فادى عاكوم: هناك طرف ثالث غير المعارضة والنظام وراء التفجيرات الائتلاف السورى: النظام هو المتورط والمستفيد للتغطية على جريمة قصف خان شيخون بالكيماوى
ميشيل الخحاج: اتهام النظام غير منطقى وأرجح تورط رافضى التغيير الديمغرافى «الخارطة السكانية للبلاد»
ما زالت جريمة تفجير قافلات المهجرين من مدن كفريا والفوعة بحى الراشدين غرب حلب شمال سوريا التى راح ضحيتها حتى كتابة هذه السطور أكثر من 126 قتيلا، فضلا عن عشرات الجرحى تبحث عن فاعل رغم مرور قرابة الأسبوع على ارتكابها. واستهدف تفجير انتحارى السبت حافلات كانت تقل على متنها خمسة آلاف شخص، بينهم 1300 مقاتل، من بلدتى الفوعة وكفريا المواليتين للنظام السوري، تنفيذًا للمرحلة الأولى من اتفاق (المدن الأربعة) بين الحكومة االسورية والفصائل المعارضة، الذى ينص على إخراج المحاصرين فى مضايا والزبدانى إلى ريف إدلب، وإخراج المحاصرين من بلدتى كفريا والفوعة إلى مدينة حلب. الهجوم الإرهابى الذى صُنف كأحد أكثر الهجمات الإرهابية دموية تشهدها الأراضى السورية منذ قرابة العام، لم يظهر له أب حتى الآن على غير عادة التنظيمات الإرهابية التى دائما ما تتفاخر بعملياتها وجرائمها، ولم تتبنى حتى أى جهة حتى الآن المسئولية عن الهجوم الدامي، الذى ذكرت وسائل إعلام موالية للحكومة السورية، أن وراءه انتحاريًا كان يقود سيارة ملغومة وقام بتنفيذ الهجوم الإرهابي. وأعلن المرصد السورى لحقوق الإنسان، فى بيانٍ له، الأحد، أن حصيلة القتلى جراء التفجير، مرشحة للارتفاع خلال الساعات القليلة المقبلة، بسبب شدة الانفجار الناجمة عن الكمية الهائلة من المتفجرات التى تم استخدامها، لافتا النظر إلى أن معظم القتلى فى التفجير، هم من سكان قريتى الفوعة وكفريا الواقعتين ضمن نطاق محافظة إدلب السورية، بالإضافة لمقاتلون فى المعارضة السورية المسلحة كانوا يقومون بحراسة قافلة الحافلات الشيعية. الغريب فى الأمر أن طرفى الصراع بسوريا أدانوا الجريمة، حيث أصدرت الخارجية السورية بيانا اعتبر أن هجوم قريتى كفريا والفوعة السوريتين، يستهدف إفشال المصالحات الوطنية، كما ندد الجيش السورى الحر المعارض، بالجريمة، التى وصفها فى بيان رسمى بالنكراء التى لا تقل فى بشاعتها عن جرائم النظام السورى فى استهداف المدنيين الأبرياء. كما اعتبرت وحدات حماية الشعب الكردية المكون الأساسى لقوات سوريا الديمقراطية أحد أهم القوى المسلحة المنظمة بسوريا أن انفجار الراشدين جريمة بحق الإنسانية . وبرغم إدانة بشار الأسد وحلفائه إيران والعراق للجريمة، فإن هناك بعض الآراء ترى أن النظام متورط فى التفجير للخروج من حالة التصدع التى يحياها منذ الرابع من إبريل الحاليّ، إثر الإدانة الإقليمية والدولية للهجوم الكيميائى الذى قيل إن الحكومة السورية هى من قامت به فى منطقة خان شيخون، باستخدام غاز السارين السام، الذى أسفر عن وقوع 100 قتيل جلهم من الأطفال، ونحو 400 مصاب. ويبقى السؤال.. من المستفيد من هذا الهجوم الإرهابى وما حقيقة وجود رافضين لاتفاق المدن الأربع داخل صفوف المعارضة والنظام؟ وما صحة تورط النظام فى العملية ومدى ارتباطها بالهجوم الكيماوى على خان شيخون؟ هذا ما نحاول الإجابة عنه فى التحقيق التالى .. ماذا حدث ؟ الجمعة الماضية بدأ إخلاء آلاف المدنيين من مدينتى الزبدانى ومضايا فى ريف دمشق، وبلدتى الفوعة وكفريا فى ريف إدلب، المعروف بالمدن الأربع الذى يتم برعاية قطرية-إيرانية. وذكرت مصادر بالمعارضة أنه"بعد أن توقفت قافلة أهالى كفريا والفوعة فى منطقة الراشدين بريف حلب، وأهالى مضايا والزبدانى فى منطقة الراموسة جنوب حلب بسبب تعرقل المفاوضات، أرسل النظام ثلاث سيارات محملة بالمواد الغذائية والطبية من طريق حلب-الراموسة للخارجين من كفريا والفوعة، وأدخلتها المعارضة من دون تفتيش على أنها محملة بالمواد الغذائية والطبية إلى أهل كفريا والفوعة، وبالفعل سمحت المعارضة بمرور السيارات الثلاث بين الباصات وبعد أقل من (20) دقيقة انفجرت إحدى هذه السيارات".
