خالد سعيد أسدل الستار ظهر اليوم، الثلاثاء، على قضية الجندي الصهيوني، آليئور آزاريا، المتهم بقتل الشهيد الفلسطيني، عبد الفتاح الشريف، من مسافة صفر، بعد الحكم عليه بالسجن الفعلي 18 شهرًا، وسنة إضافية مع وقف التنفيذ، وتنزيل رتبته إلى عريف. منذ الرابع والعشرين من مارس الماضي، وقضية الجندي الإسرائيلي، آزاريا، تحمل الكثير من المضامين والتحليلات والاهتمام في آن، فقد نالت أكثر من حقها في الاهتمام الصهيوني، على كافة مناحي الحياة، خاصة الجانبين، السياسي والعسكري، واحتلت قضيته أغلفة وسائل الإعلام الإسرائيلية، الصادرة باللغة العبرية، وتصدرت العناوين الرئيسية لأيام متتالية، كونها تتعلق باستشهاد شاب فلسطيني بعد أن تلقى الأوامر المباشرة بقتله، في حين أجبرت المحكمة العسكرية الإسرائيلية الشرطة إلقاء القبض عليه منذ تاريخه! منذ صباح اليوم، ورغم وجود قضايا وأحداث وأخبار ربما تفوق خبر الحكم على آزاريا من حيث الأهمية، فإن الجندي الصهيوني الذي قتل الفلسطيني الفدائي عبد الفتاح الشريف، في العام الماضي، قد صوَّب بندقيته تجاه رأسه من مسافة صفر، وعن عمد، بعد أن تلقى أوامر عسكرية مباشرة بذلك، ومن قبلها فتاوى من حاخامات عسكريين، دفعته إلى قتله مباشرة، دون تردد، أو حتى إصابته في إحدى قدميه، رغم أن الشريف لم يكن حاملاً للسلاح، وإنما أحد نشطاء المقاومة الفلسطينية الثالثة، التي اندلعت منذ مطلع يناير من العام الماضي، وهي انتفاضة " السكين والدهس "! كانت الكلمة الأخيرة اليوم في قضية آزاريا بعد الحكم عليه ظهر اليوم بالسجن الفعلي 18 شهرًا وهو ما يعد بمثابة " حكم مخفف " كونه قاتل شهيد فلسطيني، نال أكثر مما يستحق، خاصة بعد تجمع المئات من مناصريه ومن رافضي الحكم على الجندي الإسرائيلي، فضلاً عن أن ردود الأفعال المناهضة للحكم العسكري، كانت قد غطت على كثير من القضايا المهمة الأخرى. ومن بين ردود الأفعال الغاضبة والرافضة للحكم، ما قاله وزير التعليم الصهيوني، نفتالي بينيت، من إن آزاريا يحتاج إلى الإفراج عنه وليس حبسه، مطالبًا بالإفراج الفوري عنه، بزعم أن الجندي دافع عن نفسه وحياة زملائه، ولم يرتكب أي خطأ، وهي الكلمات التي سبق وأن تكررت على لسان أكثر من مسئول إسرائيلي من أن الجندي آليئور آزاريا لا يستحق الحبس، في الأساس! الثابت أن نتانياهو ووزير حربه أفيجدور ليبرمان سبقا ودافعا عن الجندي المتهم، غير مرة، وكانا كغيرهما يتابعان عن كثب محاكمات الجندي السابقة، وفي كل مرة كانا يتابعان المحاكمة، ويطلقان التعليقات المستفزة بحق الفلسطينيين بوجه عام، فضلاً عن أن عائلة آزاريا باتت معروفة للمجتمع الصهيوني، كونها متصدرة لوسائل الإعلام بشكل مستمر. ذكر الموقع الإلكتروني العبري " واللا " بعيد المحاكمة مباشرة على لسان بينيت نفسه : " كلنا ندفع الثمن "، وكأن وزير التعليم الذي يرأس حزب " البيت اليهودي " المتطرف، قد دافع عن قاتل " حشرة أو حيوان " بدم بارد، في حين أنه استهدف الفدائي الفلسطيني، عبد الفتاح الشريف، الذي يدافع عن حقه المشروع في مقاومة المحتل الغاصب لأرضه وماله وعرضه، مستطردًا بأن " أمن مواطني إسرائيل يتطلب على الفور الإفراج عن أليئور آزاريا، وعملية المحاكمة يشوبها الخلل، ولا يجب أن يُحبس، فكلنا ندفع الثمن " فيما قال وزير الحرب، أفيجدور ليبرمان، في بوست له على الفيس بوك " إنه علينا احترام القضاء، وأننا من جانب واحد نتحدث عن الجندي آزاريا لكننا على الجانب الآخر نتحدث عن قاتل لليهودي، وهو ما يجب أن نأخذه في الاعتبار ". فيما كتب يتسحاق هرتزوج، رئيس حزب " المعسكر الصهيوني "، زعيم المعارضة، أن آزاريا بمثابة " قربان " لسياسات خاطئة تعود لعقود مضت . فيما كتب عضو الكنيست، يائير لبيد، أن آزاريا حوكم محاكمة ظالمة وجاء في وقت صعب وشديد الحساسية، في إشارة إلى أن الجنود الصهاينة من الممكن أن يطلبوا عدم توجيه البندقية ناحية الفلسطينيين في حال أية مواجهة قادمة، حتى لا يواجهوا مصير زميلهم آزاريا. إضافة إلى احتمالية هروب غيرهم من الخدمة العسكرية من الأساس، وهو ما جرى خلال الأيام القليلة الماضية من هروب عشرات المجندات من الخدمة، إضافة إلى أن قضية أزاريا كانت محل جدل كبير في أعقاب العملية الفدائية التي جرت في الثامن من يناير الماضي، وقتل خلالها أربعة من الضباط والجنود الصهاينة، فر خلالها الجنود الإسرائيليين أمام الفدائي الفلسطيني ، فادي القنبر، الذي تعمد دهس مجموعة من الضباط والجنود بسيارته أثناء تنزههم بمدينة القدسالمحتلة. بعيد العملية الفدائية مباشرة جرت ردود أفعال كثيرة، وجرت مياه كثيره في النهر، حيث قال الجنود والضباط الناجين من تلك العملية أنهم تأثروا بمحاكمة الجندي آزاريا وإلقاء القبض عليه بعد قرار من المحكمة العسكرية بتل أبيب، حينما رفضوا استخدام السلاح وتوجيهه ناحية سيارة الفدائي الفلسطيني. من المرجح ألا تنتهي قضية الجندي الصهيوني أليؤور آزاريا كونها تتعلق بأوامر عسكرية إسرائيلية تدور حول قتل الفدائيين الفلسطينيين حتى ولو كانوا على مسافة صفر، فضلاً عن أن محاكمة جندي لقتله فلسطيني، هي في الأساس، قضية شائكة، فكثير من الجنود والضباط ربما لن يقبلوا توجيه البنادق تجاه الشعب الفلسطيني في حال اندلاع مواجهات قادمة مع قطاع غزة، كله بواعز عسكري وديني، رغم أن قضية آزاريا ربما تكون فريدة من نوعها، خاصة وأنه من الممكن أن يطلب الجندي الصهيوني الاستئناف على الحكم، ويطلق سراحه!