معادن الشعوب وأصالتها وقوتها تظهر دائما في اوقات الشدة, وتصنع من الازمات التي تمر بها جسرا قويا تعبر من فوقه الي بر الأمان, وقد ضرب شعب مصر بنسيجه الواحد اقباطا ومسلمين المثل والقدوة في تأسيس أول وأقوي وحدة وطنية عرفتها الانسانية, وعاش المصريون علي مدي تاريخهم الطويل اخوة اشقاء في البيت والمدرسة والحقل والمصنع يحرثون الارض ويزرعونها معا ويقتسمون نتاج زراعتهم ومحاصيلهم الزراعية معا, يأكلون في طبق واحد ويعيشون أفراحا واحزانا واحدة, وقد فرض عليهم انتماؤهم وولاؤهم لوطنهم مواجهة كافة التحديات التي تواجههم وتصنع منهم في يوم وليلة صفا واحدا للدفاع عن اوطانهم, وحدث هذا في معارك عديدة, وقف فيها المسلم والمسيحي معا يحملان السلاح في خندق واحد يقاتلان معا من اجل حماية شرف وكرامة الوطن, وظهر ذلك بوضوح في حرب الاستنزاف وفي انتصار اكتوبر37 شاهد العالم كيف كان الجندي المسيحي يحمل أخاه المسلم المصاب في المعركة علي كتفيه ويمشي به مسافات طويلة للوصول الي أقرب نقطة لاسعافه وهو نفس ما كان يفعله المقاتل المسلم مع شقيقه المسيحي في نفس المعركة. وقد استوقفني في الفترة الاخيرة القرار الذي أصدره المجلس الاعلي للقوات المسلحة بتاريخ6 يوليو الحالي والذي يدعم أواصر المحبة بين المسلمين والاقباط ويؤكد صلابة وحدتهم الوطنية واقصد به موافقة المجلس علي مشروع قرار تقدم به فضيلة الامام الأكبر شيخ الازهر بانشاء هيئة قومية باسم بيت العائلة المصرية يكون هدفها الاساسي الحفاظ علي النسيج الواحد لابناء مصر, ويكون مقرها الرئيسي مشيخة الأزهر ولها مجلس امناء يضم عددا من علماء الدين الاسلامي يختارهم شيخ الأزهر, وعددا من رجال الكنيسة القبطية الارثوذكسية يختارهم قداسة البابا وممثلين عن الطوائف المسيحية بمصر وعددا من المفكرين والخبراء, ويرأس مجلس الأمناء شيخ الأزهر وقداسة البابا بالتناوب كل في دورته ومدتها اربع سنوات, ونعرض في هذا المقال الجوانب الهامة في مشروع بيت العائلة المصرية من وجهة نظرنا الذي وافق عليه المجلس الأعلي للقوات المسلحة وما سيحققه من نتائج ايجابية في دعم مسيرة الوحدة الوطنية وتصديها لأي خلافات او نزاعات يمكن ان تنال من قوة نسيجها الواحد في المستقبل القريب او البعيد, والدور الذي يمكن يقوم به المفكرون والخبراء الذين يضمهم مجلس امناء البيت في هذا الشأن وبعض المواقف البناءة التي اتخذها كبار رجال الدين والشخصيات العامة من الجانبين والتي ستكون سندا قويا لتوجهات بيت العائلة المصرية في المرحلة المقبلة, وذلك علي النحو التالي: شيخ الأزهر وقداسة البابا: رئاسة كل منهما لمجلس امناء البيت بالتناوب وفقا للمشروع يعطي له قوة دفع حقيقية تدعم مسيرته من اكبر قيادتين دينيتين, ويعطي له الهيبة والاحترام والتقدير من ابناء الوطن المسلمين والاقباط ويدعم ثقة العالم لمصر ومكانتها كدولة كبري في المنطقة. الحفاظ علي النسيج الواحد: من اهم ما تصدره قرار انشاء البيت الجديد والهدف الاسمي الذي يسعي لتحقيقه ودعم رسالته المستقبلية في توحيد صفوف الامة ايمانا من القيادتين الكبيرتين شيخ الازهر وقداسة البابا وايمانا منهما بأن تقوية نسيج الأمة الواحد هو حجر الاساس الذي يقوم عليه بناء صرح الوحدة الوطنية ليصبح اكثر ارتفاعا وشموخا في المستقبل القريب. المفكرون والخبراء: الذين يضمهم مجلس امناء البيت سيكون دورهم اكثر فعالية في توعية الشباب من الجانبين بأهمية وحدتهم والحفاظ عليها والتصدي لأي تيارات او فتن طائفية تحاول النيل منها وذلك بسبب تصرفات بعض الشباب المسلمين او الأقباط قد يشتعل لهيبها بين العائلات, ونعرض بعض المواقف الايجابية التي اتخذها كبار رجال الدين والشخصيات العامة في الفترة الماضية وتصلح اساسا قويا يمكن ان يقوم عليه بناء بيت العائلة المصرية وذلك علي النحو التالي. قداسة البابا: دعوته للاقباط المعتصمين امام مبني ماسبيرو يوم9 مايو الماضي بعد احداث اطفيح وامبابة لحماية الوحدة الوطنية عودتهم لمنازلهم موضحا ان الأمر تجاوز التعبير عن الرأي, مشيرا الي بعض من لهم اسلوب غير اسلوبهم قد اندسوا بينهم وانهم الخاسرون اذا استمروا في الاعتصام. واخيرا, ودعما لهذا المشروع نقول ان عمرو بن العاص عندما جاء فاتحا لمصر وجد باطريرك المسيحيين هاربا من وجه الرومان ومختفيا عن الأعين فأرسل المنادين ينادون عليه ان يظهر وعليه الأمان ويعود لرعاية كنيسته, ومواقف اخري عديدة تصلح ان تكون اساسا قويا ومتينا يمكن ان يقوم عليه بناء بيت العائلة المصرية الجديد الذي اقترحه شيخ الازهر ووافق عليه المجلس الاعلي للقوات المسلحة. المزيد من مقالات مصطفى الضمرانى