سنعطي بلادنا كل شيء لدينا, ليس هذا وقت للموت.. إنه وقت الحياة بعد هذه الكلمات الحماسية التي ألقاها الرئيس الفنزويلي هوجو شافيز لشعبه لدي وصوله أرض الوطن أثيرت العديد من التكهنات حول المستقبل الذي ينتظر فنزويلا بعد الإعلان عن إصابة شافيز بورم سرطاني تطلب سفره إلي كوبا لإستئصاله, وفي حين يقضي الرئيس الفنزويلي رحلاته المكوكية ذهابا وإيابا لمتابعة العلاج برزت إلي السطح تساؤلات حول استعداد أدان شقيقه الأكبر وأحد أبرز مستشاريه المقربين لخلافته في الحكم مستقبلا. الأمر الذي أعاد للأذهان سيناريو راؤول كاسترو الذي تولي الحكم كرئيس لكوبا عقب المرض الذي ألم بشقيقه فيديل كاسترو وأبعده عن المشهد السياسي عام.2006 ويري المحللون أنه خلال فترة غياب شافيز عن الحكم لم تتمكن شخصية حكومية من شغل الفراغ السياسي الذي خلفه غياب الرئيس بالصورة نفسها التي ظهر بها شقيقه الأكبر أدان عالم الفيزياء الذي وضعه تفكيره الراديكالي دائما علي يسار الرئيس, والذي أصبح مؤخرا همزة الوصل بين شافيز وشعبه, فمهمته تتلخص في إطلاع الجمهور علي آخر تطورات حالة أخيه الصحية. ليس هذا فقط بل بذل جهود مضنية في طمأنة أنصار شافيز ودعاهم إلي تذكر الكفاح المسلح كوسيلة لتطبيق وتطوير البرنامج الثوري. أدان(58 عاما) والذي يلقب ب ماركسي العائلة هو حاكم ولاية باريناس التي تنتشر فيها مزارع الأبقار وتعد معقلا للعائلة, عمل سفيرا بفنزويلا لدي كوبا, فهو أستاذ جامعي سابق, شارك في النشاط السياسي قبل أخيه بوقت قليل عن طريق تشكيل خلية قوية تضم ضباط جيش شبابا وذلك في أواخر السبعينات. ويرجع متابعو السيرة الذاتية لهوجو شافيز تطور مساره السياسي بصورة جزئية إلي نفوذ أدان وعلاقته بتلك الخلية, وقد شغل أدان الكثير من المناصب المهمة خلال فترة تولي شقيقه الرئاسة علي مدي12 عاما من بينها منصب وزير التعليم. وبصورة ملحوظة إستطاع رسم العلاقات مع كوبا الحليف البارز لفنزويلا. ولكن وبعد المرض الذي ألم بالرئيس وفي ظل غيابه عن الساحة السياسية هل يستطيع أدان حشد الدعم داخل حركة حاكمة متمركزة بدرجة كبيرة حول الرئيس نفسه, وكبح جماح معارضة متحمسة وإن كانت منقسمة داخل فنزويلا؟ الإجابة من وجهة نظر بعض المحللين هي بالطبع لا, فظهور أدان في الأونة الأخيرة- وإن كان إيجابيا إلي حد ما- إلا أنه عكس بشكل كبير سيطرة الرئيس علي الساحة السياسية الفنزويلية منذ أن تم انتخابه لأول مرة عام.1998 فلا أحد يستطيع أن يضاهي القدرة الفطرية للرئيس أبو الفقراء في التواصل مع الفقراء داخل فنزويلا, ولا إنجازاته الرامية في مجال التعليم والصحة بجانب جهوده المبذولة للإستفادة من عائدات النفط في بلد توصف بأنها صاحبة أكبر احتياطات للنفط الخام في العالم وتوظيف حوالي33 مليار دولار في دعم مليوني أسرة فقيرة, فأنصاره لا يعتقدون في أي شخص أخر غيره يستطيع بكفاءة أن يرتدي عباءة اشتراكية القرن الحادي والعشرين.وقد دأب شافيز طيلة فترة حكمه علي التخلص بصورة مستمرة من مستشارين بارزين أخرين ومنافسين محتملين ظهروا في حركته السياسية, وربما هذا ما دفعه إلي عدم تعيين نائب له طيلة فترة حكمه خوفا من أن تتم تنحيته من السلطة, فحسب رأي بعض المحللين فإن شافيز لا يثق في أحد! إلا أنه بعد التطورات الأخيرة وضغوط المعارضة قرر تعيين إلياس جاوا المدير السابق لمصادرة الأراضي- الذي بدأ مشواره كناشط في الجامعة- وجورج جيورداني وزير المالية الحالي كنائبين له وفوض إليهما بعضا من سلطاته, ورغم ذلك ظهرا بمظهر المترددين في توجيه دفة الحكم في البلاد ربما خوفا من ظهورهما بمظهر المتكبرين علي رئيسهما والناكرين للجميل. ويري البعض في المعارضة ممن ينتظرون الانتخابات الرئاسية العام المقبل إن هوغو شافيز ربما يكون في حالة صحية أفضل مما يفترضه الكثيرون حيث إنه يستعد للعودة إلي فنزويلا للترويج لإعادة انتخابه, وأنه ربما يستغل تعاطف الشعب الفنزويلي مع حالته الصحية بشكل كبير في الإنتخابات, بينما يشعر منتقدون آخرون بالقلق لاحتمالية أن تقوم الحكومة بتأجيل الانتخابات وينظرون إلي ظهور أدان شافيز بمزيج من الانجذاب والرهبة. حيث يرون إن هناك اختلافات بين الأخوين شافيز أبرزها أن هوجو شافيز عمل بجد لتصوير نفسه كزعيم ديمقراطي, الأمر الذي جعله يخفي نوعا ما أجندته الراديكالية ونجح في خداع بعض أبسط المواطنين علي وجه الأرض. لكن لن يلجأ شقيقه إلي إستخدام نفس أسلوب التظاهر.بينما يري أنصاره أنه لو أصبح أدان الرئيس يوما فبالتأكيد سيفتقدوا زعيمهم هوجو! والسؤال هنا..هل يستطيع الأسد الجريح العودة إلي عرينه مرة أخري والسيطرة عليه أم أن الرئيس أصبح غير قادر علي تكملة مشواره الثوري في بلد يواجه عنف عصابات المخدرات وذي اقتصاد يكافح وسط طفرة نفطية طويلة وانقطاعات متكررة للتيار الكهربائي بجانب حياة سياسية محتقنة..هل حان وقت التقاعد؟.