بمجرد نشر مقاله المهم والخطير بصحيفة "هاآرتس" العبرية، مساء الأربعاء الماضي، اندلعت عاصفة سياسية ودينية في التجمع الاسرائيلي ، بين العلمانيين والمتدينين فيها، خاصة مع وصفه الحريديم «اليهود المتطرفون» بأنهم خطيرون وأخطر من حزب الله اللبناني. تحت عنوان " لدينا نخبة تقية "، كتب المحلل السياسي للصحيفة، يوسي كلاين، أن المتدينين القوميين في التجمع الصهيوني يمثلون خطورة كبيرة على بلاده، وانهم أشد خطورة من حزب الله اللبناني، وهو الوصف الذي أثار بدوره العاصفتين، السياسية والدينية، عليه وعلى الصحيفة العبرية التي سمحت بنشر المقال، حتى أن رئيس الوزراء الصهيوني، بنيامين نتانياهو، خرج، على الفور، وطالب باعتذار الصحيفة ذاتها، معتبرًا المقال مشين ومخجل ويعمق الخلافات بين التيار العلماني والآخر الديني في بلاده، واصفاً المتدينين أو الحريديم في التجمع الصهيوني ب " ملح الأرض "، وهو وصف نادر وخطير، يؤجج الخلافات بين فسيفساء المجتمع الإسرائيلي نفسه دون أن يدري! وزير الحرب الصهيوني، أفيجدور ليبرمان، خرج بدوره للتصريح بان المقال مشين ومخجل، وطالب بوقف صحيفة " هاآرتس " العبرية، ولم يكتف باعتذارها واعتذار الكاتب نفسه، وإنما اعتبر وقف الصحيفة هو الحل، او مقاطعتها، ليؤيده نفتالي بينيت، رئيس حزب " البيت اليهودي " المتطرف، ووزير التعليم في آن، مؤكدًا ان الصحيفة وصلت إلى درجة كبيرة من السوء والحضيض؛ فيما رأت إيليت شاكيد وزيرة القضاء أن تزامن نشر مقال يوسي كلاين مع اعياد الفصح اليهودية تزامن في غير محله، معتبرة صحيفة " هاآرتس " منبراً للتحريض على المتدينين القوميين. في وقت وصف رئيس حزب ( شاس ) المتشدد، آرييه درعي، وزير الداخلية، ب " العار " حيث هاجم الصحيفة العبرية، وهاجم مواقفها المحرَّضة على العادات والتقاليد اليهودية! وعلى الرغم من وصفه بأنه " معادٍ للسامية " ، وكل هذه الانتقادات سواء كانت من مسؤلين رسميين أو غير رسميين، فإن الصحيفة لم تعتذر بدورها عن نشر المقال المحرَّض على توسيع الهُوة بين العلمانيين والمتدينين في إسرائيل، وكذا لم يعتذر كاتب المقال، يوسي كلاين، معتبرًا أن ما كتبه ونشره في مقاله المهم هو مجرد رأي يعبر عن حقيقة واقعة في بلاده، حيث كتب أن المتدينين القوميين يرغبون في السيطرة على إسرائيل، وهم خطيرون وأكثر خطرًا من حزب الله اللبناني، ويرغبون في محو العرب، رغم ان العرب أنفسهم يمكن تحييدهم، ولكن المتدينين ممنوع أو لا يمكن تحييدهم. القناة العاشرة الإسرائيلية رأت انه من الواجب على كلاين تقديم الاعتذار الفوري، ومن قبله صحيفة هاآرتس التي سمحت بهذه الكلمات المحرَّضة، في وقت حاول بعض كُتاب زملاء يوسي كلاين في هاآرتس الدفاع عنه وعن الصحيفة ككل، حيث كتب إريك كاهان، تحت عنوان " علينا فهم الصهيونية الدينية "، أن مقال كلاين يجب أن يناقش على مساحة أوسع مما نوقش او طرحت فيه القضية، فهي قضية تستحق المناقشة والتحليل، في إشارة إلى الصهيونية الدينية ومدى توغلها في سدة الحكم في التجمع الصهيوني! صحيفة " ماقور ريشون " اعتبرت أن توجه هاآرتس اليساري لم يشفع لها التأثير في مجريات الأمور ولسدة الحكم في التجمع الصهيوني، فبعد محو آثارها في علمية السلام ومحاولة توجهها اليساري النجاة بمسار السلام، فإن " السب واللعن " بات هو الحل الوحيد للصحيفة، وهو ما جاء على لسان الكاتب " يائير شيلج، بالصحيفة نفسها، مؤكدة أن الشعور الأول الذي ينتاب قارىء مقال كلاين هو الغضب، متساءلاً كيف سمحت هاآرتس بنشر هذه الكلمات البغيضة التي تحرَّض على نبذ فئة ليست بقليلة في إسرائيل، ممثلة في القوميين المتدينين. المهم في مقال الصحيفة العبرية التي تنحو ناحية التيار الديني المتطرف هو الغضب من صحيفة هاآرتس، والتعويل على التيار اليساري بوجه عام في التجمع الصهيوني من أنه يفقد بوصلتهن وأقرب مثال على ذلك هو مقال كلاين التحريضي! ومن هنا، فإن مقالا يوسي كلاين يعرِّي التجمع الصهيوني، ويوسع الهُوة بين العلمانيين والمتدينين في إسرائيل، ويوضح أن تيار اليسار او السلام في تل أبيب بات رصيه ضعيفًا في قلوب الإسرائيليين، مقابل صعود مطرد للتيار الديني المتشدد فيها!