تباينت آراء الفقهاء الدستوريين أو الحقوقيين حول قرار عودة مجلس الشعب المنحل بقرار المحكمة الدستورية الذى أصدره الرئيس محمد مرسى. المعارضون اعتبروه انتهاكا صارخا للقانون والأحكام الصادرة عن المحاكم وانقلابا على القضاء المصرى، وبداية غير مبشرة سابقة خطيرة لم يجرؤ على فعلها حتى الرئيس السابق مبارك الذى نفذ أحكاما مشابهة صادرة من المحكمة الدستورية بحل مجلس الشعب مرتين، بينما المؤيدون رأوا أن هذا القرار يأتى منسجما مع صلاحيات الرئيس، لأنه لا يلغى حكما قضائيا وإنما يلغى قرار المجلس العسكرى الذى نفذ هذا الحكم. «الأهرام العربى» رصدت حالة الغضب لدى البعض والارتياح لدى الآخر. ففى البداية دعا اللواء حمدى بخيت، الخبير الإستراتيجى المجلس العسكرى إلى القيام بانقلاب عسكرى ضد الرئيس مرسى، لأن ما قام به الرئيس يعد انقلابا دستوريا وحنثا لليمين الذى حلفه أمام المحكمة الدستورية. ويدخل معه فى مرحلة خطيرة ولابد للمجلس العسكرى التدخل وعدم ترك هذا الأمر يمر مرور الكرام، لأنه لو مر بدون موقف ستدخل مصر فى مرحلة لا يعلم أحد إلى أى مدى ستصل، وأتمنى أن يعدل مرسى عن قراره، وفى نفس الاتجاه تحدث الفقيه الدستورى الدكتور إبراهيم درويش بأنه ما قام به مرسى يعد نكسة أكبر من نكسة 67، وأدعو المجلس الأعلى للقوات المسلحة للانقلاب عليه، وأنا حاولت الاتصال بأعضاء المجلس العسكرى لأحذرهم من هذا القرار، لكن دون جدوى. وأضاف درويش بأن مصر تحكم الآن من خلال جماعة الإخوان المسلمين، وأن قرار عودة البرلمان قرار الإخوان وليس مرسى، خصوصا أنه سبق للمرشد أن قال إن منصبه أعلى من منصب رئيس الجمهورية، موضحا أن من اتخذ القرار هو مجلس شورى الجماعة ومكتب الإرشاد، وطالب درويش بحماية الشرعية فى مصر داعيا القوات المسلحة إلى عمل انقلاب ضد القرار، مشيرا إلى أن قرار مرسى هو انقلاب على الشرعية الدستورية من خلال المحكمة الدستورية العليا. وبنفس الحماسة تحدث المهندس ممدوح حمزة، الأمين العام السابق للتجمع الوطنى بأن ما حدث هو انتكاسة للديمقراطية وعودة إلى الفرعون داعيا قادة الجيش الصغار إلى الانقلاب على هذا القرار، حتى ولو انقلبوا على المجلس الأعلى للقوات المسلحة نفسه، بتهمة أنه متواطئ مع مرسى فى هذا القرار، وواضح ذلك من عدم تعليقه عليه حتى الآن. فى حين خرج الأمين العام للجامعة العربية ومرشح الرئاسة السابق عمرو موسى عن صمته، وأكد فى بيان له أن القرار يعتبر دعوة للمبارزة السياسية والدستورية من شأنها أن تؤدى إلى أزمة كبيرة نحن فى غنى عنها، وأضاف موسى بأن الأمة الآن فى أشد الحاجة إلى الالتفاف حول بعضها بعضا وليس الفرقة لإعادة بناء نسيج الوطن، وأن الفرقة والانقسام والاستقطاب والاصطدام أخطر ما يواجه مصر الآن، مضيفا فى بيانه أننا لا نحتاج إلى الدخول فى أزمة دستورية، ودعا موسى الجميع إلى عدم التعجل فى اتخاذ أى خطوات سياسية أو عملية تزيد الأمر اضطرابا أو تستثير قطاعات مختلفة من الرأى العام، أو تؤدى إلى التحدى والصدام بين الرئاسة والمجلس العسكرى والمحكمة الدستورية، وطالب موسى باحترام توازن السلطات بين السلطتين التنفيذية والقضائية وعدم تغول إحداهما على الآخر، لأن الصدام بين مؤسسات الدولة ليس فى مصلحة استقرار الأوضاع أو بدء إعادة البناء. على الجانب الآخر يرى بعض الفقهاء والسياسيين والخبراء السياسيين أن ما قام به مرسى لم يخالف القانون، حيث يقول الدكتور مختار غباشى، نائب رئيس مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية والعربية إن القرار لم يلغ حكم المحكمة الدستورية وإنما سحب القرار الإدارى بالحل، والذى اتخذه المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وهذا يؤكد بأن القرار ليس ضد حكم المحكمة الدستورية وإنما هو تعليق لحكم المحكمة على أن تجرى الانتخابات البرلمانية بعد انتهاء إعداد الدستور خلال 60 يوما، وأضاف غباشى بأن قرار الرئيس مرسى لعودة البرلمان جاء بعد انتهاء صلاحية المجلس العسكرى وعدم وجود مصدر للتشريع، مشيرا إلى أن رجوع البرلمان أمر مؤقت، وأن توقيت صدور القرار غير مناسب. من جانبهم أكدت جماعة الإخوان المسلمين الجناح السياسى لحزب الحرية والعدالة بأن ما قام به الرئيس مرسى هو حقه الدستورى الذى كفله له بممارسة مهامه وهو تصحيح الأوضاع. حيث اعتبر النائب السابق سعد الحسينى بأن قرار عودة مجلس الشعب هو إعادة الأمور إلى نصابها، وأبدى الحسينى تعجبه من اللغط الموجود الآن حول القرار متسائلا: كيف لشخص معين أن يغتصب سلطة التشريع المنتخبة من الشعب؟ فى إشارة من الحسينى إلى المشير، وأضاف أن الرئيس بوصفه حكما بين السلطات أقام الحكم و العدل وأعاد الأمور إلى نصابها، مشددا على ضرورة أن ينصاع المجلس العسكرى لحكم القانون والدستور والاستماع إلى سلطات رئيس الجمهورية المخولة بالدستور، وعدم إدخال البلاد فى نفق المصادمات السياسية، فالرئيس فعل خيرا بإعادة الأمور إلى نصابها.