كما في مصر تماما غيرت الثورة التونسية من خطط الناشرين في تونس ومن عادات القراءة واتجاهاتها هناك, وحسبما أكد ل الأهرامب منذر بلحاج شعبان المدير المسئول عن مكتبة الكتاب. وهي المكتبة الكبري في شارع الحبيب بورقيبة فإن التونسيين باتوا أكثر شغفا بقراءة الكتب التي تتناول أحداث الثورة التونسية والكثير منها كتب باللغة الفرنسية, فضلا عن وجود إقبال لافت علي الكتب التي تسعي إلي تدويل مفهوم الثورة إذ أقبل القراء الشباب علي الكتب التي تؤرخ لمختلف مراحل الثورة الفرنسية وكذلك ثورة يولي في مصر. ومن ناحية أخري يهتم التونسيون بقراءة الكتب التي تكشف عما حدث في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي والآليات التي تمكن بها ال الطرابلسي عائلة زوجته ليلي من السيطرة علي المفاصل الرئيسية للدولة والكثير من هذه الكتب تم نشره قبل الثورة خارج تونس أو في شكل مقالات جري منع اصحابها من الكتابة لكن بعضها نجا من الرقابة بسبب الطابع الساخر لمحتواه. وحسب جداول المبيعات في المكتبة فأن اكثر الكتب التونسية مبيعا كتاب ابرج الرومي, لسمير السالسي وهو كتاب يرصد تجربة تعذيب الاسلاميين في السجون التونسية اضافة إلي كتب اخري من بينها اسنوات البروستاتا وهي رواية يتصدرها غلاف للرئيس المخلوع ووزوجته ليلي وهي من تأليف الصحفي المعروف الصافي سعيد وكذلك كتاب الماذا سخرت من بن علي ا للكاتب سليم بوخذير وكتب أخري تحمل عناوين مثلاموسم المهجرة للكرامة ب سقوط الطاغية, انها الثورة يا مولاي, وكذلك تقارير المنظمات الدولية حول حالة حقوق الانسان في تونس ومنها ا تقرير تونس الكتاب الاسود لمنظمة مراسلون بلا حدود, وصديقنا بن علي بمقدمة للصحفي الفرنسي جيل بيرو أما اكثر الكتب مبيعا علي الاطلاق فهو كتاب فرنسي بعنوان اارحل ب يؤرخ بالصور لمراحل الثورة التونسية ووفقا لما أكده بلحاج فأن ثمة اقبالا علي نوعية أخري من الكتب كانت ممنوعة في تونس والكثير منها يتناول ظاهرة الاسلام السياسي وأسباب صعود الحركات الاسلامية ويلفت إلي أن الرقابة التونسية في السابق لم تكن تفرق بين الكتب التي تروج لهذه الظاهرة والكتب التي تنتقدها, ويشير بلحاج إلي ان كتب سيد قطب المنظر الرئيس لفكر الجهاد الاسلامي كانت ممنوعة لسنوات طويلة لكنها عادت الآن إلي واجهة المكتبات من دون أية مشكلات كما عاد الاهتمام بكتب راشد الغنوشي وفتاوي ابن تيمية واعمال الشيخين يوسف القرضاوي ومحمد الغزالي وساعد علي رواجها عودة الكثير من رموز حزب النهضة الاسلامي إلي تونس عقب الثورة. وعلي خلاف المصير الذي واجهته الكتب التي تتناول الظاهرة الاصولية لم تواجه الكتب اليسارية مشكلات من أي نوع في تونس بحسب اشارة بلحاج الذي يؤكد أن الكتب اليسارية لم تكن ممنوعة باستثناء الكتب التي تنظر لفكر الثورة العربية وتعمل علي تطوير المشروع الناصري وأبرزها كتب المفكر القومي الراحل عصمت سيف الدولة. وما يثير الاهتمام في أولويات القاريء التونسي الآن سعيه إلي الكشف عما يسميه التونسيون االحقبة البورقيبيةب أو سنوات حكم الرئيس التونسي المؤسس الحبيب بورقيبة والتي شهدت مزيدا من الاصلاحات المدنية التي اعقبت خروج الاحتلال الفرنسي وهي حقبة باتت اشكالية في الوقت الراهن اذ تحمله الفصائل الاسلامية في تونس مسؤلية ما يصفونه بس التغريب ز أو الحداثة القسرية الشبيهة بما أنجزه الزعيم التركي كمال أتاتورك في سعيه إلي علمنة المجتمع التركي. وكما يؤكد منذر بلحاج فإن كتب كثيرة تقرأ منجزات بورقيبه في هذا السياق الاشكالي, فالقوي المدنية تدافع عما انجزته سيما علي صعيد قوانين المرأة والاحوال الشخصية فيما تهاجم الأقلام ذات التوجه الإسلامي تلك المنجزات. واللافت ان هذه الكتب لم تكن ممنوعة وانما كانت خارج الاولويات في السنوات السابقة والكثير منها حديث النشر. ويشير مدير مكتبة الكتاب التونسية إلي ان ثمة مشكلة فيما يقبل عليها التونسيون اذ ان سوقا النشر في تونس لا تزال سوق محدودة علي الاقل بالنسبة للكتاب العربي واغلب ما ينشر موجه للسوق الداخلية وليس للخارج. وينفي منذر وجود أي شكل من أشكال الرقابة علي الكتب في تونس في الوقت الحالي لافتا إلي أنه يلجأ إلي رقابة ذاتية بشأن ما يعرض في مكتبته اذ يستبعد الكتب التي تحتوي علي نبرة تحريضية أو عبارات تحض علي كراهية الاخر أو علي الطائفية وبخلاف ذلك فأنه يعرض كافة الكتب مؤكدا أن موزع الكتاب لابد أن يكون مع الحرية ويقف في المقابل أمام أية نزعات تحريضية غير انه يشير إلي ان بعض زبائنه من القراء لديهم مخاوف من ز تطرف بعض لقوي الاسلامية ز لكنه لا يهتم بذلك فالمواطن العادي ليست لديه مخاوف من هذا النوع, فلا عودة للوراء كما لا يمكن للشعب التونسي أن يتقبل القمع من جديد.