برعاية شيخ الأزهر.. تدشين مبادرة تدريب طلاب الأزهر على الوعي السياحي بالأقصر    حزب الحرية: ثورة 23 يوليو خلدها التاريخ وأرست مبادئ العدالة والكرامة    «القابضة للصناعات المعدنية» تستهدف 21.6 مليار جنيه صافي ربح خلال 2025-2026    أستاذ علوم سياسية: إيران بين المفاوضات أو الضربة العسكرية.. والغرب لا يمزح    سيعود للمستشفى.. آخر تطورات الحالة الصحية ل"حسن شحاتة"    تيدي أوكو يثير الجدل برسالة غامضة وسط أنباء فشل انتقاله للزمالك    تقرير تونسي يكشف موعد انضمام علي معلول للصفاقسي    فخر أبو ظبي الجديد.. إبراهيم عادل حديث صحف الإمارات بعد انضمامه للجزيرة    الحكومة: لا تحديات تعيق افتتاح المتحف المصرى الكبير والإعلان عن الموعد قريبا    الصحة: النسخة ال 3 لحملة حملة "100 يوم صحة" تستهدف مواجهة التوحد والإدمان    الكرملين: محادثات صعبة مع كييف في إسطنبول اليوم.. ومذكرات التفاهم "متناقضة"    أوباما ينتقد اتهامات ترامب "الغريبة" بشأن انتخابات 2016"    جامعة الأقصر تعلن موعد التحويلات ونقل القيد بين الكليات    سيارات "جينيسيس" تنطلق لأول مرة في شمال أفريقيا من بوابة السوق المصري    تباين أداء مؤشرات البورصة في منتصف تعاملات اليوم    الاستعانة بمركز بحثي متخصص لإعداد دراسة فنية لتطوير كورنيش طنطا في الغربية    فيريرا يركز على الجوانب الفنية في مران الزمالك الصباحي    تحرير 138 محضرًا للمحال المخالفة لمواعيد الغلق الرسمية    وفاة شخصين متأثرين بإصابتهما في حادث تصادم سيارتين بقنا    تعليم قنا تنظم ندوة تعريفية عن نظام «البكالوريا الجديدة»    أسرة مريم الخامس أدبي تستقبل نتيجتها بالزغاريد في دمياط    ضبط 3695 قضية سرقة كهرباء خلال 24 ساعة    ضبط 9 طن دقيق مدعم خلال 24 ساعة في حملة بالقاهرة    الكنيسة الأرثوذكسية: ثورة 23 يوليو مَكَّنَتْ المصريين من أن يحكموا أنفسهَم بأنفسهِم    التفاصيل الكاملة ليوم الأربعاء 23 يوليو 1952    6 أساتذة يفوزون بجوائز الدولة للرواد والتشجيعية والمرأة من جامعة القاهرة    على شاطئ البحر.. أحدث ظهور للفنانة بشرى والجمهور يعلق    تكتفي بالمراقبة أكثر من الكلام.. 5 أبراج يفضلون الصمت    محفظ قرآن بقنا يهدي طالبة ثانوية عامة رحلة عمرة    أمين الفتوى: الشبكة جزء من المهر والأصل أن تعود للخاطب عند فسخ الخطبة    الإفتاء توضح كيفية إتمام الصفوف في صلاة الجماعة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : كم نتمنى ان نكون مثلكم ?!    كتائب القسام تستهدف آليات عسكرية للاحتلال في جباليا    علامة "غريبة" ظهرت على شابة كشفت إصابتها بسرطان العظام- لن تتوقعها    بعد إعلان نتيجة الثانوية العامة 2025.. 