ناجح إبراهيم: يتم التجهيز لنظام قطرى جديد طارق فهمى: سياسة أمريكا لن تتغير .. و«ترامب» لن يخسر السعودية
جاء قرار الدول العربية والخليجية بقطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، بسبب دعمها للجماعات الإرهابية، وتدخلها السافر فى الشئون الداخلية لهذه الدول، واستقوائها بإيران، ليطرح العديد من التساؤلات تجاه الموقف القطرى من جماعات الإخوان المسلمين وغيرها من التنظيمات المدعومة قطريًا، ومستقبل هذه الجماعة وعناصرها الهاربة داخل الدولة القطرية، والسيناريوهات المحتملة قطريًا وإقليميًا ودوليًا.
فلا يخفى على أحد كيف أصبحت قطر الحضن الدافئ للإخوان الهاربين من الأحكام القضائية فى بلادهم، على الرغم من عدم وجود تنظيم إخوانى قطرى داخل قطر، بعد أن حلت الجماعة فى قطر نفسها بنفسها رسميًا عام 1999م، وأصبحت تهدد بدعمها هذا استقرار عدد من الدول العربية الخليجية وغير الخليجية، وتمثل تهديدًا لأمنها القومى.
أكد عدد من الخبراء السياسيين أن تأثير القرار العربى سيجبر قطر على تغيير سياستها تجاه دعم الإخوان المسلمين والتدخل فى الشئون الداخلية للدول العربية، مشيرين إلى أن جماعة الإخوان ستصبح محاصرة ومطاردة إذا قررت قطر وقف دعمها، مما يجعل الجماعة تبحث عن بديل فى ظل الضغوط التى تمارس على السودان وتركيا، والحادث الإرهابى الذى تعرضت له لندن أخيرًا.
من جانبه قال الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ ورئيس قسم العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة: إن القرارات العربية الخليجية، جاءت كرد فعل على سياسات قطر لسنوات سابقة فى دعم الإرهاب والتدخل فى شئون الدول العربية الخليجية وغير الخليجية، وتأجيج الصراعات داخلها واحتضان الهاربين والمحكوم عليهم بأحكام قضائية داخل بلادهم، بالإضافة إلى التصريحات الأخيرة التى تنطوى على الاستقواء بدولة إيران ضد الدول العربية والخليجية.
وأشار إلى أن القاعدة العسكرية الأمريكية الموجودة فى قطر لن تتأثر بقرار قطع العلاقات مع قطر، وهو ما دفع الرئيس الأمريكى ترامب لاعتبار القرار بأنه شأن خليجى، وأنه لن يتدخل، على الرغم من أن الإرهاب ليس شأنًا خليجيًا ولا عربيًا فحسب، وإنما شأن عالمى، بعد أن طالت يد الإرهاب العالم كله، مؤكدًا أنه فى حالة عدم استجابة قطر للضغوط العربية والخليجية، فمن المحتمل أن يتم التصعيد ضدها فى مجلس التعاون الخليجى لتجميد عضويتها، وكذلك بالتصعيد داخل جامعة الدول العربية، إذا لم تتراجع عند موقفها الداعم لجماعة الإخوان والتدخل فى شئون الدول العربية، وربما تتم إدانتها دوليًا من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأكد إكرام أن هناك سيناريوهين أمام قطر؛ الأول: أن تتراجع عن سياستها وتوقف الدعم لهذه الجماعات، والسيناريو الثانى: أن تستمر فى هذه السياسات، وهو أمر سيفقدها الكثير، موضحًا أن هناك عددًا من التناقضات فى السياسة القطرية مثل استقوائها بإيران، وهى دولة عضو فى مجلس التعاون الخليجى، وإقامة علاقات طيبة مع إسرائيل وحماس فى الوقت ذاته. وفسر هذا التناقض بمحاولة قطر لعب دور إقليمى أكبر من حجمها بكثير، باعتبارها دولة شديدة الصغر محدودة السكان كثيفة الثروات.
وعلى الرغم من احتمالية الضغط على الولاياتالمتحدةالأمريكية لتغيير سياستها تجاه قطر، فإن الدكتور طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، أكد أن السياسة الأمريكية تجاه قطر لن تتغير، لأنها تعتمد على حسابات المكسب والخسارة، بتطبيق معايير النفقة والتكلفة والعائد، مشيرًا إلى أن التصريحات القطرية التى تلت قرارات قطع العلاقات تدل على وجود رؤية مباشرة لدى قطر.
