اختتم الرئيس السوداني عمر البشيرأمس الخميس زيارة لمملكة البحرين، وذلك في إطار جهود الخرطوم لتعزيز علاقاتها مع دول الخليج العربي ، وجذب المزيد من الاستثمارات الخليجية للعمل في أراضيها وإقامة مشروعات إنتاجية تدفع الاقتصاد للأمام وتزيد معدلات النمو والدخل القومي ، خاصة بعد الرفع الجزئي للعقوبات الاقتصادية، والتي يأمل السودان أن تلغى بشكل كامل في يوليو المقبل . وتزامنت مباحثات الرئيس السوداني في المنامة، مع زيارة رئيس مجلس النواب البحريني أحمد إبراهيم الملا، للسودان ، على رأس وفد برلماني رفيع المستوى، حيث التقى عددا من المسئولين الحكوميين والوزراء والبرلمانيين ورجال الأعمال، وذلك في إطار سعي البلدين لفتح آفاق جديدة للتعاون على كافة الأصعدة، خلال المرحلة المقبلة . واتخذت علاقات السودان بدول الخليج بصفة عامة، منحا جديدا خلال السنوات الأخيرة، نحو التعاون والتقارب في شتى المجالات ، خاصة بعد قطع الخرطوم علاقاتها مع إيران وغلق سفارة طهران في العاصمة السودانية، معززة ذلك بمشاركتها بفاعلية في عملية عاصفة الحزم في اليمن في إطار التحافل العربي . ويتوقع محللون أن تشهد الفترة المقبلة طفرة على مستوى تلك العلاقات خاصة على الصعيد الاقتصادي، حيث أبدت دول الخليج ، ومنها البحرين، اهتماما كبيرا بالاستثمار في السودان، وتسعى الخرطوم من خلال تكثيف الزيارات واللقاءات لجذب المزيد من تلك الاستثمارات، لفتح آفاق اقتصادية واعدة. وفي مستهل زيارته للمنامة، بحث الرئيس السوداني، عمر البشير، في جلسة مباحثات مشتركة مع ملك البحرين، الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة، أوجه التعاون بين البلدين في كافة المجالات ، وأكدا على عمق العلاقات بين البلدين الشقيقين، وتطابق وجهات النظر حول العديد من القضايا على المستوى الثنائي والعربي والدولي . واتفق الجانبان على عقد اللجنة الوزارية العليا المشتركة بين البلدين منتصف العام الجاري، بجانب فتح سفارة للبحرين في الخرطوم في وقت قريب . وقال الرئيس السوداني، في تصريح صحفي، إنه خصص بالفعل أرض بالعاصمة الخرطوم لإقامة السفارة البحرينية، تعزيزا للعلاقات بين البلدين الشقيقين . وفيما يتعلق بالمشروعات الاستثمارية البحرينية في السودان، خصوصا في مجال الأمن الغذائي، أشار البشير إلى أن السودان خصص أراض للعديد من الدول الخليجية، ومنها البحرين، وذلك لإقامة مشروعات تستهدف تحقيق الكفاية لاحتياجات الشعوب العربية من الغذاء، خاصة في مجال الإنتاج الزراعي والحيواني وغيرها. من جانبه ، قال وزير الخارجية السوداني ، الدكتور إبراهيم غندور، في تصريحات صحفية ، إنه تم الاتفاق على دعم مملكة البحرين لمبادرة الجامعة العربية للأمن الغذائي ومبادرتها لإعمار السودان، ووصف العلاقات بين البلدين بالقوية والمتينة. وأكد أن الزيارة كانت ناجحة بكل المقاييس، حيث أحدثت نقلة جديدة فى مسار العلاقات بين السودان والبحرين، موضحا أنه تم الاتفاق خلال الزيارة على بناء شراكة استراتيجية بين السودان ودول مجلس التعاون الخليجى ،سيتم التوقيع عليها قريباً، لافتا إلى أن الرئيس السوداني قدم الدعوة لملك البحرين لزيارة السودان والتى وجدت القبول من جانبه . وبدوره ، قال سفير السودان لدى البحرين،عبد الرحمن خليل أحمد، إن زيارة البشير للبحرين تاريخية ،خاصة أنها جاءت في وقت يمر به الوطن العربي بأزمات حادة تتطلب بحثها. وأشار إلى أن الجانبين بحثا العلاقات السياسية والاقتصادية وخرجا بنتائج طيبة، مؤكدا أن انعقاد اللجنة العليا الوزارية بين البلدين، بعد انقطاع دام لأكثر من ثلاثة عشر عاما ،سيدفع العلاقات الاقتصادية والاستثمارية والسياحية إلى آفاق أرحب . وقال إن مملكة البحرين تمتلك تجربة رائدة في مجال استخدام التكنولوجيا والعلم الحديث، ويمكن للسودان الاستفادة من تجربتها في جذب الاستثمار والمصارف والسياسات المالية، خاصة أن السودان يتجه لخلق علاقات استراتيجية مع دول الخليج ،بما يمتلكه من موارد كبيرة في التعدين والزراعة والثروة الحيوانية . وخلال زيارته للخرطوم، التقى وفد البرلمان البحريني، برئاسة رئيس مجلس النواب ، أحمد إبراهيم الملا، بالرئيس السوداني عمر البشير بعد عودته من المنامة، وكذلك نائبه الأول رئيس مجلس الوزراء القومي، الفريق أول ركن بكري حسن