بين ثلاث ثورات(2) تتفق ثورتا يوليو ويناير في أنهما استهدفتا رأس الحكم فاروق في ثورة يوليو 1952 ومبارك في ثورة يناير 2011, وبينما قام الجيش بثورة يوليو وتولي ضباطها حكم البلاد فقد كان الشعب هو الذي قام بثورتي مارس 1919 ويناير 2011, وقد بدأت ثورة 19 بالشباب وامتدت بعد ذلك الي مختلف فئات الشعب, وشاركت فيها المرأة لأول مرة وامتدت الي كل المحافظات إلا أنها كانت موجهة الي المحتل الانجليزي واقتصرت مطالبها علي تحرير الوطن والسماح بسفر وفد مصري برياسة سعد زغلول الي باريس يسمع العالم في مؤتمر الصلح الذي انعقد بعد انتهاء الحرب العالمية الأولي صوت مصر المطالب بحقها في الاستقلال. ثورة يناير وان بدأت أيضا بالشباب الا أنها استمرت يحركها الشباب, أما الفئات التي بدا أنها شاركتها عن طريق الاضطرابات فقد فعلت ذلك لتحقيق مطالبها الخاصة الفئوية, وعلي رأسها زيادة الأجور والمكافآت. ولم تكن الظروف التي اشتعلت فيها نيران ثورة 1919 عادية بل كانت بالغة الصعوبة, فقد كان الاستعمار في العالم بصورة عامة في قوته, والدول المستعمرة تساند بعضها ولاتسمح بالتحرير وكانت بريطانيا مؤيدة من الدول الحليفة التي شاركتها الحرب, وعلي رأسها الولاياتالمتحدة, ومع ذلك نجحت ثورة 19 في الحصول علي اعتراف بريطانيا بإلغاء وضع الحماية الذي كانت تفرضه علي مصر, وأن تعترف بمصر دولة مستقلة ذات سيادة, مما كان من نتيجته اقامة نظام دستوري لحكم البلاد وبدء مصر تبادل السفراء مع دول العالم بعد أن كانت بريطانيا تتولي شئونها الخارجية والغاء الامتيازات التي كانت تتمتع بها الدول الأجنبية داخل مصر, فلا يحاكم أجنبي اذا كان طرفا في قضية أمام المحاكم المصرية والقضاة المصريين, بل أمام محكمة قضاتها أجانب, صحيح أن مطلب جلاء الإنجليز لم يتحقق, ولكن كما عرفنا فيما بعد لم يحدث أن تحقق تحرر دولة محتلة الا علي مراحل. المزيد من أعمدة صلاح منتصر