استكمالا للمشاورات المستمرة بين السلطة الفلسطينية ومصر, واستمرارا للتنسيق بين الجانبين, جاء لقاء القمة بين الرئيسين حسني مبارك والفلسطيني محمود عباس أبومازن في شرم الشيخ أمس. في وقت تشهد فيه الأراضي المحتلة حالة من التوتر الشديد بسبب المصادمات العنيفة التي جرت في باحات المسجد الأقصي بين المعتكفين الفلسطينيين والقوات الإسرائيلية, وأسفرت عن إصابة نحو عشرين فلسطينيا علي الأقل بجروح نتيجة الرصاص المطاطي, أو إثر تعرضهم للضرب بالهراوات, أو استنشاق الغاز المسيل للدموع, الذي أطلقته قوات الاحتلال الإسرائيلي, وجاء التصعيد الحالي علي إثر القرار الإسرائيلي غير الشرعي بضم موقعي الحرم الإبراهيمي ومسجد بلال إلي قائمة التراث الوطني الإسرائيلي, مما يلقي بظلال من الشك حول مدي جدية النيات الإسرائيلية في المضي قدما نحو استئناف العمل السياسي وتحقيق السلام في المنطقة. وكان طبيعيا أن تكون هذه الأحداث والتطورات محل بحث ودراسة من جانب القمة المصرية الفلسطينية, فضلا عن بحث تطورات عملية السلام, وسبل الخروج من الجمود الذي يعتريها نتيجة الممارسات الإسرائيلية التي أدت إلي وقف كل المحاولات التي كانت تبذل لاستئناف مفاوضات مباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين, من خلال مبادرة أمريكية تستمر ثلاثة أشهر, بهدف التوصل إلي سلام, وحل المشكلات المعلقة بين الطرفين, فهل يمكن في ظل الظروف الحالية, وحالة التوتر التي تعيشها الأراضي الفلسطينية المحتلة الحديث عن مبادرة كانت واشنطن قد اقترحتها لكسر حالة الجمود التي تشهدها عملية السلام؟ لقد وصفت الولاياتالمتحدةالأمريكية السياسات الإسرائيلية بالعبثية, وأن هدفها هو تدمير الجهود الدولية خاصة جهود الإدارة الأمريكية لاستئناف عملية سلام جادة وحقيقية, فما هو الموقف العملي الذي اتخذته تلك الإدارة تجاه ما يجري في المسجد الأقصي؟ ولماذا لم تتدخل الولاياتالمتحدة بشكل واضح وصريح وعاجل من أجل إلزام إسرائيل بوقف اعتداءاتها في المسجد الأقصي, وضد المقدسات الإسلامية في الحرم الإبراهيمي في الخليل, ومسجد بلال بن رباح في بيت لحم, والتوسع الاستيطاني في القدس وعموم الأراضي الفلسطينية؟ وفي الوقت نفسه.. فقد تخاذل المجتمع الدولي كالعادة عن ممارسة ضغوط حقيقية علي تل أبيب لإجبارها علي الوفاء بالتزاماتها نحو عملية السلام, والجلوس علي مائدة المفاوضات مع الفلسطينيين من أجل التوصل إلي اتفاق سلام عادل وشامل بين الطرفين, إن الإسرائيليين يريدون أن يوصلوا لنا رسالة مفادها أن عليكم يا عرب أن تقبلوا ما نفعله, هكذا قال السيد عمرو موسي الأمين العام للجامعة العربية, واصفا الممارسات الإسرائيلية بأنها ليست خطيرة فحسب, ولكن فيها استهانة بالسياسة العربية, كل هذا إن كان يدل علي شيء, فإنما يؤكد أن إسرائيل لا تريد السلام, وغير معنية بعملية السلام, بل إنها تسعي لإحباط أي محاولة, أو توجه لإجراء مفاوضات حقيقية, من هنا.. فإنه من المهم أن يتخذ وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم اليوم بالقاهرة قرارات عملية ومحددة, تحدد مسار عملهم في المرحلة المقبلة, وموقفهم من المخططات الإسرائيلية الخارجة علي كل القوانين والأعراف الدولية, وكيفية مواجهتها بالفعل وليس بالقول فقط, وإلا فسنندم بعد فوات الأوان في وقت لن ينفع فيه الندم.