8 نصائح لطلاب الدور الثاني للتغلب على التوتر وزيادة التركيز    جامعة الإسكندرية الأهلية تفتح أبوابها لطلاب الثانوية العامة 2025    بالفيديو.. الأرصاد: موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد حتى منتصف الأسبوع المقبل    المصري وحش كاسر، توفيق عكاشة يوجه رسالة تحذير للمتطاولين على المصريين    على طريقة عربي.. مصطفى غريب يوجه رسالة طريفة لطلاب الثانوية العامة    في الذكرى ال73 لثورة يوليو 1952.. تفاصيل انتفاضة الضباط الأحرار لاستعادة الاستقلال الوطني وإنهاء حكم الملكية    محافظ الفيوم يهنئ وزير الدفاع ورئيس الأركان بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو    طريقة عمل المكرونة بالبشاميل، بطريقة المحلات وطعم مميز    رئيس هيئة الرقابة الصحية من مطروح: تحقيق جودة الخدمات يعتمد بالأساس على تأهيل الكوادر البشرية (تفاصيل)    البنك الزراعي المصري يبحث تعزيز التعاون مع اتحاد نقابات جنوب إفريقيا    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الأربعاء    السيسي: مصر أبت أن يعيش مواطنوها في العشوائيات والأماكن الخطرة    البث العبرية: واشنطن تهدد حماس بسحب الضمانات بشأن اتفاق غزة    مرتضى منصور لحسن شحاتة: للأسف أنا مسافر ومنعزل عن العالم    استشهاد 14 فلسطينيًا خلال غارات للاحتلال على قطاع غزة منذ فجر اليوم    توافد المواطنين على ضريح الزعيم جمال عبد الناصر لإحياء ذكرى ثورة 23 يوليو    الوداد يتحرك لضم يحيى عطية الله من سوتشي الروسي    دار الإفتاء المصرية توضح حكم تشريح جثة الميت    أسعار الفراخ في البورصة اليوم الأربعاء 23 يوليو    خريطة حفلات مهرجان العلمين الجديدة بعد الافتتاح بصوت أنغام (مواعيد وأسعار التذاكر)    أسعار البيض اليوم الأربعاء 23 يوليو 2025    وزير الخارجية يتوجه إلى النيجر في المحطة الثالثة من جولته بغرب إفريقيا    وفاة 4 أشخاص بطلقات نارية إثر مشاجرة مسلحة بين عائلتين بقنا    درس حصوله على الجنسية المصرية.. شوبير يكشف مفاجأة بشأن وسام أبو علي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"أين الأزهر؟" سؤال دائم لدى الصينى المسلم.. جولة فى قرى المسلمين ب "نينغشيا"


قرية المؤمن الجديدة درس فى التنمية الثقافية

زواج المسلمين هنا مدنى ودور الإمام لايتعدى تلقين العروسين بعض الآيات القرآنية

سأبادر بتسجيل ملاحظتين، قبل الدخول في التفاصيل، تخصان هذا اليوم الشاق والممتع، الذى قررت أن أكتفى به، فيما يخص أحوال الإسلام والمسلمين في الصين، الملاحظة الأولى: أن الحرية التي يتمتع بها المسلمون هنا، لا تتوافر للمسلمين في دولهم الإسلامية، فكل المنشآت الإسلامية من مدارس ومساجد وقاعات تمت بالجهود الذاتية، تحت رعاية الدولة، والمسلمون هم من يحددون نظامها ومناهجها والدارسين فيها، ومن يعلمون فيها، ويختارون من المناهج ما يناسبهم، دون وصاية الدولة، إنهم ينظمون حياتهم بالطريقة التى تريحهم، في ظل قانون موحد على الجميع، لا يمكن لأحد الخروج عليه، قانون الدولة الصينية الموحدة، الذى يحترم نظام القوميات، ولا يتدخل فيه إلَّا بما يحفظ للدولة وحدتها، والملاحظة الثانية أن أغلب من التقيتهم في هذا اليوم، سألوا عن الأزهر، وأين هو وكيفية الدراسة فيه، وما شروطها، وهذا أمر قد لفت نظري، وقررت أن أسأل فيه مصريين عندما أعود، عن دور الأزهر مع مسلمى الصين، وذلك قبل أن ألتقى السيد «ماتزان شيونغ»، حيث شرح لى طبيعة العلاقة بين الأزهر والصين.
