فى أعقاب الازمة الخليجية القطرية التى وصلت إلى حد إعلان بعض الدول العربية قطع علاقاتها الدبلوماسية والتجارية مع قطر ، أسرعت بعض الدول إلى عرض الوساطة والتهدئة بين الدوحة من جهة والسعودية والبحرين والامارات ومصر من جهة أخرى وكان أخرها الوساطة البريطانية عندما أجرت رئيسة الوزراء تيريزا ماى اتصالا هاتفيا مع قادة السعودية والبحرين وقطر ودعت إلى اتخاذ خطوات لتهدئة التوترات والانخراط بحكمة فى الحوار واستعادة وحدة مجلس التعاون الخليجى فى أقرب فرصة ممكنة ودعت ماى قطر الى بذل المزيد من الجهد للتصدى للإرهاب فى المنطقة ، وعقد وزير خارجية بريطانيا بوريس جونسون ثلاث اجتماعات ثنائية منفصلة مع نظرائه السعودى والاماراتى والبحرين غير أنه لم يتم الاعلان حتى الان عن حل لرأب الصدع بين تلك الدول .وتزامن مع الوساطة البريطانية مساعى فرنسية لتهدئة التوتر فى منطقة الخليج حينما طالب الرئيس الفرنسى ايمانويل ماكرون الدول الخليجة المتنازعة بالحوار المباشر عندما كان فى زيارة للمغرب الذى كان يسعى للوساطة أيضا وأعلن الاليزيه أن ماكرون سيلتقى بشكل منفصل مع امير قطر وولى عهد الامارات فى باريس الاسبوع الاخير من يونيو الجارى. كما عرضت تركيا الوساطة لحل أزمة قطر واعلن وزير الخارجية التركى مولوود جاويش أوغلو أن انقرة مستعدة لتقديم جميع أنواع الدعم لتطبيع العلاقات بين دول الخليج وقال أوغلو فى مؤتمر صحفى مع نظيره الالمانى سيجمار غاربيل الذى كان يزور أنقرة أن " لابد من استمرار الحوار فى جميع الظروف وسنبذل قصارى جهدنا من أجل عودة الامور الى طبيعتها .وتوجه أوغلو الى السعودية لإجراء محادثات حول الازمة بين قطر وجيرانها بعدما زار الدوحة ،وشدد وزير الخارجية التركى على أن تركيا حافظت على حيادها فى الخلاف وتمضى قدما فى جهود حله " وذلك بعدما استاءت أنقرة من القطيعة الدبلوماسية لقطر واعتبار أنقرة أن العقوبات والحظر عاملين غير ايجابيين فى معالجة الازمة حيث ترى الدول الخليجة أن النظام التركى منحاز للدوحة الامر الذى يشير الى احتمال كبير لفشل الوساطة التركية لاسيما بعد فشل المساعى الكويتية بالنجاح على الرغم من التقدير الكبير الذى يحظى به أمير الكويت الشيخ صباح الاحمد خاصة بعد نجاح بلاده فى حل أزمة شبيهة بين قطر من ناحية والسعودية والامارات والبحرين من ناحية أخرى عام 2014 ،عندما سحبت السعودية والامارات والبحرين سفرائهم من قطر بشكل مؤقت بسبب موقف الدوحة من القاهرة ودعمها لجماعة الاخوان المسلمين حيث تدخلت الوساطة الكويتية لحل الازمة ، ولذا كانت تعول قطر على الدور الكويتى لحل الازمة حيث كان مقررا لأمير قطر تميم بنحمد إلقاء خطاب على الشعب القطرى بسبب الازمة غير أن تميم أرجأ الخطاب لإعطاء وقت لأمير الكويت وما ستسفر عنه مساعيه لتهدئة الازمة . ويرى مراقبون أن الازمة الخليجية الحالية مع قطر تختلف عن سابقتها حيث أن الامر هذه المرة يتعلق بالدعم والتأييد القطرى لإيران التى تحارب السعودية علنا باليمن وعبر وكلاء لها فى دول أخرى ، كما أن الدوحة لم تف بالتزاماتها التى تعهدت بها فى الازمة الاولى من وقف دعم الجماعات الارهابية المسلحة .وقالت وسائل إعلام خليجية أن السعودية تتمسك بعدد من الشروط من أجل الموافقة على الصلح مع قطر وأن المملكة أبلغت الكويت خلال الاجتماع الذى جمع الملك سلمان بن عبد العزيز والشيخ صباح الاحمد بعشرة شروط لعودة العلاقات الى طبيعتها مع الدوحة أهمها قطع العلاقات الدبلوماسية مع ايران فورا وطرد جميع أعضاء حركة حماس وأعضاء الاخوان المسلمين وتجميد حساباتهم البنكية وحظر التعامل معهم . ووقف بث قناة الجزيرة فورا ووقف التدخل فى الشؤون المصرية والخليجية الداخلية والاعتذار الرسمى لدول الخليج عن اساءات الجزيرة وتعهد الدوحة بعدم ممارسة أى دور سياسى يتنافى مع سياسات دول الخليج المتوحدة . وفى تصريح لوزير الخارجية السعودى عادل الجبير لقناة العربية التى أجرت معه لقاءا خاصا مؤخرا قال الجبير إن "حل أزمة قطر سهل ويتمثل فى قرار سياسى بالامتناع عن دعم وتمويل الارهاب والتدخل فى شؤون الدول الاخرى ووقف حملات التحريض" مضيفا أن "تبنى الدوحة هذه السياسات ستكون فى صالحها وصالح كل دول المنطقة التى تعانى من الارهاب والتطرف" . مشيرا إلى أن قطر لم تلتزم بتلك السياسات التى أعلنت عنها عام 2014 .وهو ما يراه المراقبون أمر يصعب من حل الازمة رغم جميع الوساطات الاوروبية والعربية دون تحقيق الدوحة للشروط السعودية العشرة .وفى بيان مشترك لكل من السعودية والامارات والبحرين نهاية الاسبوع الماضى أكدت تلك الدول أن القرارات التى تم اتخاذها بشأن عزل قطر بعد استنفاد كل الوسائل الممكنة نتيجة لعدم التزام قطر باتفاق الرياض لإعادة السفراء والاتفاق التكميلى له عام 2014 . غير أن الموقف الامريكى طرأ عليه تغير واضح ، فبعد نفى واشنطن أن يكون لديها أية نية لإستضافة قمة لبحث الازمة واتهام الرئيس دونالد ترامب قطر بتمويل الارهاب ، صرح وزير الدفاع الامريكى جيمس ماتيس عقب اجتماعه بلجنة الدفاع أن الولاياتالمتحدة ستساعد فى حل الازمة الخليجية بين قطر وجيرانها . وذلك بعدما وقعت الولاياتالمتحدة صفقة أسلحة لقطر تقدر ب12 مليار دولار لإمداد قطر بطائرات إف-15 . ولذا يرى متابعون أنه ربما استخدمت الدوحة تلك الصفقة لتحريك واشنطن لحل الازمة من خلال وضع ثقلها السياسى والدبلوماسى للضغط فى اتجاه الوصول الى حل قد يكون طوق نجاة للأزمة مع قطر. وصرح مسؤل قطرى لصحيفة الجارديان لم تذكر اسمه " هذا يعتبر دليلا على أن المؤسسات الامريكية معنا ونحن لم نشك فى ذلك " حيث تزامنت تلك الصفقة مع قيام القوات الامريكية الموجودة بقاعدة العديد الجوية بقطر بتدريب قوات عسكرية قطرية وذلك عقب توقيع صفقة الطائرات مباشرة.