نعم.. "رمضان" شهركم أيها الثوار.. فواصلوا فيه اندفاعتكم الهادرة؛ لسحق الطغاة والظالمين، واستكمال البناء والتطهير. انتشروا في كل مكان، واسكبوا من ذواتكم على غيركم؛ عبير العلاقة القوية مع الله، وروح الجهاد والعطاء؛ ليشفي الله صدور قوم مؤمنين؛ بالنصر والتمكين، كما كان هذا الشهر دوما، من بدر وحطين، حتى عين جالوت وثورات التحرير. إن الثائر الحق.. مَنْ إذا جاءه رمضان تزود منه بالتقوى من أجل مواصلة المشوار. قال تعالى :"وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ".(البقرة: 197). والثائر الحق..مَنْ استمد من رمضان طاقة هائلة تعينه على استكمال النضال من أجل هدم عروش الظلم، ومعاقل الفساد، وإقامة صروح الحق، والعدل. والثائر الحق.. مَنْ سار على درب الصحابة في رمضان؛ فرفع شعارهم في تحرير الشعوب من نير العبودية للبشر. كما قال الصحابي ربعي بن عامر في مواجهة رستم قائد جيوش الفرس :"جئنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، ومن جَور الأديان إلى عدل الإسلام". والثائر الحق..مَنْ أشهد الله على ما في قلبه، من حب للخير والسعادة للبشرية.. فزكّى نفسه، وجدد نيته، كما كان الواحد من الأوائل يقول على فراش الموت :"ما زلت أجدد نيتي، وأصحح إسلامي؛ حتى الآن". والثائر الحق.. مَنْ أعاد تسليح نفسه بالإخلاص، بائعا نفسه في سبيل قضيته؛ مستعدا لجميع الظروف والاحتمالات..اقتداء بابن تيمية إذ نقل عنه تلميذه ابن القيم قوله :"ما يصنع أعدائي بي، أنا جنّتي في قلبي، وبستاني في صدري..أين ما رحت فهي معي لا تفارقني..إن حسبوني؛ فحسبي خلوة، وإن قتلوني؛ فقتلي شهادة، وإن أخرجوني؛ فإخراجي من بلدي سياحة". والثائر الحق.. مَنْ يستمد العون من الله وحده..قال بعض السلف :"الفاتحة سر القرآن، وسرها هذه الكلمة :"إياك نعبد وإياك نستعين".(الفاتحة : 5)؛ فالأولى تبرؤ من الشرك ، والثانية تبرؤ من الحول والقوة. والثائر الحق.. مَنْ علا فوق الأحقاد في رمضان، فكان كالشجر.."يرميهم الناس بالحجر فيرمونهم بأحسن الثمر".. بحسب تعبير الداعية حسن البنا يرحمه الله. وأخيرا: الثائر الحق مَنْ خلا بربه فسكب العبرات بين يديه، وكانت له سبحات في السَحَر؛ استذكر فيها تقصيره وخطئه، وتطلع إلى رحمة ربه :"رَبّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْت إِلَيَّ مِنْ خَيْر فَقِير".(القصص: 24)، مستغفرا لنفسه، وأمته :"واستغفر لذنك وللمؤمنين والمؤمنات". (محمد: 19). المزيد من مقالات عبدالرحمن سعد