كنا في هذا اليوم سنذهب إلى مدينة «وو تشونغ»، وطلب المترجم أن ينتظرنا هناك، وشرح للسائق الطريق، لكننا ضللناها، وظل معنا على التليفون يشرح، وكلما شرح أكثر تهن أكثر، فقررنا أن نقف في مكاننا حتى يأتى هو إلينا، وانتظرنا في مكان أمام تجمع سكنى راق، في شارع صغير كأنه خط بين الأشجار، وأصر السائق ألَّا يتحرك إلَّا أن يأتى المترجم، وجاء يخب ضاحكا كعادته دائماً، وكأن شيئا لم يحدث، وإلى أن أتى انشغلت بحركة الناس القليلة جداًّ، والفتيات على «عجلاتهن» خرجن لشراء الأشياء في الصباح، بشورتات قصيرة، و«جونلات» هفهافة، وإحداهن تقل جدتها خلفها، والأمهات بصحبة الأطفال يدخلن محملات بالمشتروات، وفى «وو تشونغ» بدأنا بزيارة مسجد: «دونغ تا» الغربى.
والمسجد بنى كمدرسة لتعليم العلوم الإسلامية واللغة العربية، والطلبة أغلبهم من المناطق الجبلية، ويبدو من هيئتهم أن ظروفهم المادية صعبة، لذلك كما أخبرنى المترجم، يدفعون مصاريف رمزية للدراسة، فلا شىء مثل التعليم يحسن فرصهم في الحياة، ولهم أماكن للسكن على شكل مستطيل يحيط بالمسجد، وفى المسجد صالتان للتأجير لإقامة الأفراح، وغيرها من المناسبات الاجتماعية الخاصة بمسلمى المنطقة، وكانت إحدى القاعتين غاصة بالنساء في حالة هستيرية من إعداد الطعام، يرحن ويجئن ويصرخن، هذه تحمل اللحوم، والأخرى أمام قدر كبير، فوق نار عظيمة لإعداد وليمة للفرح الذى سيبدأ ظهرا، والكل يترنم، ونحن بالكاد نسمع، لكن حالة الفرح والهزج أصابتنا بالعدوى، وظل السائق ينظر مندهشا فرحاً، على أى حال، الأموال التى تدرها هاتان القاعتان، مخصصة للإنفاق على الطلاب الوافدين، والمسلمين الذين يعيشون حول المسجد، وهم دائما يتبرعون حتى تستمر المدرسة فى تلقى الطلاب الجدد، لأداء رسالتها التعليمية.
لاحظت عندما دخلنا إلى حجرة في الدور الأرضى، تحت سكن الطلاب، وهى غرفة الإمام «يانغ باو تشينغ» ساعة رقمية كبيرة، وتذكرت أن كل المساجد التى زرتها، فيها مثل هذه الساعة لتحديد مواقيت الصلاة بدقة، كما لاحظت أن كل الأماكن التى زرناها، باستثناء الأسرتين في قرية «يونين» لم يقدم لنا أحد فيها شيئاً، ولم يقوموا حتى بمجرد العزومة، وكنا نشتاق كثيراً من الأحيان إلى الشاى، لكننا نصمت خجلاً، فى هذا اليوم كنت أحمل الشاى معى فى جيبى، أخرجت «باكت» وأعطيته لللمترجم، في إشارة إلى رغبتى الحميمة في شرب الشاى، ليس ذلك بخلاً من مسلمى الصين، بل لأنهم لا يشربون الشاى بطريقتنا سريعة التحضير، فلهم في شربه طقوس كثيرة ومعقدة، أشهرها طقس شاى «الباباو» وإن لم تخنى الذاكرة هو شاى الجواهر الثمانية، الذى توضع مادته فىالكوب، ويصب الماء الساخن فوقها، وكلما فرغ الكوب صبوا من جديد، دون تغيير المكونات نفسها، وهذه المادة تتكون من: «بلح صينى» وفاكهة تشبه الزبيب عندنا اسمها «جوتشى»، وسكر نبات مكعبات، وسمسم، وجوز الهند، و»جويان»، يشبه المكسرات عندنا، وبعد أن يكتفى الشارب من الشراب يأكل المادة المتبقية في الكوب المزخرف، ذى الغطاء، وتكون المادة قد لانت كثيرا من كثرة الماء فوقها، فالطقس يستمر ساعتين أو أكثر، جاءنا الشاى في كوب بلاستيك شفاف، ووضع معه البطيخ والعنب، وهذا طبيعي ومعتاد لدى الصينيين، كما أخبرنا المترجم.
