مدبولي: منطقة قناة السويس الاقتصادية جذبت استثمارات بقيمة 11 مليار دولار.. وأنشأنا 82 جامعة في 10 سنوات    رئيس إندونيسيا يؤكد أهمية شراكة الآسيان وأمريكا من أجل السلام    إذاعة جيش الاحتلال: إسرائيل قد تسمح بمعدات مصرية إضافية للبحث عن الجثامين بغزة    الجيش الإسرائيلي يقول إنه قضى على تاجر أسلحة في عمق لبنان    أرسنال يحقق فوزه ال700 في البريميرليج بعد التغلب على كريستال بالاس    فيديو.. أحمد موسى: افتتاح المتحف المصري الكبير حدث القرن.. و500 قناة عالمية تتسابق لنقله    جامعة عين شمس تفتتح فعاليات مبادرة "تمكين" لتعزيز حقوق ذوي الإعاقة    وزير المالية: إعطاء أولوية للإنفاق على الصحة والتعليم خلال السنوات المقبلة    محافظة المنيا تحقق الترتيب الرابع على محافظات الجمهورية في ملف التقنين    الكوكي يعلن تشكيل المصري لمباراة الاتحاد الليبي بالكونفدرالية    الوزير وأبوريدة معًا فى حب مصر الكروية    الحماية المدنية تسيطر على حريق فى مخزن قطع غيار سيارات بالإسكندرية.. فيديو    الأرصاد تكشف توقعات حالة الطقس وفرص الأمطار المتوقعة غدا بمحافظات الجمهورية    مصر وطن السلام    المايسترو أحمد عاطف ل الشروق: ناير ناجي ساعدني في بداياتي.. وأحلم بقيادة أكبر الأوركسترات بالعالم    5 أبراج تهتم بالتفاصيل الصغيرة وتلاحظ كل شيء.. هل أنت منهم؟    كيف يفكر الأغنياء؟    وزير الشباب يتلقي خطاباً بشأن مكافحة التجنيس    ضبط المتهم بإصابة 3 أشخاص في حفل خطوبة بسبب غوريلا.. اعرف التفاصيل    نقابة الصحفيين تحتفل باليوم الوطني للمرأة الفلسطينية.. والبلشي: ستبقى رمزا للنضال    طاهر الخولي: افتتاح المتحف المصري الكبير رسالة أمل تعكس قوة الدولة المصرية الحديثة    هل رمي الزبالة من السيارة حرام ويعتبر ذنب؟.. أمين الفتوى يجيب    وزير الصحة يبحث مع جمعية أطباء الباثولوجيا المصريين في أمريكا تعزيز التعاون في التعليم الطبي والبحث العلمي    البابا تواضروس يكلف الأنبا چوزيف نائبًا بابويًّا لإيبارشية جنوب إفريقيا    بسبب خلافات بينهما.. إحالة مدير مدرسة ومعلم بالشرقية للتحقيق    وزير الخارجية يتابع استعدادات افتتاح المتحف المصري الكبير    محافظ المنوفية يتفقد عيادات التأمين الصحي بمنوف    تجهيز 35 شاحنة إماراتية تمهيدًا لإدخالها إلى قطاع غزة    روزا والبيت الأبيض!    مستوطنون يهاجمون المزارعين ويسرقوا الزيتون شرق رام الله    محافظ المنوفية يتفقد إنشاءات مدرسة العقيد بحري أحمد شاكر للمكفوفين    إطلاق مبادرة "افتح حسابك في مصر" لتسهيل الخدمات المصرفية للمصريين بالخارج    تامر حبيب يهنئ منة شلبي وأحمد الجنايني بزواجهما    الداخلية تكشف ملابسات فيديو تلويح فتاة لشخص بإشارة خادشة في المترو    كنز من كنوز الجنة.. خالد الجندي يفسر جملة "حول ولا قوة إلا بالله"    نقابة الصحفيين تعلن بدء تلقي طلبات الأعضاء الراغبين في أداء فريضة الحج لعام 2026    القوات المسلحة تدفع بعدد من اللجان التجنيدية إلى جنوب سيناء لتسوية مواقف ذوي الهمم وكبار السن    لأول مرة في جنوب سيناء.. افتتاح وحدة علاج الأورام والعلاج الكيماوي بمجمع الفيروز الطبي    الزمالك يوضح حقيقة عدم صرف مستحقات فيريرا    محافظ كفر الشيخ يتفقد التجهيزات النهائية لمركز التحول الرقمي    مساعد وزير الثقافة يفتتح مهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية    المرشح أحمد حسام: "شرف كبير أن أنال ثقة الخطيب وأن أتواجد ضمن قائمته"    كيف تتعاملين مع إحباط ابنك بعد أداء امتحان صعب؟    