منذ ثورة25 يناير المجيدة شهدت سيناء وخاصة في الآونة الأخيرة انتشار الاسلحة الآلية والسيارات بدون لوحات معدنية وظهور الملثمين الذين قاموا بالسطو علي محال المجوهرات وقطع الطريق الدولي وتفجير خطوط الأنابيب.. الخ من هذه الأحداث المؤسفة التي جعلت المواطنين في سيناء يهددون بهجرة جماعية الي محافظاتهم, وهو ما يجعلنا نؤكد ضرورة الاهتمام بسيناء واعطائها الأولوية علي أي مشروع قومي آخر, وان تكون نقطة البدء هي اعادة الهدوء الأمني الي الشارع السيناوي حتي يشعر المواطنين بالأمن والامان. وربما بسبب الأهمية القصوي لسيناء لكونها البوابة الشرقية التي تحمي الاراضي المصرية تجعلنا نتساءل: من المسئول عن عدم تعمير سيناء حتي الآن؟!! لقد كنا نظن ان تحرير.... سيناء من الاحتلال الاسرائيلي في اعقاب حرب اكتوبر المجيدة سنة1973 وابرام اتفاقيات كامب ديفيد, ومعاهدة السلام المصرية الاسرائيلية سنة1979 سوف يدفع المسئولين المصريين الي العمل بكل حزم وجهد لتعمير سيناء وزرعها بالبشر عن طريق توطين عدد كبير من سكان الوادي والدلتا للاقامة والاستقرار بها بشكل دائم, حتي تصبح الدرع الحامي لوطننا الحبيب.. ولكن للاسف الشديد أهمل تعمير سيناء علي الرغم من وجود مشروع لتنميتها منذ عام1982 وعلي الرغم ايضا من وجود دراسات عديدة سواء في الجامعات أو في وزارة الخارجية أو المجالس القومية المتخصصة منذ عام1994, وشارك في اعداد هذه الدراسات خبراء من الأممالمتحدة لبرامج التنمية ووزارة التخطيط وعدد من العلماء والمفكرين وجامعة قناة السويس بوصفها الجامعة الاقليمية, وتحددت تكلفة هذا المشروع بنحو251.7 مليار جنيه لتحقيق الاستثمار في جميع القطاعات. لم يتحقق تعمير سيناء علي الرغم من مرور حوالي16 عاما علي هذه الدراسات وتعاقب الوزارات وكان من المفترض فيه ان ينتهي العمل في خطة التعمير عام2017 بتوطين3 مليون مصري بها, واصبح المشروع محفوظا فقط في ذاكرة التاريخ ولذلك فان مشروع سيناء القومي يجب ان يعتمد علي عدة محاور: اولا: سرعة الدفع بكثافة سكانية كبيرة الي سيناء في اقرب وقت ممكن للقضاء علي الأطماع الاسرائيلية فيها, ودمجها في المجتمع المصري. وان تمنح الحكومة شباب الخريجين الذين يعانون من البطالة والحاجة اراضي بالمجان في سيناء ليقوموا باستصلاحها وبنائها. ثانيا: تنمية سيناء اقتصاديا واجتماعيا وعلميا بالقضاء علي البيروقراطية امام المستثمرين المصريين. ثالثا: ان اهمال تنمية سيناء فيما عدا بعض المشروعات الصغيرة وعدم توفير فرص للعمل هو خطأ استراتيجي خطير, كما انه يجب اعطاء اهالي سيناء حق الانتفاع بالاراضي التي وضعوا ايديهم عليها لانهاء وتسوية هذه المشكلة بتقنين وضع اليد علي هذه الأراضي. رابعا: الاهتمام ببدو سيناء فهم جزء من ابناء هذا الوطن ويجب الا يشعروا بالغربة في وطنهم, فنحن لا ننسي علي الاطلاق انهم اكثر من دفع الثمن في استرداد سيناء مع التضحيات الكبيرة والبطولات التي حققها ابناء القوات المسلحة وقاوموا الاحتلال الاسرائيلي.. خامسا: يجب علي مصر ان تعمل علي ان تستمر المصالحة بين فتح وحماس حتي لا يتكرر ما حدث يوم22 يناير2008 للحفاظ علي الأمن القومي المصري وهو ما يعتبر ايضا لصالح القضية الفلسطينية. سادسا: يجب ان تعطي الحكومة اراضي سيناء للمستثمرين للزراعة والصناعة علي اساس حق الانتفاع لضمان عدم بيعها للاجانب مع تشجيع الاستثمار عن طريق تسهيلات ضريبية. سابعا: علي الرغم من ان معاهدة السلام المصرية الاسرائيلية قد حددت القوات في سيناء بحيث لا يتجاوز عدد القوات المصرية المتواجدة علي الحدود مع اسرائيل وفي مناطق سيناء الثلاثة الاخري عن7500 جندي يحملون اسلحة بسيطة الا انه يمكن مطالبة اسرائيل بمراجعة معاهدة السلام بين الطرفين علي اساس انه يوجد بند في الاتفاقية يسمح بذلك بعد مرور25 عاما, خاصة بعد الانفلات الامني والحوادث المتكررة الأخيرة. اذا كان النظام السابق قد اخطأ خطأ جسيما في حق الوطن باهمال تعمير سيناء, فان مصر الثورة يقينا سوف تفتح هذا الملف الذي ظل مغلقا طوال السنوات الماضية حتي لا تفاجأ بكارثة لا يمكن السيطرة عليها.. ولذلك فان تعميد سيناء واعتبار ذلك مشروعا قوميا هاما وعاجلا سوف يضمن تأمين حدود مصر الشرقية كما انه سيحل ازمة التكدس السكاني في الدلتا ويوفر فرص عمل للشباب وحياة لائقة كريمة.