طلب إمام المسجد، ومؤسس المدرسة «يانغ باو تشينغ» أن يقوم بنفسه بتعريفنا بهذه المؤسسة قال:
- هذا المسجد قديم، تم بناؤه عام 1949م، وكان أول إمام له هو «وانغ جين جاى» وكان يدرس للتلاميذ، ويترجم لهم القرآن، تم تجديد المسجد عام 2008، وهى المرة الأولى التى يتم تجديده فيها، إلى أن صار على ما هو عليه الآن، يتكون المسجد من ثلاثة طوابق، ويسع ثلاثة آلاف مصل، أما المدرسة الملحقة به فتم تأسيسها في سبتمبر عام 2011،وسبب تأسيس المدرسة أن الإمام رأى أن التربية والتدريس على الطريقة القديمة، وهى تتم لمدة ساعة بعد صلاة الفجر، لشرح بعض القواعد الإسلامية للمصلين، لم تعد صالحة.. فعزم على تأسيس هذه المدرسة ليتم الأمر بشكل علمى.
الطلاب في الدراسة الجديدة، يدرسون بشكل علمى منظم، وفق مناهج مدرسية مدروسة، على فترتين صباحاً أربع حصص، وبعد الظهر حصتان، والدراسة كلها خاصة بعلوم الدين.
أين وضعت هذه المناهج؟
أولا: نأخذ بعض المواد من المدارس الحكومية، مثل تدريس اللغة الصينية كتابة وشفاهة، ودروس مادة التربية الرياضية واللياقة البدنية ككرة السلة، ولم يكن ذلك مسموحاً به في المسجد من قبل، وكذلك مادة اللغة العربية، وتدريس اللغة العربية له هدفان هما: فهم القرآن الكريم والسنة النبوية، وتأهيل الطلاب حتى يمكن لهم الذهاب إلى الدول العربية لاستكمال دراستهم.
كم مدة الدراسة في المدرسة؟
4 سنوات.
وما المواد الأخرى التى يدرسها الطلاب؟
تجويد القرآن وتفسيره، وشرح الأحاديث النبوية والفقه على المذهب «الحنفى»، ثم القواعد النحوية والصرفية.
بأية لغة يتم التدريس؟
باللغة الصينية، لأن الطلاب يأتون إلى هنا بعد انتهاء الدراسة المتوسطة (الإعدادية)، ولا يعرفون العربية إطلاقاً، لذلك لا يمكن تدريسهم بها هكذا مرة واحدة، اللغة الصينية نشرح بها، وبرغم أن الإمام لا يعرف العربية، لكنه يحفظ بعض الأجزاء من القرآن، تمكنه من إتمام الصلاة.
كم نفقات المدرسة؟
أولا وافقت الحكومة على إقامة المدرسة، ولم تمنع ذلك، والنفقات من تبرعات المسلمين وصدقاتهم، والسنة الدراسية «ترمان»، كل ترم خمسة أشهر، يتكلف ثمانية آلاف يوان، وهى تساوى ثلث النفقات الحقيقية، والحكومة توافق على سياسة المدرسة، وكذلك لا تمنعنا من إقامة الاحتفالات الدينية وبعض النشاطات.
