كتب : محمود القنواتي: البحث عن شقة من أكبر متاعب الإنسان المصري حاليا, فالأسعار مبالغ فيها والسوق العقارية المصرية غير ملتزمة مع مشتري الشقة في الكثير من الحالات, فمعظم الشركات الكبري لا تفي بالتسليم في الموعد. وإن وفت فلا تلتزم بالشروط والمساحات.. وفي الوقت نفسه هناك شركات تحاول أن تكون جادة لكن تعرقلها الرشاوي والإتاوات ليكون الضحية هو المواطن البسيط مشتري الشقة, فهو الذي يتحمل تكاليف أي تلاعبات وحدوث أي مشكلات. أخيرا وافقت لجنة الاقتراحات بمجلس الشعب علي التعديل التشريعي المقدم من نائب الحزب الوطني حسن المير علي القانون رقم67 لسنة2006 بإصدار قانون حماية المستهلك, ونص التعديل علي إخضاع الوحدات والمشروعات السكنية لرقابة جهاز حماية المستهلك لحماية مشتري هذه الوحدات من الإعلانات عن عقارات لم يتم تشييدها بعد. فالقانون حظر الإعلان أو الترويج للوحدات السكنية التي لم يتم تشييدها بالفعل, كما حظر علي ملاك الوحدات تلقي مقدمات حجز للوحدات قبل إنهاء تشييدها أو تشطيبها سواء بالكامل أو نصف التشطيب. التعديل الذي تقدم به النائب حسن المير علي قانون حماية المستهلك أكدت مذكرته الايضاحية, أن بعض أصحاب العقارات يقومون بالإعلان عن وحدات سكنية لم يتم تشييدها, وفي وقت الاستلام يفاجأ حاجزو تلك الوحدات بعد أن سددوا مبالغ طائلة بعيوب تناقض ما تم الإعلان عنه مما يسفر عنه حدوث منازعات قضائية تكلف الحاجزين وقتا ومبالغ مالية كبيرة. وأوضحت المذكرة أن قانون حماية المستهلك تطرقت مواده للسلع والخدمات دون وجود نص خاص للوحدات السكنية, كما أكدت المذكرة ضرورة أن يكون المشتري علي علم بجميع الحقائق الخاصة بالوحدة السكنية وهو الأمر الذي لايمكن تحقيقه علي وحدة سكنية لم يتم بناؤها أو تشطيبها, ووافقت اللجنة الاقتصادية بالمجلس علي مشروع القانون. هذا القانون سيكون له رد فعل قوي حيث تعاني سوق العقارات العديد من المشكلات والتخبط ومعظم المستثمرين يتأخرون في تسليم الوحدات دون التزامهم بما أوهموا به المشتري الذي يدور في حلقة مفرغة.. لكن سيكون القانون هو المخرج من مأزق شراء شقة؟! أو وحدات تجارية وغيرها؟! هذا ما سيكشف عنه الخبراء والعاملون في هذا المجال ورجال القانون. يقول طارق عبدالعظيم خبير التسويق والدعاية في المجال العقاري, إن ضبط السوق العقارية المصرية صعب, فهي تعاني من خلل رهيب ولا يوجد فيها التزام علي الاطلاق وهذا الوضع يزيد من التكلفة التي يتحملها في النهاية المشتري, ويزيد معها الخلل فالمستثمر يتحمل تكلفة الفساد, ويوجد مستثمر يحصل علي الأرض, ويتاجر فيها وغالبا ما يكون له سلطة في الدولة ونفوذ, وغالبا فإن المستثمر الجديد يشتري الأرض( ثاني أو ثالث يد) مما يزيد من التكالف, وهناك المستثمر النصاب الذي يأخذ قطعة أرض ويدفع مقدمها البسيط وعلي حسها يعمل بعض الاعلانات والناس تشتري بلا وعي عن طريق الاعلان ويجمع أموالا كثيرة, وهنا يجب أن يشتري الناس الوحدات عن طريق متخصصين وبعقد عادل لكن العقد غالبا يكون في صالح المستثمر ويضيع معه حق المشتري, ويؤدي عدم استقرار أسعار الخامات وتذبذبها وارتفاعها بشكل فاحش الي خلل شديد في السوق العقارية. الوضع القانوني يري المستشار عبدالرحيم نافع وكيل مجلس الشوري, أن القانون لم يمنع بيع الأشياء المستقبلية, ففي الريف يجري بيع القطن قبل جنيه والبلح, وهو أخضر