خلافات النظام وإيران الإعلامى السورى رسول أبو سعود، الذى كان موجودًا قرب الانفجار، قال فى تصريحات له: "النظام أساسًا كان أكبر الرافضين لهذا الاتفاق، إلا أنّ إيران أجبرته على القبول به، وهو ما دفعه إلى الانتقام من مؤيديه بهذا الشكل الإرهابي"، على حد وصفه. أما موسى العمر، إعلامى معارض، فقال على حسابه بموقع "تويتر": "عدد القتلى قارب ال150"، وأضاف: "المطلع على كواليس المفاوضات يعلم أن النظام أكبر معارض ومعطل للاتفاق ووقع عليه مكرهًا بضغوط إيرانية وعليه هو المستفيد الأول من التفجير".
خان شيخون السبب عادل الحلوانى مسئول مكتب الائتلاف السورى بالقاهرة، أكد أن النظام هو المتورط والمستفيد الأول من استهداف حافلات كفريا والفوعة . وقال ل"الأهرام العربي" إن معلوماته من قلب سوريا ذكرت أن سيارة بيضاء أتت من الجهة التى يسيطر عليها النظام ودخلت حى الراشدين واصطفت بجوار حافلات المهجرين وكانت محملة ببطاطا وبسكويت كمواد غذائية للأطفال الذين سارعوا للتوجه للسيارة للحصول على الغذاء وعندما تجمع أكبر عدد من الأطفال ومرافقيهم حدث الانفجار الدامى . وأشار إلى أن النظام سعى من خلال هذه العملية للتغطية على جريمة قصف خان شيخون بالكيماوى لمحاولة قتل أكبر عدد من الأطفال واتهام المعارضة بقتلهم لتشويه صورتها وتبرئة نفسه أمام الرأى العام العالمى .
انتقام المعارضة الباحث السورى سليمان يعقوب يرى أن هناك احتمالين لما حصل لمهجرى الفوعة وكفريا فى حى الراشدين بحلب.. وقال ل"الأهرام العربي" إن الاحتمال الأول هو قيام مجموعات إسلامية سنية مسلحة بتنفيذ مذبحة الراشدين انتقاما من مجزرة خان شيخون باعتبار معظم ضحاياه هم من السنة، وبالتالى أرادوا الانتقام من مهجرى الفوعة وكفريا وهم شيعة محسوبون على إيران وحكم الأسد. الاحتمال الثانى بحسب يعقوب هو أن جهة من داخل النظام السورى هى التى خططت ونفذت تفجيرات الراشدين وقتل المهجرين بهدف إبعاد أنظار أمريكا والغرب عن مجزرة خان شيخون التى كانت السبب فى ضرب أمريكا لقاعدة شعيرات العسكرية فى حمص، لافتا النظر إلى أن النظام ربما أراد إشغال الرأى العام الدولى بمذبحة المهجرين فى الراشدين. وأشار الباحث إلى أنه هذه مجرد تحليلات وقراءات لا من أدلة أو معلومات تؤكد أيا من الاحتمالين، لكنه يميل للاحتمال الأول بتورط جماعات إسلامية سنية معارضة هى التى نفذت فى الجريمة التى ربما سعت للانتقام وتعطيل وإفشال عملية التبادل بين أهالى كفريا والفوعة مع أهالى مضايا والزبداني.