والمدرسون كلهم أئمة؟
فى هذه المدرسة معظم المدرسين كانوا أئمة مساجد، لذلك يمكنهم تدريس المذهب الحنفى واللغة العربية، وهم مثبتون على قوة المدرسة، ولهم رواتب، وقديما كانوا يأخذون أجرهم بشكل يومى (10 يوانات في اليوم)، بعض المساجد تتبع ذلك النظام حتى الآن، والأئمة في بعض المساجد الأخرى يأخذون أجرهم مرتين فقط في العام: في عيد الفطر وعيد الأضحى، والحكومة بحمد الله تتولى الآن دفع رواتب أئمة المساجد العاملين (400 يوان شهريا)، وبرغم ضعف الراتب، فإننا سعداء بذلك جداً، فنحن نقدم خدمة للإسلام.
كم طالبا في المدرسة؟
150 طالبا، وتخرجت قبل ذلك ثلاث دفعات، وهؤلاء المتخرجون، بعضهم يدرس الآن في مصر، وبعضهم في السعودية وباكستان، والأردن والسودان، وبلغ عدد الدفعات التى تخرجت 39 طالباً فقط.
وأين ذهب الباقون؟
البعض يغادر المدرسة، ولا يكمل حتى السنة الرابعة، وتلك مشكلة المدارس الأهلية، يأتون بشكل كبير في البداية، بعضهم يغادر في السنة الثانية، أو الثالثة مباشرة.
ما طقوس الزواج كما تتم في المسجد؟
يتم التعارف بين الشابين بواسطة، ثم برضى الجانبين وموافقة وليهما، ثم يأخذون شهادة زواج من الحكومة، وهى شهادة قانونية تثبت الزواج، أمام الحكومة، ثم يقيم لهما الإمام حفلاً، يقرأ فيه بعض الآيات القرآنية، ويلقى خطبة.
ألا توجد صيغة للزواج؟
مسئولية الإمام في الزواج، أن يطرح بعض الأسئلة عن إيمانهما، ثم يلقنهما بعض التعاليم الإسلامية، حول الزواج، مثل واجب الزوج تجاه الزوجة، وحق الزوج على الزوجة، وبر الوالدين، أى قيام الزوجة ببر والدى الزوج، وكذلك بالنسبة للزوج، لأن العروسين يقيمان مع أهل الزوج.
وبالنسبة للحج؟
قديما كان عدد الحجاج قليلاً جداً، الآن أصبح العدد كبيراً، ويتم تجميعهم فىالمسجد ليقوم الإمام بإعطاهم معلومات عن الحج، ويقوم بتحفيظهم طقوس ومراحل الحج، كما أنهم يدرسون في المسجد، بعد خطبة الجمعة، أو بعد صلاة الفجر، لمدة أسبوعين دروساً حول الحج.
ومن جهة أخرى تقوم الحكومة بتعيين إمام خاص، يلقى محاضرة عامة لجميع المسافرين إلى الحج، وهو إمام يتقن تفاصيل فريضة الحج، ثم يأخذ كل حاج معه كتابا باللغة الصينية عن طقوس الحج، وفى الأخير تقوم الجمعية الإسلامية الحكومية بتوزيع «دليل الحاج»، على الجميع، وفيه تفصيلات وافية حول الحج.
قبل أن ينتهى الحوار مع «جمال الدين»، ألقينا نظرة على مكتبته وفيها: «الفقه الإسلامى، وأدلته» للدكتور «وهبة الزحيلى» و«فتح القدير»، نسخة غير محققة، و«التفسير الكبير» في نسخة غير محققة أيضا، و«مجمع الأنهر، وصفوة البيان لمعانى القرآن»، و«حياة الحيوان»، وأجزاء من «الفتوحات المكية»، و«بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع» للإمام علاء الدين أبو بكر بن مسعود الكاسانى الحنفى، وهو أشهر كتاب في الصين عن المذهب الحنفى، وشرح صحيح البخارى.