علي النخيل, والقمح يتم تحديد سعره قبل حصاده تحت العجز والزيادة, ومن هنا, مادام المستثمر وضعه قانونيا من حيث تقسيم الأرض ويوجد تصاريح ورخص بالبناء, مع متابعة الأحياء فلا مانع من نشر الإعلانات, ولكن الزام المستثمرين بالشروط والتأكد من سلامة ومشروعية الإجراءات التي علي أساسها يجري الإعلان عن المنشأة والوحدات السكنية أو التجارية وغيرها, وشروط استلام المشتري مرهونة بالاتفاق بين الطرفين, وعند الشراء يجب علي المواطن ألا يعتمد علي خبرته فقط في التعاقد علي تخصيص وشراء الوحدة السكنية, بل يجب أن يلجأ لمختص فاهم وواع ليكون معه في أثناء التعاقد, وإلا سيجد شروطا مجحفة له يجهلها فتكون صعبة عليه. الإعلان.. والإنشاء يقول هشام رضا رئيس احدي الشركات العاملة في هذا المجال, إن التعديل التشريعي الجديد بمنع الإعلان قبل الإنشاء لإلزام الشركات وغيرها حتي تكون الوحدة أمام أعين المشتري, ويكون قد عاينها, وهذا أوافق عليه, وبشدة, لكن القانون يعطي للمستثمر الحق في الإعلان بعد قرار تقسيم الأرض لأن التقسيم مرتبط بالرخصة وهي أولي خطوات الملكية بعد الترخيص لوجود مخطط فعلي, فالمنشآت الكبيرة والمدن الجديدة تختلف عن إنشاء قطعة أرض واحدة, والقانون المدني أباح البيع في المستقبل, إلا أننا أمام مشكلة هي أن قرارات التخصيص للأراضي تصدر في كثير من الحالات لشركات غير مؤهلة فنيا أو ماديا للقيام بالمشروعات الكبري, فيجب أن تتوافر فيها هذه المؤهلات قبل التخصيص, حتي لا يحدث الخلل الذي نراه في السوق العقارية اليوم, والتي تتداخل فيها عوامل عديدة. ونتيجة هذا الخلل, تنتشر عملية بيع الأراضي عدة مرات مما يرفع أسعارها من3 الي5 أضعاف, وهذا أول مكون في العمل الإنشائي فتكون أول زيادة في التكلفة التي يتحملها المواطنون في النهاية في مقابل ثراء فاحش للقلة التي استطاعت الحصول علي الأرض وباعتها وكسبت فيها أضعافا دون أدني مجهود.. اما المستثمر الجاد الذي يحصل علي الأرض كثاني أو ثالث يد ويعاني بشدة من عدم استقرار الأسعار واتجاهها نحو الزيادة, خاصة الأسمنت الذي يستخدم منذ بداية الانشاء وحتي انتهاء التشطيب لأنه يدخل في كل المراحل. أما الجانب الخطير والشكوي التي يشكو منها العديد من المقاولين والشركات والمستثمرين وكثيرا ما تكون سببا في تأخير التسليم, فهي أن الدولة تقوم بعمليات التقسيم والتخصيص ولا تلتزم بتسليم المرافق في المواعيد المحددة فالعمل متكامل ويعتمد علي وجود البنية الأساسية من طرق ومد الشبكات الرئيسية للمياه والصرف والكهرباء وغيرها, كما يشير أحد المستثمرين, الي أن مقاولي الحكومة الذين يقومون بإنشاء المرافق وهم عادة يكونون من قطاع الأعمال لم يلتزموا عادة بمواعيدهم في مد المرافق وتسليم مشروعات المرافق للأراضي التي تم تخصيصها من الدولة. وهنا يوضح مقاول حكومي أن التأخير يكون من الحكومة في عدم التزامها بدفع المستخلصات الخاصة بهذه المشروعات التي تكون عملاقة غالبا وعدم تعويضنا عن زيادة أسعار الخامات نتيجة التأخير, وبالتالي توقفت بعض المشروعات تماما وأدت لمشكلات كبيرة, فلماذا اللوم علينا كشركات إنشاء اذا تأخرنا في التسليم؟! وكل تأخير يكلف جميع الأطراف.. وبرغم ذلك هناك شركات مذنبة في حق العملاء, وتحتاج لرقابة صارمة لكن يجب في النهاية إصلاح المنظومة كلها وليس جزءا منها للتغلب علي العديد من المشكلات.