كان هذا هو عنوان السيمنار الذي قدمته المستشرقة الألمانية الدكتورة كريستيانا باولوس ظهر الثلاثاء26-4-2011 بقاعة الندوات( يماني) بكلية دار العلوم جامعة القاهرة بدعوة من الدكتور محمد عبدالله الشرقاوي أستاذ مقارنة الأديان ورئيس قسم الفلسفة الإسلامية بالكلية, وشارك في المناقشات الدكتور حسن الشافعي والدكتور محمد السيد الجليند أستاذا الفلسفة الاسلامية بالكلية وبعض الصحفيين والباحثين وطلاب الدراسات العليا, ودار موضوع السيمنار حول ظاهرة العلمانية, وماهي الظروف التي أدت إلي نشأتها في بلاد الغرب وكيف أنها كانت حاجة لمجتمع بعينه هو المجتمع الغربي الذي انعزل فيه رجال الدين عن الواقع المعيش مرتكزين في ذلك لما نسبوه للمسيح عليه السلام: أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله وقوله: مملكتي ليست من هذا العالم فسيطرت عليهم النظرة إلي العالم الدنيوي بأنه عالم سيئ وأنهم ينتظرون مجيء القيامة وعودة المسيح المنتظر الذي سيخلصهم من هذا العالم, وجعلوا العلم مقصورا عليهم وكذلك الدين فما يقولونه مفروض علي المجتمع وما سواه خطأ مرفوض, ولامجال للحرية أو الرأي ومن سولت له نفسه باستثناء رجال الدين التحدث في الدين أو الجهر بنظرية علمية فليس أمامه إلا الموت أو الفرار وذكرت الدكتورة كريستيانا أن العلمانية نشأت في الغرب بسبب أزمة الكنيسة الكاثوليكية خلال القرون الوسطي حيث حبس العلم والمعرفة في بداية الأمر داخل الأديرة, وشنع رجال الدين علي بعض العلماء والراغبين في إصلاح الكنيسة بوصفهم زنادقة ليتم من ثم قتلهم بمقتضي ذلك, وفي المقابل كان هناك والكلام لكريستيانا تقدم الإسلام الذي لاتوجد بينه وبين الدنيا فجوة, ومن هنا نشبت حروب دينية في القرن السابع عشر استعر أوارها بين المذاهب المسيحية وانتهت بألا يخلط الدين بالسياسة. وتقول المستشرقة الألمانية: تزايد عدد البشر الذين صاروا في أوضاع اقتصادية تمكنهم من الاستمتاع بالأمور الدنيوية, حيث يخرجون من الطين والفقر وأودية الأسي التي فضحها فلاسفة التنوير علي أنها عقيدة الكنيسة المتسلطة التي تحول بين أتباعها والثقافة, حتي تضمن عبوديتهم وخضوعهم لها ثم أوردت كريستيانا عبارة كارل ماركس الدين أفيون الشعوب بأنه كان يطلق هذا الوصف علي الكنيسة الرسمية بينما لم يجادل في الهدف الايجابي للدين ثم قالت فالتحول للعلمانية كتوجه نحو الدنيا في مقابل الآخرة أدي الي نشوء مادية سطحية وعن علاقة هذا الموضوع بما يجري بمصر بعد ثورة25 يناير أوضحت كريستيانا أن العلمانية كانت ضرورة للغرب المسيحي وخيرا له حيث كان رجال الدين يستغلون الشعب ويسيطرون عليه مع الملوك والإقطاعيين بينما كان الشعب منشغلا بالسحر عن نور العلم محروما من أي ثقافة أو تعليم, واستشهدت كريستيانا في هذا السياق بآراء الشيخ يوسف القرضاوي المتعلقة بهذا الموضوع حيث لايوجد أصلا في المجتمع الاسلامي طبقة كهنوت أو رجال دين يحيطون انفسهم بقداسة المحرمات ويكتسبون شرعيتهم من المحظورات فهذه الطبقة لايمكن أن تظهر إلا في المسيحية, لأنها لاتحتاج الي تشريع مادام العالم علي أبواب يوم القيامة حيث ينشأ فراغ سياسي, وهذا الأمر غير وارد في الإسلام الذي يملك التشريع ويفصل بين السلطات ليتيح الرقابة علي السلطة في سبيل العدالة الاجتماعية بل ويطالب بها.