سألت الإمام: هل تقرأ في هذه الكتب وهى باللغة العربية؟
فقال: نعم
فهمت، بعد ذلك، أن الإمام يقرأ باللغة العربية لكنه لا يستطيع الحديث بها، ويقوم بترجمة محتويات الكتب، إلى اللغة الصينية، وهذه الكتب كلها مطبوعة في الصين.
عندما توجهنا لزيارة الفصول، اطلعت على بعض الكتب التى تمثل المناهج الدراسة، منهج الغلة العربية، وفيه فصل عن مصر، وآخر عن قناة الجزيرة، قرأت الفصل الخاص بمصر، وهو لا يزيد على عشرة سطور، والكتاب الوحيد من خارج الصين هنا، هو ليوسف القرضاوى بعنوان: «الإيمان والحياة».
تجولت داخل الفصول، وتحدثت مع الطلبة، وطلبت أن يقرأ لى أحدهم نصا ًمن الكتاب باللغة العربية، فقرأ بصعوبة من يتعلم، وعجبت أنهم يستطيعون قراءة اللغة العربية، لكنهم يجدون صعوبة في نطقها، وشرحت ذلك للإمام، وهو مثلهم، فقال نعمل على تدريبهم على النطق، لكن ذلك سيستغرق وقتا. وهنا تدخلت «ماجينغ»: لا تنس سنذهب إلى قرية المؤمن الجديدة.
أثر في اسم تلك القرية جداًّ.
إنها قرية «المؤمن الجديدة»، فإذا كان مسلمو الصين يتركزون فى هذه المنطقة، فلماذا سميت تلك القرية بهذا الاسم؟
تقع القرية داخل بلدة «دونغ تا»، فى منطقة «لى تونغ»، وعدد الأسر التى تعيش فيها 68 أسرة فقط، أى 320 فردا فقط لا غير، كلهم ينتمون إلى قومية «هوى» المسلمة. في عام 1989م، تم بناء مسجدين فيها، وكذلك تم بناء «المدرسة الإسلامية للبنات» التى تسع 200 طالبة، وبناء حديقة ذات خصائص ومميزات توافق عادات وتقاليد قومية «هوي» مساحتها 2800 متر مربع، تم بناء متحف يضم آثار وتطور ملابس قومية هوى وتقاليدها مساحته 120 متراً مربعاً، المنازل كلها في القرية دور واحد، بُنى على نمط العمارة الإسلامية القديمة، الشارع الرئيسى في القرية طوله 330 مترا، وفيها حمام عمومى على مساحة 91 متراً، هذه القرية زارها الكثير من ضيوف الصين، ومنهم رؤساء دول، وقد تم وضعها في قائمة التراث المثالى الثقافى على مستوى دولة الصين عام 2007، وفيها مجموعة من المؤسسات الخاصة بالمسلمين مثل:
معهد العلوم الإسلامية للبنات، الذى تم اعتماده من جهة مصلحة الشئون الدينية والجمعية الإسلامية.
معهد الثقافات للفتيات المسلمات، تم اعتماده من جمعية تنظيم الأسرة.
تم تأسيس مدرسة البنات عام 2000م ومساحتها 5340متراً مربعاً، مساحة البناء المخصص للفصول 3500 متر، على نمط العمارة الإسلامية، وتتكون من طابقين، وللمدرسة 4 ملايين «يوان» أموال ثابتة، تبرع بها المقاول المسلم «يانغ شاو تشين»، وهو من بناها من أمواله الخاصة، والمدرسة بها 180 طالبة و12 مدرساً، وتم تزويدها بسكن للطلاب، ومكتبة ومطعم، والمكتبة قسمان، قسم للمدرسين، والآخر للكتب العامة.
تم تأسيس المدرسة وفق السياسية الدينية للدولة، حسب إرادة المسلمين، وهى تستهدف نهضة قومية «هوى» تربويا ورفع مستواهم، ونشر الثقافة الإسلامية، يلتحق بها الطلاب بعد التخرج في المدرسة الإعدادية، لمن يرغب في إتقان اللغة العربية، والتعاليم الدينية، ولمن يريد أن يؤسس أسرة مسلمة، تسهم في استقرار المجتمع الصينى، ولبناء مجتمع حضارى.
