربي، وإنما أيضًا إلى أن اندلاع هذه الثورات كان نتيجة تراكم عوامل داخلية سياسية واقتصادية واجتماعية ظلت تتفاعل داخل دول الربيع العربي طيلة العقود الماضية، وكان لابد لها من الاشتعال، وكانت بانتظار من يشعل
شرارتها الأولى، وهي الشرارة التي أشعلها الشاب التونسي"محمد البوعزيزي"، والتي سرعان ما انتقلت ككرة الثلج بعد ذلك إلى مصر، واليمن، وليبيا، وسوريا، وتمخضت عن سقوط أربعة من أقدم الحكام العرب. وسألت مدحت السيد أيوب مستشار مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية عن مصير مشروع الشرق الأوسط الجديد فعلق بقوله: بمناسبة الحرب الإسرائيلية على لبنان 2006، والتي لاقت دعمًا أمريكيًا واضحًا طرحت الإدارة الأمريكية على لسان وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس مشروع الشرق الأوسط الجديد، الذي يضم إضافة إلى الدول العربية الآسيوية وتركيا وإيران باكستان وأفغانستان، وجاء هذا الطرح في إطار الإستراتيجية الأمريكية المعروفة: الفك والتركيب، على أساس أن الحدود السياسية القائمة منذ انهيار الإمبراطورية العثمانية وخضوع هذه المنطقة للاستعمار الغربي وبدأ التحضير لإنشاء الدولة العبرية، هذه الحدود في حاجة إلى إعادة نظر لأنها أنشأت كيانات سياسية تحتوي تناقضات عدائية داخلها نتيجة للاختلافات القومية والعرقية والدينية والمذهبية، وأنه حتى يتم خلق كيانات سياسية جديدة على أساس متجانس فإن الأمر يقتضي إعمال الفوضى داخل الكيانات القائمة، لينتج عنها بعد ذلك الكيانات الجديدة، وبالطبع فإن هذا المشروع يخدم الدولة العبرية تمامًا التي تظل آمنة طيلة فترة إعمال هذه الفوضى وانشغال كل دولة من دول الشرق الأوسط بالتعريف السابق بالصراعات داخلها، ثم فترة إعادة بناء الكيانات الجديدة ثم وضع علاقات القوة وموازينها بعد استقرار هذه الوحدات، حيث ستكون كل منها أصغر وأضعف بكثير من الدولة العبرية التي ستكون طيلة هذه الفترة قد اكتسبت عناصر قوة جديدة ماديًا وبشريًا. وحسبما يرى مدحت أيوب، فإن هذا المشروع يتناقض مع المشروعات التاريخية في المنطقة والتي مازالت حتى الآن تعبر عن طموحات شعوبها، سواء المشروع القومي العربي وهو الذي قامت عليه جامعة الدول العربية ومنظماتها ومجلس التعاون الخليجي والاتحاد المغاربي، أو مشروع الوحدة الإسلامية، وهو الذي قامت عليه منظمة التعاون الإسلامي ومؤسساتها، كما أن مشروع الشرق الأوسط الجديد يستهلك الموارد العربية في صراعات داخلية ويوقف عجلة التنمية ومن ثم يدعم استمرار هذه المنطقة في إطار التخلف والتبعية ويصادر مشروعها الوطني الذي بدأ بتحررها من الاستعمار الغربي في الوقت الذي تظل فيه إسرائيل هي القوة الوحيدة المتماسكة المحافظة على تنميتها المستدامة. ويضيف: إذا كان العمل على هذا المشروع قد بدأ قبل الإعلان عنه، وذلك بالاحتلال الأمريكي لأفغانستان والعراق، فإن محصلته إلى الآن هي تحول هذين البلدين إلى "دول فاشلة" باتت أكثر تهديدًا لأمنها وأمن جيرانها وترسم صورة ممسوخة توضح نتائج السير في تنفيذ هذا المشروع، وهذا هو التحدي الأكبر لمشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يفقده