صالح، ووزير الدفاع الفريق أول ركن عوض محمد بن عوف، ووزير الدولة بوزارة الخارجية الدكتور عبيد الله محمد عبيد الله، ووزير الدولة بوزارة الاستثمار أسامة فيصل. كما ألقى رئيس مجلس النواب البحريني، كلمة أمام المجلس الوطني السوداني، والتقى والوفد المرافق له ، بأعضاء الاتحاد العام لأصحاب العمل بالسودان، وذلك لبحث تعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات . وأكد رئيس مجلس النواب البحريني، عمق ومتانة العلاقة بين البلدين، موضحا أن زيارتهم للسودان تأتي في إطار تعزيز العلاقات البرلمانية بين البلدين. وأضاف أن اللقاءات تطرقت لمجالات التعاون المختلفة والمصالح المشتركة التي تهم الشعبين الشقيقين ،وتنسيق المواقف في القضايا الإقليمية والدولية خاصة تلك المتعلقة بمحاربة الإرهاب، مشيرا لتوجيهات ملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة بالشروع في اتخاذ الإجراءات لفتح سفارة مملكة البحرين في الخرطوم لتعزيز العلاقة بين البلدين . وشدد على جاهزية مجلسه للمساهمة في ترقية وتطوير العلاقات بين المنامةوالخرطوم، مبرزا حرص بلاده على تعزيز التعاون البرلماني بين البلدين، على مستوى الأعضاء والأمانة العامة، مشيراً إلى جهود البرلمان السوداني في دعم التنمية الشاملة وتعزيز الوحدة الوطنية . وقال إن جسر المحبة والتواصل بين المنامةوالخرطوم فاعل ومستمر على كافة المستويات، مثمنا مواقف السودان تجاه قضايا المنطقة ، وجهوده لدعم الأمن والاستقرار ، مشيدا بمبادرة الرئيس عمر البشير حول الحوار الوطني، مؤكداً دعمهم لجميع المبادرات الوطنية في السودان من أجل تحقيق السلام والأمن والتنمية . ونوه إلى أن زيارة الوفد شهدت مباحثات جيدة مع قيادات وأجهزة الدولة والمجلس الوطني بالسودان ، من شأنها تقوية وتعزيز علاقات التعاون بين البلدين، مشيرا إلى أنهم سوف يشرعون فى الالتقاء بغرفة التجارة والصناعة البحرينية لبحث خطوة تكوين مجلس الأعمال السوداني البحريني المشترك، ليسهم فى تحقيق المزيد من التبادلات التجارية والشراكات الاستثمارية . من جهته، أكد رئيس المجلس الوطني بالسودان، الدكتور إبراهيم أحمد عمر، أن العلاقات السودانية البحرينية مهمة ومتطورة، مبرزا أن البلدين بينهما كثير من أواصر المحبة والتعاون في المجالات السياسية والاقتصادية. و أشار عمر إلى أهمية توطيد وتمتين التعاون بين البلدين في المحافل الدولية ، معرباً عن أمله في أن تكون الدبلوماسية البرلمانية مدخلاً واسعاً للعلاقات السودانية البحرينية. وبدوره، أكد وزير الدفاع السوداني ،علي متانة وخصوصية العلاقة مع دولة البحرين ،وحرص السودان علي تطويرها ،معربا عن استعداد بلاده لتقديم كافة أشكال الدعم للأشقاء ،وتبادل الخبرات في كافة المجالات،خاصة التعاون العسكري. من جانبه، قال وزير الدولة السوداني بوزارة الخارجية، إن السودان تمكن من تجاوز العديد من العقبات التي واجهها على الصعيد الداخلي، مؤكدا استعداد السودان للمضي قدما نحو تطوير علاقاته مع أشقائه العرب، وإحكام التنسيق حول القضايا المشتركة مثل محاربة الإرهاب وغيرها من المهددات الأخرى. من جهته، أكد وزير الدولة السوداني بوزارة الاستثمار، ترحيب الحكومة بالاستثمارات العربية بصورة عامة، معدداً المزايا الكبيرة للاستثمار بالسودان، في ظل توافر تشريعات وقوانين تسهم في جذب ودفع عجلة الاستثمار بالبلاد . واعتبر الوزير أن من أهم مخرجات زيارة الرئيس السوداني إلى مملكة البحرين، توافق قيادتي البلدين على تعزيز التعاون في مختلف المجالات، وفي مقدمتها المجالات الاقتصادية، موضحا أن ذلك يمهد الطريق لتدفق الاستثمارات، وأن الوزارة ستعمل على ترجمة هذه التوجهات على أرض الواقع. وبدوره، أعرب نائب رئيس اتحاد أصحاب العمل السوداني، يوسف أحمد يوسف، عن تطلعات القطاع الخاص السوداني بتطوير علاقات التعاون مع القطاع الخاص البحريني، وتبادل المنافع والمصالح فى مجالات التجارة والاستثمار والخدمات. وقال إن مستوى التعاون الاقتصادي يظل دون الطموحات ولا يرقى لمستوى التطلعات، معربا عن أمله في أن تسهم الزيارة فى تحريك الجانب الاقتصادي ، داعيا الأجهزة التشريعية بالبلدين بالقيام بدور فاعل فى تحقيق رغبات القطاع السوداني والبحريني، من خلال التشريعات والقوانين المشجعة والمحفزة للتعاون الاقتصادي.