الحفاوة بأحمد الشحات رافع العلم المصري علي سفارة إسرائيل ذكرتني بقصة تماثيل العجوة, التي كان يصنعها الناس في الجاهلية بأيديهم ليعبدوها, وإذا جاعوا أكلوها!! قصة شهيرة منذ أكثر من0041 سنة نكررها بنفس الصيغة أحيانا, أي نصنع البطل ثم لا نستفيد منه, وربما نهدمه أو نأكله, أو أن نصنع بأيدينا تماثيل الحجر والحديد, ونظل نعبدها إلي أن تطغي وتتحول إلي آلهة, وهذا ما كنا نفعله في أغلب الأحيان! فعلناه مع مبارك, ومن قبله السادات وعبدالناصر, بل امتد ذلك إلي الدول.. فألهنا أمريكا وإسرائيل, وذهب واحد مثل الدكتور مصطفي الفقي إلي القول وكان ذلك أيام التوريث بأن رئيس مصر القادم لابد أن تباركه هاتان الدولتان بالذات! وهذه النظرة هي التي تعمي أعيننا عن كيفية التعامل مع الأزمات, لأننا لا نري خصوما طبيعيين يمكن مبارزتهم بالحجة والمنطق والقانون, أو حتي نقاتلهم إذا لزم الأمر, بل نراهم آلهة, وبالتالي نتعامل معهم بوهم الخوف والفزع من قوتهم وبطشهم. وهذا ما رأيناه أخيرا في أكثر من أزمة وأبرزها قتل إسرائيل أبناءنا من الجنود في سيناء, عندما طلع علينا مجلس الوزراء ببيان هزيل يطلب فيه من القتلة الاعتذار وتكوين لجنة تحقيق مشتركة, وزاد الطين بلة أن تلبي سفارتنا في تل أبيب في مثل هذا التوقيت إفطارا دعا له رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي.. وهو أمر عادي إذا كانت الأزمة حول اختراق للحدود أو تدخلا سافرا في شئوننا, ولكن قتل مصريين عمدا لمجرد تقليل الضغط علي حكومة الصهاينة فهو أمر مخز, وكان لابد أن نتعامل معهم بذكاء أكبر وضغط أشد, فلماذا لم تكن لنا قائمة من المطالب وأولها إعادة النظر في عدد وتسليح الأمن المصري في سيناء وليس آخرها إعادة المصريين المعتقلين في سجونهم أو حتي تخفيف الحصار عن الفلسطينيين, وقبل ذلك إبلاغ سفارتنا في تل أبيب أن الإسرائيليين قتلوا أبناءنا! بعد ثورة52 يناير, لابد أن يختلف فكر ورؤي حكامنا تجاه الأزمات, وكذلك فكر ورؤي الشعب تجاه الجميع, فلا مكان في المستقبل لمن يصنع تماثيل العجوة!