قوة الدفع التي اكتسبها في بداية الاتجاه العولمي للحرب ضد الإرهاب مع مطلع الألفية. ويشير إلى أن هناك من يرى أن ثورات الربيع العربي، والتي حدثت في وقت واحد تقريبًا في عدد من البلدان العربية نتيجة أوضاع داخلية وتفاعلات محلية في هذه البلدان إنما يحركها السير في تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد، خاصة مع احتمالات تفكك اليمن وليبيا وسوريا نتيجة هذه الثورات وشيوع حالة الفوضى وما شابها من انفلاتات أمنية وأخلاقية في الفترة الانتقالية في هذه البلدان، ولكن يقابل هذا الرأي أن الاتجاه المسيطر داخل بلدان ثورات الربيع العربي هو اتجاه الإسلام السياسي والذي أيضًا له مشروعه التجميعي الذي يناقض التفكك في مشروع الشرق الأوسط الجديد، بل إن هذا الاتجاه الجديد يعمل في الفترة الانتقالية على احتواء الأسباب التي كانت تؤدي إلى تفكيك بلدانه، ونجاحه في هذا الشأن يشكل تحدياً واضحاً لمشروع الشرق الأوسط الجديد، ودون هذا النجاح تحول هذه البلدان إلى دول فاشلة تضيف إلى رصيد الدول الفاشلة القائم في المنطقة. وفى اعتقاد مستشار مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية فإن إمكانية تطبيق هذا المشروع مجددًا في المنطقة العربية باتت ضعيفة لعدة أسباب، على رأسها التطور السريع في المنظومة الخليجية الذي ينقلها اقتصاديًا من مرحلة التجارة الحرة إلى الاتحاد الجمركي إلى السوق المشتركة ثم الاتحاد النقدي، وينقلها سياسيًا إلى مرحلة الاتحاد الكونفدرالي إدراكًا منها أن التحديات الجسيمة حولها تتطلب منها وحدة دفاعها وسياساتها الخارجية، كما أنه من بين هذه الأسباب نجاح المنظومة الخليجية في تطوير ورعاية حل المسألة اليمنية، وقيادتها فرض حل عرض للمسألة السورية، ودعمها الاقتصادي للفترة الانتقالية في مصر، وهي في جهودها تلك حرصت تمامًا على سلامة هذه الدول واستقلالها ووحدة أراضيها، ولم تتأسس على تباينات عرقية أو قومية أو مذهبية، وقد بات من الواضح أن هذه المنظومة الخليجية هي الفاعل الرئيسي حاليًا على الساحة العربية، ويقوم فعلها على احتواء الأسباب التي يستثمرها مشروع الشرق الأوسط الجديد، ولا شك أن نجاح المنظومة الخليجية التي تتخذ لتحركها في الأزمة السورية الجامعة العربية مظلة لها يعطي قوة دفع العمل العربي المشترك، كما أن من أسباب ضعف إمكانية تطبيق مشروع الشرق الأوسط الجديد نمو الإدراك السياسي الجمعي داخل الأقطار العربية، بأن التباينات الموجودة داخل كل قطر عربي هي تباينات اجتماعية طبيعية شأن البلدان العربية في ذلك شأن كل دول العالم، وأن تحريك هذه التباينات إلى صراعات يؤدي إلى تفكيك الدول، إن هو إلا نوع من الاستعمار الجديد الذي يستهدف إضعاف هذه المنطقة واستمرار خضوعها للسيطرة الأجنبية. وتقول نهى أحمد محمود، باحث سياسي بالمركز: كما نعلم فإن مشروع الشرق الأوسط الجديد يهدف إلى العمل على تمكين الولايات المتحدة وإسرائيل من الهيمنة على منطقة الشرق الأوسط وتأصيل إسرائيل كعضو طبيعي في المنطقة, وتعد الفوضى الخلاقة هي من أهم وسائل تنفيذ هذا المشروع الذي يسعى في نهاية المطاف إلى إعادة هيكلة منطقة الشرق الأوسط وفقًا