المولد النبوي الشريف الذي تحتفل به الأمة الإسلامية اليوم, مناسبة عظيمة للتمعن والتفكير في شخصية الرسول صلي الله عليه وسلم الفريدة التي مازالت وستظل مثالا ونموذجا يحتذي علي مر السنين. وأعظم ما في شخصية الرسول عليه الصلاة والسلام أنه بشر استطاع أن يسمو بالنفس البشرية لتحلق في آفاق الحرية ولتشع بنورها وتقوم بدورها كخليفة لله علي الأرض. الرسول عليه الصلاة والسلام كان نبراسا في كل أفعاله وأقواله. وهنا فقط نركز علي صفة من صفاته العظيمة التي يعجز البشر عن الاحاطة بها. أنها صفة الحرية, فقد ساوي بين الناس وجعلهم أحرارا وانحاز دائما للضعفاء. وكان ومازال رمزا للكفاح الإنساني الذي تقتدي به الأمم. لم يكن عليه الصلاة والسلام يضيق ذرعا بالرأي الآخر, ولا بالمخالفين وكان يستشير أصحابه في كل الأمور الحياتية ولم يكن يستأثر برأيه, والسيرة النبوية المشرفة مليئة بالنماذج التي يمكن أن يستفيد منها البشر في كل مكان وزمان. ثم إن عظمته عليه الصلاة والسلام تكمن في أنه بشر تعرض للأهوال والمصاعب وعاني الظلم والتضييق لكنه صبر وتعالي علي جراحه وأحزانه. وزيارته للطائف وتعرضه للأذي والاعتداء والطرد ومنع الطعام عنه حالة نموذجية يمكن تدريسها والاستفادة منها دائما.. ماذا فعل الرسول الكريم تجاه هذا الايذاء؟ لقد خرج من الطائف وهو يتعرض للقذف بالحجارة وينزف الدم منه.. واستلقي وحيدا أمام أسوار المدينة المنيعة تتصاعد الزفرات من قلبه ويخاطب ربه, وكان من بين ما قاله: إلي من تكلني.. إلي بعيد يتجمهني؟ أم إلي عدو ملكته أمري؟ إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي هكذا بدا الرسول الكريم في لحظات الضعف.. إنسانا وبشرا يشعر بآلام الضعفاء.. وفي حالات القوة متواضعا شاكرا لأنعم الله مدافعا عن الفقراء والضعفاء.