المواد التى تدرس في هذه المدرسة هى: اللغة العربية، وقواعد النحو والصرف، والنصوص، وتجويد القرآن، وتفسيره، والتاريخ العربى، وتاريخ قومية «هوى»، والتقاليد الإسلامية، والفقه الإسلامى، والأخلاق العامة، ويدفع الطلاب بعض الرسوم والباقى تتولاه تبرعات المسلمين، وبالنسبة للطلاب الذين لا يستطيعون دفع الرسوم، تعفيهم المدرسة منها.
لم أذكر لك تلك المعلومات وقد عرفتها من المترجم، اعتباطاً، إنما تدليلاً على كيف تنمى الدولة حياة مواطنيها، بأن تساعدهم على إنشاء المؤسسات التى تخصهم، وتترك لهم إدارتها، بل وتحتفى بتراثهم، وتجعله جزءاً من حضارتها، تدافع عنه، وتخلق له الأطر القانونية التى تحميه، فالاختلاف، هنا، إضافة للمجموع وليس انتقاصاً منه، والدولة لكل مواطنيها، وإذا قلت لك إن تلك القرية على صغرها، تمثل واقعاً حياً على ما يتمتع به المسلمون هنا من استقلالية وحرية، وما ينقصها تقوم الدولة باستكماله مثل الطرق السريعة، ومد المرافق العامة، وهى في ذاتها متحف حى للمسلمين الصينيين.
فور أن وقفت العربة أمام باب المدرسة الخاصة بالبنات، وكن يجلسن في «الحوش» ونزلنا منها، قمن جميعا جرياً، لأننا غرباء، ودخلن إلى مكان السكن الخاص بهن، فجاء المسئول من المدرسة جريا، ليرى ماذا هناك، وبعد أن رحب بنا سألته:
أين تذهب المتخرجات من هذه المدرسة؟
بعضهن يذهبن إلى مدرسة أخرى، لتعميق الدراسة، والبعض الآخر يقمن بالتدريس في المدرسة لرياض الأطفال، وأخريات يدرسن للنساء في المساجد.
أوشك اليوم على الانتهاء، ولا يزال لدينا، حسب البرنامج بعض الزيارات الخاصة بمؤسسات المسلمين هنا، وكان حُسن الختام مع المدرسة الإسلامية للبنات، «بخان تشو»، التى هاتف المترجم المسئول عنها، وكان في انتظارنا، وأخبرنى المترجم، ستجد هناك شاياً، فاشرب قدر ما تستطيع، شاى ماليزى ممتاز، وكان كذلك بالفعل، وقال أيضا إن شعار تلك المدرسة هو: «الإيمان والاستقامة». قلت له: الشعارات الإسلامية واحدة في كل مكان، المهم هو سلوك المؤمن.
كان «محمود»، أو «جانغ خونغ بينغ» في انتظارنا بالشاى و«الموز»، وأجلسنا في مكتبه الملحق بمقر سكنه، وكالعادة كان أول ما لفتنى هو كومة الكتب الموضوعة فوق مسند صغير، وقرأت عناوينها: «شخصية المرأة المسلمة.. كما يصوغها الإسلام في الكتاب والسنة» للدكتور محمد على الهاشمى، والصادر من دار البشائر الإسلامية في بيروت وبعض الكتب الأخرى الخاصة بالفقه الحنفى.
الشيخ محمود درس فى السعودية، وتخرج في كلية الحديث عام 2003م.
سألته عن عدد تلاميذ المدرسية؟
فقال: 63 تلميذة من جميع أنحاء منطقة «نينغشيا»، ثم ستة مدرسين يقيمون فىالمدرسة، وست مدرسات مقيمات أيضاً.