التهجير القسري المفكر الأردنى ميشيل الحاج، رجح تورط من سماهم بالمعترضين على عملية انتقال السكان التى يصفونها بأنها عملية تغيير للخارطة السكانية فى البلاد. وقال ل"الأهرام العربي" إن الحديث عن تورط الدولة السورية فى الجريمة لإبعاد الأنظار عن خان شيخون ليست منطقية لأنها لن تبعد الأنظار إلا ليوم أو يومين لا أكثر وستكتشف الحقيقة، مشيرا إلى أن تورط رافضى ما يسمى بالتغيير الديموغرافى قد يكون احتمالا أكثر واقعية. وأشار إلى أن الأمر يظل غامضا، خصوصا أن جبهة فتح الشام هى التى عقدت الاتفاق حول عملية انتقال وتبادل السكان، متسائلا لماذا توافق ثم تفجر هل هى عملية تضليلية أم محاولة لبعثرة الأوراق ؟
طرف ثالث الباحث اللبنانى فادى عاكوم له وجهة نظر مختلفة تجاه الحادث، يرى أن هناك طرفا ثالثا غير المعارضة والنظام وراء تفجير حافلات كفريا والفوعة . وأوضح ل"الأهرام العربي" أن أصابع الاتهام الأولى توجهت نحو الجيش السوري، إلا أن الواقع ينفى هذه التهمة، فمن الناحية العسكرية من غير الممكن إيصال أى سيارة مفخخة إلى المنطقة التى حصلت فيها الجريمة لوجود العديد من النقاط العسكرية الثابتة والمتحركة التابعة لجبهة النصرة وحلفائها التى كانت تقوم بالتفتيش الدقيق لكل سيارة تعبر، كما أن الشهداء الذين سقطوا هم الذين سقط لحمايتهم وتأمين سلامتهم المئات من الجيش السورى نفسه، وبالتالى فمن غير المنطقى أن يغامر الجيش السورى أو القيادة السورية السياسية بأى فعل مماثل، كونه سينعكس على ولاء الطبقة الشعبية الموالية له، لو تم كشف حقيقة الجريمة. وبحسب عاكوم، فإن اتهام المنظمات الإرهابية كداعش والنصرة وأحرار الشام قد يكون بديهيا بالنسبة للبعض، إلا أن سقوط عددا كبيرا من المسلحين الموالين لهذه الجماعات بسبب وجودهم أثناء عملية التبادل قد يفند هذا الاتهام خصوصا أنه من غير الممكن أن يغامر أحد هذه التنظيمات بتحالفاتها الحالية أن تم كشف أمر وقوفها وراء التفجير بسبب الأوضاع العسكرية الحالية، التى تحتاج فيها هذه المنظمات لكل أنواع التلاحم فيما بينها لضمان البقاء لفترة أطول. وأشار الباحث اللبنانى إلى أن الحرس الثورى الإيراني، هو المستفيد الأكبر من هذه الجريمة، خصوصا أنه استفاد ويستفيد من كل مجريات الاحداث فى سوريا، وكلما اتجهت الأوضاع نحو الهدوء فإن دوره سينكشف على حقيقته، وزيادة نسبة الاحتقان ستبرر وجوده إلى فترة أطول. وقال إن الإيحاء بأن المخابرات التابعة للجيش السورى هى من نفذت الجريمة من شأنه أن يؤثر على ولاء الطبقة الشعبية الموالية (الشيعية والعلوية)، وهو أمر تريده إيران وبقوة لإحكام سيطرتها، ويهمها جدا أن يضعف هذا الولاء لتبقى سيطرتها الكاملة، وإضعاف الرئاسة السورية ومعها الحكومة والجيش، كما أن اتهام التكفيريين الراديكاليين من شأنه أن يعطيها ذريعة للوجود فى سوريا بحجة محاربة الارهاب. وكشف عاكوم أن المنطقة التى وقعت فيها الجريمة تقع ضمن المنطقة المشتعلة فى محافظة حماة، ويوجد فيها مجموعات قتالية تابعة للحرس الثورى، التى سبق لها وأن تعرضت لخسائر كبيرة فى الأسبوعين الأخيرين قبل حصول المجزرة، وبالتالى فإنها كانت بحاجة لرسالة قوية كتحذير للفصائل المعارضة التى كبدتها الكثير من الخسائر. بالإضافة إلى زيارة قاسم سليمانى للخطوط الأمامية التى يسيطر عليها الحرس الثورى فى حماة التى تمت فى 31 مارس، وتأكده من الأوضاع الصعبة التى تواجهها عسكريا هذه المجموعات، وهو ما يجعل من المنطقى أن تفكر قيادة الحرس الثورى بتوجيه ضربة مماثلة للخروج من المأزق العسكرى عبر الإرهاب المباشر وخلق الرعب من أى ردات فعل مماثلة فى حال استمرار الأوضاع العسكرية على ما هى عليه من ضغط باتجاه مواقع الحرس الثورى الإيراني.