الرئيس الفلسطيني يصدر قرارًا بتولي نائبه رئاسة فلسطين حال خلو منصب الرئيس    حسام الخولي ممثلا للهيئة البرلمانية لمستقبل وطن بمجلس الشيوخ    منح العاملين بالقطاع الخاص إجازة رسمية السبت المقبل بمناسبة افتتاح المتحف    رئيس الوزراء يستعرض الموقف التنفيذي لأبرز المشروعات والمبادرات بالسويس    حصاد أمني خلال 24 ساعة.. ضبط قضايا تهريب وتنفيذ 302 حكم قضائي بالمنافذ    مركز الازهر العالمي للفتوى الإلكترونية ، عن 10 آداب في كيفية معاملة الكبير في الإسلام    مصدر من الأهلي ل في الجول: فحص طبي جديد لإمام عاشور خلال 48 ساعة.. وتجهيز الخطوة المقبلة    هيئة الرقابة المالية تصدر قواعد حوكمة وتوفيق أوضاع شركات التأمين    الكشف على 562 شخص خلال قافلة طبية بالظهير الصحراوى لمحافظة البحيرة    د. فتحي حسين يكتب: الكلمة.. مسؤولية تبني الأمم أو تهدمها    بوتين: قوات الردع النووي الروسية في أعلى مستوى وتتفوق على الدول النووية الأخرى    تداول 55 ألف طن و642 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    موعد بدء شهر رمضان 2026 في مصر وأول أيام الصيام    مصرع شخص في حريق شقة سكنية بالعياط    بث مباشر الأهلي وإيجل نوار اليوم في دوري أبطال إفريقيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السلطة والعقد الاجتماعي

القاهرة طوفان من العامة وطلبة الأزهر‏,‏ بقيادة الشيخ عمر مكرم‏,‏ يطالبون بعزل الوالي أحمد خورشيد‏,‏ وأمام قاضي القضاة عقد مجلس شرع أختصم فيه زعماء المقاومة الشعبية الوالي‏ في اليوم الثاني عشر من مايو1805 أحاط محكمة وأعلنوا وثيقة تشبه إعلان الحقوق تضمنت, عدم الاعتراف بسلطة الوالي ما لم يوقف المظالم, ويحمي العامة من تعدي العسكر وإيذائهم, والا يفرض ضرائب دون موافقة المشايخ والأعيان, وطالبوا بخروج القوات العسكرية من القاهرة, وعدم السماح لأي جندي بدخولها حاملا سلاحا, حتي يتسني للناس قضاء حوائجهم. ولأسباب مجهولة تخلي الشعب عن السلطة, وقدمها عن جهل إلي قائد كتيبة ألبانية تصاحب للجيش العثماني لم يبلغ الثلاثين, ولا يعرف العربية, قام خلال سنوات قليلة بذبح أمراء المماليك ونفي رموز القوي الوطنية وتشريدها, حتي دانت له البلاد, وحكمت أسرته مائة وخمسين عاما, وهكذا بسبب الجهل السياسي ونضوب الخيال والإرادة. وئدت سلطة الشعب في المهد, ونصب زعيم المقاومة عمر مكرم طاغية جديد.
بعد مرور مائتي عام تمكن ملايين المصريين في فبراير2011 من إسقاط ديكتاتور آخر لا يختلف كثيرا عن الوالي أحمد خورشد. ومنذ اللحظة التي أفاق فيها شباب الثورة من نشوة النصر, ظهر واضحا أن عليهم إقامة سلطة بديلة للسلطة التي سقطت, أهم أهدافها حماية الحرية وتحصين حقوق المواطن وكرامته التي ضحي الشعب بدمائه لأجلها, ولهذا السبب تحديدا ولأول مرة في تاريخ مصر ظهر مفهوم عقد حماية الحريات الاجتماعي بين أفراد الأمة, ومن ثم دستور يمثل الوثيقة القانونية والسياسية التي سيتم بواستطتها صياغة عصر الحرية الجديد.وانبعث ضجيج القوي والأحزاب السياسية القديمة حول أولوية الدستور أم الانتخابات؟ كيفية صياغة المادة الثانية من الدستور الشريعية الاسلامية المصدر الرئيسي أم مصدر رئيسي للتشريع؟ الانتخاب بالقائمة النسبية أم الدوائر الفردية؟ وأخذت تدور صراعات صاخبة يعبر أصحابها عنها عن ثقة بامتلاك الحقائق, دون أن يهتم أحد بجوهر القضية الكامن فيمن سيوضع في المكان الشاغر الذي خلا بسقوط الوالي عن السلطة؟ من الذي سيحمينا من عودة النظام الاستبدادي القديم, وبمعني آخر من هو صاحب السيادة الجديد؟.