كم دفعة تخرجت فى هذه المدرسة؟
7 دفعات، والدراسة هنا ثلاث سنوات، أكثر التلميذات يتخرجن في المدرسة الإعدادية، ثم يلتحقن بهذه المدرسة، وبعضهن متخرجات فى المدرسة الثانوية.
ومصاريف الدراسة؟
ثلاثة آلاف «يوان» فى العام، ندفع منها رواتب المدرسين، ومعيشة الطالبات، وشراء الفحم، ومصاريف الكهرباء. الطالبة تدفع 1500 يوان، تشمل مصاريف التعليم والإقامة، والزي المدرسي، هذا بالنسبة للطالبة القديمة، أما المستجدة فتدفع ألفي يوان.
لماذا تدفع المستجدة مصاريف أكثر؟
لنوفر لها سريراً جديداً، وملبسا ومفروشات، وكتباً جديدة.
ماذا يعملن بعد التخرج؟
بعضهن يكملن الدراسة في الخارج، مثل ماليزيا وباكستان، وبعضهن يعملن مدرسات للنساء فى المساجد، وبعضهن يذهبن إلي جنوب الصين، إلى مناطق «جوانزو»، و«إي و»، وهي مناطق صناعية مشهورة بالتجارة مع العرب، ليعملن مترجمات بين العرب والصينيين.
وبقية المصاريف من أين تأتى؟
من تبرعات المسلمين للمدرسة، ومن صدقاتهم، مما يساعدنا في التخفيف عن الطالبات الفقيرات، ممن لا يستطعن دفع تكاليف المدرسة.
كم مدرسة في المنطقة؟
ست مدارس في مدينة «وو تشون»، وهذه المدرسة هى أقدمها وأصغرها..
الدراسة - هنا - ثلاثة أقسام، أولاً اللغة العربية، وهو منهج موضوع من قبل الحكومة الصينية، عبارة عن سلسلة من كتب اللغة العربية تتكون من عدة أجزاء، تقسم على مراحل التعليم، والقسم الثانى خاص بقواعد الدين الإسلامى، وأرانى كتابا باللغة العربية عنوانه: «التسهيل الضرورى لمسائل القدورى لمؤلفه «محمد عشيق بيرانى» عن فقه المذهب الحنفى، وكتاب «رسالة الصالحين»، وكتاب «الكبائر» للصف الثالث الثانوى، و«فقه السنة» للسيد سابق، و«الأربعون النووية»، و«التفسير وأصوله» من وزارة المعارف السعودية.
من أين جئت بهذا الكتاب؟
أحضرته معى من السعودية، وقمت بتصويره، وهو مقرر على تلاميذ الصف الثاني الثانوي في السعودية.
وكذلك كتاب «الفقه» من وزارة المعارف السعودية، ومقرر أيضا على تلاميذ الصف الثاني الثانوي في المملكة العربية السعودية، وكتاب قصص الأنبياء، تأليف «أبوالحسن النووى» للأطفال، وكذلك مقرر التوحيد، قمت بتلخيصه باللغة الصينية من سلسلة كتب الشيخ الأشعرى، وكذلك كتاب السيرة النبوية عن كتاب «الرحيق المختوم» لمؤلفه صفي الرحمن مبارك نورى الهندى، ترجمه للصينية: محمود ليوفنغ شان.
متى تبدأ السنة الدراسية؟
فى منتصف شهر أغسطس.
أما ثالث المواد الدراسية، فهى المواد العامة، مثل الكمبيوتر، واللغة الصينية، تحريريا وشفاهة، وتاريخ قومية «هوى» ولدينا مدرس خاص بهذا الموضوع، ودائما نستقدم خبراء من الخارج لإلقاء محاضرات.
من أين هؤلاء الخبراء؟
من هذه المنطقة، كالأساتذة في المعهد الإسلامى، وكذلك أئمة المساجد، والمحاضرات العامة تكون كل يوم سبت، في قاعة مخصصة لذلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.