للمصالح الأمريكية، وقد أسفر هذا المشروع وهدفه المنشود بتجزئة وتفكيك الدول العربية عن وجود أعمال عنف وفوضى وحروب في المنطقة على النحو الذي من شأنه أن يمكن الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل من إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط بما يتناسب مع احتياجاتهم الجيو-إستراتيجية، ويمكن ملاحظة الآتي على مدى السنوات السابقة: صار هناك حديث عن تفكيك جامعة الدول العربية، مع بروز كيان شرق أوسطي يضم دولاً غير عربية مثل إيران وتركيا وإسرائيل، واتساع دائرة التجزئة لتشمل دولاً أخرى، ومن ثم تراجع مشروعات الوحدة العربية. تراجعت مكانة الدول العربية اقتصادًا واتسعت الفجوة بين بعضها البعض. تزايدت نسبة الأمية إلى 30 % وارتفع معدل الفقر، وتدهورت الثقافة العربية، هذا إلى جانب بروز قضايا الأقليات الطائفية والإثنية والدينية بالوطن العربي. وترى نهى أن هذا المشروع قد نجح جزئيًا في تحقيق بعض أهدافه، فعلى سبيل المثال وليس الحصر، ظهر هذا جليًا في الآتي: احتلال العراق عام 2003، حيث بدأ مسلسل الفوضى الخلاقة في العراق الذي مازال يعاني من آثار الاحتلال الأمريكي له حتى الآن. الحصار الإسرائيلي للبنان في عام 2006. تقسيم السودان وبتدخل أجنبي وتحت إشراف الأمم المتحدة من خلال استفتاء تم بموجبه فصل جنوبه عن شماله. محاولة إعادة فصل جنوب اليمن عن شماله. ما يجري في سوريا هو مقدمة لتقسيمها إلى ثلاث دول على الأقل إلى دولة علوية، وأخرى درزية، وثالثة سنية. كما سيتم تهيئة الظروف المواتية لعملية تقسيم بعض الدول العربية سواء في المشرق العربي أو المغرب العربي. وفيما يتعلق بمنطقة الخليج، فقد تموضعت قوات أجنبية قوامها أمريكي بالأساس في عدد من بلدان الخليج ومياهها الإقليمية، كما استطاعت الولايات المتحدة بشكل غير مباشر أن تضع موضع قدم لها في دول الخليج العربي من خلال خلق علاقات اقتصادية وسياسية قوية معها وإقامة قواعد عسكرية بها. وتتفق نهى مع رأي "جيمس زغبي"، رئيس المعهد العربي الأمريكي، بأن الثورات العربية نجحت في إطلاق مشاريع التقسيم التي قادتها الولايات المتحدة والغرب والكيان الصهيوني، وأحدثت صدمة وهزه للمنطقة ونشرت في ربوعها الفوضى تمهيدًا لإقامة شرق أوسط جديد. ولكنها ترى أنه من الممكن أن تشكل تلك الثورات عائقًا أمام هذا المشروع وتتسبب في فشله، شريطة أن يتوحد جميع العرب وأن تُغلِب كل دولة مصلحتها الوطنية على المصالح الأخرى سواء كانت مصالح حزبية أم ذاتية؛ حيث إن هناك من يعملون على حرف تلك الثورات عن مسارها، ولذا يتعين على الجميع أن يدرك هذا الأمر. وترى أن أهم التحديات التي تواجه هذا المشروع في المنطقة العربية تتمثل في الآتي: تصاعد التيارات الإسلامية إلى الحكم كما هى الحال في تونس ومصر؛ حيث كانت تنظر الولايات المتحدة - حتى وقت قريب - إليهم باعتبارهم جماعات إرهابية.. الأمر الذي يفرض على الولايات المتحدة محاولة التقارب مع فكر تلك الجماعات التي طالما ما كانت تتبع سياسات ومواقف لا تتفق مع السياسات الأمريكية. إصرار الشعوب على تحديد مصيرها دون التدخل في شؤونها الداخلية. وجود خلل أساسي في سياسة