ظلت الدراما العربية وتحديدا المصرية تركز فى العشر سنوات الماضية على الفساد الذى ساد فى مختلف الأوساط الاقتصادية والسياسية والثقافية والرياضية وغيرها، حتى بعد قيام ثورة 25 يناير، حيث تناولت عددا كبيرا من المسلسلات التى عرضت فى رمضان الماضى، وربما سنشاهد فى بعض منها فى رمضان المقبل عددا من قضايا الفساد والرشوة ولاستغلال النفوذ، الأمر الذى يطرح تساؤلا مهما، هل سيستمر كتاب الدراما فى استعراض مساوئ النظام السابق فى أعمالهم الدرامية أم ستكون هناك أخرى للموضوعات التى ستقدم بعد قيام الجمهورية الثانية؟«الأهرام العربى» ستجيب عن هذا التساؤل فى التحقيق التالى: فى البداية يقول المؤلف مجدى صابر: كتاب الدراما لن يتوقفوا عن استعراض الفساد الذى يظهر على السطح دون النظر لأى مستجدات سياسية تحدث، حيث يمثل لهم العمود الأساسى عند نسج الخط الدرامى للعمل وتقوم عليه الأحداث والشخصيات، وأنه مع قيام الجمهورية الثانية وتكشف أسرار وخبايا النظام السابق وسقوط الأقنعة من فوق شخصيات كبيرة كان ممنوعاً الاقتراب منها سيزداد المؤلفين نهما فى الغوص فى الكتابة عن كل أشكال الفساد الذى ساد فى هذه الفترة، وأضاف: فعلى سبيل المثال أرغب فى كتابة عمل يسرد أزمات المواطنين المختلفة ومنها مشكلة الغاز التى تحدث كل عام وما يترتب عليها من آثار داخل المصانع والورش الصغيرة، وسوف أستعرض هنا قضية تصدير الغاز لإسرائيل الذى أدان فيها القضاء الرئيس السابق ووزير البترول، أيضا سأتطرق إلى عمل جمال مبارك فى البورصة والأضرار التى لحقت بها، الأمر الذى يعنى أن كتاب الدراما يعتبرون كل فترة انتهت مادة خصبة للأعمال الدرامية. ويقول المؤلف محمد صفاء عامر: قبل أن نسأل عن شكل الدراما فى الجمهورية الثانية دعنى أسأل: هل ستكون هناك دراما أم لا؟ بعد وصول الإخوان للحكم، فالمستقبل لا يعلمه إلا الله، أما إذا سارت الأمور بشكل طبيعى فأتوقع أن يستمر كتاب الدراما فى الكتابة عن الفساد وكل بطريقته، لأن الدراما هى تعبير عن الواقع ولا يمكن وضع إطار لها أو قواعد تنظمها، وأضاف: وبصفة عامة، الكتابة عن مشكلات المجتمع والفساد بجميع أشكاله يعد أمرا طبيعيا ولا يتغير بتغير الحكام سواء كان واقعيا أم من وحى خيال المؤلف. المؤلف مصطفى محرم يقول: أتصور بعد ثورة 25 يناير وقيام الجمهورية الثانية، تكشفت الكثير من الخبايا التى كان النظام السابق يعمل بكل قوة على عدم وصولها للناس، الأمر الذى يوحى بأنه ستكون هناك موجة كبيرة للغاية من الأعمال الدرامية التى تتناول فترة حكم النظام السابق التى تمتد لثلاثين عاما، وهى فترة كبيرة ستسمح بعمل مئات المسلسلات عنها، حتى إننى أتوقع أن تظهر أعمال أبطالها من الشخصيات الكبيرة التى كانت تحكم بدءا من الرئيس وعائلته إلى بعض الوزراء المتهمين فى قضايا فساد، وأضاف: وهذا الأمر ليس غريبا على المجتمعات ويحدث بعد الثورات، حيث عقب الثورة الفرنسية اتجه كثير من الكتاب إلى الكتابة عن فساد الملكية فى أعمالهم الفنية المختلفة ومؤلفاتهم، وقد بدأت بالفعل هذا العام فى استعراض جزء من فساد النظام السابق فى مسلسلى الجديد «مولد وصاحبه غايب»، حيث أتناول فساد مؤسسة الرئاسة وانعكاسه على الحكم. الناقد طارق الشناوى يقول: كتاب الدراما دائما يتحدثون بأثر رجعى، فمثلا عندما تولى الرئيس الراحل أنور السادات الحكم ظهرت أعمال كثيرة تندد بعهد الرئيس جمال عبد الناصر تسمى زوار الفجر، وكانت تتحدث عن الفساد الذى ساد فى عهده ومنها أفلام «الكرنك وزائر الفجر وأين تخبئون الشمس»، وبعد وفاة السادات وتولى مبارك الحكم ظهرت أفلام تنتقد فترته وتقول «انفتاح سداح مداح»، وأضاف: ولهذا أتصور أن الفترة المقبلة ستشهد أعمالا درامية بكثرة تتحدث عن التوريث وضعف الرئيس مبارك أمام زوجته، وفى المقابل ستختفى الأعمال التى كانت تهاجم الإخوان المسلمين، حتى إن الفنان عادل إمام بعد أن أعلن عن نيته تقديم جزء ثان من فيلم «طيور الظلام» الذى يتناول الإخوان تراجع عن تنفيذه.