وصاحب السيادة مصطلح غائب عن قاموس السياسية المصرية, إنه الشخص الاعتباري الذي يسيطر علي مقاليد سلطة الحكم, ويمتلك خيرات البلاد, ولأجله تسخر ثرواتها, وهو القابض علي ميزان العدالة والمتحكم في القوانين, تعمل أجهزة الشرطة والعسس بأمره وفي خدمته, هو من يسبغ علي الأفراد مراتب السلطة والجاه والنفوذ, وبأمره يختفي المعارضين, وهو الذي يعلن السلم والحرب, ولهذا هو الذي يحدد مصير الوطن, قوته أو ضعفه, عزته أو انحلاله, شرفه أو انحطاطه, إنه من يحول حياة الشعب إلي فردوس سماوي أو جحيم أرضي.
صاحب السيادة هو الحائز علي صفات الفخامة والرفعة, والذي تقام من أجله الاحتفالات, وتنشد من أجله قصائد الشعر ويلهج باسمه الكهنة وينشد رضاه رجال السياسية والمنافقون من النخبة والمثقفين, انه السيد الذي يجب علي الجميع طاعته, فينالون ذهبه, أو مقاومته فيحز رقابهم سيفه, قديما كان الإله الفرعون الذي عبده الفلاحون عشرات القرون, وهو الإمبراطور الروماني, الذي شرع في قانونه عبودية المصريين, وهو الخليفة أمير المؤمنون, بدأ الأمر بالفاروق عمر رضي الله عنه, ثم دالت السلطة إلي أمراء بني أمية, وبعدهم العباسيون ثم جنسيات شتي, وفي النهاية حكم مصر أمراء المماليك ستمائة عام, رقيق وعبيد من شتي أرجاء الأرض, ساموا الفلاحين صنوف الفقر والجهل والذل والهوان, ليتقاسم جسدهم طاعون الأرض, وكرابيح السادة.
صاحب السيادة في النصف قرن الأخير كان نظم ديكتاتورية, انتهي حكمها إلي نتائج كارثية, توج حكم عبد الناصر بكارثة يونيو1967, وبعده قاد السادات باسم الديمقراطية انقلابه علي ما سماه مراكز القوي, وأعطي للبلاد في1971دستورا دائما, حكمت به مصر أربعين عاما حكما استبدادا فاسدا, انتهي بالسعي إلي بناء جمهورية وراثية يصبح فيها المصريون عبيدا, وكأن العبودية قدر دائم لهم.
التاريخ السياسي للمجتمعات البشرية أعطي نتيجة واحدة, وهو أن بكل سلطة قدرا من الخطر, والانحراف, وأن السلطة العادلة نادرة, بينما الانحراف والقمع يشغل الحيز الأكبر لكل سلطة, مهما ادعي كل سلطان أو ملك أو رئيس نبل وسمو مرجعياته وطنية أو عقائدية أو عرقية أو دينية, والنماذج كثيرة.
ولهذا يعود السؤال من جديد, من الذي سيخول بحكم البلاد؟ من هو الذي سيتولي الدفاع عن كرامة المواطنين وحراياتهم؟ من هو الذي سيضع المعالم الانسانية لوزارة الداخلية؟ ومن الذي سيقيم مجتمعا من العدالة الاجتماعية؟ ومن الذي سيرفع كرامة مصر في الخارج, ومن الذي سيحافظ علي مياه النيل؟ من هو الذي سيمنع عقارب الساعة من العودة إلي الوراء, ويبني جدارا صلبا بين الماضي والمستقبل تجعل من الماضي ماضيا إلي الأبد؟ ومن المستقبل واحة للسعادة والرخاء والكرامة والحرية؟
في الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة لم يعد مقبولا أن يحكم الشعب بإسم الوطنية أو القومية زعيما يقمع شعبه بالدبابات, ولا أن يحكم الرعية من العبيد باسم الدين إمام يكفر مخالفيه ويلعنهم في النار الأبدية, من جهة أخري فان جوهر النظام السياسي الجديد لايتعلق بالمفاضلة بين الديمقراطية النيابية الغربية, أو الشوري الإسلامية, إنما يتحدد فيمن هو السيد؟ أهو الخليفة أم الفلاح, السلطان أو جلالة الملك المستبد أم جمهور العامة, السيد الرئيس أم المواطن الحر.
عقد الحرية الاجتماعي هو الإرادة الجمعية للمواطنين الأحرار, يتعهدون فيه ببناء نظام سياسي جديد, وينشئون من خلاله سلطة وصاحب سيادة جديد. ولان كل سلطة خطر, وكل سلطة انحراف, فإن المخول الوحيد بحماية حرية المواطنين وكرامتهم والتصرف في موارد الوطن وإدارتها وتوزيعها توزيعا عادلا, وبناء مجتمع السعادة والرفاهية, لا يمكن أن يكونوا إلا المواطنين الأحرار أنفسهم.
المزيد من مقالات فتحى امبابى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.