الولايات المتحدة إزاء العالم العربي، وتعمد السياسة الأمريكية تجاوز أو تجاهل العناصر الأساسية للصراع العربي- الإسرائيلي والانحياز إلى المواقف الإسرائيلية، إلى جانب رفض بعض الحكومات العربية لهذا المشروع باعتباره يمثل محاولة أمريكية للتدخل في شئون المنطقة العربية. وتخلص إلى القول بأن نجاح أو فشل هذا المشروع يتوقف على مدى نجاح النخب الجديدة الحاكمة في توحيد بلادهم وإعلاء هدف المصلحة الوطنية أولاً.. فإذا تحقق ذلك سيصبح هذا المشروع الأمريكي هباءً منثورا. وحسب منظور هايدي عادل هنيدي، باحث سياسي بالمركز فإنه في ضوء السياسة الخارجية الأمريكية التي تعلي من المصالح الأمريكية على ما عداها من مصالح وحماية أمن وسلامة دولة إسرائيل تشهد المنطقة في الوقت الراهن تطبيقًا واضحًا لمشروع "الشرق الأوسط الجديد" الذي تتمثل فكرته الأساسية في إعادة رسم خريطة العالم العربي، بحيث تضمن انفراد الولايات المتحدة الأمريكية بزعامة العالم، وسيطرتها على النفط الخليجي وكذلك تعزيز دور إسرائيل في منطقة الشرق الأوسط بحيث تصبح القائد القوي في المنطقة وضمان أمنها وتوسيع حدودها في العمق العربي بقدر الإمكان. ومن أهم أدوات تنفيذ هذا المشروع، هي إستراتيجية "الفوضى الخلاقة" التي أعلنت عنها وزيرة الخارجية الأمريكية "كوندوليزا رايس"، تلك الإستراتيجية التي تفضي إلى خلق قوس من عدم الاستقرار والفوضي والعنف يمتد من لبنان إلى فلسطين وسوريا والعراق، والخليج العربي وإيران وصولاً إلى حدود أفغانستان الشرقية والشمالية، مرورًا بدول شمال أفريقيا، بحيث يمكن استبدال حكومات هذه الدول بحكومات أكثر مرونة والانصياع للرغبات الأمريكية تحت حجة الديمقراطية. وهذه الإستراتيجية تستخدم وسائل محددة، وهي: 1 العنف العسكري المفرط (العراق وأفغانستان نموذجًا). 2 القصف المتواصل من الجو لتحطيم البنى التحتية، وقتل أكبر عدد ممكن من الأبرياء (ليبيا نموذجًا). 3 استخدام سياسة"صناعة القبول وثقافة القطيع"في الدول المطاوعة، حيث يتم تزييف الوعي الجماعي للمجتمعات، أيديولوجيًّا وثقافيًّا ومعرفيًّا، من خلال استخدام وسائل الإعلام والاتصال المختلفة. وتشير إلى أن هناك مجموعة من الحقائق تؤكد دخول المنطقة في هذه المرحلة؛ ففي العراق تم تقسيم شعبه إلى طوائف وتسريب فقاعات إخبارية تفيد أن طوائف هذا الشعب لم تعد قادرة على التعايش السلمي فيما بينها، أما السودان فقد تم تقسيمه إلى دولتين دولة الشمال ودولة الجنوب، بمباركة من الأمم المتحدة، بل ويجري الإعداد الآن لفصل إقليم دارفور، ويبدو أن السيناريو السوداني في طريقه للتكرار في اليمن الذي يشهد محاولات لإعادة تقسيمه إلى اليمن الشمالي واليمن الجنوبي. والحال نفسها في سوريا؛ فما يحدث فيها هو مقدمة لتقسيمها إلي ثلاث دويلات على الأقل، دولة علوية وأخرى درزية وثالثة سنية. أما إيران فيبدو أن أقدامها سحبت أيضًا إلى حلبة الفوضى بتيارات التناقض الداخلية المدعومة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والغرب، هذا بالإضافة إلى محاولات إسقاط حلفائها