ووصف القرارات العربية والخليجية التى صدرت الاثنين الماضى بإجراءات تركيع قطر لما تتضمنه من إجراءات، لافتًا النظر إلى أن الدور الأمريكى لن يكون مباشرًا فى هذه الأزمة، حتى لا تخسر أمريكا السعودية بعد الصفقات الأخيرة، وأن ترامب سيترك الأزمة تدار من أعلى على المستوى الداخلى الخليجى العربى، وهو ما ظهر من تصريحات الرئيس الأمريكى، بأن الأمر خليجى. وألمح أستاذ العلوم السياسية إلى أن المصالح الأمريكية ستحكم الأمور، بسبب تأثير ما يحدث على القاعدة الأمريكية الموجودة فى قطر، إلا أن الأمريكيين سيتركون الأزمة تدار من أعلى إعمالا لمنطق الرشادة السياسية، مشددًا على أن المراوغة السياسية ستكون فى المساحات الآمنة حتى لا تخسر السعودية.
نظام جديد
بينما يرى الدكتور ناجح إبراهيم، المفكر الإسلامى، أن حصار النظام القطرى من قبل الدول العربية والخليجية، يعد بداية لتعديل نظام الحكم القطرى كله، بترتيب دولى، مؤكدًا أن هذه الدول قامت باستشارة أمريكا وعواصم كبرى، سرًا، قبل إصدار قرارها، وأن تصريحات ترامب هى تصريحات دبلوماسية فقط، لأن الجانب المعلن من السياسة أقل بكثير من الجوانب غير المعلنة –على حد قوله. وأكد أن هذا القرار جاء فى ذلك التوقيت بالذات لعدة أسباب؛ أهمها التسريبات الخاصة بالسفير الإماراتى بواشنطن وقرصنة بريده الإلكترونى، حيث تعتقد الدول العربية أن إيران هى من فعلت ذلك وباعته لقطر، بالإضافة إلى مخالفة الأخيرة ل»اتفاق الرياض» المعقود مع السعودية الذى لم ينفذ منه أى بند، وتدخل قطر فى بعض الملفات الكثيرة التى من بينها الملفان الليبى والمصرى، وعلاقتها القوية مع إيران، حيث ترى قطر أن العلاقة معها أفضل من الصدام والتفاهم أولى من المواجهة، إلى جانب مهاجمة قناة الجزيرة القطرية لمصر والسعودية والإمارات.
وأوضح إبراهيم أن القرار إيجابى لأنه سيدفع قطر إذا لم تطرد الإخوان أن تحد من أنشطتهم ولو بعدم الظهور فى الإعلام حتى ولو لم تعلن عن ذلك، كما أنها من الممكن أن تطرد عددًا من القيادات الإخوانية الكبيرة جهرًا أو سرًا، إلا أن هناك تأثيرًا سلبيًا، فالعمالة المصرية فى قطر ستتأثر سلبا..
أما عن مستقبل عناصر الإخوان الهاربين فى قطر فيقول:»لو طردت قطر الإخوان فلن يتم هذا الآن، وسيتم سرًا، حتى لا تظهر أنها أجبرت على ذلك وركعت للضغوط الخليجية العربية»، منبهًا أن قطر مجبرة على تعديل سياستها إن جهرًا أو سرًا.
واستطرد المفكر الإسلامى قائلًا: إن البديل أن ترتمى قطر فى حضن إيران أكثر وأكثر لتصبح هى قاعدتها فى المنطقة، وستدعمها فى ذلك الكويت وعمان، وعن الدول التى يمكن أن تلجأ إليها عناصر الإخوان إذا تخلت عنها قطر، أوضح أن تركياولندن والسودان هى الدول المرشحة لذلك، ولكنه استبعد استضافة أى منها لعناصر الإخوان، بسبب عملية مانشيستر، كما أن الوضع التركى لن يسمح باستقبال المزيد بسبب الضغوط الأمريكية وغيرها، وظروف البشير فى السودان ربما تحد من قبوله للإخوان.
حصار سياسى
وقال ماهر فرغلى، الباحث فى شئون الجماعات الإسلامية: إن قطر الآن أصبحت محاصرة سياسيًا، فإما أن تلجأ إلى إيران، وفى هذه الحالة ستقع الدوحة تحت الاحتلال الإيرانى، وإما أن تستجيب إلى الضغوط العربية وتغير موقفها من جماعة الإخوان، وتتوقف عن دعمها، وهذا هو الأقرب فى ظل الوضع السياسى الراهن –على حد قوله.
أما عن موقف عناصر الإخوان الهاربين داخل قطر، فقد أكد أنهم لا بد أن يتجهوا إلى دولة أخرى، مرجحًا أن تكون هذه الدولة هى ماليزيا أو السودان، ولكنه استبعد فى الوقت نفسه اللجوء لدولة أوروبية، فى ظل التهديدات الإرهابية التى تحيط بهذه الدول، مشيرًا إلى أن الإخوان موقفهم صعب للغاية مثل موقف قطر تمامًا، بعد أن حاولوا أن يمسكوا العصا من المنتصف مع السعودية.