بالمنطقة"سوريا وحزب الله». ويظهر الموقف الأمريكي المرتبك في البحرين، فهي تدعي تأيدها لثورة البحرين وحقوق شعبها، ومن ناحية أخري تساند الحكومة وترفض تماما تعريب أو تدويل الأزمة وتعمل علي حصر الأزمة داخل البحرين بما يحقق مصالحها. ورغم أن الكثير من أسباب ثورات الربيع العربي هى داخلية بالأساس فإنه من الصعب تصور نجاح هذه الثورات إن لم تكن متوافقة مع مصالح ورغبة الولايات المتحدة، وهو يؤشر بشكل أو بآخر إلى أن هناك مصالح أمريكية فيما تشهده المنطقة من أحداث، ومما يثير الريبة حول الدور الذي لعبته الولايات المتحدة في هذه الأحداث ثلاثة أمور، وهي: إشارة اللواء "حسام سويلم" الخبير المصري الإستراتيجي إلى ما ورد في تقرير المعهد الدولي لبحوث العولمة في واشنطن، حيث أكد أن وكالات الاستخبارات الأمريكية والبنتاجون قاما بإعداد مخططات لتغيير الأنظمة الحاكمة بطرق غير تقليدية، تبدأ بتحريك مجموعات شبابية ترتبط بوسائل إلكترونية تمارس الاضطرابات وأساليب الكر والفر والتحرك مثل أسراب النحل، وذلك بهدف خلق أنظمة حكم موالية للولايات المتحدة تسهم في تنفيذ مخططات التفتيت، وهذه المخططات تم تنفيذ جزء منها بالفعل فيما عرف بالثورات الملونة في جورجيا والثورة الخضراء ضد نجاد في إيران وثورة الأرز في لبنان وثورة الياسمين في تونس وثورة يناير في مصر». ظهور وثائق "ويكيليكس" في هذا الوقت وما تضمنته من حقائق عن الدولة العربية ساعدت على انتفاض الشعوب العربية. التقارب بين واشنطن والجماعات الإسلامية التي كانت تنظر إليها في السابق على أنها جماعات إرهابية متطرفة، وبالتأكيد هو تقارب مصلحة، فقد ذكر"محمد حسنين هيكل"في 2011" أن الاعتراف الأمريكي الغربي بالإخوان المسلمين لم يأت قبولاً بحق لهم ولا إعجابًا ولا حكمة، ولكنه لتوظيف ذلك في تأجيج فتنة مذهبية في الإسلام بهدف استكمال عزل إيران، أي من أجل تحويل الصراع في المنطقة من صراع عربي – إسرائيلي إلى صراع سني - شيعي». ولكن رغم محاولات الولايات المتحدة إنجاح هذا المشروع، فإنها مازالت تواجه العديد من التحديات، أهمها: 1 أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية لا تتعامل مع رؤساء دول المنطقة فقط، وإنما أصبح هناك طرف آخر مراقب لكليهما، وهو الشعوب التي ترفض محاولات التدخل الخارجي في شئونها. 2 أن القوة الأكبر في هذا التغير هي قوة حركات الإسلام السياسي التي لها مواقف وسياسات تتناقض مع عدد من سياسات الولايات المتحدة في المنطقة، وهو ما سيفرض على الأخيرة تغيير سياساتها. 3 تزايد المخاطر الأمنية علي الكيان الإسرائيلي بسبب صعود تيارات سياسية لها موقف معاد للمشروع الصهيوني. ومجمل القول: إن ما يجري بالمنطقة العربية حراك سياسي سريع وعنيف سيؤدي لا محالة إلى تغير عميق في المنطقة بل والعالم، وهو حراك محفوف بالمخاطر الداخلية والخارجية، وفي ضوء هذه المخاطر والتهديدات يقع على عاتق الدول العربية مجموعة من التحديات أهمها تكامل منظومة الأمن القومي العربي، وتجاوز نقاط ضعفها وجمود أوضاعها كي لا تكون لقمة سائغة لتلك المشاريع الأمريكية الإسرائيلية في المنطقة، التي تمثل جميعها في مضمونها مشروعات مضادة لمشروع الوحدة العربية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.